عرض مشاركة واحدة
قديم 19-05-2014, 08:08 PM   رقم المشاركة : 19
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الأية رقم ‏(‏122‏)‏
‏{‏ وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ‏}‏

هذا بيان من اللّه تعالى لما أراد من نفير الأحياء مع الرسول صلى اللّه عليه وسلم في غزوة تبوك، عن ابن عباس في الآية‏:‏ ‏{‏وما كان المؤمنون لينفروا كافة‏}‏، يقول‏:‏ ما كان المؤمنون لينفروا جميعاً ويتركوا النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده‏:‏ ‏{‏فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة‏}‏ يعني عصبة، يعني السرايا ولا يسيروا إلا بإذنه، فإذا رجعت السرايا وقد أنزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون من النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقالوا‏:‏ إن اللّه قد أنزل على نبيكم قرآناً، وقد تعلمناه فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل اللّه على نبيهم بعدهم، ويبعث سرايا أخرى، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏ليتفقهوا في الدين‏}‏ يقول‏:‏ ليعلموا ما أنزل اللّه على نبيهم، وليعلموا السرايا إذا رجعت إليهم ‏{‏لعلهم يحذرون‏}‏‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ نزلت هذه الآية في أناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم خرجوا في البوادي، فأصابوا من الناس معروفاً، ومن الخصب ما ينتفعون به، ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى، فقال لهم الناس‏:‏ ما نراكم إلا وقد تركتم أصحابكم وجئتمونا، فوجدوا من أنفسهم من ذلك تحرجاً، واقبلوا من البادية كلهم حتى دخلوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال اللّه عز وجل‏:‏ ‏{‏فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة‏}‏ يبغون الخير ‏{‏ليتفقهوا في الدين‏}‏ وليستمعوا إلى ما أنزل اللّه، ‏{‏ولينذروا قومهم‏}‏ الناس كلهم ‏{‏إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون‏}‏، وقال الضحاك‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا غزا بنفسه لم يحل لأحد من المسلمين أن يتخلف عنه إلا أهل الأعذار، وكان إذا أقام وأرسل السرايا لم يحل لهم أن ينطلقوا إلا بإذنه، وكان الرجل إذا غزا فنزل بعده قرآن وتلاه نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أصحابه القاعدين معه، فإذا رجعت السرية قال لهم الذين أقاموا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ إن اللّه أنزل بعدكم على نبيه قرآناً فيقرئونهم ويفقهونهم في الدين، وهو قوله‏:‏ ‏{‏وما كان المؤمنون لينفروا كافة‏}‏، يقول‏:‏ إذا أقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة‏}‏ يعني ذلك أنه لا ينبغي للمسلمين أن ينفروا جميعاً، ونبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم قاعد، ولكن إذا قعد نبي اللّه فسرت السرايا وقعد معه معظم الناس‏.‏ وقال عكرمة‏:‏ لما نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏ألا تنفروا يعذبكم عذابا أليما‏}‏، ‏{‏وما كان لأهل المدينة‏}‏ الآية، قال المنافقون‏:‏ هلك أصحاب البدو والذين تخلفوا عن محمد ولم ينفروا معه، وقد كان ناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم خرجوا إلى البدو إلى قومهم يفقونهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وما كان المؤمنون لينفروا كافة‏}‏‏.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏123‏)‏
‏{‏ يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ‏}‏

أمر اللّه تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار الأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام، ولهذا بدأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقتال المشركين في جزيرة العرب، فلما فرغ منهم وفتح اللّه عليه مكة والمدينة والطائف وغير ذلك من أقاليم جزيرة العرب، ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين اللّه أفواجاً شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم لأنهم أهل الكتاب، فبلغ تبوك، ثم رجع لأجل جهد الناس وجدب البلاد وضيق الحال، وذلك سنة تسع من هجرته عليه السلام‏.‏ ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجة الوداع، ثم عاجلته المنية صلوات اللّه وسلامه عليه بعد حجته بأحد وثمانين يوماً، فاختاره اللّه لما عنده، وقام بالأمر بعده وزيره وخليفته أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، فأدى عن الرسول ما حمله، ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان، وإلى الفُرس عبدة النيران، ففتح اللّه ببركة سفارته البلاد، وأرغم أنف كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد، وأنفق كنوزهما في سبيل اللّه، كما أخبر بذلك رسول اللّه، وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده، وولي عهده الفاروق عمر بن الخطاب، رضي اللّه عنه، فأرغم اللّه به أنوف الكفرة الملحدين، واستولى على الممالك شرقاً وغرباً، ثم لما مات أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة عثمان بن عفان رضي اللّه عنه شهيد الدار، فكسى الإسلام حلة سابغة، وأمدت في سائر الأقاليم على رقاب العباد حجة اللّه البالغة فظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها‏.‏ وعلت كلمة اللّه وظهر دينه، وبلغت الملة الحنيفة من أعداء اللّه غاية مآربها، وكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار امتثالاً لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار‏}‏‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وليجدوا فيكم غلظة‏}‏ أي وليجد الكفار منكم غلظة عليهم في قتالكم لهم، فإن المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقاً بأخيه المؤمن، غليظاً على عدوه الكافر، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أشداء على الكفار رحماء بينهم‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم‏}‏، وفي الحديث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أنا الضحوك القتال‏)‏ يعين أنه ضحوك في وجه وليه، قتال لهامة عدوه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏واعلموا أن اللّه مع المتقين‏}‏ أي قاتلوا الكفار، وتوكلوا على اللّه، واعلموا أن اللّه معكم إذا اتقيتموه وأطعتموه، وهكذا الأمر لما كانت القرون الثلاثة الذين هم خير هذه الأمة في غاية الاستقامة والقيام بطاعة اللّه تعالى لم يزالوا ظاهرين على عدوهم، ولم تزل الفتوحات كثيرة، ثم لما وقعت الفتن والأهواء والاختلافات بين الملوك طمع الأعداء في البلاد، ثم لم يزالوا حتى استحوذوا على كثير من بلاد الإسلام، وللّه الأمر من قبل ومن بعد‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏124 ‏:‏ 125‏)‏
‏{‏ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ‏.‏ وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا ما أنزلت سورة‏}‏ فمن المنافقين {‏من يقول أيكم زادته هذه إيمانا‏}‏ أي يقول بعضهم لبعض، وفي الآية الدلائل على أن الإيمان يزيد وينقص كما هو مذهب أكثر السلف والخلف من أئمة العلماء،{‏وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم‏}‏ أي زادتهم شكاً إلى شكهم وريباً إلى ريبهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى‏}‏، وهذه من جملة شقائهم أن ما يهدي القلوب يكون سبباً لضلالهم ودمارهم، كما أن سيء المزاج لو غذي بما غذي به لا يزيده إلا خبالاً ونقصاً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏126 ‏:‏ 127‏)‏
‏{‏ أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ‏.‏ وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ أولا يرى هؤلاء المنافقون، ‏{‏أنهم يفتنون‏}‏ أي يختبرون، ‏{‏في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون‏}‏ أي لا يتوبون عن ذنوبهم السالفة، ولا هم يذكرون فيما يستقبل من أحوالهم‏.‏ قال مجاهد‏:‏ يختبرون بالسنة والجوع، وقال قتادة بالغزو في السنة مرة أو مرتين، وقوله‏:‏ ‏{‏وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض‏}‏ هذا أيضاً إخبار عن المنافقين أنهم إذا أنزلت سورة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏نظر بعضهم إلى بعض‏}‏ أي تلفتوا ‏{‏هل يراكم من أحد ثم انصرفوا‏}‏ أي تولوا عن الحق وانصرفوا عنه، وهذا حالهم في الدنيا لا يثبتون عند الحق ولا يقبلونه ولا يفهمونه كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر مستنفرة‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ثم انصرفوا صرف اللّه قلوبهم‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏فلما زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم‏}‏، قوله‏:‏ ‏{‏بأنهم قوم لا يفقهون‏}‏ أي لا يفهمون عن اللّه خطابه، ولا يتصدون لفهمه ولا يريدونه، بل هم في شغل عنه ونفور منه، فلهذا صاروا إلى ما صاروا إليه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏128 ‏:‏ 129‏)‏
‏{‏ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ‏.‏ فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ‏}‏

يقول تعالى ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولاً من أنفسهم أي من جنسهم وعلى لغتهم، كما قال إبراهيم عليه السلام‏:‏ ‏{‏ربنا وابعث فيهم رسولا منهم‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لقد من اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لقد جاءكم رسول من أنفسكم‏}‏ أي منكم وبلغتكم، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏عزيز عليه ما عنتم‏}‏ أي يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها، وشريعته كلها سهلة سمحة كاملة يسيرة على من يسرها اللّه تعالى عليه، ‏{‏حريص عليكم‏}‏ أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم، عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن اللّه لم يحرم حرمة إلا وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع، ألا وإني آخذ بحجزكم أن تهافتوا في النار كتهافت الفراش والذباب‏)‏ ‏"‏أخرجه الإمام أحمد‏"‏‏.‏ وعن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أتاه ملكان فيما يرى النائم، فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه‏:‏ اضرب مثل هذا ومثل أمته، فقال‏:‏ إن مثله ومثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة ولم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة فقال‏:‏ أرأيتم إن وردت بكم رياضاً معشبة وحياضاً رواء تتبعوني‏؟‏ فقالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ فانطلق بهم فأوردهم رياضاً معشبة وحياضاً رواء، فأكلوا وشربوا وسمنوا، فقال لهم‏:‏ ألم ألقكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضاً معشبة وحياضاً رواء أن تتبعوني‏؟‏ فقالوا‏:‏ بلى، فقال‏:‏ فإن بين أيديكم رياضاً هي أعشب من هذه وحياضاً هي أروى من هذه فاتبعوني، فقالت طائفة‏:‏ صدق واللّه لنتبعنَّه، وقالت طائفة‏:‏ قد رضينا بهذا نقيم عليه ‏"‏رواه أحمد‏"‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏بالمؤمنين رؤوف رحيم‏}‏ كقوله‏:‏ ‏{‏واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين‏}‏ ‏{‏فإن تولوا‏}‏ أي تولوا عما جئتهم به من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة الشاملة، ‏{‏فقل حسبي اللّه لا إله إلا هو‏}‏ أي اللّه كافي، لا إله إلا هو عليه توكلت، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا‏}‏،

‏{‏وهو رب العرش العظيم‏}‏ أي هو مالك كل شيء وخالقه، لأنه رب العرش العظيم وجميع الخلائق من السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش، مقهورون بقدرة اللّه تعالى، وعلمه محيط بكل شيء، وقدره نافذ في كل شيء، وهو على كل شيء وكيل، وقد روى أبو داود عن أبي الدرداء قال‏:‏ من قال إذا أصبح وإذا أمسى‏:‏ حسبي اللّه، لا إله إلا هو، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، سبع مرات إلا كفاه اللّه ما أهمه‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس