عرض مشاركة واحدة
قديم 14-02-2013, 04:47 AM   رقم المشاركة : 142
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


لماذا أنجح؟
تساؤلات!!
لماذا عليَّ أن أتفوق؟
ألا يكفي أن أنجح فقط؟
لماذا أنجح والمسلمون في الواقع العملي فاشلون؟ لماذا أنجح؟

هل تفوقي سيؤثر في نصرة الإسلام ونهضة الأمة؟

ـ الإنسان خليفة الله في أرضه:

لقد شاء الله سبحانه وتعالى أن يجعلكِ أنتِ مكلَّفة ومستخلفة في الأرض، فهل تعي معنى ذلك التكليف؟
وهل تدركي حقًا ما يترتَّب عليه من نتائج؟
دعينا نعيش سويًا مع كلام الأستاذ سيد قطب رحمه الله حيث يقول: (وإذًا؛ فهي المشيئة العليا تريد أن تُسَلِّم ذلك الكائن الجديد في الوجود زمام هذه الأرض، وتُطلِق فيها يده، وتكل إليه إبراز مشيئة الخالق في الإبداع والتكوين، والتحليل والتركيب، والتحوير والتبديل، وكشْف ما في هذه الأرض من قوى وطاقات، وكنوز وخامات، وتسخير هذا كله بإذن الله في المهمة الضخمة التي أوكلها الله إليه.
وإذًا؛ فقد وهب هذا الكائن الجديد من الطاقات الكامنة، والاستعدادات المذخورة، ووُهِبَ من القوى الخفية ما يحقق المشيئة الإلهية.
وإذًا؛ فهنالك وحدة أو تناسق بين النواميس التي تَحكُم الأرض وتَحكُم الكون كله، وبين النواميس التي تَحكُم هذا المخلوق وقواه وطاقاته، كي لا يقع التصادم بين هذه النواميس وتلك، وكي لا تتحطم طاقة الإنسان على صخرة الكون الضخمة، وإذاً؟ فهي منزلة عظيمة، منزلة هذا الإنسان في نظام الوجود على هذه الأرض الفسيحة، وهو التكريم الذي شاءه له خالقه الكريم.
هذا كله بعض إيحاء التعبير العلوي الجليل: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} حين نتملاه اليوم بالحس اليقظ والبصيرة المفتوحة، ورؤية ما تم في الأرض على يد هذا الكائن المستخلَف في هذا الملك العريض) [في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/28)].
2ـ هذه هي الفطرة:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) [رواه البخاري]، في هذا الحديث الشريف يبين لنا الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم حقيقة هامة، وهي أن الله تعالى فطر الإنسان على الاستقامة والكمال في كل شيء، سواء في الدين أو الْخُلُق أو الْخِلقَة، ومن ثَمَّ؛ في القدرات والإمكانات.
فلو أن الإنسان أيتها الفتاة، مضى في نموه طبيعيًا لأصبح في غاية الكمال، وقد تتساءلين؟ لماذا الإمكانات والقدرات لا تظهر عندي؟
والجواب على هذا السؤال أن هذه الإمكانات كامنة بداخلك، ولكنها في صورة ضامرة ضعيفة، بتأثير من البيئة السلبية التي لم ترع هذه القدرات وتُنَمِّيها، بل راحت تُضْعِفها وتهملها، تستطيع بتوفيق الله تعالى، ثم بالجهد والعرق، أن تستعيد تلك القدرات التي تسبَّبت بيئتك السلبية في إضعافها وضمورها، ومن ثَمَّ؛ تغدوا قويًا كما خلقك الله، قادرًا بعونه تعالى على تحقيق أهدافك.
3- أقوى من الكافرين:
يقول الله تعالى في حق بعض الكافرين: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]، تأمَّلي في هذه الآية الكريمة، فقد يبلغ الأمر ببعض الكافرين من الشدة والبأس، والقدرات والإمكانات ما يستطيعون معه زحزحة الجبال الراسيات؛ فما بالنا بالفتاة المؤمنة التي كرَّمها الله تعالى بنعمة الإسلام، أفلا تستحق أن تبلغ قدراتها وإمكاناتها أكبر من ذلك؟!
ألستِ أنتِ الأولى بتلك القدرات والإمكانات، وأنتِ المكلَّفة من رب العالمين بعمارة هذه الأرض، وصناعة حضارتها وتقدمها، وتسخير كل ذلك في تحقيق العبودية لله الواحد الأحد.
ولذلك؛ فقد رأينا العجب العجاب من المؤمنين الأوائل، عندما فهموا تلك الحقيقة؛ فتأمَّلي كيف كانوا يهزمون الكفار سواء في ميدان الجهاد أو في ميدان العلم والحضارة والتَّقدُّم.

في كتابه الشهير "عندما تغير العالم" يقول "جيمس بيرك" متحدثًا عن انبهار الغرب بحضارة المسلمين في الأندلس: (استمر تَدفُّق طلاب العلم على أسبانيا في طوفان منتظم؛ فاستقر بعضهم هناك، وتفرَّغ بعضهم لترجمة النصوص التي يبحثون عنها، ثم عادوا مرة أخرى إلى بلادهم في الشمال.
غير أن الجميع أصابهم الذهول من تلك الحضارة التي وجدوها في الأندلس، لقد كان العرب ينظرون إلى الأوربيين الشماليين على أنهم لا يزيدون في مستواهم الفكري والثقافي على مستوى الصوماليين.
أما المثقفون الشماليون؛ فقد وجدوا في أسبانيا مُجتمعًا ثقافيًا على درجة عالية جدًا، من التفوق بالمقارنة مع مستوى المجتمع الثقافي في بلادهم، مما ترك لديهم إحساسًا بالغَيْرة من الثقافة العربية، التي ظلت تؤثر في الفكر الغربي مئات السنين) [عندما تغير العالم، جيمس بيرك، ص(54)].
ويقول المستشرق "سبانسر فاميري": (لا يستطيع أحد أن يتأمل القبة الزرقاء [يقصد السماء] دون أن يَلفِظ اسمًا عربيًا، ولا يستطيع عالم طبيعة أن يُحَلِّل ورقة من الشجر أو يفحص صخرة من الصخور دون أن يذكر درسًا عربيًا، ولا يقدر أي قاض أن يَبُتَّ اليوم في خلاف دون أن يستدعي مبدأ أصلَّته العرب.
ولا يسع أي طبيب أن يتأمل دارة أحد الأمراض المعروفة منذ القدم إلا أن يَهمِس بآراء طبيب عربي، ولا يستطيع رحَّالة أن يدلف إلى أبعد زوايا آسيا وأفريقيا دون أن يعتمد على اللغة العربية) [عندما تغير العالم، جيمس بيرك، ص(54)].
هذا ما كان عليه المسلمون من قوة، عندما كانوا يدركون قيمتهم وقيمة ما أنعم الله عليهم من هذا المنهج الرباني العظيم، الذي يَفرِض على أتباعه أن يكونوا أقوياء بما يكفي؛ لكي يقوموا بمهمة خلافة الله في أرضه، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال: 60].
نماذج برَّاقة:
1-عبد الرحمن بن عوف:
فهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه باع على عثمان أرضًا له بأربعين ألف دينار، وقسَّم ذلك بين فقراء بني زهرة وفقراء المهاجرين وأمهات المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه.
قال ابن عبد البر رحمه الله: (كان عبد الرحمن بن عوف، مجدودًا [أي محظوظًا] بالتجارة، خلَّف ألف بعير، وثلاثة آلاف شاه، ومائة فرس، وكان يزرع بالجرف [وهو موضع على مسافة ثلاثة أميال من المدينة تقريبًا إلى جهة الشام] على عشرين ناضح) [الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر، (1/256)].
2- طلحة بن عبيد الله:
أما طلحة بن عبيد الله ـ طلحة الفياض ـ فقد كان كريمًا جوادًا وسمي بالفياض، وغَلَّة طلحة يوميًا ألف دينار، هذه أرباحه يوميًا في مثل ذلك العصر، الذي لم يكن يعرف الملايين والمليارات.
ولما مات طلحة رضي الله عنه خلَّف من الأموال الشيء الكثير، سأل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه موسى بن طلحة، ولده، فقال له: كم ترك أبو محمد؟ [أي: كم خلَّف من الأموال؟] فقال له: ترك ألفي ألف درهم، ومائتي ألف درهم، هذا من الفضة، أما من الذهب فخلف مائتي ألف دينار، فقال معاوية رضي الله عنه: عاش حميدًا سخيًا شريفًا، ومات شهيدًا [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (1/33)، والطبقات الكبرى، ابن سعد، (3/222-223)].
3- الزبير بن العوام:
والزبير بن العوام رضي الله عنه كان له ألف مملوك، يؤدُّون إليه الْخَراج، فلا يدخل بيته من ذلك الْخَراج شئ، ولما مات نادى ولده عبد الله بن الزبير في موسم الحج أربع سنوات، كل سنة ينادي: من كان له على الزبير دين أو شيء؛ فليأتنا لنقضه.
فلما مضت السنوات الأربع، قسَّم ميراثه على ورثته، وكان للـزبير أربع زوجات لهنَّ الثُّمن، ربع الثُّمن هو نصيب كل زوجة فقط، وكان ذلك بعدما رفع ثلث المال الذي كان وصية أوصى الزبير بها [أي: رَفْع الثلث كان بعد أن قضى الديون كلها]، ثم رَفَعَ الثلث، ثم وزع الميراث، فالذي أصاب الزوجة، يعادل (1/24) من تركة الزبير رضي الله عنه، أي: أصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف، قال: فجمعت ماله [يعني حسبت المال] فوجدته يزيد عن خمسين مليونًا ومائتي ألف [حلية الأولياء، أبو نعيم، (1/47)، وصفة الصفوة، ابن الجوزي، (1/60)].






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس