عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-2008, 05:46 AM   رقم المشاركة : 2
اشراقة امل
( ود متميز )
 
الصورة الرمزية اشراقة امل
 







اشراقة امل غير متصل

Icon1 الجزء الثاني

الجزء الثاني و الاخير من (التوازن ز التكامل النفسي عند الانسان )
ب. النفس والعقل والدماغ:
عندما نتأمل الكلمات وما تحمله من مفاهيم وقيم ندرك أن المعنى الحقيقي للكلمة المتأمَّل فيها يكمن في عمق وشمول وعينا. فبقدر ما يكون وعينا عميقاً وشاملاً تحفل الكلمة بمعناها الحقيقي أو الأقرب إلى الحقيقة: كلما تأملنا رأينا، وأدركنا، ووَعَيْنا.

بما أننا نطرح أبعاد علم النفس التكاملي على أساس يتمايز عن المألوف في علم النفس التقليدي أو المدرسي؛ إذ إن كلمتي "العقل" و"النفس" تحملان في ذاتيهما مضموناً أكثر عمقاً، وتتطلبان وعياً كونياً.

"النفس" هي الطاقة الحيوية التي تتمتع بالمادية؛ هي حركة المادة، هي حياة المادة؛ و "العقل" هو الطاقة المادية التي تتركز فيها المادة عن طريق الدماغ.

نستنتج ما يلي: الدماغ هو تركيز الطاقة المادية بمعالمها كلِّها؛ هو وعاء الوعي. وفي هذا الوعاء تنتظم الطاقة المادية وتترتب في نطاقات يتصل بعضها ببعض ولا ينفصل. فالدماغ يتطابق مع الطاقة المادية تماماً، ويمتد إليها من خلال الحواس. والعقل، في سياقنا هذا، هو السيالة التي تنطلق من عمق الكيان الإنساني، عن طريق الدماغ، إلى العالم الخارجي. لذا يُعتبَر العقل سيد الوجود المادي، ويُعتبَر الدماغ الخزان الذي تُختزَن فيه نبضات الوجود الخارجي وانعكاساته التي يعود إليها العقل ليحوَِّلها إلى صور. الدماغ مستودع تودع فيه، أو تنعكس فيه، خلجات العالم الخارجي، وتتموضع تلك النبضات أو الخلجات أو التنبيهات الخارجية في نطاقات يُمِدُّ بعضها بعضاً ويتصل بعضها ببعض على هيئة ذاكرة.

تُعَدُّ النفس مجموعة المشاعر والأحاسيس والعواطف. هي الأعصاب التي تمرُّ عبرها الطاقة الحيوية والروحية لتعبِّر عنها بالحدس وبالإحساس بالوجود. النفس هي مظهر حركة الروح في الإنسان؛ هي دفق داخلي يتمحور حول ذاته في شعور بالحياة، وبكل ما يمتُّ إلى الكرامة، والنبل، والسمو، والرفعة، والألم، والحزن، والفرح، والغبطة، والعاطفة، إلخ.

هذه النفس – حاملة مورثات الماضي، والنابضة بعمق الحياة – تسجِّل في عمقها، كما ذكرنا، حياة المادة وحركتها وانفعالها، حياة أعمارنا السابقة، وحياة وجودنا الحاضر. وهذا العقل هو العقل ذاته الذي نشأ منذ أن تآلفت عناصر المادة المعقدة في الدماغ – هذا الدماغ الذي انطبعت فيه مؤثرات المادة كلِّها؛ هذا الدماغ هو مخطِّط العالم المادي.

نتساءل الآن: كيف يتحقق التكامل بين العقل والنفس؟

نجيب: الشخصية المتكاملة هي الإنسان الذي يتكامل فيه العقل والنفس دون وجود تناقض بينهما. وإن أي اختلال في الطاقة الحيوية – وهي النفس – يؤدي إلى زعزعة أركان العقل. إذن فالعقل قاصر عن بلوغ النتائج الفكرية المتسقة إلا في "نفس" هادئة، في طاقة حيوية متوازنة. وبالفعل، نخطئ إذ نضفي صفة الجنون أو الهوس على العقل، ذلك أنه لا يوجد عقل مجنون أو مهووس. ثمة نفس مضطربة، ينتج اضطرابها عن انفعال شديد أو عن فقد توازن الطاقة الحيوية.

وقد يتساءل أحدنا عن سبب هذا الاضطراب أو الانفعال، فيعزوه إلى التناقض القائم بين العقل والجسم. فالجسم، في عرف بعض الدارسين، يُسرِع في نموه على حساب العقل، الأمر الذي يُخِلُّ بتوازنهما. لكن الحقيقة تشير إلى أن الجسم، حتى في مرحلة الشباب، لا ينمو نمواً أسرع من نمو العقل. فكلاهما متوازن في تطورهما. والملاحَظ أن الشاب يتمكن من حلِّ أو إدراك قضايا عقلية وفكرية، بينما يعجز عن حلِّ قضاياه النفسية. وفي هذه الحالة تنفصل نفس الشاب، وينفصل عقله الذي يتأثر بالانفعال النفسي. لذا يمكننا القول إن اختلال العقل ناتج عن اختلال الطاقة الحيوية. وقد يتعدَّى اختلال الطاقة الحيوية – وهي النفس – نطاق العقل إلى الجسم. على هذا الأساس، تعيد مدارس الحكمة القديمة كل اعتلال جسمي عام، أو عضوي محدد، إلى اضطراب وَقَع للطاقة الحيوية–النفسية العامة في الجسم أو الخاصة بعضو محدد.[3]

يتبادر إلى ذهننا السؤال التالي: كيف يختل التوازن الحيوي–النفسي؟

إن اختلال التوازن الحيوي–النفسي هو نتيجة أكيدة للتربية الانفعالية التي يتلقَّاها الإنسان، أو نتيجة لانفعال يعيق أو يحول دون قابلية التوازن. وعلى سبيل المثال، يحاول عالِم النفس إعادة التوازن الداخلي إلى الإنسان الذي يعاني من انفعال شديد أو غير شديد.

والانفعال الذي يطيح بتوازن العقل الإنساني ويلقي به في متاهات الأنا يختلف عن العاطفة. ولقد أخطأ علماء نفس السلوك إذ عجزوا عن إدراك الحدِّ الذي تتوازن فيه العاطفة ولا تتحول إلى انفعال. في العاطفة تتوازن وظائف النفس والجسم الداخلية، وتتألق الطاقة الحيوية–النفسية في غبطتها. وفي هذا التوازن والتألق يعمل العقل في توازن وتكامل. إن الحكماء القدامى – والحق يقال – هم من أشاروا إلى هذه الحقيقة عندما شددوا على ممارسة رياضات معينة تؤدي إلى المرونة العصبية. ففي رأيهم أن المرونة العصبية، وليس قوة العضلات، هي الحقل الذي تتوازن فيه النفس.

وفي سبيل توضيح أفضل، نلمِّح إلى الفرق القائم بين العاطفة والانفعال: العاطفة تتساوق مع العقل، والانفعال يُخضِع العقل ويشتِّته. العقل أسير الانفعال وصديق العاطفة. والانفعال تجاوُز لحدِّ أو عتبة العاطفة: إنه كل عاطفة تجاوزت حداً معيناً؛ أو هو كل عاطفة أخضعت العواطف الأخرى؛ أو كل عاطفة عبَّرت عن مصلحة خاصة. وعندما ندرك شدة الشحنة المضطربة على هيئة انفعال، ندرك الضعف الذي يعتري عقولنا والقلق الذي يهيمن عليها. ولقد شبَّه أحد الحكماء العقل بلهيب الشمعة الذي لا يستقر إلا في وسط هادئ لا تتلاعب به النسمات القوية. وحري بنا أن نقول إن هدوء لهيب الشمعة يعني اشتداد ضيائه وتألقه في السكينة النفسية التي يرتاح فيها. وبالفعل، لا تتضح رؤيتنا في ضوء لهيب شمعة متراقص لا يهدأ. وبالمثل، لا يقوم عقلٌ بوظيفته الكاملة في وسط نفسي مضطرب.

تلكم هي النقطة الثانية في تكامل نفس الإنسان.

ج. الواعية والخافية:
إذا كانت الواعية هي ما ينطوي عليه العقل والنفس في الحاضر، كانت الخافية كل ما انطوى في ثنايا النفس والعقل في الماضي. وإذا كان ما نفصح عنه الآن حقيقة، أدركنا أن حياة الإنسان واعية دائمة وخافية دائمة – وأعني أن كل لحظة آنية وحاضرة واعية, وكل لحظة منقضية خافيَّة. وفي هذا التعريف لا تتناقض الواعية والخافية ما لم تكن الواعية ذاتها مخطئة، ناقصة أو مضطربة. فالخافية هي واعية مختزنة في أعماق وعينا. والخافية الخاطئة، الناتجة عن واعية خاطئة، ظلام وعذاب، وألم سلبي، هو جحيم ضمير نادم.

إذ نتأمل ما نقول، نعلم أن المشكلة قائمة في واعيتنا وليس في خافيتنا، وذلك لأن خافيتنا واعية وليست نفياً للوعي. وهكذا، ندرك أن الخافية لا تتناقض مع الواعية.

نتساءل: كيف نفهم معضلة الواعية؟

أشرت في حديثي إلى الانفعال الذي يطيح بالعقل، وألمعت إلى أن التربية الانفعالية تنشئ واعية منفعلة، أي تفكيراً منفعلاً. ويمكننا أن نشير إلى صحة هذا الكلام، عالمين أن جهابذة مدرسة السلوك وعلم النفس العام أقروا بأن التفكير من وظائف الواعية والواعية تعبِّر عن نفسها بالتفكير.

عندما نتحدث عن الواعية الانفعالية أو المنفعلة، نتحدث، في الوقت ذاته، عن مجموعة الإشراطات التي يعاني منها المرء. وجميعنا يعلم أن ما يدخل إلى وعينا أو لاوعينا منذ الصغر من انفعالات تتمثل في "تربية الأنا" يؤدي إلى تمزيق شخصيتنا وإلى فقد تكامل نفوسنا. وإذا تساءلنا عن المعنى المتضمن في "تربية الأنا" أجبنا: إن الانفعالات العديدة المتجسِّدة بالكبرياء، والطمع، والحسد، والنميمة، والغيبة، والتعصُّب بأنواعه، وضيق الأفق الفكري، والكراهية، والحب الانفعالي، والاستغلال، إلخ، هي مظاهر الأنا–نية، أي "تربية الأنا".

تشير الأنا–نية إلى واعية قلقة، ممزقة، مضطربة، فقدت توازنها. ويشير العقل المنفصل، المضطرب، الذي فقد ترابطه الذاتي في مواجهة ترابط حلقات الوجود المادي، إلى أنه "يحيا" ضمن نطاق واعية منفعلة، مضطربة. لذا نقول: إن الواعية المضطربة – وهي الفكر المضطرب، المشروط بانفعالات عديدة – دليل على عدم تكامل النفس. وهكذا نخلص إلى القول: إن الإنسان الذي يعاني من "تربية الأنا" في واعية انفعالية لا يعرف التكامل النفسي. وقد نتساءل: هل هنالك تربية "لا–انفعالية"، عاطفية في جوهرها، ومُحِبَّة في صميمها، تبدع فينا واعية متكاملة وتوازناً حيوياً ونفسياً؟

يتركز صدق هذه العبارة في العبارة التي أعلنها علماء نفس الأعماق: يتحقق التكامل النفسي في وسط خالٍ من الإشراطات والانفعالات، ممتلئ بالمحبة والتعاطف والمشاركة. ولا شك أن وسطاً من هذا النوع يُعَدُّ النطاق المؤهَّل لاحتواء الإنسان المتوازن في داخله، المتكامل في شخصيته.

تلكم هي النقطة الثالثة في التكامل النفسي.

وبما أن المدرسة التكاملية تنكر وجود تناقض حقيقي (مع اعترافها بوجود تعارض ظاهري) فإنها تقرُّ بتكامل متنامٍ للشخصية الإنسانية وللوجود. على هذا الأساس، وجدنا أن الواعية والخافية تتوافقان دون أن تتناقضا لأنهما واحد في جوهرهما. فكما تكون الواعية كذلك تكون الخافية. إن خافيتي المُحِبَّة أو الواعية هي واعيتي المترعة بطاقة المحبة والوعي المتكاملين.

د. الوعي واللاوعي:
عندما نطرح مفهوم الوعي واللاوعي نجد أن المقولة المطبَّقة على مفهومي الواعية والخافية تُطبَّق أيضاً على مفهومي الوعي واللاوعي. وفاقاً مع هذا الرأي نعلم أن التناقض لا يقوم في صلب الوعي واللاوعي؛ ذلك أن اللاوعي ليس نقيض الوعي، وليس انعداماً أو نفياً له. فاللاوعي هو وعي كامن، يهدأ في سكينة الطاقة الواعية المستغرِقة في ذاتها؛ والوعي هو اللاوعي الذي ينفتح إلى الوجود رويداً ليفهم ذاته. إن وعيي الحالي هو وعيي الذي كان كامناً في كياني على نحو لاوعيٍ بالحاضر، ووعي كامل مستغرق في الوجود.

هنا نتساءل: أين كان وعيي يوم كنت خلية في رحم أمي؟ أين كان وعيي يوم تكوَّنتُ في رحم أمي؟ وهل زاد وعيي أم أنه أخذ ينفتح على ذاته؟ أين كان وعيي يوم كنت طفلاً؟ وأين يكمن وعيي وأنا أحمل ذكريات السنين الخوالي في داخلي؟ وهل أنا كائن واعٍ في مرحلة حياتي الحاضرة؟ وهل أنني أكثر وعياً مما كنت عليه قبلاً؟ وهل أن اللاوعي معيار يقاس بتطور وعيي؟ وهل أن لاوعيي الآن يعني أن الأمر الذي سأعيه فيما بعد غير متحقق في الوقت الحاضر؟ ألا تعني هذه العبارة الأخيرة أن وعيي الكامن، الذي أدعوه لاوعياً، لم ينبثق إلى الوجود لأن الموضوع الذي سيتكوَّن من انبثاقه لم يحضر في واعيتي أو ذاكرتي حتى هذه اللحظة؟ ألا يعني هذا أن وعيي الكامن، أي ما ندعوه لاوعياً، وعي موجود يتطلب التحقيق وفق صور وأشكال الوجود العديدة؟

نستطيع أن نستنتج أن الحياة رحلة تبدأ باللاوعي – وهو الوعي الكامن، المستغرق في غيبوبة النشوة الروحية، والمتأمل ذاته على نحو عميق – وتنتهي بالوعي الذي بدأ يدرك أنه يدرك الموضوع الخارجي، ويتصور، ويتخيل، ويشعر، ويحس، ويحدس، ويجرِّد، ويُشَخْصِن، إلخ.

على هذا الأساس، يكون الحاضر انفتاحاً تدريجياً للاوعي، تماماً كما تُعَدُّ الوردة انفتاحاً تدريجياً للبرعم، وكما تُعَدُّ الرائحة الزكية المنبعثة من الوردة العطرَ الكامن في بذرة شجرة الورد وساقها وبرعمها.

يتطابق الوعي واللاوعي ويتكاملان في وحدة تامة. والحياة، في صميمها، كشف دائم لمعطيات اللاوعي، الوعي الكامن، من خلال ما تُذكِّرنا به أشكال وصور هذه الحياة وموضوعاتها. وإذا كان التذكُّر وعياً يتحقق من خلال ظلال العالم، أدركنا أن المعرفة تذكُّر، وأن الوعي موجود على نحو كامن، هو لاوعي بالأشكال والموضوعات، ووعي بالوجود. وينبثق هذا اللاوعي تدريجياً، على نحو تذكُّر، من الطاقة الكامنة فينا التي تبدأ بوعي ذاتها من خلال الموضوعات الخارجية.

يجدر بنا أن نقول إن مدارس علم نفس عديدة أخطأت في تبيان أن اللاوعي نفي للوعي، وأن الفكر منقسم إلى طبقتين: واعية ولاواعية. وفي رأينا أن مدارس علم النفس تنقسم إلى قسمين: مدارس ألقت بالإنسان في ظلام اللاوعي، ومدارس أخرى رفعت الإنسان إلى نور الوعي. وإذا شئنا تقديم مثالين واضحين لنوعي المدارس قلنا: يجسِّد فرويد المدارس التي شدَّت الإنسان إلى ظلام وعيه، المسمى باللاوعي؛ بينما يمثِّل يونغ المدارس التي رفعت الإنسان إلى نور الوعي.

يُعَدُّ نور الوعي الوعيَ المتنامي، المتكامل، الذي ينشد طاقته الكامنة الواعية والمسماة – خطأً – باللاوعي، لتحقيق مستويات عليا في سلَّم الحقيقة. إذن فالحياة رحلة تنطلق من الوعي الكامن إلى الوعي المنفتح، بحيث إن الغاية من الحياة تتحقق في تشخيص الوعي وتَمَدِّيه (تحوُّله إلى مادة) وتطبيقه في الطبيعة. على هذا الأساس يدعو علم النفس التكاملي إلى تحقيق المزيد من الوعي عن طريق تفتح الوعي الكامن بعد خلاصه من غلافاته المادية العديدة، بحيث إن تجاوز كل غلاف يدعي حرية وانفتاحاً. وبالمثل، أقول إن ظلام الوعي، أو اللاوعي، هو عدم تفتح الطاقة الواعية الكامنة، أو هو تكبيلها بالانفعالات والإشراطات الكثيرة، وإبقاء الطاقة الواعية سجينة هذه الإشراطات. ولا أبالغ إذا قلت إن حكماء الماضي أشاروا إلى حرية يحقِّقها المرء للخلاص من غلافاته العديدة عبر أعمار عديدة، وعبر عمره الحاضر.

في حديثنا عن خلاص المرء من غلافاته العديدة، عبر أعمار عديدة وعبر حياته الحالية، ندرك المعنى الباطني الماثل في كلمة "اللاوعي". فـ"اللاوعي"، في هذا السياق، هو ما نأتي به من حياتنا السابقة؛ هو ما كنا عليه من شعور، وإحساس، وفكر، ومعرفة، إلخ، في عمرنا أو أعمارنا السابقة؛ هو ما نحضره معنا من مكوِّنات شخصيتنا، صالحة كانت أم طالحة، مدرَكة أو غير مدرَكة؛ هو ما يتبطَّن فينا على نحو لاوعي؛ هو ما يجب أن ننعتق منه بفعل حرية هادفة إن كان سيئاً، وما يجب أن نكمله ليزداد تحقيقاً للوعي الكامل الذي أتينا به إلى الوجود الأرضي. وفق هذا المنظور، لا يكون اللاوعي نفياً للوعي، بل وعياً يقتضي المزيد من التحقيق والإفصاح. إنه "لا"–وعي في قياسه إلى الوعي الأفضل، المتسامي إلى مستويات النقاء والشفافية التي ندعوها "الروح". فكما أتى الإنسان إلى الوجود الأرضي نقياً، واعياً – لاواعياً في كمونه –، عليه أن يعود إلى الوجود، بدرجاته الأسمى، نقياً، واعياً، ليعود إلى "اللاوعي" الروحي.

تشير خلاصة حديثنا إلى اللاوعي–الوعي بمفهومه الأكثر تطوراً وسمواً. فإذا كان الوعي نتاج صلة الفكر والموضوع، العقل والمادة – ونعني: إذا كان وعينا يتشكل من انعكاس أشكال وصور المادة في أدمغتنا – كان اللاوعي انعدام وجود الأشكال والصور. إذن فاللاوعي هو الوجود الروحي المحض الذي يحقق ذاته على نحو وعي في العالم المادي الذي ندعوه عالمنا. ولا شك أن فهمنا لهذه الحقيقة يُمِدُّنا بنظرة كونية صافية تجعلنا متكاملين في ذواتنا.

اتمني لكم الفايده مثلما استفدت منه ...






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة