ولأضرب لكم مثلاً من عصرنا الحاضر :
يتقدم طالبان لامتحان القبول لمعهد العلوم المصرفية !
ينجح الأول في امتحان القبول وبتفوق ، ويعود لأهله يُبشرهم بهذا " النجاح " ،
بينما لم يحقق الثاني درجة القبول ، فيرجع لأهله ليلقى اللوم والتقريع
على تقصيره في الاستعداد للإمتحان بمزيد من الدراسة والمذاكرة ،
رغم أنه بذل أقصى ما بوسعه! ..
ولأنه في نظر من حوله ، ونظره هو أيضاً " فاشل "
فقد إصيب بالإحباط ، وانزوى في بيته يتجرع كؤوس الندم .
الأول يصبح رئيس بنك ربوي عظيم ذو شأن .. بمرتب كبير ،
مكنه من اختيار زوجة جميلة من أسرة عصرية، وعاش حياة مرفهة .
وأما الثاني فما وجد أمامه سوى أن يتعلم مهنة بسيطة عند أحد الصناع ..
فاكتسب منه خبرة ومهارة أهلته ليفتح ورشة منفصلة بعد سنوات .
حقق منها دخلاً مناسباً ليبني أسرة ناجحة .. وعاش حياته برضى وقناعة
ومع مرور السنوات أصبح مالكاً لأكبر الشركات التجارية والمقاولات الإنشائية
في رأيكم .. من هو " الفاشل " و من هو " الناجح " !؟
هل هو الأول ، الذي جنى أموالاً ربوية كنزها و سيحاسب عن مدخله ومخرجها ؟
أم هو الثاني ، الذي رُزق رزقاً حلالاً طيباً من كدّه وعرقه ،
وصرفها في إسعاد أهل بيته ؟!
لو كنت مكان الأول ، لتمنيت لو أني لم أنجح في امتحان القبول ..
و لو كنت مكان الثاني " الفاشل
" لحمدت ربي على عدم توفيقي في الإمتحان ، .. " فشلي "
إن ما يحدث لنا ، إنما هو ابتلاءات من الله ،
أو استدراج لمن اختار طريق الغواية ودروب الشيطان .
قد يحدث أن تسير على طريق شائك حافي القدمين ،
وبدون انتباه تدخل شوكة في باطن قدمك ، قل الحمد لله ..
فما أصابك من ألم ٍ فيه خير لك ، فقد كفـّر الله بها خطاياك ،
وأثابك على ألم الشوكة ... أفلا تقول الحمد لله ؟
تتقدم لطلب وظيفة فتـُرفض ويُـقبل غيرك رغم استحقاقك لها ، قل الحمد لله ..
فعمل ٌ أفضل منه ينتظرك ، وهو أصلح لك من الأول . وقد يكون رئيسك
فيه أطيب خلقاً ، أو تجد فيه صحبة طيبة ، أو يكون محل العمل أكثر قرباً
لمسكنك فتكسب الوقت لقضاء عبادة تنفعك في الآخرة ... أفلا تقول الحمد لله ؟
تتقدم لخطبة إحدى النساء اللواتي تحلم بالزواج منها ،
فتعترض أمورك عوائق ، قل الحمد لله ...
فزوجتك الصالحة تتنظرك ، لتلد لك أبناءاً أصحاء ،
ربما ما كانت الأولى ستلد لك مثلهم ! .. أفلا تقول الحمد لله ؟
تعزم على السفر لقضاء مهام أو عقد صفقة تجلب لك المال والسمعة
والوجاهة ، ولكنك تفوّت موعد الطائرة ، فتـفقد صفقتك .. قل الحمد لله ..
فربما خسرت صفقة تجلب لك مالاً ، ولكن ربما كسبت مقابلها فرضاً
للصلاة صليته في مسجدك وخشعت له جوارحك وبكت له عيناك ، فكسبت
مغفرة ورحمة من الله تضفي عليك سعادة لم يذقها أحد ٌ من قبلك من
ذوي الصفقات اللاهثين خلف جمع المال ! .. أفلا تقول الحمد لله ؟
لا تقل " فشلت " ..
بل قل .. " لم يوفقني الله في هذا الأمر ولعل توفيقي في امر آخر" ..
والحمد لله على كل حال
لا تقل " أنا فاشل " ..
بل قل ... " أنا متوكل " .. وخذ بالأسباب .
وقل الحمد لله على ما قدّر لي مسبّب الأسباب
لا تقل " أنا لاأملك شيئاً " ..
بل قل .. " الله ربي ادخر لي من الخير ما لا أعلمه " ..
والحمد لله يرزق من يشاء بغير حساب
لا تقل " أنا لاشيئ " ..
بل .. أنت شيئ .. كما أنا شيئ .. والآخر شيئ
فاطلب ربك أن يدخلك في رحمته التي وسعت كل شيئ .وأنت شيئ ..
أنت في نظري كل شيئ