عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2014, 04:17 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏1 ‏:‏ 4‏)‏
‏{‏ الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ‏.‏ ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير ‏.‏ وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ‏.‏ إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير ‏}‏

تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول
سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هنا وباللّه التوفيق، وأما قوله‏:‏ ‏{‏أحكمت آياته ثم فصلت‏}‏ أي هي محكمة في لفظها، مفصلة في معناها فالقرآن كامل صورة ومعنى، هذا معنى ما روي عن مجاهد وقتادة واختاره ابن جرير، وقوله‏:‏ ‏{‏من لدن حكيم خبير‏}‏ أي من عند اللّه الحكيم في أقواله وأحكامه، الخبير بعواقب الأمور ‏{‏ألا تعبدوا إلا اللّه‏}‏ أي أنزل هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة اللّه وحده لا شريك له، وقوله‏:‏ ‏{‏إنني لكم منه نذير وبشير‏}‏ أي إني لكم نذير من العذاب إن خالفتموه، وبشير بالثواب إن أطعتموه؛ كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صعد الصفا، فدعا بطون قريش الأقرب ثم الأقرب، فاجتمعوا، فقال‏:‏ ‏(‏يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تصبّحكم ألستم مصدقيّ‏؟‏‏)‏ فقالوا‏:‏ ما جربنا عليك كذباً، قال‏:‏ ‏(‏فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه‏}‏ أي وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى اللّه عزَّ وجلَّ فيما تستقبلونه، وأن تستمروا على ذلك‏:‏ ‏{‏يمتعكم متاعا حسنا‏}‏ أي في الدنيا، ‏{‏إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله‏}‏ أي في الدار الآخرة، قاله قتادة، كقوله‏:‏ ‏{‏من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة‏}‏ الآية، وقد جاء في الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لسعد‏:‏ ‏(‏وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللّه إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك‏)‏، عن ابن مسعود في قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏ويؤت كل ذي فضل فضله‏}‏، قال‏:‏ من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا، بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول‏:‏ هلك من غلب آحاده على أعشاره ‏"‏أخرجه ابن جرير الطبري‏"‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير‏}‏، هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر اللّه تعالى، وكذَّب رسله فإن العذاب يناله يوم القيامة لا محالة ‏{‏إلى اللّه مرجعكم‏}‏ أي معادكم يوم القيامة، ‏{‏وهو على كل شيء قدير‏}‏ أي وهو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه وانتقامه من أعدائه، وإعادة الخلائق يوم القيامة، وهذا مقام ترهيب كما أن الأول مقام ترغيب‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏5‏)‏
‏{‏ ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ‏}‏

قال ابن عباس‏:‏ كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء بفروجهم وحال وقاعهم، فأنزل اللّه هذه الآية، وفي لفظ آخر له‏:‏ أناس كان يستحون أن يتخلوا، فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل بعد ذلك فيهم ‏"‏أخرجه البخاري عن ابن عباس‏"‏، قال البخاري‏:‏ ‏{‏يستغشون‏}‏ يغطون رؤوسهم، وقال ابن عباس في رواية أخرى في
تفسير هذه الآية،‏:‏ يعني به الشك في اللّه وعمل السيئات، أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من اللّه بذلك، فأخبرهم اللّه تعالى أنهم حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ‏{‏يعلم ما يسرون‏}‏ من القول، ‏{‏وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور‏}‏ أي يعلم ما تكن صدورهم من النيات والضمائر والسرائر، وما أحسن ما قال زهير بن أبي سلمى في معلقته المشهورة‏:‏
فلا تكتمن اللّه ما في قلوبكم * ليخفى ومهما يكتم اللّه يعلم
وقال عبد اللّه بن شداد‏:‏ كان أحدهم إذا مر برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثنى عنه صدره وغطى رأسه فأنزل اللّه ذلك، وعود الضمير إلى اللّه أولى، لقوله‏:‏ ‏{‏ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏6‏)‏
‏{‏ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ‏}‏

أخبر تعالى أنه متكفل بأرزاق المخلوقات من سائر دواب الأرض، صغيرها وكبيرها وأنه يعلم مستقرها، أي يعلم أين منتهى سيرها في الأرض وأين تأوي إليه من وكرها وهو مستودعها، عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏ويعلم مستقرها‏}‏ أي حيث تأوي ‏{‏ومستودعها‏}‏ حيث تموت، وعن مجاهد‏:‏ ‏{‏مستقرها‏}‏ في الرحم ‏{‏ومستودعها‏}‏ في الصلب، فجميع ذلك مكتوب في كتاب عند اللّه كقوله‏:‏ ‏{‏ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏7 ‏:‏ 8‏)‏
‏{‏ وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ‏.‏ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ‏}‏

يخبر تعالى عن قدرته على كل شيء وأنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك، كما روى الإمام أحمد، عن عمران بن حصين قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اقبلوا البشرى يا بني تميم‏)‏، قالوا قد بشرتنا فأعطنا، قال‏:‏ ‏(‏اقبلوا البشرى يا أهل اليمن‏)‏، قالوا قد قبلنا، فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏كان اللّه قبل كل شيء، وكان عرشه تحت الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء‏)‏، قال، فأتاني آت فقال‏:‏ يا عمران انحلت ناقتك من عقالها، قال فخرجت في إثرها، فلا أدري ما كان بعدي قال ابن
كثير‏:‏ وهذا الحديث مخرج في صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة، فمنها قالوا‏:‏ جئنا نسألك عن أول هذا الأمر، فقال‏:‏ كان اللّه ولم يكن شيء قبله، وفي رواية غيره، وفي رواية منه كان عرشه على الماء ، وفي صحيح مسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن اللّه قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء‏)‏، قال مجاهد‏:‏ ‏{‏وكان عرشه على الماء‏}‏ قبل أن يخلق شيئاً، وقال قتادة‏:‏ ‏{‏وكان عرشه على الماء‏}‏ ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السماوات والأرض، وقال ابن عباس‏:‏ إنما سمي العرش عرشاً لارتفاعه، وعن سعيد بن جبير‏:‏ سئل ابن عباس عن قول اللّه‏:‏ ‏{‏وكان عرشه على الماء‏}‏ على أي شيء كان الماء‏؟‏ قال‏:‏ على متن الريح‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليبلوكم أيكم أحسن عملا‏}‏ أي خلق السماوات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ولم يخلق ذلك عبثاً، كقوله‏:‏ ‏{‏وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى اللّه الملك الحق‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ليبلوكم‏}‏ أي ليختبركم ‏{‏أيكم أحسن عملا‏}‏ ولم يقل أكثر عملا، بل ‏{‏أحسن عملا‏}‏، ولا يكون العمل حسناً حتى يكون خالصاً للّه عزّ وجلّ، على شريعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فمتى فقد العمل واحداً من هذين الشرطين حبط وبطل، وقوله‏:‏ ‏{‏ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت‏}‏ الآية، يقول تعالى ولئن أخبرت يا محمد هؤلاء المشركين أن اللّه سيبعثهم بعد مماتهم كما بدأهم مع أنهم يعلمون أن اللّه تعالى هو الذي خلق السماوات والأرض، وهم مع هذا ينكرون البعث والمعاد يوم القيامة، الذي هو بالنسبة إلى القدرة أهون من البداءة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه‏}‏، وقولهم‏:‏ ‏{‏إن هذا إلا سحر مبين‏}‏ أي يقولون كفراً وعناداً ما نصدقك على وقوع البعث، وما يذكر ذلك إلا من سحرته فهو يتبعك على ما تقول، وقوله‏:‏ ‏{‏ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة‏}‏ الآية، يقول تعالى‏:‏ ولئن أخرنا عنهم العذاب والمؤخذاة إلى أجل معدود وأمد محصور، وأوعدناهم إلى مدة مضروبة ليقولن تكذيباً واستعجالاً ‏{‏ما يحبسه‏}‏ أي يؤخر هذا العذاب عنا، فإن سجاياهم قد ألفت التكذيب والشك، فلم يبق لهم محيص عنه ولا محيد؛ والأمة تستعمل القرآن في معان متعددة، فيراد بها الأمد كقوله في هذه الآية‏:‏ ‏{‏إلى أمة معدودة‏}‏، وقوله في يوسف‏:‏ ‏{‏وادكر بعد أمة‏}‏، وتستعمل في الإمام المقتدى به، كقوله‏:‏ ‏{‏إن إبراهيم كان أمة‏}‏، وتستعمل في الملة والدين كقول المشركين‏:‏ ‏{‏إنا وجدنا آباءنا على أمة‏}‏، وتستعمل في الجماعة كقوله‏:‏ ‏{‏وجد عليه أمة من الناس يسقون‏}‏، وتستعمل في الفرقة والطائفة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏9 ‏:‏ 11‏)‏
{‏ ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور ‏.‏ ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ‏.‏ إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ‏}‏

يخبر تعالى عن الإنسان وما فيه من الصفات الذميمة، إلا من رحم اللّه، أنه إذا أصابته شدة بعد نعمة حصل له يأس وقنوط بالنسبة إلى المستقبل، وكفر وجحود لماضي الحال، كأنه لم ير خيراً ولم يرج بعد ذلك فرجاً، وهكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة ‏{‏ليقولن ذهب السيئات عني‏}‏ أي يقول ما ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء، ‏{‏إنه لفرح فخور‏}‏ أي فرح بما في يده بطر فخور على غيره، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏إلا الذين صبروا‏}‏ أي على الشدائد والمكاره، ‏{‏وعملوا الصالحات‏}‏ أي في الرخاء والعافية، ‏{‏أولئك لهم مغفرة‏}‏ أي بما يصيبهم من الضراء ‏{‏وأجر كبير‏}‏ بما أسلفوه في زمن الرخاء كما جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا غفر اللّه عنه بها من خطاياه‏)‏، وفي الصحيحين‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لا يقضي اللّه للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له، وليس ذلك لأحد غير المؤمن‏)‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس