لحظات علي الشاشة
من المثير للدهشة أن التاريخ الإنساني يسجل عقيدة يؤمن بها الجميع تقريبا وهي ان الضرب هو الوسيلة الناجعة للتربية!! وتدريب الأطفال علي الطاعة كوسيلة وحيدة لكسر إرادتهم حتي يصبحوا مثل العجبن بين الأصابع!!. وفي ظني أن ذلك هو سبب تخلف المجتمعات التي تجل هذه العقيدة.. بل وسبب تجمدها ووقوفها علي هامش قارعة طريق الحياة أيضا. ولعل سبب ذلك الثقة المفرطة بالرؤية المنفردة التي تنكر البعد الثالث بوجود العين الثانية, وهو ما يعني انكار الخبرة من تجارب الآخرين الناجحة أو الفاشلة.. لا فرق. كما تنكر البعد الرابع الزمن ومعناه حتمية الحركة وحدوث تغير مع الزمن وإلا.. أصبح الفناء حتميا, وللقسوة نتائج أشد خطورة من أسباب اللجوء إليها, لأنها تودي إلي إنتاج أبناء العنف من ذوي قلوب ميتة لا تعرف الرحمة, يستهينون بقيمة الحياة لقسوة تجربة عيشهم لها.
لقد وصل منطق الضرب ذروته في حالة العراق كنموذج يوضح ان القوة لها منطق الشواذ, حيث يجهر القوي بأقوال ثم يقوم بافعال تتناقض مع قيم الشرعية والحرية والعدل, ويسكت الجميع طلبا للسلامة, وكذلك كانت حالة فلسطين نموذجا ناتجا عن خطة لها رؤية وهدف وتوصيف مهام سرية تم تنفيذها للاستيلاء علي ما للغير, ولقد كان الهدف المعلن لغزو فلسطين هو تحرير أرض الأجداد! والحقيقة هي زرع كيان فاصل, يمنع قيام كيان كبير خطير علي مصالح الآخر القوي بالمنطقة. مثلما يقال إن هدف غزو العراق هو التخلص من نموذج الحاكم المنتحل للسلطة الأبوية وتحرير الناس بزرع الديمقراطية, لكن الحقيقة هي سيطرة الضارب علي ثروة المضروب.
في رأيي ان الإنسان هو الرؤية, وهو الهدف وهو الوسيلة لتحقيق التقدم من خلال وعي جميع الآباء وهم يربون أبناءهم علي الثقة بالنفس, والثقة بقوة العقل والمقدرة علي الاستقلال بالرأي. وأيضا من خلال وعي الكبار لكي يتصرفوا كقدوة.
ويستفيدوا بقوة من وسائل النشر والإذاعة والتليفزيون والسينما في تربية الوجدان القيم, وعلي سبيل المثال اذا اردت إزالة الاختلاف بين السنة والشيعة إن وجد فاكتب فيلما عن اثنين من المجاهدين هربا معا من السجن وهما مربوطان معا بالحديد ثم يواجهان الموت فيضحي كل منهما لإنقاذ حياة الآخر, هكذا فعل الآخرون عندما أرادوا إزالة عداوة مستحكمة بين البيض والسود.
لكن ـ للأسف ـ وسائلنا تعطينا نموذج الإنسان الأهطل المضروب علي قفاه ثم يضحك وهو يقول ذيع.. كأنه تدريب علي قبول الضرب السعادة من أجل الظهور لحظات لن تنسي علي الشاشة.
افيدووووووووووونا