عرض مشاركة واحدة
قديم 15-10-2011, 07:49 PM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة








الحمد لله الكبير المُتعال، أحمدُه على جزيلِ النوالِي وكريمِ الإفضال،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدَّس عن الأنداد والأضداد والأمثال،
وأشهد أن نبيَّنا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله كريمُ الخِصال وشريفُ الخِلال،
صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيرِ صحبٍ وأكرمِ آلٍ.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله - عز وجل -؛ فبالتقوى تحصُلُ البركة وتندفِعُ الهلَكَة، إن العاقبةَ للمُتقين.
أيها المسلمون:
ورأى إبراهيمُ في منامه رُؤيا - ورُؤيا الأنبياء حقٌّ -، محنةٌ تدُكُّ الجِبال، وتُثقِلُ الرجال،
شيخٌ كبيرٌ جالدَ الأيام، وأحنَته الأحداثُ الجِسام، يُؤمَرُ بذبحِ ولدِه،
وفرْيِ أوداجِ فِلذَة كبدِه وإنهار دمه بيده.
أيُّ نفسٍ تُطيقُ هذا البلاء، وأيُّ قلبٍ يقوَى هذا العناء؟!
ودخل إسماعيلُ ليقُصَّ عليه أبوه رُؤياه، ويُخبِره بمِحنته وبَلواه: {يا بني .. ترى}،
فيقول إسماعيلُ - طائعًا لربِّه ومُلبِّيًا، صابِرًا ومُؤدِّيًا، مُنقادًا وراضِيًا -:{يا أبت .. الصابرين}.
{فلما أسلَما وتلَّه للجبين} طاوَعَه الابنُ الصالحُ بالتمكين،
وكان لأبيه خيرَ مُعين {يا أبت .. الصابرين}.
فلما أمرَّ على حلقه بالسكِّين ناداه أرحمُ الراحمين: {يا إبراهيم .. المبين} وفَداهُ ربُّه بذِبحٍ عظيم،
وخلَّصَه بكبشٍ لَحيم؛ ليُعلَمَ أن البلاء ليس للتعذيب، ولكنه للتمحيصِ والتهذيب.
فحينَ تعلَّقَت شُعبةٌ من قلب إبراهيم بمحبة إسماعيل، وقد اتخذَ الله إبراهيم خليلاً، ُمِر بذبح المحبوب،
فلما شرعَ في ذبحِه دلَّ على أن محبةَ الله أعظمُ عنده من محبة ولده نفسه،
فخلَصَت الخُلَّةُ من شوائب المُشارَكة، ولم يبقَ في الذبحِ مصلحة.
فأين من هامَ قلبُه، وتشتَّتَت نفسُه في العِشقِ والوَلَه، والعلَقِ والسَّفَه، والهوى والعَلَه،
فيومًا بالعُذَيبِي ويومًا بالخُليصَاء، وتارةً ينتحِي نجدًا وآونةً شِعبَ العقيق وطورًا قصر تيماء،
حبٌّ لغير الله، وخُلَّةٌ لم تُؤسَّس على تقواه، موطئٌ زلَق، ومسلَكٌ خطِر، وخِزايةٌ لا تَبلَى،
ومسبَّةٌ لا تفنَى، ومعابَةٌ لا تُنسَى.
ولا يجتمعُ حبُّ الرب الأعلى بحبِّ المعشوقِ أبدًا:
{والذين آمنوا أشد حبا لله}، {الأخلاء .. المتقين}.
فيا لها من موعظةٍ فأين السامِع؟ ويا لها من تذكرةٍ فأين التائبُ الراجِع؟
ويا لها من مُوقِظة فأين النادِمُ الخاشِع؟!
يُؤمَرُ الخليلُ بذبحِ ولده، فيُباشِرُ الذبحَ بيده، وتستكبِرُ نفوسٌ على الشرع الحكيم،
وتستنكِفُ أن تلِينَ وتستكينُ لأحكام الدين.
فويلٌ للمُستنكفين المُستكبِرين، الرافضين للحق، المُضلِّي للخلق،
يوم يُحشَرون صاغِرين حقِيرين ذليلين، {يومئذ يوفيهم .. المبين}.
أيها المسلمون:
ومضَت سنةُ الأضاحِي علَمًا للملَّة الإبراهيمية، وسنةً في الشريعة المُحمَّدية،
تُذكِّرُ بالتضحية والفداء، والصدقِ والوفاء، والصبر والثبات عند المِحنة والبلاء،
وحُسن الاستجابةِ لله في السرَّاء والضرَّاء.
مضَت قصةُ إبراهيم وهاجر وإسماعيل تُبينُ بأن الإسلام ليس بمحضِ التسمِّي والانتماء،
ولا بمحضِ الانتِساب والادِّعاء، ولكنه إيمانٌ راسخ، يقينٌ صادق، علامتُه الخُضوع
والانقياد الذي لا يصُدُّ عنه صادٌّ، ولا يردُّ عنه رادٌ، ولا يحمِلُ على تركه مُضاد.
مضَت قصةُ الابتلاء العظيم تُذكِّرُ أمةَ الإسلام وهي تُعالِجُ أمواجَ البلاء بأنه لا حُجَّةَ في الزيغِ
عن منهاجِ الاستقامة، ولا شُبهة للحِياد عن وجه الحق، ولا تعلُّل للتعالِي عن واضح المحجَّة،
ولا معاذِيرَ في المُلايَنَة على حساب العقيدة والدين.
فسلامٌ على أبي الأنبياء، وسلامٌ على إمام الحُنفاء، {سلام على إبراهيم}.
عباد الله:
إن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسه، وأيَّه بكم - أيها المؤمنون -
من جنِّه وإنسِه، فقال قولاً كريمًا: {إن الله .. تسليما}.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة،
أصحاب السنة المُتَّبَعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين،
والتابعين لهم وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وجُودك
وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين،
وأذِلَّ الشركَ والمشركين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وانصر عبادك المُوحِّدين،
ودمِّر الطغاة والبُغاة والمُعتدين، ودمِّر الطغاة والبُغاة والمُعتدين يا رب العالمين.
اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها، وعِزَّها واستقرارها،
ووفِّق قادتَها لما فيه عِزُّ الإسلام وصلاحُ المسلمين.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى،
وخُذ بناصيتِه للبرِّ والتقوى، ومُنَّ عليه بالصحة والعافية والشفاء يا رب العالمين.
اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانه وأعوانه لما فيه صلاحُ العباد والبلاد يا رب العالمين.
اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود، اللهم طهِّر المسجد الأقصى من رِجس يهود،
اللهم عليك باليهود الغاصبين، والصهاينة الغادرين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزونَك،
اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تُحقِّق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرةً وآيةً.
اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان،
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في اليمن والشام، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في اليمن والشام،
اللهم احقِن دماءَهم، وصُن أعراضَهم، واحفَظ أموالَهم وأمنَهم واستقرارَهم يا كريم يا رب العالمين.
اللهم ارفع الفتنَ والشرورَ والحروبَ عن بلاد المسلمين،
اللهم ارفع الفتنَ والشرورَ والحروبَ عن بلاد المسلمين يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تُشمِت بنا أحدًا، ولا تجعل لكافرٍ علينا يدًا.
اللهم اشف مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحم موتانا،
وانصرنا على من عادانا يا رب العالمين.
اللهم يا حيُّ يا قيُّوم اللهم احفَظ حُجَّاج بيتك الحرام،
اللهم واحفَظ زُوَّار مسجد رسولك - صلى الله عليه وسلم -، اللهم احفَظهم بحفظِك،
واكلأهُم برعايتِك وعنايتِك يا كريم.
اللهم من أرادَنا وأرادَ بلادَنا وأرادَ المسلمين بسوءٍ اللهم فأشغِله بنفسه، واجعل كيدَه في نحره،
واجعل تدبيرَه تدميرَه يا رب العالمين، اللهم اكشِف أمرَه، واهتِك سِترَه،
واجعله عِبرة يا رب العالمين يا قويُّ يا عزيز.
عباد الله:
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
النحل: 90].
فاذكروا الله العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم،
ولذكرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة