اتخيلها دوما وهي تسقي الحقل الصغير من الازهار الذي انتظم امام الكوخ الريفي المنعزل
لم تكن تعشق سلمى سوى الورد والحزن الذي لايفارقها حيث جثا فوق اجفانها المثقله كجثو الليل
فوق سنا النهار ,تتلالا خيوط الضوء المرسله كهدية عرس من عربة الشمس الذهبيه حين تلامس شعر
سلمى وجبينها,حين كنت ادعوها بسلمى الحزينه كانت ترتسم فوق شفتيها ابتسامه مثل لمحه من
البرق لا تكاد تبين قلت لهايوما: بما تحلمين سلمى فقالت بعد صمت طويل :احلم بكوخ صغير هناك
واشارت الى جانب التل البعيد ,كوخ يكاد يخفيه الضباب ,فقلت لها : ما اجمل احلا مك سلمى
وتمضي الايام حتى حانت من الدهر التفاته فكان لابد من رحيلي ,اتيتها لاودعها فوجدتها كالعاده
تسقي الازهار وقبل ان تتحرك شفتاي قالت: اعلم انك سترحل ولن تعود ,تقول ذلك وناظرها لا
يفارق الارض , ثم انفجرت باكيه وقالت :الى من ستتركني وانت تعلم اني وحيده في هذه الحياة
فقلت لها : ساعود لاجلك ياسلمى فكفكفي دموعك ,قالت :اذن هل تظن ان الورد سيبقى حيا الى
ان تعود وارض الوادي ستبقى خضراء فاجبتها : ارجو ذلك سلمى ارجو ذلك ,تركتها ورائي وانا
اسمع نحيبها الذي يختفي كلما بعدت عنها وقلبي كحجر تفتت ثم هوى الى مكان سحيق
تحاكيه دموع سلمى التي باتت تروي ورد خديها
مضت اعوام والحياة بلا الوان من دون سلمى حيث لم اسمع عنها شيئا فقررت العوده اليها
وصلت القريهالتي فاجاتني ببقاياها لم يبق منها سوى اكواخ قليله متناثره
توجهت فوري صوب دار سلمى فلاح من بعيد حقلها وقد ذبلت ازهاره واندثرت معالمه
دخلت الدار فبدت كئيبه موحشه قد تصدعت جدرانها لم اجد فيها سوى اثار اقدام صغيره علمت انها
لسلمى الحزينه خرجت مسرعا وجلا خائفا من ان تكون الشئ الوحيد الذي تبقى منها
وفي الباب امراه باكيه اشارت لي الى التل البعيد وهي تقول مرضت سلمى ولم ينفع معها شئ
كانت تتلفظ باسمك في لحظاتها الاخيره واوصت ان تدفن الى جانب التل لم اشعر بقدماي وهما
ياخذانني الى التل البعيد وعيناي تفتشان عن بقايا روحي الفانيه فوقعت عيناي على بقايا قبر
صغير قد غطته الرمال وهناك رميت بنفسي باكيا كاني ارمي باعباء الدنيا جميعا ثم رحت اشكو
سلمى واناديها: سلمى كيف جئت هنا ,كيف تنامين في هذا المكان الموحش استفيقي
فازهارك قد ذبلتواحلامك بانتظارك اتيتك لنبني كوخ الضباب, استفيقي سلمى , سلمى,سل.....................
جاسم العراقي