عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-2007, 07:49 AM   رقم المشاركة : 23
دامي ♥
( وِد لامِـــع )
 






دامي ♥ غير متصل

قصيده الامام زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام..



ليس الغريب غريب الشـام واليمـن
إن الغريب غريب اللحـد والكفنـي

إن الغريـب لـه حــق لغربـتـه
على المقيمين في الأوطان والسكنـي

لا تنهـرنَّ غريبـا حـال غربـتـه
الدهـر ينهـره بالـذل والمـحنـي.

سفـري بعيـد وزادي لـن يبلغنـي
وقوتي ضعفـت والمـوت يطلبنـي

ولي بقايـا ذنـوب لسـت أعلمهـا
الله يعلمهـا فـي السـر والعلـنـي

ما أحلـم الله عنـي حيـث أمهلنـي
وقد تماديت فـي ذنبـي ويسترنـي

تمـرُّ ساعـات أيامـي بـلا نــدم
ولا بكـاء ولا خـوفٍ ولا حَزَنِـي

أنا الـذي أُغلـق الأبـواب مجتهـداً
على المعاصي وعيـن الله تنظرنـي

يا زلـةً كُتبـت فـي غفلـة ذهبـت
يا حسرةً بقيت في القلـب تُحرقنـي

دعني أنوح علـى نفسـي وأندبهـا
وأقطع الدهـر بالتذكيـر والحزَنِـي

دع عنك عذلي يا من كـان يعذلنـي
لو كنت تعلم ما بي كنـت تعذرنـي

دعني أسحُّ دموعـا لا انقطـاع لهـا
فهل عسى عبـرةٌ منهـا تُخلصنـي

كأنني بيـن جـلِّ الأهـل منطـرحٌ
علـى الفـراش وأيديهـم تُقلبـنـي

وقد تجمَّع حولي مَـن ينـوح ومـن
يبكـي علـيَّ وينعانـي ويندبـنـي

وقد أتـوا بطبيـب كـي يُعالجنـي
ولم أرَ الطب هـذا اليـوم ينفعنـي

واشتد نزعي وصار الموت يجذبهـا
من كل عِرقٍ بلا رفـق ولا هونـي

واستخرج الروح مني في تغرغرهـا
وصار ريقي مريرا حين غرغرنـي

وقام من كان حِبَّ الناس في عجَـلٍ
نحـو المغسـل يأتينـي يُغسلـنـي.

وقال يا قـوم نبعـي غاسـلا حذِقـا
حــرا أديـبـا عـارفـا فطِـنـيِ

فجاءنـي رجـلٌ منهـم فجـرَّدنـي
مـن الثيـاب وأعرانـي وأفردنـي

وأودعوني على الألـواح منطرحـا
وصار فوقي خرير الماء ينظفنـي .

وأسكب الماء من فوقـي وغسَّلنـي
غَسلا ثلاثا ونـادى القـوم بالكفنِـي

وألبسونـي ثيابـا لا كِـمـام لـهـا
وصار زادي حنوطي حين حنَّطنـي

وأخرجوني من الدنيـا فـوا أسفـا
علـى رحيلـي بـلا زاد يُبلغـنـي

وحمَّلونـي علـى الأكتـاف أربعـةٌ
من الرجال وخلفـي مـنْ يشيعنـي

وقدَّموني إلى المحراب وانصرفـوا
خلف الإمام فصلـى ثـم ودعنـي.

صلوا عليَّ صـلاةً لا ركـوع لهـا
ولا سجـود لـعـل الله يرحمـنـي

وكشَّف الثوب عن وجهي لينظرنـي
وأسبل الدمع مـن عينيـه أغرقنـي

فقـام مُحترمـا بالعـزم مُشتـمـلا
وصفف اللبْن من فوقـي وفارقنـي

وقال هُلواعليـه التـرب واغتنمـوا
حسن الثواب من الرحمن ذي المنني.

في ظلمـة القبـر لا أمٌ هنـاك ولا
أبٌ شـفـيـق ولا أخٌ يُؤنـسـنـي

وهالني صورةٌ في العين إذ نظـرت
من هول مطلع ما قد كـان أدهشنـي

من منكر ونكيـر مـا أقـول لهـم
قد هالني أمرهـم جـدا فأفزعنـي.

وأقعدونـي وجـدوا فـي سؤالهـمُ
ما لي سواك إلهـي مـنْ يُخلصنـي

فامنن عليَّ بعفـوٍ منـك يـا أملـي
فإننـي موثـقٌ بالذنـب مرتَهَـنِـي

تقامم الأهل مالي بعدمـا انصرفـوا
وصار وزري على ظهري فأثقلنـي

واستبدلت زوجتي بعلا لهـا بدلـي
وحكَّمته علـى الأمـوال والسكنـي

وصيَّـرت ولـدي عبـدا ليخدمهـا
وصار مالي لهم حـلا بـلا ثمنـيِ

فـلا تغـرنـك الدنـيـا وزينتـهـا
وانظر إلى فعلها في الأهل والوطني

وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعهـا
هل راح منها بغير الحنـظ والكفنـي

خذ القناعة من دنيـاك وارضَ بهـا
لو لم يكن لـك إلا راحـة البدنـي

يـا نفـس كفـي عـن العصـيـان واكتسبي
فعلا جميلا لعل الله يرحمني

يانفسُ ويحكِ توبي واعملـي حسنـا
عسى تُجازين بعد الموت بالحسنِـي

ثم الصلاة على المختار سيدنـا
مـاوضأ البرق في شـام وفـي يمنـي

والحمـد لله ممسيـنـا ومصبحـنـا
بالخير والعفو والإحسان والمننـي
.