عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2014, 03:38 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏1 ‏:‏ 3‏)‏
‏{‏ الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ‏.‏- هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون ‏.‏ وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ‏}‏

يقول الله تعالى مادحاً نفسه الكريمة، حامداً لها على خلقه السموات والأرض قراراً لعباده، وجعل الظلمات والنور منفعة لعباده في ليلهم ونهارهم، فجمع لفظ الظلمات؛ ووحد لفظ النور لكونه أشرف، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏عن اليمين والشمائل‏}‏، وكما قال في آخر السورة‏:‏ ‏{‏وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله‏}‏، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ثم الذين كفروا بربهم يعدلون‏}‏ أي ومع هذا كله كفر به بعض عباده، وجعلوا له شريكاً وعدلاً، واتخذوا له صاحبة وولداً، تعالى الله عزَّ وجلَّ عن ذلك علواً كبيراً، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏هو الذي خلقكم من طين‏}‏ يعني أباهم آدم الذي هو أصلهم، ومنه خرجوا فانتشروا في المشارق والمغارب، وقوله‏:‏ ‏{‏ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏ثم قضى أجلاً‏}‏ يعني الموت، ‏{‏وأجل مسمى عنده‏}‏ يعني الآخرة وهو مروي عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والسدي ومقاتل بن حيان وغيرهم وقال الحسن في رواية عنه‏:‏ ‏{‏ثم قضى أجلاً‏}‏ وهو ما بين أن يخلق إلى أن يموت ‏{‏وأجل مسمى عنده‏}‏ وهو ما بين أن يموت إلى أن يبعث وهو يرجع إلى ما تقدم، وهو تقدير الأجل الخاص، وهو عمر كل إنسان، وتقدير الأجل العام وهو عمر الدنيا بكمالها ثم انتهائها وانقضائها وزوالها وانتقالها والمصير إلى الدار الآخرة، وعن ابن عباس ومجاهد‏:‏ ‏{‏ثم قضى أجلاً‏}‏ يعني مدة الدنيا ‏{‏وأجل مسمى عنده‏}‏ يعني عمر الإنسان إلى حين موته، وكأنه مأخوذ من قوله تعالى بعد هذا ‏{‏وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار‏}‏ الآية‏.‏ ومعنى قوله‏:‏ ‏{‏عنده‏}‏ أي لا يعلمه إلا هو، كقوله‏:‏ ‏{‏إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو‏}‏، وكقوله‏:‏ ‏{‏يسألونك عن الساعة ايان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثم أنتم تمترون‏}‏، قال السدي وغيره‏:‏ يعني تشكون في أمر الساعة‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو اللّه في السموات في الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون‏}‏ اختلف مفسرو هذه الآية على اقوال بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية القائلين - تعالى اللّه عن قولهم علواً كبيراً - بأنه في كل مكان حيث حملوا الآية على ذلك، فالأصح من الأقوال‏:‏ أنه المدعو اللّه في السموات وفي الأرض‏:‏ أي يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السموات والأرض، ويسمونه اللّه، ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والإنس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله‏}‏ أي هو إله من في السماء وإله من في الأرض، وعلى هذا فيكون قوله‏:‏ ‏{‏يعلم سركم وجهركم‏}‏ خبراً أو حالاً والقول الثاني ‏:‏ أن المراد أنه اللّه الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض من سر وجهر، فيكون قوله ‏(‏يعلم‏)‏ متعلقاً بقوله‏:‏ ‏{‏في السموات وفي الأرض‏}‏ تقديره‏:‏ وهو اللّه يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ويعلم ما تكسبون، والقول الثالث ‏:‏ أن قوله ‏{‏وهو اللّه في السموات‏}‏ وقف تام، ثم استأنف الخبر فقال‏:‏ ‏{‏وفي الارض يعلم سركم وجهركم‏}‏ وهذا اختيار ابن جرير، وقوله‏:‏ ‏{‏ويعلم ما تكسبون‏}‏ أي جميع أعمالكم خيرها وشرها‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏4 ‏:‏ 6‏)‏
‏{‏ وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ‏.‏ فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ‏.‏ ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ‏}‏
يقول تعالى مخبراً عن المشركين المكذبين المعاندين‏:‏ أنهم كلما أتتهم من آية أي دلالة ومعجزة وحجة من الدلالات على وحدانية اللّه وصدقق رسله الكرام، فإنهم يعرضون عنها فلا ينظرون إليها ولا يبالون بها، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوق يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون‏}‏، وهذا تهديد لهم ووعيد شديد على تكذيبهم بالحق، بأنه لا بد أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب، وليجدن غبّه، وليذوقن وباله، ثم قال تعالى واعظاً لهم ومحذراً لهم أن يصيبهم من العذاب والنكال الدنيوي ما حل بأشباههم ونظرائهم من القرون السالفة، الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر جمعاً، وأكثر أموالاً وأولاداً واستعلاء في الأرض، وعمارة لها فقال‏:‏ ‏{‏ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لمن نمكن لكم‏}‏ أي من الأموال والأولاد والأعمار والجاه العريض والسعة والجنود، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وأرسلنا السماء عليهم مدراراً‏}‏ أي شيئاً بعد شيء، ‏{‏وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم‏}‏ أي أكرثنا عليهم أمطارا السماء وينابيع الأرض أي استدراجاً وإملاء لهم، ‏{‏فأهلكناهم بذنوبهم‏}‏ أي بخطاياهم وسيئاتهم التي اجترحوها، ‏{‏وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين‏}‏ أي فذهب الأولون كأمس الذاهب وجعلناهم أحاديث ‏{‏وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين‏}‏ أي جيلاً آخر لنختبرهم، فعملوا مثل أعمالهم فأهلكوا كإهلاكهم، فاحذروا أيها المخاطبون أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فما أنتم بأعز على اللّه منهم والرسول الذي كذبتموه أكرم على اللّه من رسولهم، فأنت أولى بالعذاب ومعاجلة العقوبة منهم لولا لطفه وإحسانه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏7 ‏:‏ 11‏)‏
‏{‏ ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ‏.‏ وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ‏.‏ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ‏.‏ ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ‏.‏ قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحق ومباهاتهم ومنازعتهم فيه، ‏{‏ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم‏}‏ أي عاينوه ورأوا نزوله وباشروا ذلك، لقال ‏{‏الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين‏}‏، وهذا كما قال تعالى مخبراً عن مكابرتهم للمحسوسات، ‏{‏ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نححن قوم مسحورون‏}‏ وكقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم‏}‏، ‏{‏وقالوا لولا أنزل عليه ملك‏}‏ أي ليكون معه نذيراً، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون‏}‏ أي لو نزلت الملائكة على ما هم عليه لجاءهم من الله العذاب، كماقال اللّه تعالى‏:‏ ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين‏}‏ الآية، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون‏}‏ أي ولو أنزلن مع الرسول البشري ملكاً، أي لو بعثنا إلى البشر رسولاً ملكياً، لكان على هيئة الرجل ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه، ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر كما هم يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشريّ، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً‏}‏، فمن رحمته تعالى بخلقه أنه يرسل إلى كل صنف من الخلائق رسلاً منهم ليدعو بعضهم بعضاً، وليمكن بعضهم أن ينتفع ببعض في المخاطبة والسؤال، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم‏}‏
الآية‏.‏

قال الضحاك عن ابن عباس في الآية يقول‏:
لو أتاهم ملك ما أتاهم إلا في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور، ‏{‏وللبسنا عليهم ما يلبسون‏}‏ أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون، وقيل‏:‏ ولشبهنا عليهم‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون‏}‏ هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه، ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين‏}‏ أي فكروا في أنفسكم، وانظروا ما أحل الله بالقرون الماضية الذين كذبوا رسله وعاندوهم من العذاب والنكال، والعقوبة في الدنيا مع ما ادخر لهم من العذاب الأليم في الآخرة وكيف نجَّى رسله وعباده المؤمنين‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏12 ‏:‏ 16
‏{‏ قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ‏.‏ وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ‏.‏ قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين ‏.‏ قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ‏.‏ من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين ‏}‏

يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وما فيهما، وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إن اللّه لما خلق الخلق كتب كتاباَ عنده فوق العرش‏:‏ إن رحمتي تغلب غضبي‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه‏}‏ هذه اللام هي المطئة للقسم، فأقسم بنفسه الكريمة ليجمعن عباده ‏{‏إلى ميقات يوم معلوم‏}‏ وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه أي لا شك عند عباده المؤمنين، فأما الجاحدون المكذبون فهم في ريبهم يترددون‏.‏ عن ابن عباس قال‏:‏ سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين هل فيه ماء‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده إن فيه لماء، إن أولياء اللّه ليردون حياض الأنبياء، ويبعث اللّه تعالى سبعين ألف ملك في ايديهم عصي من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء‏)‏ هذا حديث غريب، وفي الترمذي‏:‏ ‏(‏إن لكل نبي حوضاً وأرجوا أن أكون أكثرهم واردة‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏الذين خسروا أنفسهم‏}‏ أي يوم القيامة ‏{‏فهم لا يؤمنون‏}‏ أي لا يصدقون بالمعاد ولا يخافون شر ذلك اليوم، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وله ما سكن في الليل والنهار‏}‏ أي كل دابة في السموات والأرض، الجميع عباده وخلقه وتحت قهره وتصرفه وتدبيره، لا إله إلا هو ‏{‏وهو السميع العليم‏}‏ أي السميع لأقوال عباده، لاعليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم، ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم، وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم‏:‏ ‏{‏قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض‏}‏ كقوله‏:‏ ‏{‏قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون‏}‏ والمعنى‏:‏ لا أتخذ ولياً إلا اللّه وحده لا شريك له فإنه فاطر السموات والأرض أي خالقهما ومبدعهما على غير مثال سبق، ‏{‏وهو يطعم ولا يطعم‏}‏ أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏}‏ الآية، وقرأ بعضهم ‏{‏هو يُطعِم ولا يَطْعَم‏}‏‏:‏ أي لا يأكل‏.‏

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال‏:
دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم على طعام، فانطلقنا معه فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه قال‏:‏ ‏(‏الحمد للّه الذي يطعم ولا يطعم، ومنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا من الشراب، وكسانا من العري، وكل بلاء حسن أبلانا، الحد للّه غير مودع ربي ولا مكفي ولا مكفور ولا مستغني عنه، الحمد للّه الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب وكسانا من العري، وهدانا من الضلال، وبصرنا من العمى، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد للّه رب العالمين‏)‏ ‏{‏قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم‏}‏ أي من هذه الأمة، ‏{‏ولا تكونن من المشركين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم‏}‏ يعني يوم القيامة ‏{‏من يصرف عنه‏}‏ أي العذاب ‏{‏يومئذ فقد رحمه‏}‏ يعني فقد رحمه اللّه‏{‏وذلك هو الفوز المبين‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز‏}‏ والفوز حصول الربح ونفي الخسارة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏17 ‏:‏ 21‏)‏
‏{‏ وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ‏.‏ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ‏.‏ قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون ‏.‏ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ‏.‏ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون ‏}‏

يقول تعالى مخبراً‏:‏ أنه مالك الضر والنفع، وأنه المتصرف في خلقه بما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، ‏{‏وإن يمسسك اللّه بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير‏}‏ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده‏}‏ الآية‏.‏ وفي الصحيح أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏(‏اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد‏)‏، ولهذا قال تعالى ‏{‏وهو القاهر فوق عباده‏}‏ أي هو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له والوجه، وقهر كل شيء، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوه وقدرته على الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت قهره وحكمه، ‏{‏وهو الحكيم‏}‏‏:‏ أي في جميع أفعاله، ‏{‏الخبير‏}‏ بمواضع الأشياء ومحالها فلا يعطي إلا من يستحق، ولا يمنع إلا من يستحق‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏قل أي شيء أكبر شهادة‏}‏ أي من أعظم الأشياء شهادة، ‏{‏قل الله شهيد بيني وبينكم‏}‏ أي هو العالم بما جئتكم به وما أنتم قائلون لي ‏{‏وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ‏}‏ أي وهو نذير لكل من بلغه، كقوله تعالى ‏{‏ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده‏}‏ قال ابن ابي حاتم عن محمد بن كعب في قوله‏:‏ ‏{‏ومن بلغ‏}‏ ومن بلغه القرآن، فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وروى ابن جرير عن محمد بن كعب قال‏:‏ من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم وقال عبد الرزاق عن قتادة في قوله تعالى ‏{‏لأنذركم به ومن بلغ‏}‏ إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏بلغوا عن اللّه فمن بلغته آية من كتاب اللّه فقد بلغه أمر الله‏)‏، وقال الربيع بن أنس‏:‏ حقُّ على من اتبع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يدعو كالذي دعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأن ينذر بالذي أنذر‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏أئنكم لتشهدون‏}‏ أيها المشركون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد‏}‏ كقوله‏:‏ ‏{‏فإن شهدوا فلا تشهد معهم‏}‏، ‏{‏قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون‏}‏، ثم قال تعالى مخبراً عن أهل الكتاب أنهم يعرفون هذا الذي جئتهم به كما يعرفون أبناءهم بما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين المتقدمين والأنبياء، فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وصفته وبلده ومهاجره وصفته أمته، ولهذا قال بعده‏:‏ ‏{‏الذين خسروا أنفسهم‏}‏ أي خسروا كل الخسارة، ‏{‏فهم لا يؤمنون‏}‏ بهذا الأمر الجلي الظاهر الذي بشرت به الأنبياء ونوهت به في قديم الزمان وحديثه، ثم قال‏:‏ ‏{‏ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذباً أوكذب بآياته‏}‏ أي لا أظلم ممن تقوّل على اللّه فادعى أن الله أرسله ولم يكن أرسله، ثم لا أظلم ممن كذب بآيات اللّه وحججه وبراهينه ودلالاته ‏{‏إنه لا يفلح الظالمون‏}‏ أي لا يفلح هذا ولا هذا، لا المفتري ولا المكذب‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس