عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 04:40 AM   رقم المشاركة : 3
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏234‏)
{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير
‏}‏
هذا أمر من اللّه للنساء اللاتي يتوفى عنهن أزواجهن أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال، وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بهن بالإجماع، ومستنده في غير المدخول بها عموم الآية الكريمة وهذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها، فترددوا إليه مراراً في ذلك، فقال‏:‏ أقول فيها برأيي، فإن يك صواباً فمن اللّه، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان، واللّه ورسوله بريئان منه‏:‏ لها الصداق كاملاً - وفي لفظ لها صداق مثلها لا وكس ولا شطط - وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن يسار الأشجعي فقال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق ففرح عبد اللّه بذلك فرحاً شديداً
‏"‏أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي‏"‏‏.‏
ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها وهي حامل، فإن عدتها بوضع الحمل، ولو لم تمكث بعده سوى لحظة لعموم قوله‏:
{‏وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهن‏}‏، وكان ابن عباس يرى أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين‏:‏ من الوضع، أو اربعة أشهر وعشر، للجمع بين الآيتين، وهذا مأخذ جيد ومسلك قوي، لولا ما ثبتت به السنّة في حديث سبيعة الأسلمية المخرج في الصحيحين من غير وجه، أنها توفي عنها زوجها سعد بن خولة وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلّت من نفاسها تجملت للخطّاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها‏:‏ مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح‏؟‏ واللّه ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر، قالت سبيعة‏:‏ فلما قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بإني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي‏.‏ قال أبو عمر بن عبد البر‏:‏ وقد روي أن ابن عباس رجع إلى حديث سبيعة، يعني لما احتج عليه به، قال‏:‏ ويصحح ذلك عنه أن أصحابه أفتوا بحديث سبيعة كما هو قول أهل العلم قاطبة، وكذلك يستثنى من ذلك الزوجة إذا كانت أمة، فإن عدتها على النصف من عدة الحرة على قول الجمهور، لأنها لما كانت على النصف من الحرة فكذلك في العدة، ومن العلماء من يسوي بين الزوجات الحرائر والإماء في هذا المقام لعموم الآية، ولأن العدة من باب الأمور الجِبِليَّة، التي تستوي فيه الخليقة‏.‏ وقد ذكر أن الحكمة في جعل عدة الوفاء أربعة أشهر وعشراً، احتمال اشتمال الرحم على حمل، فإذا انتظر به هذه المدة ظهر إن كان موجوداً كما جاء في حديث ابن مسعود الذي في الصحيحين‏:‏ ‏(‏إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح‏)
فهذه ثلاث أربعينات بأربعة أشهر، والإحتياط بعشر بعدها لما قد ينقص بعض الشهور، ثم لظهور الحركة بعد نفخ الروح فيه، واللّه أعلم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف‏}‏ يستفاد من هذا وجوب الإحداد على المتوفى عنها مدة عدتها، لما
ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يحل لإمرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلى على زوج أربعة أشهر وعشراً‏)‏، وفي الصحيحين أيضاً عن أم سلمة أن امرأة قالت‏:‏ يا رسول اللّه إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏لا‏)‏ كل ذلك يقول - لا - مرتين أو ثلاثاً، ثم قال‏:‏ ‏(‏إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة‏)‏ قالت زينب بنت أم سلمة‏:‏ كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيباً ولا شيئاً، حتى تمر بها سنة، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تؤتي بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشي إلا مات أي من نتنها والإفتضاض مسح الفرج به ومن ههنا ذهب كثيرون من العلماء إلى أن هذه الآية ناسخة للآية التي بعدها وهي قوله‏: ‏{‏والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج‏}‏ الآية كما قاله ابن عباس وغيره، وفي هذا نظر كما سيأتي تقريره، والغرض من الإحداد هو عبارة عن ترك الزينة من الطيب، ولبس ما يدعوها إلى الأزواج من ثياب وحلي وغير ذلك، وهو واجب في عدة الوفاة قولاً واحداً، ولا يجب في عدة الرجعية قولاً واحداً، وهل يجب في عدة البائن فيه قولان‏:‏ ويجب الإحداد على جميع الزوجات المتوفى عنهن أزواجهن، سواء في ذلك الصغيرة، والآيسة، والحرة والأمة والمسلمة، والكافرة لعموم الآية، وقال أبو حنيفة وأصحابه‏:‏ لا حداد على الكافرة، وبه يقول أشهب وابن نافع من أصحاب مالك، وحجة قائل هذه المقالة قوله صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلى على زوج أربعة أشهر وعشراً‏)
‏، قالوا‏:‏ فجعله تعبداً، وألحق أبو حنيفة وأصحابه الصغيرة بها لعدم التكليف، وألحق أبو حنيفة الأمة المسلمة لنقصها، ومحل تقرير ذلك كله في كتب الأحكام والفروع واللّه الموفق للصواب‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا بلغن أجلهن‏}‏ أي انقضت عدتهن ‏{‏فال جناح عليكم‏}‏، قال الزهري‏:‏ أي على أوليائها ‏{‏فيما فعلن‏}‏ يعني النساء اللاتي انقضت عدتهن قال ابن عباس‏:‏ إذا طُلقت المرأة أو مات عنها زوجها فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج فذلك المعروف‏.‏ وقد روي عن مقاتل، وقال مجاهد‏:‏ ‏{‏بالمعروف‏}‏ النكاح الحلال الطيب، وهو قول الحسن والزهري، واللّه أعلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏235‏)
{‏ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ولا جناح عليكم‏}‏ أن تعرّضوا بخطبة النساء في عدتهن، من وفاة أزواجهن من غير تصريح، قال ابن عباس‏:‏ التعريض أن يقول إني أريد التزويج، وإني أحب امرأة من أمرها ومن أمرها - يُعرِّض لها بالقول بالمعروف - وفي رواية وودت أن اللّه رزقني امرأة‏.‏ وعن مجاهد عن ابن عباس هو أن يقول‏:‏ إني أريد التزويج وإن النساء لمن حاجتي، ولوددت أن ييسر لي امرأة صالحة ‏"‏رواه البخاري تعليقاً‏"‏من غير تصريح لها بالخطبة، وهكذا حكم المطلقة المبتوتة يجوز التعريض لها، كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لفاطمة بنت قيس، حين طلقها زوجها أو عمرو بن حفص، آخر ثلاث تطليقات، فأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال لها‏:‏ فإذا حللت فآذنيني، فلما حلت خطب عليها أسامة بن زيد مولاه فزوجها إياه، فأما المطلقة فلا خلاف في أنه لا يجوز لغير زوجها التصريح بخطبتها ولا التعريض لها، واللّه أعلم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو أكننتم في أنفسكم‏}‏ أي أضمرتم في أنفسكم من خطبتهن، وهذا كقوله تعالى‏:
{‏وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون‏}وكقوله‏:‏{‏وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم‏}
‏، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏علم اللّه أنكم ستذكرونهن‏}‏ أي في أنفسكم فرفع الحرج عنكم في ذلك، ثم قال‏:‏ ‏{‏ولكن لا تواعدوهنّ سرا‏}‏ واختاره ابن جرير، وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏ولكن لا تواعدوهن سراً‏}‏ لا تقل لها‏:‏ إني عاشق، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري، ونحو هذا‏.‏ وكذا روي عن سعيد بن جبير والضحاك، وعن مجاهد هو قول الرجل للمرأة‏:‏ لا تفوتيني بنفسك فإني ناكحك، فنهى اللّه عن ذلك وشدَّد فيه وأحل الخطبة والقول بالمعروف، وقال ابن زيد‏:‏ ‏{‏ولكن لا تواعدوهنّ سراً‏}‏ هو أن يتزوجها في العدة سراً فإذا حلت أظهر ذلك، وقد يحتمل أن تكون الآية عامة في جميع ذلك ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إلا أن تقولوا قولاً معروفاً‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ يعني به ما تقدم من إباحة التعريض كقوله‏:‏ إني فيك لراغب ونحو ذلك‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله‏}‏ يعني ولا تعقدوا العقدة بالنكاح حتى تنقضي العدة‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏حتى يبلغ الكتاب أجله‏}‏ يعني ولا تعقدوا العقد بالنكاح حتى تنقضي العدة، وقد أجمع العلماء على أنه لا يصح العقد في مدة العدة، واختلفوا فيمن تزوج امرأة في عدتها فدخل بها فإنه يفرق بينهما وهل تحرم عليه أبداً‏؟‏ على قولين‏:‏ الجمهور على أنها لا تحرم عليه بل له أن يخطبها إذا انقضت عدتها، وذهب الإمام مالك إلى أنها تحرم عليه على التأبيد، ومأخذ هذا أن الزوج لما استعجل ما أحل اللّه، عوقب بنقيض قصده فحرمت عليه على التأبيد كالقاتل يحرم الميراث‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏واعلموا أن اللّه يعلم ما في أنفسكم فاحذروه‏}‏ توعدهم على ما يقع في ضمائرهم من أمور النساء، وأرشدهم إلى إضمار الخير دون الشر، ثم لم يُؤَيِّسْهم من رحمته ولم يقنطهم من عائدته فقال‏:‏ ‏
{‏واعلموا أن الله غفور رحيم‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏236‏)‏
‏{‏لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين ‏}‏
أباح تبارك وتعالى طلاق المرأة بعد العقد عليها وقبل الدخول بها، قال ابن عباس‏:‏ المس النكاح، ويجوز أن يطلقها قبل الدخول بها والفرض لها إن كانت مفوضة، وإن كان في هذا انكسار لقلبها، ولهذا أمر تعالى بإمتاعها وهو تعويضها عما فاتها بشيء تعطاه من زوجها، بحسب حاله على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وقال ابن عباس‏:‏ متعة الطلاق أعلاه الخادم، ودون ذلك الورق، ودون ذلك الكسوة، وقال الشعبي‏:‏ أوسط ذلك درع وخمار وملحفة وجلباب، ومتَّع الحسن بن علي بعشرة آلاف، ويروى أن المرأة قالت‏:‏ متاع قليل من حبيب مفارق سبب فراقه لها أنه لما أصيب عليُّ وبويع الحسن بالخلافة قالت له زوجته‏:‏ لتَهْنَك الخلافة، فقال‏:‏ يقتل عليّ وتظهرين الشماتة‏؟‏ اذهبي فأنتِ طالق ثلاثاً، ثم بعث إليها بالمتعة عشرة آلاف درهم فقالت ذلك‏.[1]‏ وانظر الجزء الأول من كتابنا ‏"‏تفسير آيات الأحكام‏"‏ص 376‏"‏، وذهب أبو حنيفة إلى أنه متى تنازع الزوجان في مقدار المتعة وجب لها عليه نصف مهر مثلها، وقال الشافعي‏:‏ لا يجبر الزوج على قدر معلوم إلا على أقل ما يقع عليه اسم المتعة، وأحب ذلك إليّ أن يكون أقله ما تجزىء فيه الصلاة، وقال في القديم‏:‏ لا أعرف في المتعة قدراً إلا أني أستحسن ثلاثين درهماً كما روي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، وقد اختلف العلماء أيضا‏:‏
هل تجب المتعة لكل مطلقة، أو إنما تجب المتعة لغير المدخول بها التي
لم يفرض لها على أقوال‏:‏
أحدها‏:‏ أنها تجب المتعة لكل مطلقة لعموم قوله تعالى‏:
‏ ‏{‏وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين‏} ولقوله تعالى‏:‏ {‏فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا‏}
وقد كن مفروضاً لهن ومدخولاً بهن، وهذا قول سعيد ابن جبير وهو أحد قولي الشافعي‏.‏
والقول الثاني‏:‏ أنها تجب للمطلقة إذا طلقت قبل المسيس وإن كانت مفروضاً لها لقوله تعالى‏:‏
{‏يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا‏}
قال سعيد بن المسيب‏:‏ نسخت الآية التي في الأحزاب، الآية التي في البقرة، وقد
روى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد وأبي أسيد أنهما قالا‏:‏ تزوج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أُميمة بنت شرحبيل، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين أزرقين
القول الثالث‏:‏ أن المتعة إنما تجب للمطلقة إذا لم يدخل بها ولم يفرض لها، فإن كان قد دخل بها وجب لها مهر مثلها إذا كانت مفوضة، وإن كان قد فرض لها وطلقها قبل الدخول وجب لها عليه شطره، فإن دخل بها استقر الجميع وكان ذلك عوضاً لها عن المتعة، وإنما المصابة التي لم يفرض لها ولم يدخل بها فهذه التي دلت هذه الآية الكريمة على وجوب متعتها وهذا قول ابن عمر ومجاهد، ومن العلماء من استحبها لكل مطلقة، ممن عدا المفوضة المفارقة قبل الدخول وهذا ليس بمنكور وعليه تحمل آية التخيير في الأحزاب، ولهذا قال تعالى‏:
‏{‏على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقاً على المحسنين‏}
‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين‏}‏ ومن العلماء من يقول إنها مستحبة مطلقاً‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس