منتديات  الـــود

منتديات الـــود (http://vb.al-wed.com/index.php)
-   منتدى القصص والروايات (http://vb.al-wed.com/forumdisplay.php?f=89)
-   -   دلال (http://vb.al-wed.com/showthread.php?t=229308)

قـيـس نـجـد 06-04-2009 04:56 AM

دلال
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

"دلال"


أثار ذلك الهمر عاصفةً من التصفيق, و هو يتسلق التلال العملاقة من الرمال في الثمامة بقوة دفعٍ عاليةٍ و على رتمٍ واحد.. زجاجه المظلل بالسواد من جميع الجهات يبعث على الرهبة و الاحترام.. و كم كانت دهشة الحشود كبيرةً عندما شاهدوا أن باب الهمر الذي قد فُتِح تنزل منه فتاة في العشرينيات من عمرها, و الهواء البارد يرفرف عباءتها السوداء للخلف كامرأة خارقة..

كانت دلال تسمح لتلك الأفكار بأن تتسلل لتفكيرها أحيانا, و تتخيل نفسها و هي تقود تلك الكامري, و تنعطف بها ذات اليمين و ذات الشمال, و الحشود حولها تنظر بإعجابٍ لحركاتها الانسيابية الملتوية كثعبان.. أو تتخيل نفسها و هي تحوم بجميع أحياء الرياض, و المسجلة على أعلى صوتها تصدح, و العداد يغمز بنهاية الحد و هي تغمز له بعينها مغازلةً و سعيدة, و وشاحها يطير كطيرٍ حرٍ كما في الأفلام تماما.. و لم تكن دلال بتلك الأفكار تحاول أن تفارق أنثويتها, و لكن أعجبها ذلك الحديث الذي بدا لصديقاتها مضحكاً, و هن يتحدثن عن تخيلات المستقبل, و كل واحدةٍ لديها سيارتها الخاصة بعد السماح لهن بقيادتها رسميا.. تخيلن أنفسهن بسيارات ورديةً في كل شيء, وردية الهيكل, وردية المقاعد, و وردية المقود المربوط بشريط أحمر على جانبه, و حتى الرخصة ستكون ورديةً أيضاً, كل شيء.. كل شيء سيكون وردياً, يتسوقن كما يردن, و لن يحتجن للسواق الغبي الذي لا يعرف من القيادة سوى اسمها.. و بعد حديثهن المسائي ذاك, الوحيد الذي بقي ورديا هو أحلامهن التي بدت في عيني دلال مقبولة الحدوث, و من حينها بدأت بمراقبة أخيها و طريقة قيادته للسيارة, و في بعض الأحايين تسأل السواق, و عرفت بسبب ذلك كل حركةٍ و حفظتها عن ظهر قلب, و شاهدت لذلك الكثير من أشرطة (التفحيط), التي كانت قمةً في الإثارة و الحماس.. شعرت شعور مشلول يشتاق لأن يمشي على قدميه, إنها أمامه كاملة الصورة, و لكنه لا يستطيع المشي, لماذا؟.. إنها لا تحب هذا السؤال الذي يشعرها بضعفها, و التفتت من نافذتها لبيت جارتهم أم أسعد الذي لم يكن ابنها نايف أسعد منها, فبيتهم الضيق الذي بالكاد يتسع لإخوته الثلاثة و أخواته الخمس, لا تقف أمامه في أحسن الأحوال سوى سيارتين, هما لأكبر إخوته, و غير مسموح له أبدا بقيادتها, فعمره الصغير كما يقولون يحول دون ذلك, رغم أنه للتو بلغ السادسة عشر , و ماذا سيفعل؟ هل يصبر و هو يرى زملائه في المدرسة بسياراتهم الفخمة يتفاخرون, و ماذا عن بيت جارهم أبو سامر الذي تقف أمامه 4 سيارات رغم أنه ليس لديهم سوى ابن واحد, سيارة للأب و سيارة لسامر و سيارة للعائلة, و سيارة لمن؟.. هل هي لدلال؟, قالها و هو يضحك, و لم يكن يعرف حينها أن دلال تقف الآن أمام السيارة, و في يدها المفتاح و هي مرتعشة.. تجلس على المقعد وآلاف الأفكار تتردد في مخيلتها, المقود يبدو كمن يرجوها بأن تدير المحرك الذي بدا صوته جميلا حين أدارته, و داست على دواسة الوقود, " الله, يا زين تغريدها, ما فيه فرق بيني و بين هالتماسيح.. نفس الصوت".. ذلك ما حدثت نفسها به و هي تلف مقود الكامري بخوف و حماس في آن واحد رغم انطفائها عدة مرات, "يا سلام, فعلاً إني عبقرية" قالتها بفرحٍ و هي تنعطف بثقلٍ و بطء بجهة بيت جواهر صديقتها المخلصة التي كانت تنتظرها عند الباب, رغم أن الليل كان في آخره فالساعة تقارب الثالثة, و خفضوا رؤوسهم قليلاً حينما رأوا ابن جارهم نايف الذي كان يقف حائرا أمام بيتهم الذي تبدو مواقفه فارغة من أي سيارة, فإخوته باتوا ليلتهم في الثمامة مع أصدقائهم, و أخذوا كلتا السيارتين, و لم يفكروا أبدا بأمه التي أصابتها نوبة ربو أخرى.. إنها تعاني و إخوته يتلهون خارجا.. حاول الاتصال بهم و لكن لا توجد أبراج اتصال في مكان تواجدهم, "يا الإحراج, أكلم واحد من جيرانا.. لا والله, و ش بيقولون عنا؟, كل هالعيلة و ماعندهم إلا سيارتين!", و خطرت بباله فكرة و لنقل أنها جنحة.. فقد قام بسرقة المفتاح الذي أدار به محرك سوبربان جارهم أبو سامر.. "راح أرجعها قبل ما يحس, هذا هو الحل لصار تلفون المستشفى مشغول", قالها في سره و هو يحمل أمه المغمى عليها, "ارجعن, ما بقى إلا هي تطلعن كلكن تقول فريق كورة سلة, أنا أشيلها الحالي, ما عليكن".. قالها لأخواته الواقفات عند الباب ينظرن بخوف على أمهم و هو يضعها في المقعد بجانبه.. كانت سرعة السوبربان تزيد, و هو ينظر لها بقلق, فهي تبدو كمن فارقتها الحياة.. المستشفى بعيد بعض الشيء, و لم يكن يدري ما يفعل, و هو يرى أمه المسكينة تعاني, و عينه تتردد بازدواجية بينها و بين الطريق, ولم ينتبه لتلك السيارة التي كانت تترنح يمينا و يسارا ببطء, فحينها كان يهوّي بيد واحدة على أمه التي بدأت بالاستيقاظ قليلا, بذلك الدفتر الصغير الذي كتب عليه دلال, والتي كانت وقتها تتمنى أن يكون بجانبها لتؤرخ فيه لحظاتها السعيدة بيديها اللتان تمسكان المقود بلطف, رغم أنها ارتعبت قليلا عندما مرت من شباب كانوا يضربون الكامري المضللة كالوحوش من كل مكان, و عندها لم تستطع أن توقفها, و كادت أن تدهسهم, و لم تدري حينها ما تفعل هي و جواهر, المرتعبة من ذلك.. التفتت لها دلال ووعدتها في المرة القادمة أن تعلمها القيادة, و أضافت: "تبغين (أفحط)؟ التماسيح ماهم أحسن منا", و أومأت لها جواهر المتخوفة بالموافقة مجبرة, و فعلا بدأت الكامري بالترنح يمينا و يسارا على مدار الشارع الفارغ الهادئ.. لحظات سعيدة لدلال جعلتها تخرج أدوات الزينة من حقيبتها لتضع قليلا منه تجهيزا لتسجيل هذه اللحظة بكاميرتها, فعدلت مرآة السيارة و وضعت مسحة من البودرة على جوانب خدودها, و أحمر شفاه زهري خفيف على شفاهها الرقيقة, لتنظر لجواهر التي بدأت بالتصوير فعلا, و حينها تفاجأتا بأضواء تلك السيارة التي بدأت بالاقتراب منهم بسرعة جنونية, مما جعلهن يرتبكن , و يصرخن برعب, و دلال تحاول أن تجد المكابح, فداست بكعبها الذي انحرف إلى دواسة الوقود خطأ.. ارتطمت السيارتين ببعضهما بقوة شديدة, لتتناثر الجثث منهما كدمى على الشارع, و حينها لم يكن هناك سوى صوت المسجل الذي يدوي بصخب من سيارة دلال المنقلبة على سقفها بجانب جثة أم أسعد, و الكاميرا الملقية المكسورة الجانب وشاشتها المخدشة ما تزال تعمل.. تلتقط صورةً مشوشةً لنايف المعلق في نافذة السوبربان.


:z35:

مفارق الأحزان 06-04-2009 05:12 PM

ياحرام حسبي الله ونعم الوكيل عليه

لاهنت على الطرح

تحياتي لك

قـيـس نـجـد 06-04-2009 07:49 PM

مفارق الأحزان

اسعدني مرورك

ŝâĺĺɏ 06-04-2009 08:59 PM

حسبي الله ونعم الوكيل ،،



شووكرن ويعطيك العافيه ،،،





تحيآآآآتي ،،،

الجذااابة 07-04-2009 04:45 PM

الله يكفينا شر الحوادث بس

يعطيك العافية قيس

وبنتظار جديدكـ

قـيـس نـجـد 07-04-2009 06:06 PM

سالي اسعدني مرورك

قـيـس نـجـد 07-04-2009 06:06 PM

الله يعافيك الجذابه لاهنتي على المرور


الساعة الآن 02:28 PM.