ها هي يدي أشعر بها وهي قد بدأت ترتعش وهي تمسك هذا القلم ، ولا أعلم ما سبب هذا الارتعاش ، ربما لأن موعدي مع نوائب الحياة قد بدأ يحين ويقترب ، أم أن التفكير الدائم الذي يرو ادني من ساعة إلى أخرى يوهمني بأن مرحلة صناعة ذاتي قد بدأت بالزوال ، ولكن الواقع يفرض نفسه ، وكأنه يقول لي لا بد أن تكون صعبة بعض الشيء ، ولماذا لا أقتنع بأنها صعبة ، فقد قضيت حوالي العشر سنوات وأنا من هم إلى كدر ، ومن مصيبة إلى بلوى ، حتى المصائب أصبح عددها أكثر من أصدقائي ، ومرحلة صناعة ذاتي لم تنتهي بعد ، ولن تنتهي ما دام هذا القلب الذي يسكن بين جوانحي ووراء صدري لا زال يتعب ، ولا زال يأمرني في تجهيز أسلحتي لمعركة قادمة مع هذه الحياة ، ولكن لا زالت صناعة الذات صعبة جدا .. وما أصعبها من صناعة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رحلات تفاؤل مؤلمة ، من حياة إلى حياة ، ومن أرض إلى أرض ، وإلى متى سأبقى وكأني سائح بين هذه الميادين ، تذاكر السفر قد حانت ، وبعد أيام سأحزم حقائبي ، وسأحمل أسلحتي ، لأرحل إلى ميدان معركة جديدة ، ومن يرافقني .. لا أحد ، ومن سيقف معي .. لا أحد ، أذهب لوحدي وكأني راحل من سماء إلى سماء ، مثل طائر صغير يطير في وسط بحر مظلم ، لا يعرف له مرسى ، فقد تعبت أجنحته من الطيران ، ولا يعلم هل يغرق في هذا البحر ، أم ينتظر سفينة قادمة ، ليهبط على شراعها كي يرتاح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ها أنذا أجلس في هذه الغرفة الكبيرة ، التي احتضنتني صغيرا ، وسجنتني كبيرا ، ولا يوجد أحد من عائلتي في هذا المنزل الكبير منذ بداية مناسبة الأكذوبة الخالدة ألا وهو العيد السعيد، وكأني غريب بين عائلتي ، وغريب عن هذا المجتمع ، لا أحد يشعر بغربتي سوى همتي وسلاحي ، الذي لازال وفاءه لي منذ صغري وهو يرافقني في كل مكان وأي عنوان في هذا الزمان ، فلله دره من صديق وفي ، لا يملّ من مؤانستي ، ولا يتضجر من أوجاعي ، لأنه يفهم وحدتي ، ويعيش بلائي ، لأنه عنوان محنتي ، وملاذ همتي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا أعلم في حقيقة الأمر هل تعبت أنا من هذه الحياة ! أم أن الحياة هي من تعبت مني ! وإذا كانت هذه الحياة قد تعبت مني ، فلماذا لا تطلق سراحي ؟ وتفك قيودي ، فتقتل وحدتي هذه لأعيش مثل باقي البشر ، هل اكسر هذا القلم لأريح نفسي من شيء أرتاح له ، أم أبعد هذا القلم عني .. لعلّ وعسى أن أرتاح من بعض همومه تجاهي .
نعم لقد أتعبتني هذه الحياة ، وأنا أعترف بأني قد أتعبتها ، ففي كل يوم لي معركة معها ، ساعة أنتصر ، وساعة هي من تنتصر على ذاتي ، أسلحتها الحزن والكآبة والدموع والالم .. وما إلى ذلك من أسلحتها الكاذبة .. رغم أنها لم تستطيع أن تحرك شعرة في رأس لورانس، وأسلحتي هي الفخر والعز والصبر ، وقبل ذك وأهم شيء هو الإيمان الصادق بالله سبحانه وتعالى الذي يحي القلوب ولو بعد حين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعلم أنني أجتهد لأكون أحسن الناس ، ولكن الناس لم يتفوقوا علي بذاتهم ، بل تفوقوا علي بهدوئهم ، ولكن حينما أنتصر في كل مجالات الحياة .. فلماذا تنهزم حياتي أمام همتي ، ولماذا لا أكون مثل الناس ، هل يظنوا هؤلاء الناس أنهم قد تفوقوا علي .. لا والله .. بل أنا من تفوقت عليهم ، وأحرقت هممهم لأجل همتي ، فأنا إنسان مثلهم ، ولكني لست منهم ، فأنا شريد بفكري ، طريد لأجل همتي ، هائم في عزي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل سنوات منعت نفسي من الحب ، لأنه صعب في وجوده ، والأصعب هو البحث عنه ، فأصبحت منذ ذلك الوقت ممنوع من الحب ، وما أصعب أن يعيش الإنسان ممنوع من الحب ، وما أصعب أن يعيش هذه الحياة بدون قلب ، أجل الحب الذي يعصف بالجوانح ، ويجعلني أعيش اجمل سنين العمر ، بعيدا عن متاعب الحياة ، ومصائب القدر ، ومنذ أن منعت نفسي منه .. أصبحت حينها كليث كاسر ، لا أرضى إلا بعز الكرامة ، وروعة المجد ، والبحث قدما نحو تلك الشمس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ها أنذا قد أطفئت الموبايل ، وأغلقت محمولي الخاص ، منهيا بذلك عمل يوم شاق في ذاك المكتب الذي برهنت لعمي نجاحاتي في إدارة بعض أعماله ، نعم لقد أطفئت كل شيء ، وجلست على هذا المكتب في غرفتي لأبحث في منتداكم عن رحلة جديد في هذه الحياة ، بعيدا عن حياة المعارك والبطولات ، لعلّ وعسى أن ينسيني ولو للحظات بسيطة فقط .. حقيقتي المؤلمة في هذه الحياة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليكم مع التحية يا من قرأتم كلماتي ، وكسبت التشجيع منكم ، ومنكم من طالبني الجديد في كتاباتي ، وهذا من حقهم علي ، لأنهم قد شرفوني بوقتهم لقراءة ما كتبت في هذا المنتدى الذي عرفته عن طريق الصدفة ، حينما إرتاحت نفسي لإسمه .
أهدي فائق الأمنيات مع تمنياتي لهم بالتوفيق الدائم في حياتهم ، ربما قد كسبت احترام كل من شاركني في مواضيعي ، فلهم مني جزيل الشكر والعرفان ، فأنا الآن أودعكم إلى غير رجعة ، لأرحل مع ذاتي بألم جديد ، وأبحث عن أمل بعيد ، فأتمنى أني قد كسبت رضاكم عبر كلماتي ، وهذا هو ما أتمناه .. وهذا هو عزائي الوحيد في وداعي إليكم ، وهو ما يسليني بعض الشيء في بعدي عنكم ، أو بالأحرى في نهاية قلمي مع منتداكم ، لأن منتداكم قد جعلته خاتمة مشواري مع عالم الإنترنت ، وساحات المنتديات .. فلكم مني جزيل الشكر على ضيافتكم الغالية إلى لورانس ، وهذا ليس بمستغرب عليكم يا أبناء قطر العزيزة في كل القلوب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا أريد من كتابتي هذه أن أكسب العواطف، فأنا مع شديد الاحترام لست بحاجة إليها ، لأني لم أتعود عليها ، فأنا قد تعودت على الحياة الشديدة ، والصعبة الفريدة ، وكأن حياتي عنوانها .. ليس هناك مكان للعواطف في حياتنا ، وإنما كتبت هذه الكلمات ، لأنها نابعة من الصدق المؤلم الذي يراودني في كل لحظات هذه الحياة الباهتة في داخلها، والزاهية في ظاهرها ، هموم تصيبني ، ومصائب في مستقبلي ، وذكريات تهيم بي ، وآمال تقطر قسوة على كياني ، وألام تتفنن في كيفية حضورها إلى غربتي ، نعم تعبت من جراح الألم ، تعبت من إنتظارالأمل ، وما أصعب قسوة الإنتظار ، لا يرحم أبدا ، ولا يفكر فيمن ينتظره ، نعم لقد تعبت من كل شيء .. من الحياة .. من إنتظارالأمل .. ومن قسوة الألــم ..نعم تعبت منك أيها الألـم .. ولكنك لم ولن تهزمني أبدا ، ولكن أقولها كلمة ، وأعترف بها حقيقة وليس مجاملة ، بأنك قد اتعبتني .. نعم تعبت منك .. تعبت .. تعبت .. نعم قد أتعبتني أيها الألــم ..
قد كسرت قلمي .. ومزقت أوراقي ..
لأعيش هناك في غربتي ..
أراكـم على خير أحبتي ..
...............
لـورانس