عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2014, 05:03 AM   رقم المشاركة : 13
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏81 ‏:‏ 82‏)‏
‏{‏ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ‏.‏ فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ‏}

يخبر تعلاى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم عليه السلام إلىعيسى عليه السلام، مهما آتى اللّه أحدهم من كتاب وحمكة وبلغ أي مبلغ، ثم جاء رسول من بعده ليؤمنن به ولينصرنه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته، ولهذا قال تعالى وتقدس‏:‏ ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة‏}‏ أي لمهما أعطيتكم من كتاب وحكمة، ‏{‏ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري‏}‏، قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ يعني عهدي، وقال محمد بن إسحاق ‏{‏إصري‏}‏ أي ميثاقي الشديد المؤكد، ‏{‏قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين، فمن تولى بعد ذلك‏}‏ أي عن هذا العهد والميثاق ‏{‏فأولئك هم الفاسقون‏}‏، قال علي وابن عباس رضي اللّه عنهما‏:‏ ما بعث اللّه نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه، وقال الحسن البصري وقتادة‏:‏ أخذ اللّه ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً، وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه، وقد قال الإمام أحمد‏:‏ جاء عمر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول اللّه إني أمرت بأخ لي يهودي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك‏؟‏ قال‏:‏ فتغير وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال عبد اللّه بن ثابت قلت له‏:‏ ألا ترى ما بوجه رسول اللّه ‏!‏ فقال عمر‏:‏ رضيت باللّه رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، قال‏:‏ فسُرِّي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقال‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام، ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين‏)
‏"‏رواه الإمام أحمد‏"‏
حديث آخر‏:‏
وعن جابر، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل، وإما أن تكذبوا بحق، وإنه واللّه لو كان موسى حياُ بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ‏)"‏رواه الحافظ أبو يعلى‏"‏وفي بعض الأحاديث‏:‏ ‏(‏لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي‏)‏فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات اللّه وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، هو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد، لكان هو الواجب الطاعة المقدم على الأنبياء كلهم، ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في المحشر في إتيان الرب جلّ جلاله لفصل القضاء بين عباده، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له، والذي يحيد عنه أولو العزم من الانبياء والمرسلين حتى تنتهي النوبة إليه فيكون هو المخصوص به، صلوات اللّه وسلامه عليه‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏83 ‏:‏ 85‏)‏
‏{‏ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ‏.‏ قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ‏.‏ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ‏}‏
يقول تعالى منكراً على من أراد ديناً سوى دين اللّه، الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله، وهو عبادة اللّه وحده لا شريك له، الذي له أسلم من في السموات والأرض، أي استسلم له من فيهما طوعاً وكرهاً، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وللّه يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً‏}‏ وقال تعالى‏:‏ {‏وللّه يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون * يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون‏}فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه للّه، والكافر مستسلم للّه كرهاً، فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم الذي لا يخالف ولا يمانع، وقد قال وكيع في تفسيره عن مجاهد‏:‏ ‏{‏وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً‏}‏، قال‏:‏ هو كقوله‏:‏ ‏{‏ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولون اللّه‏}
‏، ‏{‏وإليه يرجعون‏} أي يوم المعاد فيجازي كلاً بعمله‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏ ‏
{‏قل آمنا باللّه وما أنزل علينا‏}يعني القرآن،{‏وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب‏}أي من الصحف والوحي، ‏{‏والأسباط‏}‏ وهم بطون بني إسرائيل المتشعبة من أولاد إسرائيل - وهو يعقوب - الإثني عشر، ‏{‏وما أوتي موسى وعيسى‏}‏ يعني بذلك التوراة والإنجيل،{‏والنبيون من ربهم‏}‏ وهذا يعم جميع الأنبياء جملة،{‏لا نفرق بين أحد منهم‏}يعني بل نؤمن بجميعهم، ‏{‏ونحن له مسلمون‏}
‏ فالمؤمنون من هذه الأمة يؤمنون بكل نبي أرسل وبكل كتاب أنزل، لا يكفرون بشيء من ذلك، بل هم يصدقون بما أنزل من عند اللّه، وبكل نبي بعثه اللّه ‏.‏
ثم قال تعالى‏:‏
{‏ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه‏}‏ الآية‏.‏ أي من سلك طريقاً سوى ما شرعه اللّه فلن يقبل منه،{‏وهو في الآخرة من الخاسرين‏}‏، كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏86 ‏:‏ 89‏)‏
‏{‏ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين ‏.‏ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ‏.‏ خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون
إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ‏}‏
قال ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم ندم فأرسل إلى قومه أن سلو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل لي من توبة‏؟‏ فنزلت‏:‏ ‏{‏كيف يهدي اللّه قوماً كفروا بعد إيمانهم - إلى قوله - فإن اللّه غفور رحيم‏}‏، فأرسل إليه قومه فأسلم
‏"‏رواه النسائي والحاكم وابن ماجة‏"‏‏{‏وجاءهم البينات‏}‏ أي قامت عليهم الحجج والبراهين على صدق ما جاءهم به الرسول، ووضح لهم الأمر ثم ارتدوا إلى ظلمة الشرك، فكيف يستحق هؤلاء الهداية بعد ما تلبسوا به من العماية‏؟‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏واللّه لا يهدي القوم الظالمين‏}‏‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين‏}‏ أي يلعنهم اللّه ويلعنهم خلقه، ‏{‏خالدين فيها‏}‏ أي في اللعنة، ‏{‏لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون‏}‏ أي لا يفتر عنهم العذاب ولا يخفف عنهم ساعة واحدة، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن اللّه غفور رحيم‏}‏ وهذا من لطفه وبره ورأفته ورحمته وعائدته على خلقه، أن من تاب إليه تاب عليه‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏90 ‏:‏ 91‏)‏
‏{‏ إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ‏.‏ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ‏}

يبين تعالى متوعداً ومهدداً لم كفر بعد إيمانه ثم ازداد كفراً أي استمر عليه إلى الممات، ومخبراً بأنهم لن تقبل لهم توبة عند الممات، كما قال تعالى‏:‏ {‏وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت‏}‏الآية‏.‏ ولهذا قال ههنا‏:‏ ‏{‏لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون‏}‏ أي الخارجون عن المنهج الحق إلى طريق الغي، قال الحافظ أبو بكر البزار عن عكرمة عن ابن عباس‏:‏ أن قوماً أسلموا ثمَّ ارتدوا، ثم أسلموا، ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم، فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏وإن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم‏}‏ ‏"‏أخرجه البزار، قال ابن كثير‏:‏ إسناده جيد‏"‏ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فن تُقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به‏}‏، أي من مات على الكفر فلن يقبل منه خير أبداً، ولو كان قد أنفق ملء الأرض ذهباً فيما يراه قربة، كماسئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن عبد اللّه بن جدعان - وكان يقري الضيف ويفك العاني ويطعم الطعام - هل ينفعه ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏لا‏!‏ إنه لم يقل يوما من الدهر‏:‏ رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين‏) وكذلك لو افتدى بملء الأرض أيضاً ذهباً ما قبل منه كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة‏}‏، وقال‏:{‏لا بيع فيه ولا خلال‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم‏}‏، ولو افتدى نفسه من اللّه بملء الأرض ذهباً، بوزن جبالها وتلالها وترابها ورمالها وسهلها ووعرها وبرها وبحرها‏.‏ عن أنَس بن مالك، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتدياً به‏؟‏ قال، فيقول‏:‏ نعم، فيقول اللّه‏:‏ قد أردت منك أهون من ذلك قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك‏)
"‏رواه البخاري ومسلم‏"‏
طريق آخر‏:‏ وقال الإمام أحمد،
عن أنَس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول له‏:‏ يا ابن آدم كيف وجدت منزلك‏؟‏ فيقول‏:‏ أي رب خير منزل، فيقول‏:‏ سل وتمن، فيقول‏:‏ ما أسأل ولا أتمنى إلا أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيلك عشر مرار، لما يرى من فضل الشهادة، ويؤتي بالرجل من أهل النار فيقول له‏:‏ يا ابن آدم كيف وجدت منزلك‏؟‏ فيقول‏:‏ يا رب شر منزل‏.‏ فيقول له‏:‏ أتفتدي مني بطلاع الأرض ذهباً‏؟‏ فيقول‏:‏ أي رب نعم، فيقول‏:‏ كذبت قد سألتك أقل من ذلك وايسر فلم تفعل فيرد إلى النار‏)‏
"‏رواه الإمام أحمد‏"‏ولهذا قال‏:‏ ‏{‏أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين‏}‏ أي وما لهم من أحد ينقذهم من عذاب اللّه ولا يجيرهم من أليم عقابه‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏92‏)‏
‏{‏ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ‏}‏
روى وكيع في تفسيره عن عمرو بن ميمون ‏{‏لن تنالوا البر‏}‏ قال‏:‏ الجنة، وقال الإمام أحمد عن أنَس بن مالك‏:‏ كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً، وكان أحب أمواله إليه بير حاء وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّب‏.‏ قال أنَس‏:‏ فلما نزلت‏:‏ ‏{‏لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون‏}‏ قال أبو طلحة‏:‏ يا رسول اللّه إن اللّه يقول‏:‏ ‏{‏لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون‏}‏ وإن أحب أموالي إليّ بير حاء، وإنها صدقة للّه أرجو بها برها وذخرها عند اللّه تعالى، فضعها يا رسول اللّه حيث أراك اللّه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏بخ بخ، ذاك مال رابح، ذاك مال رابح، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين‏)‏، فقال أبو طلحة‏:‏ أفعل يا رسول اللّه‏.‏ فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه"‏رواه البخاري ومسلم‏"
‏وفي الصحيحين أن عمر قال‏:‏ يا رسول اللّه لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر، فما تأمرني به‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أحبِسْ الأصل، وأسبِلْ الثمرة‏)‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏93 ‏:‏ 95‏)‏
‏{‏ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ‏.‏ فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون ‏.‏ قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ‏}‏
قال ابن عباس‏:‏ حضرت عصابة من اليهود نبيَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا‏:‏ حدثنا عن خلالٍ نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي، قال‏:‏ ‏(‏سلوني عما شئتم ولكن اجعلوا لي ذمة اللّه وما أخذ يعقوب على بنيه، لئن أنا حدثتكم شيئاً فعرفتموه لتتابعني على الإسلام‏)‏، قالوا‏:‏ فذلك لك، قالوا‏:‏ أخبرنا عن أربع خلال، أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه‏؟‏ وكيف ماء المرأة وماء الرجل‏؟‏ وكيف يكون الذكر منه والأنثى، وأخبرنا بهذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة‏؟‏ فأخذ عليهم العهد لئن أخبرهم ليتابعنه‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضاً شديداً وطال سقمه فنذر للّه نذراً لئن شفاه اللّه من سقمه ليحرمنَّ أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها‏)‏‏؟‏ فقالوا‏:‏ اللهم نعم‏:‏ فقال‏:‏ ‏(‏اللهم اشهد عليهم‏)‏، قال‏:‏ ‏(‏أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهم علا كان له الولد والشبه بإذن اللّه، إن علا ماء الرجل ماء المرأة كان ذكراً بإذن اللّه، وإن علا ماء المرأة ماء الرجل كان أنثى بإذن اللّه‏(‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏اللهم اشهد عليهم‏)‏ وقال‏:‏ ‏(‏وأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ اللهم نعم، قال‏:‏ ‏(‏اللهم اشهد‏)‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن وليي جبريل ولم يبعث اللّه نبياً قط إلا وهو وليه‏)‏، قالوا‏:‏ فعند ذلك نفارقك ولو كان وليك غيره لتابعناك، فعند ذلك قال اللّه تعالى‏:‏{‏قل من كان عدواً لجبريل‏}
‏ ‏"‏رواه الإمام أحمد‏"‏الآية‏.‏
وقال ابن جريج، عن ابن عباس ‏:‏ كان إسرائيل عليه السلام - وهو يعقوب - يعتريه عرق النسا بالليل، وكان يقلقه ويزعجه عن النوم ويقلع الوجع عنه بالنهار، فنذر للّه لئن عافاه اللّه لا يأكل عرَرْقاً، ولا يأكل ولد ما له عَرق، فاتبعه بنوه في تحريم ذلك استناناً به واقتداء بطريقته، وقوله‏:‏ ‏{‏من قبل أن تنزل التوراة‏}‏ أي حرم ذلك على نفسه من قبل أن تنزل التوراة، ‏{‏قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين‏}‏ فإنها ناطقة بما قلناه، ‏{‏فمن افترى على اللّه الكذب من بعد ذلك فأولئك ثم الظالمون‏}‏ أي فمن كذب على اللّه وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك بالتوراة دائماً، وأنه لم يبعث نبياً آخر يدعوا إلى اللّه تعالى بالبراهين والحجج، بعد هذا الذي بيناه من وقوع النسخ وظهور ما ذكرنا ‏{‏فأولئك هم الظالمون‏}‏، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏قل صدق اللّه‏}‏ أي قل يا محمد صدق اللّه فيما أخبر به وفيما شرعه في القرآن، ‏{‏فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين‏}‏ أي اتبعوا ملة إبراهيم التي شرعها اللّه في القرآن على لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم فإنه الحق الذي لا شك فيه ولا مرية، وهي الطريقة التي لم يأت نبي بأكمل منها ولا أبين ولا أوضح ولا أتم، كما قال تعالى‏:
‏ ‏
{‏قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم* ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين‏} وقال تعالى‏:‏ ثم أوحينا إليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين‏}‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس