عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2002, 10:32 AM   رقم المشاركة : 1
متأمل
(ود مميز)
 





متأمل غير متصل

لحظة وداااااااااااااااااااااااااااااااع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد :

رحلة وداع حدثت معي أنا شخصياً ...
متى ؟ قبل ثلاث سنوات تقريبا..

هذه الرحلة لن أنساها .. وكيف أنساها وقد ودعت فيها من أحب ؟

هي ليست قصة فحسب .. هي فاجعة بالنسبة لي .. ومن معي ..

قد اكتب لكم هذه الكلمات وعيناي تذرفان الدموع .. لأني لا أكتب حروفا .. بل أكتب أشجانا .. ولا أريد أن أطيل عليكم فإليكم قصتي ..

ذهبنا مع رفقة يتجاوز عددهم العشرين على متن حافلة .. متجهين .. لمدينة تبعد عنا مئات الكيلو مترات .. لقضاء أيام معدودة .. بهدف الترويح والاستجمام ..
جمعتنا قرابة .. فنحن أبناء عم من عدة عوائل ..
رافقنا الكبير والصغير .. ورافقنا بعض الآباء ومعهم أبناءهم ..

ذهب يومنا الأول نصفه بالطريق ونصفه الآخر في منتزه بتلك المدينة
.. وقضينا تلك الليلة على أحسن حال ..
وفي الغد .. بدأنا يومنا بانتظام ... وشارك الجميع بالمسابقات والأشعار
وغيرها من البرامج وفي اللية الثانية .. كل شيء مضى بشكل طبيعي وجميل .. ونام الجميع على أحسن حال ..
فلما أتى الصباح ... وليت الصباح تخلى قليلا .. فلم يطلع ..

قمت أنا على صوت أحد الأشخاص وهو يوقظ الجميع للاستعداد للصلاة كالعادة ..
ذهبت أنا لأتوضأ ... لاحظت بعض الأصوات الغريبة ..
منها ما زال في ذاكرتي ( هات السيارة ... ) يريدون بذلك السيارة القريبة من مخيمنا .. لأن الباص أو الحافلة لاتصلح للمشاوير السريعة ..
المهم .. رأيت الشباب مجتمعين في مكان .. فقلت في نفسي في الأمر شيء .. فذهبت إليهم ورأيتهم يحملون أحد الأحبة .. متجهين به إلى السيارة فساعدتهم وأنا لاأعلم ماذا حصل ولكني علمت أنهم ذاهبين إلى المستشفى ..
وعند حملي لذلك الشخص تحسست رجليه فوجدتها عليها حرارة فقلت لعله تشنجا أو ما إلى ذلك ...
المهم أغلب الشباب لا يعلمون شيئا عن ذلك لأنهم نائمون ..
صحى الجميع وأذن مؤذننا بصوت حزين جدااا بل لايكاد يكمل أذانه ..
ولكنه يصبر نفسه حتى لا يسأله أحد .. وخاصة أن ابن الشخص المحمول إلى السيارة لايعلم شيئا وابنه هذا لايتجاوز 15 سنة
وشخصنا هذا المحمول تقريبا عمره 40 سنة ..
المهم صلينا الفجر ... وانتظرنا قليلا لعله يأتينا خبر مفرح عن أخينا المريض ..
مللنا الانتظار .. حملنا أغراضنا جميعها وذلك استعدادا للرحيل ..
وكلنا يدعو بأن يلطف الله ...

ذهبنا سويا على تلك الحافلة .. ووقفنا لدى باب المستشفى ..

الكل ينظر إلى الآخر .. تغيرت أوجه الشباب .. فليست هذه نفسياتهم ... وابنه الصغير لايعلم مابنا ...
قلنا له بعد ذلك أن أباك بالمستشفى لديه تعب بسيط .. فتقبل الأمر ببساطة ...
انتظرنا .. سألنا ... اتصلنا ... لاجواب ...

وفي أثناء انتظارنا .. وكنت أنا جالس ومتكئ على جدار بجانب الحافلة .
مر بجانبي أحد الإخوة .. وفي عينيه هم عظيم .. وقد ترجمت عيناه لي قبل شفتيه .. ماذا حصل ...
فقال لي : وبكل حسرة .. إنها النهاية ..
فقلت لاحول و لا قوة إلا بالله ... مالذي حصل ؟ قال : مات ‍‍‍‍‍‍!!!!
لم يمر بي موقفا كهذا ...
الموت شيء أسمع به ولكني لم أعلم أنه بهذه السهولة ..
خطف أحد أعزائنا .. خطفه بدون إشعار .. بدون مقدمات ..
ذلك الرجل الصالح .. لم نعلم عليه إلا خيرا ..
ذهب وترك في لسان ابنه ألف سؤال ..
ذهب أخونا من بين أيدينا في تلك الرحلة بدون أن نشعر أو نحس فأحدث في قلوبنا غصة عظيمة .. لا أقدر أن اصفها ..
............... إخوتي إن هذا الموت حق لا يعرف صغيرا أو كبيرا .. لايمهل إنسان سواء حال سفره أو حظره ... يأتي كل واحد .. يفرق الجماعات .. يهدم اللذات ...
مهما تكلمت عن الموت فلن أستطيع أن أصفه لأنه عظيم ....
لقد سردت قصتي عليكم لا لشيء إنما لأخذ العبرة منها وللعمل قبل مفاجأة الموت ...

ورحم الله أخينا فلقد كان نعم الأخ الصالح ..
كان يحب الخير .. يدافع عن الحق .. كان شهما ... كريما .. يحبه الكبير والصغير ..


فهذه الدنيا حقيرة .. وصفها رسولنا صلى الله عليه وسلم بظل الشجرة للمسافرين .. لكننا نعيش فيها وكأننا مخلدين ..
نسينا أن هناك من يطلبنا ..
الموت باب وكل الناس داخله *** فليت شعري بعد الموت مالدار
الدار جنة عدن إن عملت بما *** يرضي الإله وإن خالفت فالنار
هما طريقان ماللمرء غيرهما *** فانظر لنفسك ماذا أنت تختار

======
وإذا مات الانسان انتهى كل شيء بالنسبة له وقامت قيامته ..
لكن يبقى عمله الصالح ,, من ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ..
أما الناس فسوف ينسون هذا الشخص بعد مدة بسيطة ...
وهذه سنة الحياة ...
كل إنسان أتى من بطن أمه لوحده ، وسوف يذهب لقبره لوحده ، ويبعث لوحده ..
فلا تغتر أخي بصحتك أو بمالك أو شبابك ..
ولا تكن من المضيعين لأوقاتهم .. وكن حذرا أن يفاجئك الموت وأنت تمارس معصية ..

اللهم ارحم موتانا ، اللهم اغفر لهم وتجاوز عنه . واغفر لنا إذا صرنا إلى ماصاروا إليه ، تحت التراب وحدنا ...

وأشكر كل من قرأ قصتي هذه ، وأرجو من العلي الكريم أن يحسن ختامكم جميعا ..



أخوكم
متأمل

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة