الموضوع: حين تتزوج طفلة
عرض مشاركة واحدة
قديم 26-12-2002, 09:09 AM   رقم المشاركة : 16
الدر المنثور
( ود جديد )
 






الدر المنثور غير متصل

عم سكون الليلة الباردة أرجاء المكان ولم يعد يسمع سوى حفيف الأشجار كلما مرت بها نسمة هواء باردة أو صوت محرك سيارة تمر مسرعة بين ساعة وأخرى من الطريق الذي يقع على بعد أمتار من منزل عبد الكريم وقد نامت طفلة عبد الكريم بين ذراعية بعد أن غمرها دفئ الحنان وبعد أن سجل عبد الكريم في ذاكرتها كلمات خالدة يبدو أنها قد رسمت طريقا لحياة جديدة أكثر هدوء … أما عبد الكريم لم يستطيع إغلاق جفناه فقد استبد القلق بنفسه وأخذ يفكر في تصرف سلواه وهي تبكي متعلقة به كطفل متعلق بأمه وترن في أذنيه ( أنا أحبك ، أنا أحبك
وأصبح عاجز عن تفسير تصرفها هذا ولكنه سعيد به غاية السعادة .. نظر إلى سلواه بين يده وقد غرقت في نوم طفولي جميل فوضعها بكل حنان على فراشها فتحركت قليلا لتتمسك بلحافها فقد كانت الليلة باردة والنوافذ مفتوحة يتسلل من خللها نسيم أول الشتاء..
واتجه عبد الكريم إلى النافذة يقف فيها كعادته يناجي خالقه وينظر إلى تلك البيوت الشعبية المتناثرة في قريته هادئة وكأن أهلها قد فنوا من سنين ولا يدل على وجود الحياة بها إلا تلك المصابيح البيضاء الصغير أو صوت الديكة بين حين وأخر .. داعب الهواء البارد عيني
عبد الكريم وقرر أن يؤوي إلى فراشه ولكن يلحظ سيارة غريبة تدخل إلى الحي تمشي بهدوء مثقل .. تسلل الخوف إلى نفس عبد الكريم من طريقة سير تلك السيارة فهو يعلم أن سكان الحي متوسطي الحال وليس لدي أحدهم مثل هذه السيارة الفخمة الغريبة ويضل يراقب تلك السيارة ويرى أين ستقف نعم إنها تبتعد عن منزلنا إنها هناك لقد توقفت بعيد هذا منزل أبو فهد إنها تقف عند الباب الخلفي لمنزل أبو فهد إن المنزل بعيد ولا أري الأمر واضح ماذا تريد هذه السيارة في مثل هذا الوقت هناك حركة ما في فناء المنزل هذه إحدى بنات أبو فهد تتسلل بهدوء في فناء منزلهم الشعبي القديم تفتح الباب بسرعة عجيبة تركب السيارة هذه السيارة تخرج من الحي بهدوء وما أن تصل إلى الطريق حتى تنطلق كالريح .. تترسم علامة استفهام كبيرة على وجه
عبد الكريم الذي يأبى مثل هذا التصرف .. ما هذا ؟ هل يعقل ؟ ولماذا ؟ بنات أبو فهد ؟ لالا مستحيل أبوهم رجل نشمي يا الله يا رب استر عوراتنا ؟ وبنات أبو فهد سبع كلهن شابات
يا ترى هذه أي وحدة فيهن يمكن غزيل لا لا مستحيل غزيل بنت محترمة يا لله كلهن حسب كلام أمي محترمات أجل مين ؟ يا رب يا ليتني نمت وما شفت شيء ؟ بحاول أنسى وأنام
ويتقلب عبد الكريم على فراشه ولكنه لم يستطيع النوم … يا لله كنت رايح أخطب غزيل الحمد لله ما رحت والله فضل ربي عليه كبير ؟ ولكن حرام سوء الضن ما يجوز يا الله
ولشفته بعيني .. يا ربي وش لي ولناس .. وبعد ساعتين أو ثلاث تقريبا تعود تلك السيارة بنفس الطريقة لتنزل الفتاة وترحل وعبد الكريم متأمل لكل ما حدث .. ولكنه لا يعرف أي منهن فعلت ذلك ؟؟؟؟؟ المؤذن يرفع صوت أذان الفجر وتؤدى الصلاة وتشرق شمس الشتاء باردة فتنبعث الحياة من جديد في حي عبد الكريم فهذه أصوات الأغنام تخرج من منازل الأهالي تتسابق إلى المراعي القريبة من الحي ..وعيني عبد الكريم على غير العادة تتركز على منزل أبو فهد هذا أبو فهد مع اثنتين بن بناته الصغيرات وزوجته يخرج أغنام متجه بها إلى المرعى مع أحد ابناءه.. مسكين يا أبو فهد ما دري اش يسير من وراك .. ويتجهز عبد الكريم ليذهب إلى عمله وسلوى تتملل في فراشها .. عبد الكريم تبى فطور .. لالا مابى شيء .. رائحة قهوة أم عبد الكريم تملئ البيت عبد الكريم يدخل المطبخ ليجد أمه قد أعدت القهوة والتمر لوالده يتناول فنجان ويسألها يمه بنات أبو فهد ما تزوج منهن أحد ؟ الأم تقطب جبينها فهي تحب سلوى ولا تريد أن يفكر عبد الكريم في الزواج عليها وش لك ولهن يا ولدي .. لا مجرد سؤال عند أبو فهد – ما شاء الله – 11بنت وأربع أولاد من زوجتين وتزوج من بناته خمس وباقي ست في البيت .. ماشاء الله أحسبهن كلهن سبع .. أكبر الباقيات غزيل صح إيه يا ولدي .. لكن يا ولدي ترى سلوى والله بنت حلال اصبر عليها بكرة تصلح .. لا لا أنا صرفت نظر ما أبغى أتزوج على سلوى خلاص أحس إنّا بدينا نتفاهم ..لكن …. لكن ويش يا ولدي ….وينصرف عبد الكريم ولم يرد على تسائل أمه .. إن رأسه منشغل بما رآه ليلا .. والله أنا أحب أبو فهد رجال محترم صحيح هو شديد شوى لكن خلوق
والله لو أعرف ها الكلب إلى يلعب على بنات أبو فهد لأكسر رأسه ..ويحاول عبد الكريم تناسى الحدث ولكنه لم يستطيع فكثيرا ما كان يدفعه الفضول لمراقبة بيت أبو فهد ليلا حتى أحست سلوى بالأمر فغضبت وقالت له هذه ليست أخلاقك تتجسس على الناس .. فوجد عبد الكريم يده وقد استقرت على صفحة خد سلوى وقد وضعت علامة أول كف عليه تستقبله سلوى وبما أن يد عبد الكريم أكبر من صفحة خدها فقد أخذ الكف مساحة نصف الوجه تقريبا .. بكت سلوى بكاء مؤلم ولم تكن تتوقع هذا التصرف من عبد الكريم … أدرك عبد الكريم أنه قد أخطأ ولكن غروره منعه من الاعتذار الفوري فخرج مسرعا تاركا سلوى غارقة في البكاء وغاب ساعة تقريبا ثم عاد وقد ضن أن سلوى قد استسلمت لنوم ولكن ما أن فتح غرفة النوم حتى وجد سلوى كنمرة مجروحة هائجة تطرده من غرفة النوم شر طرده ويخرج بسرعة كي لا تثير ضجة في المنزل توقظ النيام .. وتغلق سلوى الباب في وجهه بكل ما لديها من قوة ويضل عبد الكريم يبحث عن مكان لنوم فلم يجد سوى غرفة الضيوف .. ولم يمر وقت قليل حتى تأتي سلوى مسرعة تفتش عنه وحين وجدته مستلقي ..زفرت أشوى حسبت .. ثم انصرفت وأتت له بغطاء ألقته عليه وقالت له في سذاجة بالغة ( يولك تخرج من البيت ) … يعني وش بتسوين ( أعلم عمي )
وهكذا قضي عبد الكريم ليلته وحين أشرق الصباح اكتشفت أم عبد الكريم القصة .. ليه
يا سلوى زوجك ينام في المجلس عيب عليك .. إلا يستاهل شوفي وجهي ليه يضربني .. هو ضربك .. إيه.. لا أجل يستاهل .. بس خلاص أدبتيه روحي خليه يجي يتقهوي مع بوه …
طيب .. تفتح باب المجلس وتنظر إلى عبد الكريم نظرة الغضبى روح تقهوى مع بوك .. وبعد عودت عبد الكريم من العمل أحضر معه هدية لسلوى وقد كتب لها عبارات جميلة يعتذر فيها عما بدر منه.. فكانت فرحة سلوى بهذه العبارات أكبر بكثير من فرحتها بالعطر ..
وتمر الأيام والشهور بهدوء بين الزوجين ...** لحظة ** لقد عرف عبد الكريم قصة بنت أبو فهد التي خرجت ليلا من منزله بعد مرور أيام على الحدث … فبعد صلاة عصر أحد الأيام وهو يخرج مع أبو فهد من المسجد إذ بنفس السيارة تتجه إلى منزل أبو فهد وحين رأها أبو فهد طلب من عبد الكريم أن يستضيفه في منزله .. عبد الكريم ولكن يبدو يعمي أنه جيك ضيوف إيه علشان كذا ما بى أقبلهم .. أبو فهد يا أبو عبد الكريم قهوتي عندك اليوم .. أبو عبد الكريم الله يحيك تفضل ويدخلان المنزل وعبد الكريم يقف ينظر إلى السيارة تقف بجوار بيت أبو فهد ..نفس السيارة وعلامة استفهام كبيرة على وجهه .. ويدخل المنزل .. ماذا هناك يا أبو فهد كيف ما تستقبل ضيوفك .. ما عليهم يسألون الأهل يقولون لهم ما هو موجود .. بصراحة هذا سالم زوج بنتي وضحى يبغي يرجعها وأنا حالف ما يرجعها لين ترجع أخته لفهد ليه هو فهد طلق زوجته إيه زوجته الثانية خذاها بدل ..هو خذا أخت سالم وسالم خذا أخته .. ولكن ما صلحت وطلقها . ولازم سالم يطلق وضحى ..ولكن هو رافض بشده يقول يحبها وهى تحبه ..
وهنا عرف عبد الكريم أن وضحى هي من كانت تخرج من المنزل لمقابلة سالم زوجها .. وما كان هذا التصرف إلى بسبب تلك التقاليد الغبية التي تحكم بظلم دون النظر لظروف ومشاعر الآخرين .. حزن عبد الكريم أشد الحزن على وضع هذين الزوجين ضحية تقليد ليست من الدين في شيء .. وضل يحاول بكل ما يعرف من الوسائل والطرق لحل مشكلتهما وتعرف على سالم واكتشف أنه شاب في الخامسة والعشرين من عمره على خلق ويحب وضحى بصدق ولا يستطيع تخيل مفارقتها وأنه صابر على مر هذه الحياة منذ عام تقريبا لم يلتقي وضحى سوى مرتين وقد حاول مع أخته أن تعود لفهد ولكنها لا تريد وهو لا يريد إجبارها .. سأله عبد الكريم أين تأخذ وضحى فقال أذهب بها إلى منزلنا لترى أبناءها .. عبد الكريم لكم أبناء نعم ..سارة سنتين..سلطان سنة .. وبعد عدد من المحاولات عاد السلام إلى الزوجين وضحى وسالم وكان الفضل بعد الله لشاب النبيل عبد الكريم ….
تعلم عبد الكريم من هذا الموقف ألا يضن سوء بأحد وعلم أن للبيوت أسرار لا يعلمها إلا خالقهم
ويعود عبد الكريم إلا عشه الزوجي وهو يتمني أن يصبح حبه لسلوى وحبها له كحب سالم ووضحي الذي وقف صامد في وجه العاصفة حتى أكد وجوده …