عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2014, 03:19 AM   رقم المشاركة : 4
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


وعن سهل بن سعد قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن العبد ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار، وإنه من أهل الجنة، وإنما الأعمال بالخواتيم‏)‏ ‏"‏هذا جزء من حديث رواه البخاري‏"‏وفي الحديث‏:‏ ‏(‏يبعث كل عبد على ما مات عليه‏)‏ ‏"‏رواه مسلم وابن ماجه‏"‏‏.‏ قلت‏:‏ ولا بد من الجمع بين هذا القول وإن كان هو المراد من الآية وبين قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت اللّه التي فطر الناس عليها‏}‏، وما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه‏)‏، ووجه الجمع على هذا‏:‏ أنه تعالى خلقهم ليكون منهم مؤمن وكافر في ثاني الحال، وإن كان قد فطر الخلق كلهم على معرفته وتوحيده والعلم بأنه لا إله غيره، كما أخذ عليهم الميثاق بذلك وجعله في غرائزهم وفطرهم، ومع هذا قدر أن منهم شقياً ومنهم سعيداً، ‏{‏هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن‏}‏، وفي الحديث‏:‏ ‏(‏كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها‏)‏ وقدر اللّه نافذ في بريته، فإنه هو ‏{‏الذي قدر فهدى‏}‏ و‏{‏الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى‏}‏، وفي الصحيحين‏:‏ ‏(‏فأما من كان منكم من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة‏)‏، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة‏}‏، ثم علل ذلك فقال‏:‏ ‏{‏إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله‏}‏ الآية‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏31‏)‏
‏{‏ يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا
ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ‏}‏
هذه الآية الكريمة رد على المشركين فيما كانوا يعتمدونه من الطواف بالبيت عراة، كما روي عن ابن عباس، قال‏:‏ كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء، الرجال بالنهارن والنساء بالليل، وكانت المرأة تقول‏:‏
اليوم يبدو بعضه أو كله * وما بدا منه فلا أحله
فقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏خذوا زينتكم عند كل مسجد‏}‏ ‏"‏رواه مسلم والنسائي وابن جرير واللفظ له‏"‏، وقال العوفي عن ابن عباس‏:‏ كان رجال يطوفون بالبيت عراة، فأمرهم اللّه بالزينة، والزينةُ اللباس، وهو ما يواري السوأة، وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع، فأمروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد ‏"‏وروي عن مجاهد وعطاء والنخعي وقتادة والسدي والضحّاك وغيرهم‏"‏‏.‏ ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنّة يستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة، ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة، والسواك لأنه من تمام ذلك، ومن أفضل اللباس البياض، كما قال الإمام أحمد عن ابن عباس مرفوعاً قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إلبسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالكم الإثمد فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر‏)‏، وللإمام أحمد أيضاً وأهل السنن، عن سمرة بن جندب قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏عليكم بثياب البياض فالبسوها فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم‏)ويروى أن تميماً الداري اشترى رداء بألف وكان يصلي فيه‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وكلوا واشربوا‏}‏ الآية، قال بعض السلف‏:‏ جمع اللّه الطب كله في نصف آية‏:‏ ‏{‏وكلوا واشربوا ولا تسرفوا‏}‏، وقال البخاري، قال ابن عباس‏:‏ كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان‏:‏ سرف ومخيلة‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ أحل اللّه الأكل والشرب، ما لم يكن سرفاً أو مخيلة، وفي الحديث‏:‏ ‏(‏كلوا واشربوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن اللّه يحب أن يرى نعمته على عبده‏)‏ ‏"‏رواه أحمد والنسائي وابن ماجه‏"‏، وقال الإمام أحمد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان فاعلاً لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه‏)‏ ‏"‏ورواه النسائي والترمذي، وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏"‏، وفي الحديث‏:‏ ‏(‏إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت‏)‏ ‏"‏رواه الحافظ الموصلي والدارقطني وقال فيه‏:‏ هذا حديث غريب‏"‏‏.‏ وقال السدي‏:‏ كان الذين يطوفون بالبيت عراة يحرمون عليهم الودك ‏"‏الدسم‏"‏ما أقاموا في المواسم، فقال اللّه تعالى لهم‏:‏ ‏{‏كلوا واشربوا‏}‏ الآية، يقول‏:‏ لا تسرفوا في التحريم، وقال مجاهد‏:‏ أمرهم أن يأكلوا ويشربوا مما رزقهم اللّه، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ‏{‏ولا تسرفوا‏}‏ ولا تأكلوا حراماً ذلك الإسراف، وقال ابن جرير، وقوله‏:‏ ‏{‏إنه لا يحب المسرفين‏}‏، يقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يحب المعتدين‏}‏ حده في حلال أو حرام، الغالين فيما أحل بإحلال الحرام أو بتحريم الحلال، ولكنه يحب أن يحلل ما أحل ويحرم ما حرم، وذلك العدل الذي أمر به‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏32‏)‏
‏{‏ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ‏}‏
يقول تعالى رداً على من حرم شيئاً من المآكل أو المشارب أو الملابس من تلقاء نفسه من غير شرع من اللّه ‏{‏قل‏}‏ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يحرمون ما يحرمون بآرائهم الفاسدة وابتداعهم ‏{‏من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده‏}‏ الآية، أي هي مخلوقة لمن آمن باللّه وعبده في الحياة الدينا، وإن شركهم فيها الكفار حساً في الدينا، فهي لهم خاصة يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد من الكفار، فإن الجنة محرمة على الكافرين‏.‏ عن ابن عباس قال‏:‏ كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل اللّه ‏{‏قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده‏}‏ فأمروا بالثياب ‏
"‏رواه الطبراني عن ابن عباس‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏33‏)‏
‏{‏ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ‏}‏
عن عبد اللّه بن مسعود قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا أحد أغير من اللّه، فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من اللّه‏)‏ ‏"‏رواه أحمد والشيخان‏"‏، وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بالفواحش ما ظهر منها وما بطن في
سورة الأنعام‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏والإثم والبغي بغير الحق‏}‏، قال السدي‏:‏ أما الإثم فالمعصية، والبغي أن تبغي على الناس بغير الحق، وقال مجاهد‏:‏ الإثم المعاصي كلها، وأخبر أن الباغي بغيه على نفسه، وحاصل ما فسر به الإثم‏:‏ أن الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه، والبغي هو التعدي إلى الناس، فحرم اللّه هذا وهذا‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا‏}‏ أي تجعلوا له شركاء في عبادته، ‏{‏وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون‏}‏ عن الافتراء والكذب من دعوى أن له ولداً، ونحو ذلك مما لا علم لكم به، كقوله‏:‏ ‏{‏فاجتنبوا الرجس من الأوثان‏}‏ الآية‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏34 ‏:‏36‏)‏
‏{‏ ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ‏.‏ يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ‏.‏ والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ولكل أمة‏}‏ أي قرن وجيل ‏{‏أجل فإذا جاء أجلهم‏}‏ أي ميقاتهم المقدر لهم ‏{‏لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون‏}‏، ثم أنذر تعالى بني آدم أنه سيبعث إليهم رسلاً يقصون عليهم آيايته وبشر وحذر فقال‏:‏ ‏{‏فمن اتقى وأصلح‏}‏ أي ترك المحرمات وفعل الطاعات ‏{‏فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها‏}‏ أي كذبت بها قلوبهم واستكبروا عن العمل بها، ‏{‏أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏}‏ أي ماكثون فيها مكثاً مخلداً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏37‏)‏
‏{‏ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏فمن أظلم ممن افترى على اللّه الكذب أو كذب بآياته‏}‏ أي لا أحد أظلم ممن افترى الكذب على اللّه أو كذب بآياته المنزلة ‏{‏أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب‏}‏، اختلف المفسرون في معناه، فقال ابن عباس‏:‏ ينالهم ما كتب عليهم، وكتب لمن كذب على اللّه أن وجهه مسود، وعنه قال‏:‏ نصيبهم من الأعمال، من عمل خيراً جزي به، ومن عمل شراً جزي به‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ ما وعدوا به من خير وشر، واختاره ابن جرير،

وقال محمد القرظي ‏{‏أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب‏}‏، قال‏:‏ عمله ورزقه وعمره، وهذا القول قوي في المعنى، والسياق يدل عليه، وهو قوله‏:‏ ‏{‏حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم‏}‏ ونظير المعنى في هذه الآية، كقوله‏:‏ ‏{‏إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم‏}‏ الآية‏.‏ يخبر تعالى أن الملائكة إذا توفيت المشركين تفزعهم عند الموت وقبض أرواحهم إلى النار، يقولون لهم‏:‏ أين الذين كنتم تشركون بهم في الحياة الدنيا وتدعونهم وتعبدونهم من دون اللّه ادعوهم يخلصوكم مما أنتم فيه، قالوا‏:‏ ‏{‏ضلوا عنا‏}‏ أي ذهبوا عنا فلا نرجو نفعهم ولا خيرهم ‏{‏وشهدوا على أنفسهم‏}‏ أي أقروا واعترفوا على أنفسهم ‏{‏أنهم كانوا كافرين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏38 ‏:‏ 39‏)‏
‏{‏ قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ‏.‏ وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ‏}
‏ يقول تعالى مخبراً عما يقوله لهؤلاء المشركين به المفترين عليه المكذبين بآياته ‏{‏ادخلوا في أمم‏}‏ أي من أمثالكم وعلى صفاتكم، ‏{‏قد خلت من قبلكم‏}‏ أي من الأمم السالفة الكافره، ‏{‏من الجن والإنس في النار‏}‏ ويحتمل أن يكون ‏{‏في أمم‏}‏ أي مع أمم‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏كلما دخلت أمة لعنت أختها‏}‏ كما قال الخليل عليه السلام، ‏{‏ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض‏}‏ الآية‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏حتى إذا اداركوا فيها جميعا‏}‏ أي اجتمعوا فيها كلهم ‏{‏قالت أخراهم لأولاهم‏}‏ أي أخراهم دخولاً وهم الأتباع لأولاهم وهم المتبوعون لأنهم أشد جرماً من أتباعهم فدخلوا قبلهم فيشكوهم الأتباع إلى اللّه يوم القيامة لأنهم هم الذين أضلوهم عن سواء السبيل، فيقولون‏:‏ ‏{‏ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار‏}‏ أي أضعف عليهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب‏}‏ الآية‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏قال لكل ضعف‏}‏ أي قد فعلنا ذلك وجازينا كلاً بحسبه، كقوله‏:‏ ‏{‏الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه زدناهم عذابا‏}‏ الآية،

وقوله‏:‏ ‏{‏وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم‏}‏ الآية، ‏{‏وقالت أولاهم لأخراهم‏}‏ أي قال المتبوعون للأتباع‏:‏ ‏{‏فما كان لكم علينا من فضل‏}‏، قال السدي‏:‏ لقد ضللتم كما ضللنا، ‏{‏فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون‏}‏، وهذه الحال كما أخبر اللّه تعالى عنهم في حال محشرهم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين‏}‏ الآيات‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏40 ‏:‏ 41‏)‏
‏{‏ إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين ‏.‏ لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين ‏}‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا تفتح لهم أبواب السماء‏}‏ قيل‏:‏ المراد لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء قاله مجاهد وسعيد بن جبير ورواه العوفي عن ابن عباس ، وقيل‏:‏ المراد لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء ‏"‏رواه الضحاك عن ابن عباس وبه قال السدي‏"‏، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد عن البراء بن عازب قال‏:‏ خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه
وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال‏:‏ ‏(‏استعيذوا باللّه من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثاً - ثم قال‏:‏ إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول‏:‏ أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من اللّه ورضوان - قال‏:‏ فتخرج تسيل كما يسيل القطر في السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا‏:‏ ما هذه الروح الطيبة‏؟‏ فيقولون‏:‏ فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة، فيقول اللّه عز وجلَّ‏:‏ اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال‏:‏ فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له‏:‏ من ربك‏؟‏ فيقول‏:‏ ربي اللّه، فيقولان له‏:‏ ما دينك‏؟‏ فيقول‏:‏ ديني الإسلام، فيقولان له‏:‏ ما هذا الرجل الذي بعث فيكم‏؟‏ فيقول‏:‏ هو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فيقولان له‏:‏ وما عملك‏؟‏ فيقول‏:‏ قرأت كتاب اللّه فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء‏:‏ أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة،

فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له قبره مد البصر - قال‏:‏ ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول‏:‏ أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له‏:‏ من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير‏؟‏ فيقول‏:‏ أنا عملك الصالح، فيقول‏:‏ رب أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس