عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2014, 05:14 AM   رقم المشاركة : 21
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الأية رقم ‏(‏146‏)‏
‏{‏ وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما
إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ وحرمنا على اليهود كل ذي ظفر، وهو البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع كالإبل والنعام والاوز والبط، قال ابن عباس‏:‏ هو البعير والنعامة، وقال سعيد بن جبير‏:‏ هو الذي ليس منفرج الأصابع، وفي رواية عنه‏:‏ كل متفرق الأصابع، ومنه الديك، وقال مجاهد ‏{‏كل ذي ظفر‏}‏ قال‏:‏ النعامة والبعير شقاً شقاً‏.‏ قلت للقاسم بن أبي بزة وحدثته ما شقاً شقاً‏؟‏ قال‏:‏ كل ما لا ينفرج من قوائم البهائم، قال‏:‏ وما انفرج أكلته، قال‏:‏ انفرجت قوائم البهائم والعصافير، قال‏:‏ فيهود تأكله، قال‏:‏ ولم تنفرج قائمة البعير - خفه - ولا خف النعامة ولا قائمة الوز، فلا تأكل اليهود الإبل ولا النعامة ولا الوز، ولا كل شيء لم تنفرج قائمته، ولا تأكل حمار الوحش، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما‏}‏ قال السدي‏:‏ يعني الترب وشحم الكليتين، وكانت اليهود تقول‏:‏ إن حرمه إسرائيل فنحن نحرمه، وكذا قال ابن زيد، وقال قتادة الثرب الثرب بالفتح‏:‏ الشحم الذي على الكرش والأمعاء وكل شحم كان كذلك ليس في عظم، وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏إلا ما حملت ظهورهما‏}‏ يعني ما علق بالظهر من الشحوم، وقال السدي‏:‏ الألية مما حملت ظهورهما، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو الحوايا‏}‏ الحوايا جمع واحدها حاوياء وحاوية وحوية، وهو ما تحوي من البطن، وهي المباعر، وتسمى المرابض، وفيها الأمعاء، ومعنى الكلام‏:‏ ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما وما حملت الحوايا‏.‏ قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ الحوايا المبعر والمربض وهو قول سعيد بن جبير والضحّاك وقتادة والسدي وعبد الرحمن بن أسلم وغيرهم ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو ما اختلط بعظم‏}‏ يعني إلا ما اختلط من الشحوم بعظم فقد أحللناه لهم، وقال ابن جريج‏:‏ شحم الألية ما اختلط بالعصعص، فهو حلال، وكل شيء في القوائم والجنب والرأس والعين، وما اختلط بعظم فهوحلال ونحوه قاله السدي‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك جزيناهم ببغيهم‏}‏ أي هذا التضييق إنما فعلناه بهم وألزمناهم به مجازاة على بغيهم ومخالفتهم أوامرنا، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإنا لصادقون‏}‏ أي وإنا لعادلون فيما جازيناهم به، وقال ابن جرير‏:‏ وإنا لصادقون فيما أخبرناك به يا محمد من تحريمنا ذلك عليهم، لا كما زعموا من أن إسرائيل هو الذي حرمه على نفسه، واللّه أعلم‏.‏ وقال عبد اللّه بن عباس‏:‏ بلغ عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أن سمرة باع خمراً، فقال‏:‏ قاتل اللّه سمرة ألم يعلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها‏)‏‏؟‏ أخرجاه‏.‏ وعن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول عام الفتح‏:‏ ‏(‏إن اللّه ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام‏)‏، فقيل‏:‏ يا رسول اللّه أرأيت شحوم الميتة فإنها يدهن بها الجلود وتطلى بها السفن ويستصبح بها الناس‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏لا، هو حرام‏)‏ ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك‏:‏ ‏)‏قاتل اللّه اليهود إن اللّه لما حرم عليهم شحومهما جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه‏)‏ ‏"‏أخرجه الجماعة من طرق عديدة‏"‏، وعن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏قاتل اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها‏)‏ ‏"‏رواه البخاري ومسلم‏"‏، وقال ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان قاعداً خلف المقام فرفع بصره إلى السماء فقال‏:‏ ‏(‏لعن اللّه اليهود - ثلاثاً - إن اللّه حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها وإن اللّه لم يحرم على قوم أكل شيء إلا حرم عليهم ثمنه‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس مرفوعاً‏"‏‏.‏ وقال الإمام أحمد عن ابن عباس قال‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قاعداً في المسجد مستقبلاً الحجر، فنظر إلى السماء فضحك فقال‏:‏ ‏(‏لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن اللّه إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه‏)
‏ ‏"‏أخرجه الإمام أحمد في المسند‏)‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏147‏)‏
‏{‏ فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ فإن كذبك يا محمد مخالفوك من المشركين واليهود ومن شابههم فقل‏:‏ ‏{‏ربكم ذو رحمة واسعة‏}‏ وهذا ترغيب لهم في ابتغاء رحمة اللّه الواسعة واتباع رسوله، ‏{‏ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين‏}‏ ترهيب لهم من مخالفتهم الرسول وخاتم النبيين، وكثيراً ما يقرن اللّه تعالى بين الترغيب والترهيب في القرآن كما قال تعالى في آخر هذه السورة‏:‏ ‏{‏إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏إن بطش ربك لشديد * إنه هو يبدىء ويعيد * وهو الغفور الودود‏}‏ والآيات في هذا كثيرة جداً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏148 ‏:‏ 150‏)‏
‏{‏ سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ‏.‏ قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ‏.‏ قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون ‏}‏
هذه مناظرة ذكرها اللّه تعالى، وشبهة تشبث بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا، فإن اللّه مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان ويحول بيننا وبين الكفر، فلم يغيره ودل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا بذلك، ولهذا قالوا‏:‏ ‏{‏لو شاء اللّه ما أشركنا‏}‏، كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم‏}‏ الآية، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏كذلك كذب الذين من قبلهم‏}‏ أي بهذه الشبهة ضل من ضل قبل هؤلاء وهي حجة داحضة باطلة، لأنها لو كانت صحيحة لما أذاقهم اللّه بأسه ودمر عليهم وأدال عليهم رسله الكرام، وأذاق المشركين من أليم الانتقام، ‏{‏قل هل عندكم من علم‏}‏ أي بأن اللّه راض عنكم فيما أنتم فيه، ‏{‏فتخرجوه لنا‏}‏ أي فتظهروه لنا وتبينوه وتبرزوه، ‏{‏إن تتبعون إلا الظن‏}‏ أي الوهم والخيال والمراد بالظن ها هنا الاعتقاد الفاسد، ‏{‏وإن أنتم إلا تخرصون‏}‏ تكذبون على اللّه فيما ادعيتموه، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين‏}‏، يقول تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏قل‏}‏ لهم يا محمد ‏{‏فللّه الحجة البالغة‏}‏ أي له الحكمة التامة والحجة البالغة في هداية من هدى وإضلال من ضل، ‏{‏فلو شاء لهداكم أجمعين‏}‏ فكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويبغض الكافرين، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولو شاء ربك لآمن من في الأرض‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة‏}‏، قال الضحاك‏:‏ لا حجة لأحد عصى اللّه، ولكن للّه الحجة البالغة على عباده، قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل هلم شهداءكم‏}‏ أي أحضروا شهداءكم ‏{‏الذين يشهدون أن اللّه حرم هذا‏}‏ أي هذا الذي حرمتموه وكذبتم وافتريتم على اللّه فيه، ‏{‏فإن شهدوا فلا تشهد معهم‏}‏ أي لأنهم إنما يشهدون والحالة هذه كذباً وزوراً، ‏{‏ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون‏}‏ أي يشركون به ويجعلون له عديلاً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏151‏)‏
‏{‏ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ‏}‏
قال ابن مسعود رضي اللّه عنه‏:‏ من أراد أن ينظر إلى وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ هؤلاء الآيات‏:‏ ‏{‏قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً - إلى قوله - لعلكم تعقلون‏}‏‏.‏ وقال الحاكم في مستدركه عن عبد اللّه بن خليفة قال‏:‏ سمعت ابن عباس يقول‏:‏ في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب، ثم قرأ‏:‏ ‏{‏قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم‏}‏ الآيات، وعن عبادة بن الصامت قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أيكم يبايعني على ثلاث‏)‏ ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم‏}‏ حتى فرغ من الآيات‏.‏‏.‏ ‏(‏فمن أوفى فأجره على اللّه ومن انتقص منهن شيئاً فأدركه اللّه به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخر إلى الآخرة فأمره إلى اللّه إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه‏)‏ ‏"‏رواه الحاكم وقال‏:‏ صحيح الإسناد ولم يخرجاه‏"‏‏.‏ يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى اللّه عليه وسلم قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير اللّه وحرموا ما رزقهم اللّه وقتلوا أولادهم، وكل ذلك فعلوه بآرائهم وتسويل الشياطين لهم ‏{‏قل‏}‏ لهم ‏{‏تعالوا‏}‏ أي هلموا وأقبلوا ‏{‏أتل ما حرم ربكم عليكم‏}‏ أي أقص عليكم وأخبركم بما حرم ربكم عليكم حقاً لا تخرصاً ولا ظناً، بل وحياً منه وأمراً من عنده ‏{‏ألا تشركوا به شيئاً‏}‏ وكأن في الكلام محذوفاً دل عليه السياق وتقديره‏:‏ وأوصاكم ‏{‏ألا تشركوا به شيئاً‏}‏ ولهذا قال في آخر الآية‏:‏
‏{‏ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون‏}‏‏.‏

وفي الصحيحين من حديث
أبي ذر رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك باللّه شيئاً من أمتك دخل الجنة، قلت‏:‏ وإن زنى وإن سرق‏؟‏ قال‏:‏ وإن زنى وإن سرق، قلت‏:‏ وإن زنى وإن سرق‏؟‏ قال‏:‏ وإن زنى وإن سرق، قلت‏:‏ وإن زنى وإن سرق‏؟‏ قال‏:‏ وإن زنى وإن سرق، وإن شرب الخمر‏)‏؛ وفي بعض الروايات أنه عليه الصلاة والسلام قال في الثالثة‏:‏ ‏(‏وإن رغم أنف أبي ذر‏)‏، فكان أبو ذر يقول بعد تمام الحديث‏:‏ ‏(‏وإن رغم أنف أبي ذر‏)‏، وفي بعض المسانيد والسنن عن أبي ذر قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول تعالى‏:‏ يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني فإني أغفر لك على ما كان منك ولا أبالي، ولو أتيتني بقراب الأرض خطيئة أتيتك بقرابها مغفرة ما لم تشرك بي شيئاً، وإن أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، ولهذا شاهد في القرآن قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء‏}‏، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود‏:‏ ‏(‏من مات لا يشرك باللّه شيئاً دخل الجنة‏)‏ والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جداً، وعن عبادة بن الصامت قال‏:‏ أوصانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بسبع خصال‏:‏ ‏(‏ألا تشركوا باللّه شيئاً وإن حرقتم وقطعتم وصلّبتم‏)‏ ‏"‏رواه ابن مردويه وابن أبي حاتم‏"‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وبالوالدين إحساناً‏}‏ أي أوصاكم وأمركم بالوالدين إحساناً أي أن تحسنوا إليهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً‏}‏، واللّه تعالى كثيراً ما يقرن بين طاعته وبر الوالدين كما قال‏:‏ ‏{‏أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير‏}‏، فأمر بالإحسان إليهما وإن كانا مشركين بحسبهما، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا اللّه وبالوالدين إحساناً‏}‏ والآيات في هذا كثيرة‏.‏

وفي الصحيحين
عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ أي العمل أفضل‏؟‏ قال‏:‏ الصلاة على وقتها‏(‏ قلت‏:‏ ثم أيّ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏بر الوالدين‏)‏ قلت‏:‏ ثم أيّ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الجهاد في سبيل اللّه‏)‏، قال ابن مسعود‏:‏ حدثني بهن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولو استزدته لزادني‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم‏}‏ لما أوصى تعالى بالوالدين والأجداد، عطف على ذلك الإحسان إلى الأبناء والأحفاد فقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقتلوا أولادكم من إملاق‏}‏، وذلك أنهم كانوا يقتلون أولادهم كما سولت لهم الشياطين ذلك، فكانوا يئدون البنات خشية العار، وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار، ولهذا ورد في الصحيحين من حديث عبد اللّه ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ أي الذنب أعظم‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أن تجعل للّه نداً وهو خلقك‏)‏ قلت‏:‏ ثم أي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك‏)‏، قلت‏:‏ ثم أي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أن تزاني حليلة جارك‏)‏ ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏والذين لا يدعون مع اللّه إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم اللّه إلا بالحق ولا يزنون‏}‏ ‏"‏أخرجه الشيخان عن عبد اللّه بن مسعود‏"‏الآية‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏من إملاق‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ هو الفقر أي ولا تقتلوهم من فقركم الحاصل، وقال في سورة الإسراء‏:‏ ‏{‏ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق‏}‏ أي لا تقتلوهم خوفاً من الفقر في الآجل، ولهذا قال هناك‏:‏ ‏{‏نحن نرزقهم وإياكم‏}‏ فبدأ برزقهم للاهتمام بهم أي لا تخافوا من فقركم بسبب رزقهم فهو على اللّه وأما هنا فلما كان الفقر حاصلاً قال‏:‏ ‏{‏نحن نرزقكم وإياهم‏}‏ لأنه الأهم هنا واللّه أعلم‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن‏}‏، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق‏}‏‏.‏ قد تقدم تفسيرها في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وذروا ظاهر الإثم وباطنه‏}‏ وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لا أحد أغير من اللّه من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن‏)‏

وفي الصحيحين قال سعد بن عبادة لو رأيت مع امرأتي رجلاً لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏أتعجبون من غيرة سعد‏؟‏ فواللّه لأنا أغير من سعد، واللّه أغير مني، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن‏)‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقتلوا النفس التي حرم اللّه إلا بالحق‏}‏، وهذا مما نص تبارك وتعالى على النهي عنه تأكيداً وإلا فهو داخل في النهي عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فقد جاء في الصحيحين عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه إلا بإحدى ثلاث‏:‏ الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة‏)‏، وفي لفظ لمسلم‏:‏ ‏(‏والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم‏)‏ وذكره، وروى أبو داود والنسائي عن عائشة رضي اللّه عنها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال زان محصن يرجم، ورجل قتل متعمداً فيقتل، ورجل يخرج من الإسلام وحارب اللّه ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض‏)‏ وعن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أنه قال وهو محصور‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث‏:‏ رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل بغير نفس‏)‏ فواللّه ما زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا تمنيت أن لي بديني بدلاً منه بعد إذ هداني اللّه، ولا قتلت نفساً، فبم تقتلوني ‏"‏رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي‏:‏ حديث حسن‏"‏‏؟‏ وقد جاء النهي والزجر والوعيد في قتل المعاهد وهو المستأمن من أهل الحرب، فروى البخاري عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم مرفوعاً‏:‏ ‏(‏من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً‏)‏ وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من قتل معاهداً له ذمة اللّه وذمة رسوله فقد أخفر بذمة اللّه فلا يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً‏)‏ ‏"‏رواه ابن ماجه والترمذي وقال‏:‏ حسن صحيح‏"‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون‏}‏ أي هذا مما وصاكم به لعلكم تعقلون عن اللّه وأمره ونهيه‏.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس