عرض مشاركة واحدة
قديم 26-01-2009, 06:47 PM   رقم المشاركة : 77
!!! الرومـ ^_* ـانسي !!!
Band
 
الصورة الرمزية !!! الرومـ ^_* ـانسي !!!
 






!!! الرومـ ^_* ـانسي !!! غير متصل

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~


















من تتوقعون زارنا قبل أسبوع ؟؟

إنها عائلة اللاعب الشهير ( نوّار ) !

و هل استنتجتم ما سبب الزيارة ؟؟

أجل !

مشروع زواج !







بصراحة أنا فوجئت بشدة ! لم أكن أعتقد أن الأمر سيسير حسبما كانت دانة ترسم ! و لكن يبدو أن هناك أمور أخرى لا أعلم عنها شيئا ...




زيارتهم كانت بعد رحيل وليد بثلاثة أسابيع ...



خلال الأسابيع الثلاثة تلك ، كان الجميع يعيش حالة كآبة و حزن مستمرين



لم تطلع أو تغرب علي شمس دون أن أفكر بوليد ... و بلقائنا الحميم ، ثم نظراته القاسية ، ثم رحيله المفاجئ ...


والدتي أصابها حزن شديد لازمت بسببه الفراش فترة من الزمن ...


أنا أيضا حزنت كثيرا جدا ...


أنا لم أكد أره ... لم أكد أشعر بوجوده ... إنني لا أصدق أنه عاد بالفعل ... لقد كبرت على الاعتقاد بأنه لن يعود ...


و حقيقة ... هو لم يعد ...





" رغد ! ألم تنهي حمّامك بعد ؟؟ "



جاءني صوت دانة من الخارج ، تحثني على الخروج بأقصى سرعة ... كنت لا أزال أمشط شعري القصير المبلل أمام المرآة المغطاة بطبقة من الضباب !



فتحت الباب فانطلق بخار الماء متسربا للخارج ، و وجدت دانة واقفة و ذراعاها مضمومان إلى صدرها ، تنظر إلي بحنق !


" أهو حمام بخاري ؟ هيا اخرجي يكاد ضيوفي يصلون و أنا لم أستعد بعد ! "



سرت ببطء شديد ، متعمدة الإطالة أقصى ما يمكن ... ! دانة تحدق بي بغضب و نفاذ صبر و تصرخ :



" أوه يا لبر ودك ! هيا أخرجي ! "


" لم كل هذا الانفعال !؟ كأنك ستقابلين جلالة الملكة ! "


" أنت لا تفهمين شيئا ! لا يمكنك أن تحسي بمثل أحاسيسي الآن ! لم تجربي ذلك و لن تجربيه ! "



قالت هذا ثم دفعتني قليلا بعيدا عن الباب ، و دخلت الحمام الغارق في البخار و صفعت بالباب بقوة !




ذهبت إلى غرفتي بكسل ... و أخذت أتابع تمشيط شعري المبلل أمام مرآتي ...



هل تحس كل فتاة على وشك مقابلة أهل عريسها بكل هذا التوتر ؟؟


أنهم سيعلنون الموافقة الرسمية و يناقشون شروط العقد هذه الليلة ، و سنقيم حفلة صغيرة بعد أيام لعقد القران ...




دانة أصبحت لا تطاق بسبب توترها و عصبيتها ، لكنها سعيدة ! سعيدة جدا ...



أنا لم أجرب هذا الإحساس ... و لا أعرف كيف يكون ... إنني فقط أعرف أنني مخطوبة لابن عمي سامر لأنني يجب أن أكون مخطوبة له ...
و سأتزوج منه لأنني يجب أن أتزوج منه ...



سامر في الوقت الحالي مسافر إلى مدينة أخرى ، من أجل العمل


موضوع زواجنا تم تأجيل النقاش فيه ، بسبب حضور و رحيل وليد الذي أربك الأجواء ، ثم خطبة دانه التي شغلتنا أواخر الأيام ...




وليد لم يتصل بنا منذ رحيله ، و والدي يحاول جاهدا الاتصال به بطريقة أو بأخرى من أجل إبلاغه عن خطبة دانه و حفلة العقد



مجرد تفكيري بهذا الأمر يشعرني بالسعادة ... فوليد سيأتي و لا شك ... لحضور حفلة شقيقته و المشاركة فيها ...




ألقيت بالمشط جانبا و خرجت من الغرفة في طريقي إلى المطبخ ، و وصلني صوت دانه و هي تغني داخل دورة المياه !



أنا لم أغنِّ عند خطبتي !




حين وصلت ، كانت أمي تتبادل الحديث مع والدي بشأن دانه ... لكنهما توقفا عن الكلام لدى رؤيتي !



" أمي ... ماذا عن وليد ؟؟ "


فهو كان شغلي الشاغل منذ أن رحل ...


بل منذ أن وصل !


أمي و أبي تبادلا نظرة سريعة ، قال والدي بعدها :


" لقد استطعت التحدث إلى سيف ، و أوصيته بزيارة وليد بأقصى ما يمكنه ، و إبلاغه بأنتا ننتظر مكالمة ضرورية منه "


فرحت بذلك ، و قلت تلقائيا :


" إذن سأعتكف عند الهاتف ! "



في ذات اللحظة رن هذا الأخير ، و قفزت مسرعة إليه !



" مرحبا ! هنا منزل شاكر جليل ... من المتحدث ؟ "


كانت ابتسامتي تعلو وجهي ، و حين وصلني صوت الطرف الآخر :


" رغد ! أهذه أنت ؟؟ "


تلاشت الابتسامة بسرعة ، و قلت بشيء من الخيبة :


" نعم ... سامر ، إنها أنا "



و بعد بضع عبارات تبادلناها ، دفعت بالسماعة إلى والدي :


" إنه سامر ... لن يحضر الليلة "


و انصرفت عن المطبخ .

حين سافر سامر ... لم أبك كما بكت أمي ...

و كما بكيت لسفر وليد ...






لم يكن هناك أي هاتف في غرفة نومي ، لذا جلست في غرفة المعيشة قريبة من التلفاز ، و كلما رن هاتف بادرت برفع السماعة قبل أن تنقطع الرنة الأولى !



و في كل مرة أصاب بخيبة أمل ....



لكن ...

لماذا أنا متلهفة جدا للتحدث إليه ؟؟




بعد فترة ، حضر الضيوف المرتقبون ، العريس و والداه و أخته الوحيدة ، صديقة دانه



لو أؤلف كتابا في وصف دانه لسببت أزمة ورق !


سألخص ذلك بقول : كانت غاية في الجمال ، و الخجل ، و اللطف ، و السعادة !





تم الاتفاق على كل شيء ، و تعين تحديد يوم ليلة الخميس المقبلة لعقد القران !




لم أجلس مع ضيفتينا غير دقائق متفرقة ، و تمركزت عند الهاتف في انتظار اتصال من اتصل رجال العالم كلهم ببيتنا سواه !




عند العاشرة و النصف ، استسلمت ...

و ذهبت في اتجاه غرفتي ..

مررت بغرفة دانه ، فوجدتها مشغولة بإزالة المساحيق و الإكسسوارات التي تزين بها شعرها !



" كنت جميلة ! "


نظرت إلي بغرور ، و قالت :


" اعرف ! "


ثم استطردت :


" و سأكون أجمل في الحفلة ! علي أن أذهب للسوق غدا لشراء الحاجيات ! "


" عظيم ! أنا أيضا سأشتري فستانا جديدا و بعض الحلي ! "


ابتسمت دانه بسعادة ، و قالت :

" كم أنا متوترة و قلقة ! ستكون حفلة رائعة "


ثم أضافت ببعض الخبث :


" أروع من حفلتك "


لم أكن في السابق أتضايق كثيرا لتعليق كهذا ، ألا أنني الآن شعرت بالانزعاج ... قلت :



" أنا لم تقم لي حفلة حقيقية ... لم يكن يوما مميزا "


قالت :


" وضعي أنا يختلف ! سأتزوج من أشهر لاعبي الكرة في المنطقة ، و أغناهم أيضا ... شيء مميز جدا ! ... والدي وعدني بليلة لا تنسى ! "




أصابني كلامها بشيء من الخذلان و الحزن ، فأنا لم يعمل والدي لأجلي شيئا يذكر ليلة عقد قراني ... هممت بالانصراف ، توقفت قبل أن أغلق الباب ، و سألت :



" هل سيكون وليد موجودا ؟؟ "


شيء ما برق في عينيها و قالت :


" نعم ، بالتأكيد سيكون موجودا ... لا يمكنه أن يتخلى عني أنا ! "







ذهبت إلى غرفتي و أنا حزينة ...

فوليد لم يتصل

و دانه تسخر مني

و من الطريقة التي تمت خطبتي بها ...

رغم أنها كانت أكثر من أقنعني بأنه لابد لي من الزواج من سامر ...

فهو أقرب الناس إلي ، و هو يحبني كثيرا ، و هو مشوه بشكل يثير نفور

بقية الفتيات ...

و بسببي أنا ...










~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

فيما كنت أسخن بعض الفاصوليا على لهيب الموقد في المطبخ ، حضر صديقي سيف .


لم أكن أتوقع زيارته ،كانت الساعة السادسة مساءا ، لكنني سررت بها



" تفضل ! إنني أعد بعض الفاصوليا ... عشاء مبكر ! ستشاركني فيه "


قلت ذلك و أنا أقوده إلى المطبخ ...


حينما وصل و شم رائحة الفاصوليا قال بمرح :


" تبدو شهية ! سأتناول القليل فقط ، فلدي ضيوف على العشاء هذا المساء "


وضعت مقدارين منها في طبقين صغيرين ، مددت بأحدهما نحو صديقي و قلت :


" جرب طهو ـ أو بالأحرى تسخين يدي ! "


تناول سيف بعضها و استساغ الطعم ... ثم قال :


" لكنها لا تقارن بأطباق والدتي ! يجب أن تشاركنا العشاء الليلة يا وليد "


ابتسمت ابتسامة باهتة ، و لم أعلق ...


" هيا يا وليد ! سأعرفك على زملائي و أصدقائي في العمل "


قلت :


" كلا لا يمكنني ، لدي ارتباطات أخرى "


سيف نظر إلي باستنكار ...


" أية ارتباطات ؟؟! "


ابتسمت و قلت :


" سآخذ الأطفال إلى الملاهي ! فقد وعدتهم بذلك "


سيف كان يحرك الملعقة باتجاه فمه ، فتوقف في منتصف الطريق و قال :


" أي أطفال ؟؟ "


قلت بابتسام و أنا أقلب الفاصوليا في الطبق لتبرد قليلا :


" رغد و دانة و سامر ! سأجعلهم يستمتعون بوقتهم ! "



أعاد سيف الملعقة و ما حوت على الطبق ... و ظل صامتا بضع ثوان ...



" ما بك ؟ ألم يعجبك ؟ "


أعني بذلك الفاصوليا



سيف تنهد ثم قال :


" وليد ... ما الذي تهذي به بربك ؟؟ "


تركت الملعقة تنساب من يدي ، و قد ظهرت علامات الجدية على وجهي الكئيب و قلت :


" أتخيل أمورا تسعدني ... و تملأ فراغي ... "


هز سيف رأسه اعتراضا ، و قال :


" ستصاب بالجنون إن بقيت هكذا يا وليد ! بل إنك أصبت به حتما ... ينبغي أن تراجع طبيبا "



دفعت بالكرسي للوراء و أنا انهض فجأة و استدير موليا سيف ظهري ...
سيف وقف بدوره ، و تابع :


" لا تفعل هذا بنفسك ... أتريد أن تجن ؟؟ "



استدرت إلى سيف ، و قلت :


" ما الفرق ؟ لم يعد ذلك مهم "


" كلا يا وليد ... لا تعتقد أن الدنيا قد انتهت عند هذا الحد ... لا يزال أمامك المستقبل و الحياة "


قاطعته بحدّة و زمجرت قائلا :


" المستقبل ؟؟ نعم المستقبل ... لرجل عاطل عن العمل متخرج من السجن لا يحمل سوى شهادة الثانوية المؤرخة قبل ثمان سنين ! و يخبئ بعض النقود التي استعارها من أبيه في جيب بنطاله ليشتري بها الفاصولياء المعلبة فيسد بها جوعه ... نعم إنه المستقبل "




سيف بدأ يتحدّث بانفعال قائلا :


" تعرف أن فرص العمل في البلد ضئيلة بسبب الحرب ، لكنني سأتدبر الأمر بحيث أتيح الفرصة أمامك للعمل معي ... "


قلت بسرعة :


" معك ؟ أم عندك ؟؟ "



استاء سيف من كلمتي هذه و همّ بالانصراف .


استوقفته و قدمت إليه اعتذاري ...

لقد كان اليأس يقتلني ... و لا شيء يثير اهتمامي في هذه الدنيا ...

قال سيف :


" المزيد من الصبر ... و سترى الخير إن شاء الله "



ثم تقدّم نحوي و قال :


" و الآن ... تعال معي ... فالأشخاص الذين سيتناولون العشاء معنا سيهمك التعرف إليهم "



لكنني رفضت ، لم أشأ أن أظهر أمام رجال الأعمال و أحرج صديقي ، لكوني شخص تافه خرج من السجن قبل أسابيع ...




" كما تشاء ... لكنك ستحضر غدا ! عشاء خاص بنا نحن فقط ! "


أومأت إيجابا ، إكراما لهذا الصديق الوفي ...

قال سيف :


" يا لك من رجل ! لقد أنسيتني ما جئت لأجله ! "

" ما هو ؟؟ "

" تلقيت اتصالا من والدك اليوم ، يريد منك أن تهاتفه للضرورة "




شعرت بقلق ، فلأجل ماذا يريدني والدي ؟؟



" أتعرف ما الأمر ؟؟ "

" لا فكرة لدي ، لكن عليك الاتصال بهم فورا "



و أشار إلى الهاتف المعلق على الجدار ...

قلت :



" الخط مقطوع ! "

" حقا ؟؟ "

" كما كانت الكهرباء و المياه أيضا ! تصور أنني عشت الأيام الأولى بلا نور و لا ماء ! "

ضحك سيف ثم قال :


" معك أنت يمكنني تصور كل شيء ! هل تريد هاتفي المحمول ؟ "

" لا لا ، سأتصل بهم من هاتف عام "



سار سيف نحو الباب مغادرا ، التفت قبل الانصراف و قال :


" موعدنا غدا مساءا ! "

" كما تريد "





و عدت إلى طبقي الفاصوليا التي بردت نوعا ما ، و أفرغتهما في معدتي ...


لم يكن في المنزل أي طعام ، و كنت اشتري المعلبات و التهم منها القدر الذي يبقيني حيا ...






تعمدت عدم الاتصال بأهلي طوال الأسابيع الماضية ، و عشت مع أطيافهم داخل المنزل

حاولت البحث عن عمل و لكن الأمر كان أصعب من أن يتم في غضون بضع أسابيع أو أشهر ...





في ذلك المساء ذهبت إلى أحد المحلات التجارية لشراء بعض الحاجيات ، قبل أن أجري المكالمة الهاتفية .



حين حان دوري للمحاسبة ، أخذ المحاسب يدقق النظر إلي بشكل غريب !

نظرت إليه باستغراب ، فقال :



" ألست وليد شاكر ؟؟ "


فوجئت ، فلم يبد لي وجه المحاسب مألوفا ... قلت :


" بلى ... هل تعرفني ؟؟ "


قال :


" و هل أنساك ! متى خرجت من السجن ؟؟ "



عندما نطق بهذه الجملة أثار اهتمام مجموعة من الزبائن فأخذوا ينظرون باتجاهي ...


شعرت بالحرج ، و تجاهلت السؤال ... فعاد المحاسب يقول :


" ألم تعرفني ؟ لقد كنت ُ زميلا للفتى الذي قتلته ! عمّار "



أخذ الجميع ينظر باتجاهي ، و شعرت بالعرق يسيل على صدغي ...


جاء صوت من مكان ما يقول :


" أ تقول أن المجرم قد خرج من السجن ؟؟ "



تلفت من حولي فرأيت الناس جميعا ينظرون إلي بعيون حمراء ، يقدح الشرر من بعضها ، و ينطلق الازدراء من بعضها الآخر ...


شعرت بجسمي يصغر ... يصغر ... يصغر ... ثم يختفي ...



خرجت من المكان بسرعة ... دون أن آخذ حاجياتي ، و ركبت سيارتي و انطلقت مسرعا تشيعني أنظار الجميع ...



لقد أصبحت ذا سمعة سيئة تشير إلي أصابع الناس بلقب مجرم ...



توقفت عند أحد الهواتف العامة ، و اتصلت بمنزل عائلتي في المدينة الأخرى ...




كانت الساعة حينئذ الحادية عشر ... و رن الهاتف عدة مرات و لم يجب أحد ...



و أنا واقف في مكاني أراقب بعض المارة ، تخيلتهم ينظرون إلي و يتحدثون سرا ...


ربما كانوا يقولون : إنه وليد المجرم !


و مرت مني سيارة شرطة تسير ببطء ...


شعرت برعشة شديدة تسري في جسدي لدى رؤيتها ، كانت النافذة مفتوحة و أطل منها الشرطي و أخذ ينظر باتجاهي


كدت أموت فزعا ... و تخيلته مقبلا نحوي ليقبض علي و يزج بي في السجن من جديد ...


شعور مرعب مفزع ...


ظلت يدي تضغط على أزرار عشوائية ، تتصل ربما بالمريخ أو المشتري ، دون أن أملك القدرة على التحكم بها ... حتى ابتعدت السيارة شيئا فشيئا و استعدت بعض الأمان ...


أعدت الاتصال بمنزل عائلتي و بعد ثلاث رنات أو أربع ، أجاب الطرف الآخر ...


" نعم ؟ "



لم أميز الصوت في البداية ، لكنه عندما كرر الكلمة أدركت أنها كانت رغد ...


" نعم ؟ من المتحدث ؟؟ "



كان فكي الأسفل لا يزال يرتجف أثر رؤية سيارة الشرطة ... و ربما سمعت رغد صوت اصطكاك أسناني بعضها ببعض ...


قربت السماعة من فمي أكثر ، و بيدي الأخرى أمسكت بفكي و طرف السماعة كمن يخشى تسرب صوته للخارج ...

ربما سمع رجال الشرطة صوتي و عادوا إلي !

قلت :


" أنا وليد "


لم أسمع أي صوت فظننت أن الطرف الآخر قد أقفل السماعة ، قلت :



" رغد ألا زلت معي ؟؟ "

" نعم "


ارتحت كثيرا لسماع صوتها


أو ربما ... تعذبت كثيرا ...




" وليد كيف حالك ؟ "

" أنا بخير ، ماذا عنكم ؟ "

" بخير . كنت أنتظرك ، أقصد كنا ننتظر اتصالك "


قلت بقلق :



" ما الأمر ؟؟ "


رغد قالت :


" لقد نام الجميع ، والدي يريد التحدث معك ، يجب أن تحضر "


أقلقني حديثها أكثر ، سألت :


" ما الخطب ؟؟ "

" إنه موضوع زواج دانه ! لن أخبرك بالتفاصيل و إلا وبختني ! يجب أن تحضر قبل مساء الأربعاء المقبل "





كان أمرا فاجأني ، و هو أكبر من أن أناقشه مع رغد و رغد بالذات على الهاتف في مثل هذا الوقت ... و المكان ...



لذا اختصرت المكالمة بنية الاتصال نهار اليوم التالي لمعرفة التفاصيل ...





" حسنا ، سأتصل غدا ... إلى اللقاء "

" وليد ... "





حينما سمعت اسمي على لسانها ارتجف فكي أكثر مما كان عند رؤية سيارة الشرطة ....


خرجت الكلمة التالية مبعثرة الحروف ...


" نـ ... ـعم ... صـ ... ـغيـ ... ـرتي ؟؟ "

" عد بسرعة ! "




و التي عادت بسرعة هي ذكريات الماضي ...

و الذي طردها بسرعة هو أنا

لم أكن أريد لشيء قد مات أن يعود للحياة ...


قلت :


" سأرى ، وداعا "



و بسرعة أيضا أغلقت السماعة ...


كم شعرت بقربها ... و بعدها ...






حينما عدت إلى المنزل ، وقفت مطولا أمام غرفة رغد أحدق ببابها ... حتى هذه اللحظة لم أجرؤ على فتحها هي بالذات من بين جميع غرف المنزل الموحش ...





دخلت إلى غرفتي الغارقة في الظلام ، و تمددت على سريري بهدوء ...


( عد بسرعة ... عد بسرعة ... عد بسرعة ... )



ظلت تدور برأسي حتى حفرت فيه خندقا عميقا !







سمعت طرقا على الباب ... طرقا خفيفا ... جلست بسرعة و ركزت نظري ناحية الباب ... كان الظلام شديدا ...


شيئا فشيئا بدأ الباب ينفتح ... و تتسلل خيوط الضوء للداخل

و عند الفتحة المتزايدة الحجم ، ظهرت رغد !

رغد وقفت تنظر إلي و وجهها عابس ... و الدموع منحدرة على خديها الناعمين ...


هتفت ...


" رغد ! "


بدأت تسير نحوي بخطى صغيرة حزينة ... مددت ذراعي و ناديتها :


" رغد تعالي ... "

لكنها توقفت ... و قالت :

" وليد ... عد بسرعة "



ثم استدارت عائدة من حيث أتت


جن جنوني و أنا أراها تغادر


قفزت عن سريري و ركضت باتجاهها و أنا أهتف :


" رغد انتظري ...

رغد لقد عدت ...

رغد لا تذهبي "




لكنني عندما وصلت إلى الباب كانت قد اختفت ...

أسرعت إلى غرفتها أطرق بابها بعنف ...

كدت أكسره ، أو أكسر عظامي ... لكنه ظل موصدا ...

كما هي أبواب الدنيا كلها أمام وجهي ...

أفقت من النوم مذعورا ، فوجدت الغرفة تسبح في الظلام و الباب مغلق ...

لم يكن غير كابوس من الكوابيس التي تطاردني منذ سنين ...



و رغم انها تعذبني ، ألا أنها تمنحني الفرصة لرؤية صغيرتي التي حرمت منها منذ سنين ... و لم يعد لها وجدود ...





في اليوم التالي ، اتصلت بوالدي و عرفت منه تفاصيل الموضوع ... و لكم أن تتصوروا اللهفة التي كان هو و أمي و دانة أيضا ... يخاطبوني بها




أختي الصغيرة ... التي كبرت بعيدا عن أنظاري و رعايتي و اهتمامي ، أصبحت عروسا



" وليد يجب أن تحضر و تجلب لي هدية أيضا ! "




و الآن ... و بعد مرور شهر واحد من هروبي منهم ، و عزلتي في المنزل، صار علي أن أعود إليهم من جديد ... أجر أذيال الخيبة و الفشل ...







في المساء ، ذهبت لسيف و أخبرته بما جد من أمري ، و أخبرني بأنه استطاع تدبير وظيفة لي في الشركة التي يعمل فيها و يملك جزءا منها



و بدأ أول أبواب الدنيا ينفتح أمامي أخيرا ...




" يجب أن تعود بأسرع ما يمكن لتباشر العمل "

















...يتبع...