عرض مشاركة واحدة
قديم 13-01-2013, 05:55 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور



شخصية عجيبة تلك..
شخصية لا تخاف في الله لومة لائم..
إنه يعيش حياته ولكن عينيه علي الآخرة.. إنه لا يريد شيئا من دنيا فانية سرعان ما تنتهي، ولكنه يريد ما عند الله من ثواب خالد خلود الحياة الآخرة.. وليس في نفاق السلطة أو الحكام ما يهيئ له حياة الخلود في الآخرة.. إنما الذي يضمن له النعيم هو البعد عن النفاق.. وأن يكون ما يجري في داخله هو نفس الذي يجري في ظاهره.

***

وقد حاول عبدالملك بن مروان أن يسترضيه، عندما ذهب إلي المدينة يوما، ووقف عند باب المسجد وأرسل من يستدعي سعيد بن المسيب، ولكن سعيد رفض مقابلة الخليفة بحجة أنه ليس لديه حاجة إليه، وأن الخليفة ليس لديه حاجة إليه.
وكرر الخليفة طلبه، وظل سعيد علي موقفه!!

***

ويروي عن عمرو بن عاصم قوله:
لما استخلف الوليد بن عبدالملك قدم المدينة، فدخل المسجد، ورأي شيخا قد اجتمع عليه الناس..
فقال:
من هذا الشيخ؟
فقالوا:
سعيد بن المسيب.
فلما جلس، أرسل إليه فأتاه الرسول.
فقال: أجب أمير المؤمنين.
فقال سعيد:
لعله أرسلك إلي غيري
فأتاه الرسول فأخبره..
فغضب الوليد غضبا شديدا، وهم به فقال له جلساؤه:
يا أمير المؤمنين، فقيه المدينة، وشيخ قريش، لم يطق أباك من قبلك، وأغض عنه، ثم مازالوا به حتي تراجع.

***

هذه إشارة إلي الشخصية التاريخية الجميلة التي أفاض علي الناس بعلمه وفضله وتقواه فأحبوه.
وعاش حياته يأكل من تجارته في الزيت، ولم يمد يده لأعطيات أحد من الخلفاء أو غير الخلفاء، بل رفض أن يأخذ حقه من بيت المال.
فأصبح مهابا.. حتي أن الخليفة عبدالملك بن مروان وهو من أقوي خلفاء بني أمية أراد أن يصاهره فيرفض، ويزوج ابنته من طالب علم فقير لا يملك من ثروات الحياة شيئا. ثم ينأي عن السياسة، فلا يبايع أحدا من المتصارعين عليها، طلبا لما عند الله، لا ما عند عباد الله.
شخصية باهرة كهذه الشخصية لابد أن تعيش في ضمير الناس مهما اختلفت الأجيال والعصور.. تعطي ضوءا باهرا لكل من يريد طريق الصواب.. فالدنيا تنتهي وتزول.. والإنسان فيها كما يقول أعظم رجل محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كزائر استظل بظل شجرة ثم تركها.
و.. لا يبقى إلا المواقف التي تكون قدوة للناس.. أما التعذيب والقهر والبطش، فظواهر تنتهي وتزول.. ويبقي وجه الحق ساطعا وسط حالك الظلام.


مراجع:

علماء في وجه الطغيان: د. محمد رجب البيومي
العرب تاريخ وحضارة: أنتوني ناتنج.. ترجمة: محمود مسعود






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس