منتديات الـــود - كتاب قيم جدا يستحق أن تقرأه / تاريخ الملك سعود بن عبد العزيز الوثيقة والحقيقة

تاريخ الملك سعود بن عبد العزيز الوثيقة والحقيقة

كتاب قيم يحكي تاريخ الملك سعود رحمه الله : الابن - المحارب - ولاية العهد - الملك - المعلم

رجل السياسة - الاقتصاد - أمام المسلمين 000الخ

اترككم مع جزء من مقدمة مؤلف الكتاب د سلمان بن سعود بن عبدالعزيز

إنه سليل المجد والكرم - وشبل الليث الإمام الفاتح الأشم ، موحد الجزيرة ، وملكها المظفرعبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، أسكنه الله فسيح جناته - الابن الذي نهل من والده العظيم خصال النبل والمروءة ، ومن أسرته الكريمة صفات الشجاعة
والقيادة ، وشمائل الفضل والسماحة ، التي تنبع من جدهما الكبير محمد بن سعود إمام الدعوة والإصلاح .

إنه الملك الذي جمع القيادة الدينية والسياسية والعسكرية في بلاده ، وأدى واجبه الديني في خدمة قضايا المسلمين في العالم ، من واقع مكانته البارزة بين الرؤساء والملوك ، ومكانة بلاده الدينية بين البلدان الإسلامية . فكان من أهم منجزاته الإسهام في تأسيس رابطة العالم الإسلامي سنة 1381 هـ ، وتبني قضايا المسلمين في العالم ودعمها مادياً ومعنوياً . ومن الأحداث الدولية المهمة والمواقف السعودية الناصعة التي شهدها عهد الملك سعود - يرحمه الله - الانضمـام إلى ميثاق الدفاع المشترك مع مصر وسوريا سنـة 1374هـ ، وتأييد مصر خلال العدوان الثلاثي عليها بإيقاف ضخ النفط إلى بريطانيا وفرنسا سنة 1375هـ ، والوقوف إلى جانب الجزائر في مقاومتها الاحتلال الفرنسي منذ سنة 1375هـ حتى استقلالها سنة 1381هـ ، والوقوف مع الأردن إثر الهجمات الإسرائيلية المتكررة خلال سنتي 1374هـ و 1375هـ بتعزيز ودعم قواته ماديًا ، والوقوف معه أيضًا إبان أزمة محاولة الإطاحة بعرش الملك حسين سنة 1376هـ ، والوقوف إلى جانب الكويت إثر تعرضه لخطر الاجتياح العراقي سنة 1381هـ . وإصدار نظام مقاطعة إسرائيل سنة 1382هـ .

لقد أم جموع المصلين في مسجد كراتشي بباكستان سنة 1373هـ ، وبمسجد بوبماي في الهند سنة 1375هـ ، وخلال صلاة الجمعة في مسجد واشنطن بأمريكا سنة 1376هـ ، كما أم جموع المصلين في الحرم المكي الشريف في ذلك العام أيضًا ، وجموع المصلين في المسجد النبوي الشريف سنة 1377هـ .

كانت سيرة هذا الرجل الفذ وشخصيته المتميزة بحق أكبر مسوغ لتأليف هذا الكتاب . وكان من مسوغات تأليفه أيضًا عاطفة مؤلِّفه ، التي تمثل حب الابن لأبيه ، ووفاء الولد لوالده ، وسعيه الدؤوب إلى البر به ، إلى جانب أن عددًا من المواقف التي يرويها هذا الكتاب كانت أحداثًا عاشها الابن مع أبيه ، ورآها رأي العين ، وعايشها معايشة مباشرة في بواكير صباه ، حتى إنها لا تزال تداعب ذكرياته ، ولم تغب وقائعها من مخيلته بالرغم من صعوبتها وقسوتها ، وهي تدحض بالحجة والبرهان كثيرًا من المعلومات التي أوردتها - ولا تزال - بعض الكتب والمراجع غير الموضوعية في طرحها المفتقر إلى التمحيص والتدقيق ، وتحري المصداقية عند إيراد المعلومة . كما يضاف إلى ما سبق مرور مدة من الزمن غلب فيها التحامل وبرزت فيها السلبية عند تناول هذا التاريخ ، كما لا يخفى على ذي لب . فلم يعالج هذا الموضوع بما يستحقه من جهد وعناية واهتمام ، ناهيك عن عدم الإنصاف في الطرح والتناول ، أو حتى العدل في المنهج . إننا لنجد تلك الكتب تركز على بعض السلبيات المزعومة ، لتبرز المثالب ، وتتتبع الأخطاء وتضعها تحت المجهر ، دون أي ذكر للمآثر - على كثرتها - التي يقتضيها أي بحث علمي موضوعي ، يرتكـز على المعلومات الرصينة الموثقة ؛ بل إنها ابتعدت عن جوهر الحقيقة بقدر ما ابتدعت من أكاذيب وتهم لا سند لها ولا دليل سوى الظن، فضلا عن الروايات والحكايات المضحكة المبكية المفتراة . وأخذت هذه الكتب - للأسف - تتناقل تلك المعلومات وكأنها من المسلَّمات المشهود بصحتها ، الثابت وقوعها ، وما أبعدها عن الحقيقة . ولا أدل على ذلك من أن يتصفح القارئ ما كتب عنه - يرحمه الله - إبان توليه مقاليد الأمور ، وما سُجل - باطلاً - بعد تنحيته ومغادرته بلاده ، ليتوفاه الله في منفاه ، كما ولد في المنفى كذلك .

يتحدث هذا الكتاب إذن عن هذا الرجل الفذ العظيم برؤية تاريخية تطمح إلى العلمية و تبتعد عن الإنشائية والعمومية ، وتستمد مادتها مما سجلته المقالات والكتب والوثائق التي حصلتُ عليها بعد جهد جهيد ، وعناء أكيد ، لترصد بعين ثاقبة ونظرة علمية سيرة حياته ، ومسيرته العملية ، منذ فتوته وجهاده مع والده ، الذي استمر ثمانية عشر عامًا في توحيد أجزاء البلاد المترامية الأطراف ، بدءًا من معركة جراب سنة 1333هـ ، ومرورًا بغزوات متعددة في الصراع مع الخصوم وحتى حرب اليمن التي أعقبت توحيد المملكة .

ثم ينتقل الكتاب إلى تبيان أدواره التي قام بها حينما أصبح ولياً لعهد والده العظيم سنة 1351هـ ، واستمر على مـدى أكثر من عشرين عـامًا (1351-1372هـ ) قضاها في مؤازرته ، كان من أبرز أحداثها افتداؤه والده بنفسه ، وتلقيه طعنة المعتدي في أثناء الطواف بالكعبة سنة 1353هـ ، وجولاته العربية والأوروبية والأمريكية ، واهتمامه بالقضية الفلسطينية ، وإصداره إصلاحات عرفت باسم إصلاحات ولي العهد ، بمرسوم صدر سنة 1372هـ . وقد شملت تلك الإصلاحات معظم نشاطات الحكومة المالية والقضائية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفطية . كما تناولت إعادة تنظيم الإدارات القائمة ، وإنشاء إدارات جديدة ومجالس تنظيمية ، وتأسيس شركات تعاونية ، وتوسيع مجلس الشورى ووضع نظامه ، إلى جانب تعيينه قائدًا عامًا للقوات المسلحة سنة 1372هـ وتوليه رئاسة مجلس الوزراء سنة 1373هـ .

ثم يتناول الكتاب أعماله وسيرته حينما أصبح ملكاً للمملكة العربية السعودية سنة 1373هـ ، وما كان له من مآثر وإصلاحات ومنجزات لا تزال شامخة بارزة للعيان ، سواء في مجال الإعمار والبنيان ، أو في ميدان بناء الإنسان . ومن أبرزها تقوية العلاقات مع دول العالم من خلال جولاته وزياراته للدول العربية والإسلاميـة والأجنبية ، والسعي إلى تكامل البنية التحتية للبلاد بإنشاء ما تحتاجه من وزارات وإدارات ومصالح ومؤسسات ومشاريع ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : إنشاء وزارات مهمة سنة 1373هـ هي المعارف والزراعة والتجارة ، ودعم الصناعة والمصانع من خلال قرار بالإعفاء من الرسوم الجمركية ، وإعادة تشكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني ، وافتتاحه كليتي الشريعة واللغة العربية بالرياض سنة 1373هـ ، اللتين كانتا نواة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فيما بعد ، وتأسيس جامعة الملك سعود بالرياض سنة 1377هـ ، وافتتاح الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1381هـ ، وإنشاء كلية البترول والمعادن بالظهران سنة 1383هـ ، التي تحولت لاحقاً إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ، وافتتاح مدارس تعليم البنات سنة 1379هـ ، وتأسيس الرئاسة العامة لتعليم البنات سنة 1380هـ ، وإعادة تنظيم وحدات الدفـاع والجيش وإنشاء المدارس العسكرية بـدءاً من سنـة
1374هـ ، وإنشاء مصنع للذخائر الحربية بالخرج سنة 1374هـ ، وكذلك إنشاء كلية الملك عبدالعزيز الحربية في العام نفسه ، وتشكيل الحرس الوطني وافتتاح مدارسه سنة 1376هـ ، وإنشاء شبكة الاتصالات اللاسلكية سنة 1374هـ ، ومركز الاتصال بالعالم الخارجي سنة 1376هـ ، وتعميم مراكز البريد بالمملكة ، وإنشاء موانئ الدمام وجازان وينبع سنة 1374هـ ، وتوسعة الحرمين الشريفين بدءًا من سنة 1375هـ وإنشاء رئاسة الطيران المدني ضمن وزارة الدفاع والطيران سنة 1376هـ ، والخطوط الجوية السعودية سنة 1382هـ ، وإنشاء وزارتي النفط والعمل والشؤون الاجتماعية سنة 1381هـ ، ووزارة الحج والأوقاف ، ووزارة الإعلام سنة 1382هـ ، بالإضافة إلى سبع مؤسسات عامّة شكّلت بداية لتجربة المؤسسات العامة في المملكة ، بوصفها رافداً من روافد العمل الحكومي .

كما تناول الكتاب في فصوله أسس الشريعة الإسلامية الغراء ، التي أكد عليها الملك سعود قاعدة لدولته الفتية ونبراسًا يضيء لها الطريق بين الأمم . بالإضافة إلى دوره في إدارة سنوات الغليان في الخمسينيات من القرن الميلادي الماضي ، بكل أزماتها وتعقيداتها ، ودوره أيضاً في إدارة تفاعلات النفط والسياسة .

كل ذلك وغيره خلال أحد عشر عامًا هي مدة حكمه للبلاد ، وبذلك تكون حصيلة السنوات التي قضاها في خدمة بلاده ما يناهز نصف قرن من الزمن .