عرض مشاركة واحدة
قديم 08-01-2013, 01:28 AM   رقم المشاركة : 10
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور



الهدى قرين الرحمة والضلال قرين الشقاء
وكما يقرن سبحانه بين الهدى والتقى والضلال والغي، فكذلك يقرن بين الهدى والرحمة والضلال والشقاء ، فمن الأول قوله ‏:‏

‏ «‏أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون‏» ‏ البقرة ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 5،

وقال ‏:‏ ‏ «‏أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون‏» ‏ البقرة ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 157‏.

وقال عن المؤمنين‏:‏ ‏ «‏ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب‏» ‏ آل عمران ‏:‏ الآية رقم ‏:‏8‏،

وقال أهل الكهف‏:‏ ‏ «‏ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا‏» ‏ الكهف‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 10‏،

وقال ‏:‏ ‏ «‏لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون‏» ‏ سورة يوسف ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 111‏،

وقال ‏:‏ ‏ «‏ وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون‏» ‏ النحل ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 64‏‏

وقال‏:‏ ‏ «‏ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين‏» ‏ النحل‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 89‏،

وقال ‏:‏ ‏ «‏يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ورحمة للمؤمنين‏» ‏ يونس ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 57‏،

ثم أعاد سبحانه ذكرهما فقال ‏:‏ ‏ «‏قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا‏» ‏ يونس ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 58‏.

وقد تنوعت عبارات السلف في تفسير الفضل والرحمة ، والصحيح أنهما الهدى والنعمة ، ففضله هداه ، ورحمته نعمته ، ولذلك يقرن بين الهدى والنعمة

كقوله في سورة الفاتحة‏:‏ ‏ «‏اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم‏» ‏ الفاتحة‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 6.
ومن ذلك قوله لنبيه يذكره بنعمه عليه‏:‏«‏ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى، ووجدك عائلا فأغنى‏» ‏ الضحى ‏:‏ الآية رقم ‏:‏‏‏6، 7، 8‏‏فجمع له بين هدايته له وإنعامه عليه بإيوائه و إغنائه‏.‏

ومن ذلك قول نوح‏:‏ ‏ «‏يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده‏» ‏ هود ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 28‏، ‏:

وقول شعيب ‏:‏ ‏ «‏ أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا» ‏ هود ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 88‏،

وقال عن الخضر‏:‏ ‏ «‏فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما‏» ‏ الكهف ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 65‏،

وقال لرسوله‏:‏ ‏ «‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما، وينصرك الله نصرا عزيزا‏» ‏ الفتح ‏:‏ الآية رقم :‏1، 2، 3‏‏ ،

وقال ‏:‏ ‏ «‏وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما‏» ‏ النساء ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 113‏،

وقال ‏ «‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا‏» ‏ النور ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 21‏، ففضله هدايته ورحمته إنعامه وإحسانه إليهم وبره بهم‏.‏

وقال ‏:‏ ‏ «‏فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى‏» ‏ طه ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 123‏، والهدى منعة من الضلال، والرحمة منعة من الشقاء ،

وهذا هو الذي ذكره في أول السورة في قوله‏:‏ ‏ «‏طه ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى‏» ‏ طه ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 1‏، فجمع له بين إنزال القرآن عليه ونفي الشقاء عنه،

كما قال في آخرها في حق أتباعه‏:‏ ‏ «‏فلا يضل ولا يشقى» ‏‏.

فالهدى والفضل والنعمة والرحمة متلازمان لا ينفك بعضهما عن بعض ، كما أن الضلال والشقاء متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر،
قال تعالى‏:‏‏ «‏إن المجرمين في ضلال وسعر‏» ‏ القمر ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 47‏،

والسعر‏:‏ جمع سعير ، وهو العذاب الذي هو غاية الشقاء ،

وقال تعالى‏:‏ ‏ «‏ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون‏» ‏ الأعراف ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 179‏،

وقال تعالى عنهم‏:‏ ‏ «‏وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير‏» ‏ الملك ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 10.

ومن هذا أنه سبحانه يجمع بين الهدى وانشراح الصدر والحياة الطيبة وبين الضلال وضيق الصدر والمعيشة والضنك ،

قال تعالى ‏:‏ ‏ «‏فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا‏» ‏ الأنعام ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 125‏‏

وقال ‏:‏ ‏ «‏أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه‏» ‏ الزمر ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 22‏، وكذلك يجمع بين الهدى والإنابة وبين الضلال وقسوة القلب ،

قال تعالى‏:‏ ‏ «‏الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب‏» ‏ الشورى ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 13‏، وقال تعالى ‏:‏ ‏ «‏فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين‏» ‏ الزمر ‏:‏ الآية رقم ‏:‏ 22.

الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس