عرض مشاركة واحدة
قديم 13-09-2012, 05:07 AM   رقم المشاركة : 53
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

كتاب الاعتصام :
من أعظم ما ألف هذا الإمام كتابيه (الموافقات) في أصول الشريعة، و(الاعتصام) في لزوم السنة والتحذير من البدع، وقد كان طرحه في الكتابين طرحاً لم يسبق إليه، فقد قيل: إنه أول من تكلم في مقاصد الشريعة كعلم مستقل، وذلك في كتاب الموافقات، وأول من قعّد علم أصول معرفة البدع في كتاب الاعتصام.
لماذا اخترنا كتاب الاعتصام ليكون هو مادة دراستنا ؟
من المتفق عليه عند علماء الاجتماع والسياسة والمؤرخون من الأمم المختلفة غير العرب ومن غير المسلمين على أن العرب لم يكن لهم قيمة ولا وزن، وما نهضوا هذه النهضة التي حيرت العالم في وقتهم من النهضة العلمية والعمرانية والجهادية والأخلاقية وغيرها إلا بتأثير الدين فيهم وهو الإسلام، وما كان يمكن أن يجمع ذلك التفرق والتشتت والقتال بينهم لأتفه الأسباب إلا بالدين، وما أصلح شؤونهم الداخلية والخارجية إلا الإسلام.
وأيضاً من المتفق عليه عند المسلمين وغيرهم وأمر مشاهد للعيان أنه حصل ضعف شديد للمسلمين بعد قوة، وحصل لهم ذل بعد عز، وفقر بعد غنى، وخور وخوف بعد شدة وبأس، وصاروا يطلبون من غيرهم أن يدافع عنهم، في حين أن قوى الأرض كلها كانت في أيديهم، وذهب ملكهم وصاروا دولاً ضعيفة متفرقة، فما سبب ذلك؟
العلمانيون والحداثيون وأصحاب الأقلام المريضة ينسبون هذا الضعف والذل الآن إلى الدين، ويقولون: لنلحق بركب أوربا، إذا أردنا الحضارة فلننبذ ديننا كما نبذت أوربا دينها.
وهذا الكلام فاسد عقلاً وشرعاً ومنطقاً لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يكون السبب الواحد هو سبب إصلاح وفساد في وقت واحد، وكما قالوا العلة الواحدة لا يصدر عنها معلولات متناقضة، فكيف يكون الدين سبب لإصلاح من سلف،
وهو سبب في إفساد من خلف؟
هذا لا يمكن، إذن فلنبحث عن سبب آخر غير السبب الذي أصلح الأول، فالسبب في سوء من خلف وما أحدثه من بدع ومحدثات في دينه وخلقه وسلوكه وعاداته هي التي فرقت الجماعة، ومزقت الكلمة، وزحزحت عن الصراط المستقيم، وكانت السبب في واقع الأمة اليوم.
من أجل ذلك كان تحرير مسائل البدع والابتداع من أهم ما ينفع المسلمين في أمر دينهم ودنياهم، ويكون أعظم عون للدعاة والمصلحين في هداية الخلق بإذن الله .
وقد كتب كثير من العلماء في البدع، وكان أكثر ما كتبوا في الترهيب والتنفير منها والرد على المبتدعين، وما رأينا أحداً هدُي إلى ما هدي إليه الشاطبي من البحث العلمي الأصولي في هذا الموضوع، وتقسيمه إلى أبواب يدخل في كل باب منها فصول كثيرة، وهذا هو جواب السؤال الثاني.
فقال
الباب الأول: في تعريف البدع ومعناها.
الثاني: في ذم البدع وسوء منقلب أهلها.
الثالث: في أن ذم البدع عام وفيه الكلام على شبه المبتدعة، ومن جعل البدع حسنة وسيئة.
الرابع: في مأخذ أهل البدع في الاستدلال.
الخامس: في البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينهما.
السادس: في أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة.
السابع: في الابتداع هل يخص العبادات أن تدخل فيه العادات.
الثامن: في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان.
التاسع: في السبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين.
العاشر: في بيان معنى الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه المبتدعة.
قال محمد رشيد رضا -رحمه الله- في مقدمة تحقيقه لهذا الكتاب: "لولا أن هذا الكتاب ألف في عصر ضعف العلم والدين في المسلمين لكان مبدأ نهضة جديدة لإحياء السنة، وإصلاح شئون الأخلاق والاجتماع، ولكان المصنف بهذا الكتاب وبصنوه كتاب الموافقات الذي لم يسبق إلى مثله سابق أيضاً من أعظم المجددين في الإسلام.
ولشيخ الإسلام كلام متين ونفيس في البدع، ووضع قواعد وأصول وأحكام لها، لكن كلام شيخ الإسلام لم يجمعه كتاب واحد، فكلامه متفرق في عشرات من كتبه، ولو قام أحد العلماء أو طلاب العلم بجمع كلام ابن تيمية من متفرق كلامه، لكان هذا عملاً جباراً يشكر عليه.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس