عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 05:14 AM   رقم المشاركة : 5
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏243 ‏:‏ 245‏)‏
‏{‏ ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ‏.‏ وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم ‏.‏ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ‏}‏
روي عن ابن عباس أنهم كانوا أربعة آلاف وعنه كانوا ثمانية آلاف، وقال وهب بن منبه‏:‏ كانوا بضعة وثلاثين ألفاً، قال ابن عباس‏:‏ كانوا أربعة آلاف خرجوا فراراً من الطاعون، قالوا‏:‏ نأتي أرضاً ليس بها موت، حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال اللّه لهم‏:‏ ‏{‏موتوا‏}‏ فماتوا، فمرّ عليهم نبي من الأنبياء فدعا ربه أن يحييهم فأحياهم فذلك قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت‏}‏ الآية، وذكر غير واحد من السلف أن هؤلاء القوم كانوا أهل بلدة في زمان بني إسرائيل استوخموا أرضهم، وأصابهم بها وباء شديد فخرجوا فراراً من الموت هاربين إلى البريّة، فنزلوا وادياً أفيح فملأوا ما بين عدوتيه، فأرسل اللّه إليهم ملكين أحدهما من أسفل الوادي، والآخر من أعلاه، فصاحا بهم صيحة واحدة فماتوا عن آخرهم موتة رجل واحد فحيزوا إلى حظائر وبني عليهم جدران، وفنوا وتمزقوا وتفرقوا، فلما كان بعد دهر مرّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له حزقيل فسأله اللّه أن يحييهم على يديه فأجابه إلى ذلك وأمره أن يقول‏:‏ أيتها العظام البالية إن اللّه يأمرك أن تجتمعي، فاجتمع عظام كل جسد بعضها إلى بعض، ثم أمره فنادى‏:‏ أيتها العظام إن اللّه يأمرك أن تكتسي لحماً وعصباً وجلداً، فكان ذلك وهو يشاهد، ثم أمره فنادى‏:‏ أيتها الأرواح إن اللّه يأمرك أن ترجع كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره، فقاموا أحياء ينظرون، قد أحياهم اللّه بعد رقدتهم الطويلة وهم يقولون‏:‏ سبحانك لا إله إلا أنت وكان في إحيائهم عبرة ودليل قاطع على وقوع المعاد الجسماني يوم القيامة ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إن الله لذو فضل على الناس‏}‏ أي فيما يريهم من الآيات الباهرة والحجج القاطعة والدلالات الدامغة ‏{‏ولكن أكثر الناس لا يشكرون‏}‏ أي لا يقومون بشكر ما أنعم اللّه به عليهم في دينهم ودنياهم‏.‏
وفي هذه القصة عبرة ودليل على أنه لن يغني حذر من قدر، وأنه لا ملجأ من اللّه إلا إليه، فإن هؤلاء خرجوا فراراً من الوباء طلباً لطول الحياة، فعوملوا بنقيض قصدهم وجاءهم الموت سريعاً في آن واحد، وقوله
{‏وقاتلوا في سبيل اللّه واعلموا أن اللّه سميع عليم‏}‏أي كما أن الحذرلا يغني من القدر، كذلك الفرار من الجهاد وتجنبه لا يقرب أجلا ولا يبعده، بل الأجل المحتوم والرزق المقسوم مقدر مقنن لا يزاد فيه ولا ينقص منه كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين‏}‏، قال تعالى‏:‏‏{‏أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة‏}
‏، وروينا عن أمير الجيوش وسيف اللّه المسلول على أعدائه خالد بن الوليد رضي اللّه عنه أنه قال وهو في سياق الموت‏:‏ لقد شهدت كذا وكذا موقفاً وما من عضو من أعضائي إلا وفيه رمية أو طعنة أو ضربة وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء يعني أنه يتألم لكونه ما مات قتيلاً في الحرب، ويتأسف على ذلك ويتألم أن يموت على فراشه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏
‏{‏من ذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسنا فيضاعفه له أضعافاً كثيرة‏}‏ يحث تعالى عباده على الإنفاق في سبيل اللّه، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع، وفي حديث النزول أنه يقول تعالى‏:‏ ‏(‏من يقرض غير عديم ولا ظلوم‏)‏، وعن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏من ذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فيضاعفه له‏}‏ قال أبو الدحداح الأنصاري‏:‏ يا رسول اللّه وإن اللّه عزّ وجلّ ليريد منا القرض‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم يا أبا الدحداح‏)‏ قال‏:‏ أرني يدك يا رسول اللّه‏!‏ قال، فناوله يده قال‏:‏ فإني قد أقرضت ربي عزّ وجلّ حائطي - قال‏:‏ وحائط له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها - قال‏:‏ فجاء أبو الدحداح فناداها‏:‏ يا أم الدحداح، قالت‏:‏ لبيك، قال‏:‏ اخرجي فقد أقرضته ربي عزّ وجلّ ‏"‏رواه أبن أبي حاتم وأخرجه ابن مردويه عن عمر مرفوعا بنحوه‏"‏وقوله‏:‏ ‏{‏قرضاً حسناً‏}‏ روي عن عمر وغيره من السلف هو النفقة في سبيل اللّه، وقيل‏:‏ هو النفقة على العيال، وقيل‏:‏ هو التسبيح والتقديس وقوله‏:‏ ‏{‏فيضاعفه له أضعافاً كثيرة‏}‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة واللّه يضاعف لمن يشاء‏}‏ الآية، وسيأتي الكلام عليها‏.‏
وعن ابن عمر قال لما نزلت‏:‏ ‏{‏مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل‏}‏ إلى آخرها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏رب زد أمتي‏)‏ فنزلت‏:‏{‏من ذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة‏}‏، قال‏:‏ ‏(‏رب زد أمتي‏)‏، فنزلت‏:‏ ‏{‏إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب‏}
"‏رواه ابن أبي حاتم عن نافع عن ابن عمر‏"‏فالكثير من اللّه لا يحصى، وقوله‏:‏ ‏{‏واللّه يقبض ويبسط‏}‏ أي أنفقوا ولا تبالوا فالله هو الرزاق يضيق على من يشاء من عباده في الرزق ويوسعه على آخرين، له الحكمة والبالغة في ذلك ‏{‏وإليه ترجعون‏}‏ أي يوم القيامة‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏246‏)‏
‏{‏ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ‏}‏
قال وهب بن منبه وغيره‏:‏ كان بنوا إسرائيل بعد موسى عليه السلام على طريق الاستقامة مدة من الزمان، ثم أحدثوا الأحداث وعبد بعضهم الأصنام، ولم يزل بين أظهرهم من الأنبياء من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويقيمهم على منهج التوراة إلى أن فعلوا ما فعلوا فسلط اللّه عليهم أعداءهم، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا خلقاً كثيراً وأخذوا منهم بلاداً كثيرة، ولم يكن أحد يقاتلهم إلا غلبوه، وذلك أنهم كان عندهم التوراة والتابوت الذي كان في قديم الزمان، وكان ذلك موروثاً لخلفهم عن سلفهم إلى موسى الكليم عليه الصلاة والسلام، فلم يزل بهم تماديهم على الضلال حتى استلبه منهم بعض الملوك في بعض الحروب، وأخذ التوراة من أيديهم ولم يبق من يحفظها فيهم إلى القليل، وانقطعت النبوة من أسباطهم ولم يبق من سبط لاوي الذي يكون فيه الأنبياء إلا امرأة حامل من بعلها، وقد قتل فأخذوها فحبسوها في بيت واحتفظوا بها لعل اللّه يرزقها غلاماً يكون نبياً لهم، ولم تزل المرأة تدعوا الله عزّ وجلّ أن يرزقها غلاماً فسمع اللّه لها ووهبها غلاماً فسمته شمويل أي سمع اللّه دعائي ومنهم من يقول شمعون روي عن قتادة أن النبي هو يوشع بن نون قال ابن كثير‏:‏ هو بعيد لأن هذا كان بعد موسى بزمن طويل، وكان ذلك في زمن داود عليه السلام، وقد كان بين داود و موسىما يزيد على ألف سنة، وروي عن السدي أنه شمويل ، وقال مجاهد‏:‏ هو شمعون واللّه أعلم‏.‏ وهو بمعناه فشب ذلك الغلام ونشأ فيهم وأنبته اللّه نباتاً حسناً، فلما بلغ سن الأنبياء أوحى اللّه إليه وأمره بالدعوة إليه وتوحيده، فدعا بني إسرائيل فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكاً يقاتلون معه أعداءهم، وكان الملك أيضاً قد باد فيهم فقال لهم النبي‏:‏ فهل عسيتم إن أقام اللّه لكم ملكاً ألا تقاتلوا وتفوا بما التزمتم من القتال معه‏؟‏ ‏{‏قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل اللّه وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا‏}‏ أي وقد أخذت منا البلاد وسبيت الأولاد‏!‏ قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم واللّه عليم بالظالمين‏}‏ أي ما وفوا بما وعدوا بل نكل عن الجهاد أكثرهم واللّه عليم بهم‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(
‏247‏)‏
‏{‏وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ‏}‏
أي لما طلبوا من نبيهم أن يعين لهم ملكاً منهم فعين لهم طالوت وكان رجلاً من أجنادهم ولم يكن من بيت الملك فيهم لأن الملك كان في سبط يهوذا ولم يكن هذا من ذلك السبط فلهذا قالوا‏:‏ ‏{‏أنى يكون له الملك علينا‏}‏‏؟‏ أي كيف يكون ملكاً علينا ‏{‏ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال‏}‏ أي هو مع هذا فقير لا مال له يقوم بالملك، وقد ذكر بعضهم أنه كان سقاء، وقيل‏:‏ دباغاً وهذا اعتراض منهم على نبيهم وتعنت، وكان الأولى بهم طاعة وقول معروف، ثم قد أجابهم النبي قائلاً‏:‏ ‏{‏إن اللّه اصطفاه عليكم‏}‏ أي اختاره لكم من بينكم واللّه أعلم به منكم، يقول‏:‏ لست أنا الذي عينته من تلقاء نفسي بل اللّه أمرني به لما طلبتم مني ذلك ‏{‏وزاده بسطة في العلم والجسم‏}‏ أي وهو مع هذا أعلم منكم وأنبل وأشكل منكم، وأشد قوة وصبراً في الحرب ومعرفة بها، أي أتم علماً وقامة منكم، ومن ههنا ينبغي أن يكون الملك ذا علم وشكل حسن وقوة شديدة في بدنه ونفسه ثم قال‏:‏ ‏{‏واللّه يؤتي ملكه من يشاء‏}‏ أي هو الحاكم الذي ما شاء فعل ولا يسأل عما فعل وهم يسألون، لعلمه وحكمته ورأفته بخلقه ولهذا قال‏:‏ ‏{‏واللّه واسع عليم‏}‏ أي هو واسع الفضل يختص برحمته من يشاء، عليم بمن يستحق الملك ممن لا يستحقه‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏248‏)‏
‏{‏وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ‏}‏
يقول لهم نبيهم‏:‏ إن علامة بركة ملك طالوت عليكم أن يرد اللّه عليكم التابوت الذي أخذ منكم ‏{‏فيه سكينة من ربكم‏}‏، قيل‏:‏ معناه فيه وقار وجلالة، وقال الربيع‏:‏ رحمة، وقال ابن جريج‏:‏ سألت عطاء عن قوله‏:‏ ‏{‏فيه سكينة من ربكم‏}‏ قال‏:‏ ما تعرفون من آيات اللّه فتسكنون إليه وكذا قال الحسن البصري‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون‏}‏، عن ابن عباس قال‏:‏ عصاه ورضاض الألواح، وكذا قال قتادة والسدي، وقال عطية بن سعد‏:‏ عصا موسى وعصا هارون وثياب موسى وثياب هارون ورضاض الألواح، وقال عبد الرزاق‏:‏ سألت الثوري عن قوله‏:‏ ‏{‏وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون‏}‏ فقال‏:‏ منهم من يقول قفيز من منّ ورضاض الألواح، ومنهم من يقول العصا والنعلان‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تحمله الملائكة‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون، وقال السدي‏:‏ أصبح التابوت في دار طالوت فآمنوا بنبوة شمعون وأطاعوا طالوت‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآية لكم‏}‏ أي على صدقي فيما جئتكم به من النبوة، وفيما أمرتكم به من طاعة طالوت ‏{‏إن كنتم مؤمنين‏}‏ أي باللّه واليوم الآخر‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏249‏)‏
‏{‏فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ‏}

يخبر اللّه تعالى عن طالوت ملك بني إسرائيل، حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملأ بني إسرائيل، وكان جيشه يومئذ - فيما ذكره السدي - ثمانين ألفاً فاللّه أعلم أنه قال‏:‏ ‏{‏إن اللّه مبتليكم‏}‏ أي مختبركم بنهر، وهو نهر بين الأردن وفلسطين، يعني نهر الشريعة المشهور ‏{‏فمن شرب منه فليس مني‏}‏ أي فلا يصحبني اليوم في هذا الوجه، ‏{‏ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده‏}‏ أي فلا بأس عليه، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏فشربوا منه إلا قليلاً منهم‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ من اغترف منه بيده روي، ومن شرب منه لم يرو، فشرب منه ستة وسبعون ألفاً وتبقى معه أربعة آلاف هذا قول السدي وروى البراء بن عازب قال‏:‏ كنا نتحدث أن أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم الذين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر وما جازه معه إلا مؤمن، ورواه البخاري عن عبد اللّه بن رجاء عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن جده عن البراء بنحوه ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏فلما جاوزه هو الذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده‏}‏ أي استقلوا أنفسهم عن لقاء عدوّهم لكثرتهم، فشجعهم علماؤهم العالمون بأن عد اللّه حق، فإن النصر من عند اللّه ليس عن كثرة عدد ولا عدد، ولهذا قالوا‏:‏
‏{‏كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن اللّه واللّه مع الصابرين‏}‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏250 ‏:‏ 252‏)‏
{‏ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ‏.‏ فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ‏.‏ تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين ‏}‏
أي لما واجه حزب الإيمان - وهم قليل من أصحاب طالوت - لعدوهم أصحاب جالوت وهم عدد كثير ‏{‏قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً‏}‏ أي أنزل علينا صبراً من عندك، ‏{‏وثبت أقدامنا‏}‏ أي في لقاء الأعداء وجنبنا الفرار والعجز ‏{‏وانصرنا على القوم الكافرين‏}‏‏.‏
قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏فهزموهم بإذن اللّه‏}‏ أي غلبوهم وقهروهم بنصر اللّه لهم وقتل داود جالوت‏}‏ وكان طالوت قد وعده إن قتل جالوت أن يزوجه ابنته، ويشاطره نعمته، ويشركه في أمره، فوفى له ثم آل الملك إلى داود عليه السلام مع ما منحه اللّه به من النبوة العظيمة، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وآتاه الله الملك‏}‏ الذي كان بد طالوت، ‏{‏والحكمة‏}‏ أي النبوة بعد شمويل، ‏{‏وعلمه مما يشاء‏}‏ أي مما يشاء اللّه من العلم الذي اختصه به صلى اللّه عليه وسلم، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولولا دفع اللّه بعضهم ببعض لفسدت الأرض‏}‏، أي لولا أن اللّه يدفع عن قوم بآخرين، كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا، كما قال تعالى‏:
‏{‏ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرا‏}الآية‏. وعن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إن اللّه ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت جيرانه البلاء‏)‏، ثم قرأ ابن عمر‏:‏ ‏{‏ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض‏}‏ ‏"‏أخرجه ابن جرير وقال ابن كثير‏:‏ إسناده ضغف‏"‏وعن عبادة بن الصامت قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏الأبدال في أمتي ثلاثون‏:‏ بهم ترزقون وبهم تمطرون وبهم تنصورن‏)‏
"‏أخرجه ابن مردويه عن عبادة بن الصامت مرفوعا‏"‏قال قتادة‏:‏ إني لارجوا أن يكون الحسن منهم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولكنَّ اللّه ذو فضل على العالمين‏}‏ أي ذو منّ عليهم ورحمة بهم، يدفع عنهم ببعضهم بعضاً وله الحكم والحكمة والحجة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين‏}‏ أي هذه آيات اللّه التي قصصناها عليك من أمر الذين ذكرناهم بالحق، أي بالواقع الذي كان عليه الأمر المطابق لما بأيدي أهل الكتاب من الحق، الذي يعلمه علماء بني إسرائيل ‏{‏وإنك‏}‏ يا محمد ‏{‏لمن المرسلين‏}‏ وهذا توكيد وتوطئة للقسم‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس