عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2014, 03:17 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
۩ خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : فصل الصيف و الإجازة‎

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
خُطَبّتي الجمعة من المسجد الحرام
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس - حفظه الله
خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان :
فصل الصيف و الإجازة
والتي تحدَّث فيها عن فصل الصيف وما فيه من عِبَر وعِظات،
وبيَّن ما يكتنِفُ هذه الأيام والشهور من إجازة الصيف،
كما ذكر كيفية استِغلالها بالصورة الأمثَل وفقًا للضوابط الشرعية والآداب المرعيَّة،
مُشيرًا إلى وجوب تذكُّر أحوال المسلمين في كل مكان بالدعاء والمُواساة
والإعانة على ما حلَّ بهم من مصائِب وكوارِث.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

إن الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونُثنِي عليه الخير كلَّه.
فـحــمــدًا لــلإلــه بــإثـــرِ حــمـــدِ
عـلـى فـضـلٍ تـكـاثَـرَ فـي ازدِيـادِ
وشُـكــرًا دائـمًــا فــي كــل وقــتٍ
نــــرُومُ ثــوابَـــه يــــوم الــتــنــادِ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تُزكِّي الأعمارَ بركةً وإشراقًا،
وأشهد أن نبيَّنا وحبيبَنا وقُدوتَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه
حثَّنا على اغتِنام الأوقات ابتِدارًا واستِباقًا، رحمةً للعالمين وإشفاقًا،
صلَّى الله عليه حبَانَا من يُسر الشريعة وانفِساحِها ينبوعًا دفَّاقًا،
وعلى آله الطيبين الطاهرين البالِغين من الطُّهر سَنًا طبَّق الآفاقَا،
وصحبِه الميامين الأُلَى جرَى بهم النُّبلُ سلسلاً رقراقًا،
والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ رغبةً في الجِنانِ واشتِياقًا،
وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعـــد...
فيا عباد الله:
خيرُ ما يُوصَى به: تقوى الله - عز وجل -، فاتقوه - رحمكم الله –
في الحضَرِ والسَّفَرِ والانتِجاعِ، والظَّعَن والارتِباع.
ألا إن تقواه - سبحانه - خيرُ الزاد وأعظمُ المتاع
{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }
[ البقرة: 197 ].
في الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
( اتقِ الله حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ )
خرَّجه الترمذي من حديث أبي ذرٍّ ومُعاذ بن جبلٍ - رضي الله عنهما .
رأيـتُ الـمـجـدَ فـي الـتـقـوى جـلـيًّـا
وفـيـهــا الـعــزُّ فـــي دارِ الـنُّــشُــورِ
فــنِــعـــمَ الـــــزادُ تـــقــــوى الله زادًا
ونِـعـمَ الـذُخـرُ فـي الـيـوم الـعـسـيـرِ
أيها المسلمون:
في تتابُع الفصولِ والمواسِم، وتعاقُب الأيام والليالي الحواسِم،
وفي استِهلال هذه الأيام الوارِفة، ذات الأطيافِ الجليلة الهادِفة،
يتبدَّى لنا من الصيف مُحيَّاه، وتهُبُّ نسَائِمُه وريَّاه؛
إذ الآمال إلى استِثماره مُشرئِبَّةٌ رانِيَة، والآماقُ إلى اهتِبالِه مُتطلِّعةٌ حانِية.
كيف وقد نشرَ علينا مطارِفَه، ونسخَ للظلِّ وارِفَه، ونثَرَ للدُّنَى أرَجَه،
وبسَطَ بشمسِه قيظَه ووهَجَه، مما يحمِلُ على الادِّكارِ، ويبعثُ على الاعتِبار،
ويُذكِّرُ بحرِّ النار، عياذًا بالعزيز الغفَّار.
في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( اشتَكَت النارُ إلى ربِّها، فقالت: يا ربِّ ! أكلَ بعضِي بعضًا،
فأذِنَ لها بنفَسَين نفَسٍ في الشتاء ونفَسٍ في الصيف،
فأشدُّ ما تجِدُون من الحرِّ من سَمُوم جهنَّم،
وأشدُّ ما تجِدُون من البردِ من زَمهَرير جهنَّم )
قال الحسنُ - رحمه الله -:
[ كلُّ بردٍ أهلكَ شيئًا فهو من نفَسِ جهنَّم، وكلُّ حرٍّ أهلكَ شيئًا فهو من نفَسِ جهنَّم ]
وفي الحديث الصحيح أيضًا:
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( إذا اشتدَّ الحرُّ فأبرِدوا بالصلاة؛ فإن شدَّة الحرِّ من فَيحِ جهنَّم )
ولقد قال تعالى عن المُنافِقين:
{ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }
[ التوبة: 81 ].
قال ابن رجبٍ - رحمه الله -:
[ وينبغي لمن كان في حرِّ الشمس أن يتذكَّر حرَّها في الموقِف؛
فإن الشمسَ تدنُو من رُؤوسِ العبادِ يوم القيامة، ويُزادُ في حرِّها،
وينبغي لمن لا يصبِرُ على حرِّ الشمس في الدنيا أن يجتنِبَ من الأعمال
ما يستوجِبُ صاحبُه به دخولَ النار؛ فإنه لا قوةَ لأحدٍ عليها ولا صبر ]
نـسـيــتَ لـظَــى عـنــد ارتِـكـابِــك للهوَى
وأن تـتـوقَّــى حــرَّ شــمــسِ الـهــواجِــرِ
كـأنَّــك لــم تـدفِــن حـمـيـمًــا ولــم تـكُــن
لـه فـي سِـيـاقِ الـمـوتِ يـومًـا بـحـاضِـرِ
رأى عمرُ بن عبد العزيز رحمه الله قومًا في جنازةٍ قد هرَبُوا من الشمس إلى الظلِّ،
وتوقَّوا الغُبار، فبكَى ثم أنشدَ:
مـن كـان حـيـن تُـصـيـبُ الـشـمـسُ جـبـهـتَـهُ
أو الـغُــبــارُ يــخـــافُ الــشَّــيــنَ والـشَّــعَــثَــا
ويــألَــفُ الــظــلَّ كــــي تــبــقَــى بـشــاشَــتُــه
فــســوفَ يـســكُــنُ يــومًــا راغِــمًـــا جــدَثًـــا
تــجـــهَّـــزِي بــجـــهـــازٍ تــبــلُــغــيـــنَ بـــــــهِ
يـا نـفـسُ قـبـل الــرَّدَى لــم تُـخـلَـقِــي عـبَـثًــا






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس