ويشير إلى ان الدراسات أثبتت أن المكانة الاجتماعية للعمل في الاردن
مرتبطة بثلاثة عناصر رئيسية؛ أولها أرقام هذا الدخل الآتية من العمل،
ثانيها الألقاب التي تسبق الاسم، وثالثها السلطة التي يتمتع بها هذا الموظف.
ويوضح أن المكانة الاجتماعية تتدرج من الأعلى التي تحتوي على
العناصر الثلاثة السابقة، وتقل نوعا ما، إذا احتوت على عنصرين فقط،
وتضعف جدا إذا حصلت على عنصر واحد.
ولأن العمل هوية اجتماعية اقتصادية برأي محادين، فإن أبناء العاملين
في هذه المهن ذات الحضور المتواضع، سيشعرون عادة، بالحرج في
أحيان كثيرة.
يجد الاختصاصي النفسي د. أحمد الشيخ، أن هذه قضية، تتحدد المسؤولية
فيها بالثقافة الاجتماعية، فعندما تخلق هذه التصنيفات من قبل الناس
يجعل الأبناء يشعرون بقيمتهم بناء على ذلك، وبالتالي فإن الأثر النفسي
لا يمكن التعامل معه والابتعاد عن التصنيفات الثقافية.
ويشدد على أن المدرسة برسالتها التربوية يفترض أن تقدم ما يعمل على
تغيير اتجاهات الطلبة في المدرسة، واعطاء أهمية لجميع المهن دون استثناء.
ويدعو إلى عدم ممارسة بعض السلوكيات التي تعزز هذه النظرة بطريقة
غير مباشرة، كأن يتم التقليل من شأن شخص ونعته بـ"الزبال"،
أو معاقبة الطلبة بالتنظيف.
ويشير الشيخ الا أن التأثير النفسي وارد، خصوصا أن الآباء هم نماذج،
وبالضرورة أن يترك ذلك آثارا نفسية على الطفل.
لكن الاختصاصي الاسري التربوي د. فتحي طعامنة، يرى أنه لا بد من
الاعتراف أن هذا واقع موجود في مجتمعنا، وما يزال مجتمعنا تتملكه
ثقافة العيب في العمل، ومهما حاولوا التغلب عليها ما تزال موجودة.
ويقول "يجب أن تكون هناك منظومة تربوية عند الأهل والأسرة
ومؤسسات المجتمع المدني، للاعتراف بأن العمل له قيمة وأنه عبادة،
ومن المهم الابتعاد عن الحرام، وعن أي شيء يخدش الذوق العام".
ويعتبر أن العمل، قيمة عليا عظيمة يجب غرسها في النفوس، وعلى
الإنسان أن يعمل بأي مهنة، وهذا أفضل من أن يحتاج إلى الناس.
ويرى طعامنة أن الضغوط الاجتماعية للأبناء، سببها أن الآباء أنفسهم
الذين يشعرون بالخجل من عملهم، ولو كان الأب يعتز ويفخر في عمله،
فإن ذلك سيعزز في نفس ابنه عدم الخجل، وأن العمل وسيلة لعدم الحاجة،
لافتا إلى أنه إذا ربي الأبناء على ذلك سيمتنعون من الخجل من مهنة
والدهم، كما أن ثقة الآباء بأنفسهم، تنعكس على أبنائهم.
ويؤكد أهمية وجود ثقافة اجتماعية لدى أبناء المهن الأخرى، بأن الأعمال
التي قد ينظر اليها البعض أنها دونية هي أعمال لا تكتمل دورة الحياة
بدونها، مبينا أنه لا يمكن أن يصبح المجتمع كله طبقة واحدة وفئة واحدة،
فيجب على أصحاب المهن المرتفعة، أن يغرسوا ذلك في نفوس أبنائهم.
"فكم من أبناء امتهن أهاليهم مهنا بسيطة، ولكنهم أصبحوا من اكثر
الشباب تميزا ومكانة في المجتمع"، وفق ما يقول طعامنة.