عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-2007, 10:48 PM   رقم المشاركة : 1
مرحبا بالجميع
Band
 





مرحبا بالجميع غير متصل

الوفاءُ لدماءِ الشهداء

الوفاءُ لدماءِ الشهداء

الحمدُ للهِ الأول ِبلا ابتداءٍ, الآخِرِ بلا انتهاءٍ، العالي بلا سماءٍ , ناصرِ المؤمنينَ المستضعفينَ , مُذل الكفرِ والكافرينَ , ومُخزي الشركِ والمشركينَ ولو بعدَ حين ، هوَ مولانا فنعمَ المولى , ونصيرُنـَا فنعمَ النصير.

ثمَّ الحمدُ للهِ الذي أمرَ بوَحدَةِ الأمةِ وديارِها, وأوجبَ وحدَة َمشاعرِها, واجتماعَ قلوبـِها, وضبط َأفكارِها, وترسيخَ مفاهيمها, لتوافقَ أمرَ ربِّها.

وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، لمَّ على العقيدةِ شملنـَا, ومَدَحَ على الكتابِ اعتصامَنا وذمَّ فرقـَتـَنا, وَوعدَنا بالنصرِ والإستخلافِ والتمكين.

وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسُولـُه, وصفيُّهُ من خيرةِ خلقِهِ وخليلـُه, شبـَّهَ أمتـَهُ بالغيثِ المغيثِ فقال:

( مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ المَطَرِ, يَجْعَلُ اللَّهُ في أَوَّلِهَ خَيْراً وَفي آخِرِهِ خَيْراً ) .

وقال:

( لا تزالُ طائفة ٌمن أمتي يقاتلونَ, على الحقِّ ظاهرين, لعدوهم قاهرين, لا يَضرُهم من خذلهم , حتى يأتيَ أمرُ اللهِ , قالوا وأينَ هُم يا رسولَ اللهِ ؟ قالَ ببيتِ المقدس ِوأكنافِ بيتِ المقدس )

وبعدُ أيها الإخوة ُالكـرام :

فإن الوفاءَ لدماءِ الشهداءِ الذينَ مَضوْا دفاعاً عن أرض ِالإسلام ِفي فلسطينَ، والوفاءَ لآهاتِ المُعتقلين , وأنّاتِ الجرحى المكلومين , وعويل ِيتامى المسلمين , ونحيبِ ثكالى المؤمنين , وضياع ِبلادِ المكروبينَ ، لا يكونُ بالتفريطِ ولو بشبرٍ واحدٍ من هذهِ الأرض المباركةِ مسرى نبيِّنا الأمين ِ, تحتَ أيِّ مُسمىً كان أو أيِّ مُبررٍ مُشين !

كالمرحليةِ أو التكتيكيةِ, أو غيرِها من المُسمياتِ التي ما أنزلَ اللهُ بها من سلطان,
وإنما يكونُ الوفاءُ بالثباتِ على الحقِّ, والصبرِ والمصابرةِ, والرباطِ على هذهِ الأرض ِالمباركةِ الطهور،
وبالوقوفِ سداً منيعاً أمامَ كلِّ المؤامراتِ التي تدبرُ من خلفِ ستارٍ, لا بل قـُل: ومن أمام ِالستار !

وهي كلـُّها تهدفُ إلى تصفيةِ قضيةِ فلسطينَ , من خلال ِالسيرِ في اتفاقياتٍ أبرمتْ مع الكفارِ المستعمرين , أمريكا ودولةِ يهودَ, وبريطانيا وروسيا من ناحيةٍ , وزعاماتِ العربِ المجرمينَ الذين باعوا دينـَهُم وأمتـَهُم وثبـَّتوا كيانَ يهودَ وحفِظوا أمنَهُ من ناحيةٍ ثانيةٍ.

ألا فلتعلموا عبادَ الله, يرحمني وإياكم الله:

أن فلسطينَ أرضٌ إسـلامية ٌفتحَهَا عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ وأرضاهُ وقد تخضَّبَ ثراهَا الطهورُ بدماءِ الصحابةِ الأبرارِ, والمجاهدينَ الأتقياءِ الأخيار، وما من شبرٍ فيها إلا ويحكي قصة َجهادٍ أو رباط ، دافعَ عنها الخليفة ُالعثمانيُّ عبدُ الحميدِ الثاني رحمهُ اللهُ تعالى، ومنعَ هجرة َاليهودِ إليها, ولم يقبلْ شفاعة َالسفيرِ الأمريكيِّ بهذا الشأن ِ، ومنعَ كذلكَ إقامة َاليهودِ الراغبينَ في زيارةِ فلسطينَ أكثرَ من ثلاثينَ يومًا، مع التأكيدِ على منعهم من المبيتِ ببيتِ المقدس ِنفسِهَا, حتى إذا احتجتِ عليه الدولُ الأوروبيةِ , مَددها ثلاثة َأشهرٍ أخرى لا تزيد,على أن يُغادر اليهود بعدها فلسطينَ،

كما وأنهُ رَحِمهُ اللهُ قد رد طلبَ هرتزل واستجداءَهُ بإعطاءِ من أسماهُم مساكينَ اليهودِ قطعة َأرض ٍ في فلسطينَ يَحيَونَ فيها, مُقابلَ تكفلهم بسداد ديون ِالدولةِ جميعِها, ردَّ قائلاً: إنني لا أستطيعُ أن أتنازلَ عن شبرٍ واحدٍ من هذهِ الأرض ِ، لأنها ليست ملكي ! وإنما هيَ ملكٌ لأمتي الذي حاربَ في سبيل ِهذهِ الأرض ِ وروَّاها بدمه دَع ِاليهودَ يحتفظونَ بملايينهم ! فإذا تفككت دولتي يوماً , فإن اليهودَ قد يحصلونَ على فلسطينَ بدون ِمقابل، لكنهم لن يصلوا إليها إلاَّ على أشلاءِ أجسامِنـَا بعد تمزيق ِأوصالِنا.

حتى إذا هدمتِ دولة ُالخلافةِ، وقـُسِّمت بلادُ المسلمينَ في اتفاقيةِ سايكس بيكو المشؤومةِ، وتمَّ تنصيبُ بعض ٍمن نواطيرِ العربِ عملاءِ الغربِ حكاماً على كلِّ مُزْقـَةٍ من بلادِ المسلمينَ، سعى الغربُ الكافرُ لسلخ ِفلسطينَ عن الأمةِ ،

فحوَّلَ القضية َمن قضيةٍ إسلاميةٍ إلى قضيةٍ عربيةٍ, باسم القوميةِ ،

ثم حوَّلـَها من عربيةٍ إلى فلسطينيةٍ باسم ِالوطنية،

ثمَّ قضية ًتخصُّ ما يسمَّى : بمنظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ ,

وجَعَلـَها الممثلَ الشرعيَّ والوحيدَ للشعبِ الفلسطينيِّ .

وأخيراً أخذت اللجنة ُالتنفيذية ُللمنظمةِ وفي مقدمتها رئيسُ السلطةِ الحاليةِ, أخذت على عاتِقها إدارة َ المفاوضاتِ مع يهودَ .

وهكذا قزَّموا القضية َوجعلوها قضية َمنظمةِ التحريرِ الفلسطينية , وحتى قولـُهُم بضرورةِ عرض أيِّ حلٍّ على أهل ِفلسطينَ للإستفتاء , إنما هو دَسٌّ للسُّمِّ في الدسم , وهو حرامٌ حتى وإن أقرَّ بهِ أهلُ فلسطينَ جميعا, أو قالت بهِ أمة ُالإسلام ِجميعُها .

وبهذا تكونُ قد وصلت منتهاها ــ الرجلُ الواحدُ والحاكمُ الواحدُ ـ وبهذا تكونُ الخياناتُ قد مُررت على الكثيرِ من المسلمينَ وخاصة ًأهلَ فلسطين .

أيها المسلمون :

عندما غزا الفرنجة ُالصليبيونَ فلسطينَ, حرَّرَها صلاحُ الدين ِالأيوبيُّ رحمهُ اللهُ , بوصفهِ قائداً مسلماً زمنَ الخلافةِ العباسيةِ، وليسَ بوصفهِ كردياً أو عربياً أو فلسطينياً ،
وعندما غُزيت من قِبل ِالمغول ِحررها المماليكُ بوصفهم قادة ًللمسلمينَ في مصرَ والشام ِ،
وليسَ بوصفهم مصريينَ أو شاميينَ أو عرباً أو أعاجم، وفي هذا كلـِّهِ دلالة ٌ ساطعة ٌسطوع َالشمس ِأن فلسطينَ أرضٌ للمسلمينَ, وأنها إسلامية ٌوليست تخصُّ أهلَ فلسطينَ وحدَهُم .

أيها الإخوة ُالعقلاء :

إن حلَّ قضيةِ فلسطينَ لا يكونُ أبداً بتركيزِ سلخِها عن أصلِها، وإنما يكونُ بنبذِ هذهِ الفكرةِ نبذ َ النُواة، والبَدءِ بالتحركِ على أساس ِأننا مسلمونَ نسكنُ فلسطينَ, وندافعُ عنها كأرض ٍإسلاميةٍ، ولا نملكُ حقَّ التصرفِ بها وحدَنا مطلقًا، بل نثبُتُ ونـُرابـِط ُ, ونكافحُ المؤامراتِ , ونكشفُ الخياناتِ , حتى يأذنَ اللهُ بنصرهِ المؤزرِ المبين ِ, القريبِ بإذنهِ تعالى،

فواللهِ الذي لا إلهَ غيرُهُ , ولا معبودَ إلا هو,أن قادة َالغربِ يتخوفونَ من عودةِ الإسلام ِالسياسيِّ إلى الساحةِ الدوليةِ، وليسَ أدلَّ على ذلكَ من تصريحاتِ قادتِهـِمُ العسكريينَ والسياسيينَ التي تـُبَينُ بوضوح ٍمدى تخوفِهـِم منهُ, وحرصِهم على عدم ِظهورهِ مرة أخرى .

وإن المشاريعَ الجزئية َالتي روَّج لها الكفارُ المستعمرونَ ولا يزالونَ, لم تأتِ علينا بخيرٍ قط ُّ, وما جنينا منها إلا الذلَّ والهوانَ , والتنازلَ والضَّياعَ والخسرانَ ، ولن تـَجُرَّ علينا مشاريعُهُم تلكَ المعلومةِ لدينا ,
وغيرِها مما لا يعلمُهُ إلاَّ اللهُ سوى المزيدَ من التقهقرِ والتراجع ِوغضبِ الواحدِ الديَّان,

فالويلُ كلُّ الويل ِلمن فرَّط َ بشبرٍ منها , أو سكتَ عن المُفرطين المُتلاعبينَ بها !

وصدقَ الرسولُ الأكرمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إذ يقولُ محذراً الأمة َمن اتباع ِالكفارِ الملاعين ِ:

( لتتبعُنَّ سَننَ الذينَ من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع ٍ، حتى لو سلكوا جُحرَ ضبٍّ لسلكتمُوه! قلنا: يا رسولَ اللهِ، اليهودَ والنصارى؟ قال: فمن! ) أي فمن غيرُهُم ؟!

ويقول : ( يأتيْ على أمتي ما أتى على بني إسرائيلَ حذوَ النعل ِ بالنعل ِ، حتى لو كانَ فيهم من نكحَ أمَّهُ علانية َكان في أمَّتي مثلـُهُ ! )

وصدق الله:

( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ {52} )المائدة .

يتبع الجزء الثاني والأخير بإذنه تعالى