عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-2014, 03:26 AM   رقم المشاركة : 3
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏15‏)‏
‏ ‏{‏ فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ فلما ذهب به إخوته من عند أبيه بعد مراجعتهم له في ذلك، ‏{‏وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب‏}‏ هذا فيه تعظيم لما فعلوه، أنهم اتفقوا كلهم على إلقائه في أسفل ذلك الجب، وقد أخذوه من عند أبيه فيما يظهرونه له إكراماً له وبسطاً وشرحاً لصدره وإدخالاً للسرور عليه، فيقال‏:‏ إن يعقوب عليه السلام لما بعثه معهم ضمه إليه وقبله ودعا له، فذكر السدي وغيره أنه لم يكن بين إكرامهم له وإظهار الأذى له إلا أن غابوا عن عين أبيه، وتواروا عنه، ثم شرعوا يؤذونه بالقول من شتم ونحوه، والفعل من ضرب ونحوه، ثم جاءوا به إلى ذلك الجب قال قتادة‏:‏ هي بئر بيت المقدس، وقال أبو زيد‏:‏ بحيرة طبرية، وروي أنه أقام في الجب ثلاثة أيام الذي اتفقوا على رميه فيه فربطوه بحبل ودلوه فيه، فسقط في الماء، فغمره، فصعد إلى صخرة تكون في وسطه فقام فوقها، وقوله‏:‏ ‏{‏وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون‏}‏، يقول تعالى ذاكراً لطفته ورحمته، وإنزاله اليسر في حال العسر، إنه أوحى إلى يوسف في ذلك الحال الضيق تطييباً لقلبه، وتثبيتاً له‏:‏ إنك لا تحزن مما أنت فيه، فإن لك من ذلك فرجاً ومخرجاً حسناً، وسنصرك اللّه عليهم ويعليك ويرفع درجتك، وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع، وقوله‏:‏ ‏{‏وهم لا يشعرون‏}‏ قال مجاهد وقتادة‏:‏ بإيحاء اللّه إليه، وقال ابن عباس‏:‏ ستنبئهم بصنيعهم هذا في حقك وهم لا يعرفونك ولا يشعرون بك‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏16 ‏:‏ 18‏)‏
{‏ وجاؤوا أباهم عشاء يبكون ‏.‏ قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ‏.‏ وجاؤوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن الذي اعتمده إخوة يوسف بعد ما ألقوه في غيابة الجب أنهم رجعوا إلى أبيهم في ظلمة الليل يبكون ويظهرون الأسف والجزع على يوسف، ويتغممون لأبيهم، وقالوا معتذرين عما وقع فيما زعموا‏:‏ ‏{‏إنا ذهبنا نستبق‏}‏ أي نترامى، ‏{‏وتركنا يوسف عند متاعنا‏}‏ أي ثيابنا وأمتعتنا، ‏{‏فأكله الذئب‏}‏ وهو الذي كان قد جزع منه وحذر عليه، وقوله‏:‏ ‏{‏وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين‏}‏ تلطف عظيم في تقرير ما يحاولونه، يقولون‏:‏ ونحن نعلم أنك لا تصدّقنا والحالة هذه لو كنا عندك صادقين، فكيف وأنت تتهمنا في ذلك لأنك خشيت أن يأكله الذئب فأكله الذئب‏؟‏ فأنت معذور في تكذيبك لنا، لغرابة ما وقع، وعجيب ما اتفق لنا في أمرنا هذا، ‏{‏وجاؤوا على قميصه بدم كذب‏}‏ أي مكذوب مفترى، وهذا من الأفعال التي يؤكدون بها ما تمالأوا عليه من المكيدة، وهو أنهم عمدوا إلى سخلة ذكره مجاهد والسدي وغير واحد ، فذبحوها ولطخوا ثوب يوسف بدمها، موهمين أن هذا قميصه الذي أكله فيه الذئب، وقد أصابه من دمه، ولكنهم نسوا أن يخرقوه، فلهذا لم يرج هذا الصنيع على نبي اللّه يعقوب، بل قال لهم معرضاً عن كلامهم إلى ما وقع في نفسه من لبسهم عليه‏:‏ ‏{‏بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل‏}‏، أي فسأصبر صبراً جميلاً على هذا الأمر الذي اتفقتم عليه حتى يفرجه اللّه بعونه ولطفه، ‏{‏واللّه المستعان على ما تصفون‏}‏ أي على ما تذكرون من الكذب والمحال، قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏وجاؤوا على قميصه بدم كذب‏}‏ قال‏:‏ لو أكله السبع لخرق القميص، وقال مجاهد‏:‏ الصبر الجميل الذي لا جزع فيه،

وقد روي مرفوعاً عن حبان بن أبي حبلة قال‏:‏ سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قوله‏:‏ ‏{‏فصبر جميل‏}‏ فقال‏:‏ صبر لا شكوى فيه‏.‏ وقال الثوري‏:‏ ثلاث من الصبر‏:‏ أن لا تحدث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكي نفسك، وذكر البخاري ههنا حديث عائشة في الإفك حتى ذكر قولها‏:‏ واللّه لا أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف‏:‏ ‏{‏فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏19 ‏:‏ 20‏)‏
‏{‏ وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون ‏.‏ وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عما جرى ليوسف عليه السلام في الجب حين ألقاه إخوته، وتركوه في ذلك الجب وحيداً فريداً، فمكث عليه السلام في البئر ثلاثة أيام، وقال محمد بن إسحاق‏:‏ لما ألقاه إخوته في البئر جلسوا حول البئر يومهم ذلك ينظرون ماذا يصنع وما يصنع به، فساق اللّه له سيارة، فنزلوا قريباً من تلك البئر وأرسولا واردهم، وهو الذي يتطلب لهم الماء، فلما جاء ذلك البئر وأدلى دلوه فيها تشبث يوسف عليه السلام فيها، فأخرجه واستبشر به، وقال‏:‏ ‏{‏يا بشرى هذا غلام‏}‏ أي يا بشراي، ‏{‏وأسروه بضاعة‏}‏ أي وأسره الواردون من بقية السيارة، وقالوا‏:‏ اشتريناه من أصحاب الماء مخافة أن يشاركوهم فيه إذا علموا خبره قاله مجاهد والسدي وابن جرير وهذا أحد الأقوال في الآية ، وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏وأسروه بضاعة‏}‏‏:‏ يعني إخوة يوسف أسروا شأنه، وكتموا أن يكون أخاهم، وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته، واختار البيع، فذكره إخوته لوارد القوم، فنادى أصحابه‏:‏ ‏{‏يا بشرى هذا غلام‏}‏ يباع، فباعه إخوته؛ وقوله‏:‏ ‏{‏واللّه عليم بما يعملون‏}‏ أي عليم بما يفعله إخوة يوسف ومشتروه، وهو قادر على تغيير ذلك ودفعه، ولكن له حكمة وقدر سابق، فترك ذلك ليمضي ما قدره وقضاه ‏{‏ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه رب العالمين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وشروه بثمن بخس دراهم معدودة‏}‏ يقول تعالى‏:‏ وباعه إخوته بثمن قليل، قاله مجاهد وعكرمة، والبخس‏:‏ هو النقص، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فلا يخاف بخسا ولا رهقا‏}‏ أي اعتاض عنه إخوته بثمن قليل، ومع ذلك كانوا فيه من الزاهدين، أي ليس لهم رغبة فيه بل لو سئلوه بلا شيء لأجابوا، والضمير في قوله‏:‏ ‏{‏وشروه‏}‏ عائد على إخوة يوسف وهو رأي ابن عباس ومجاهد والضحاك ، وقال قتادة‏:‏ بل هو عائد على السيارة؛ والأول أقوى، لأن قوله‏:‏ ‏{‏وكانوا فيه من الزاهدين‏}‏ إنما أراد إخوته لا أولئك السيارة، لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه، فترجح من هذا أن الضمير في ‏{‏شروه‏}‏ إنما هو لإخوته، وقوله‏:‏ ‏{‏دراهم معدودة‏}‏ عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‏:‏ باعوه بعشرين درهماً، وقال عكرمة‏:‏ أربعون درهماً، وقال الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏وكانوا فيه من الزاهدين‏}‏ ذلك أنهم لم يعلموا نبوته ومنزلته عند اللّه عزَّ وجلَّ‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏21 ‏:‏ 22‏)‏
‏{‏ وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ‏.‏ ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين ‏}‏

يخبر تعالى بألطافه بيوسف عليه السلام، أنه قيض له الذي اشتراه من مصر، حتى اعتنى به وأكرمه، وأوصى أهله به وتوسم فيه الخير والصلاح، فقال لامرأته‏:‏ ‏{‏أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا‏}‏، وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها وهو الوزير بها، عن ابن عباس‏:‏ وكان اسمه قطفير وكان على خزائن مصر، وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق، قال‏:‏ واسم امرأته راعيل ، وقال غيره‏:‏ اسمها زليخا ، وقال عبد اللّه بن مسعود‏:‏ أفرس الناس ثلاثة‏:‏ عزيز مصر حين قال لامرأته‏:‏ ‏{‏أكرمي مثواه‏}‏، والمرأة التي قالت لأبيها‏:‏ ‏{‏يا أبت استأجره‏}‏ الآية، وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما‏.‏ يقول تعالى‏:‏ كما أنقذنا يوسف من إخوته ‏{‏كذلك مكنا ليوسف في الأرض‏}‏ يعني بلاد مصر ‏{‏ولنعلمه من تأويل الأحاديث‏}‏ قال مجاهد والسدي هو تعبير الرؤيا، ‏{‏واللّه غالب على أمره‏}‏ أي إذا أراد شيئاً فلا يرد، ولا يمانع، ولا يخالف بل هو الغالب لما سواه، قال سعيد بن جبير‏:‏ أي فعال لما يشاء، وقوله‏:‏ ‏{‏ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏}‏ يقول‏:‏ لا يدرون حكمته في خلقه وتلطفه وفعله لما يريد‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ولما بلغ‏}‏ أي يوسف عليه السلام ‏{‏أشده‏}‏ أي استكمل عقله وتم خلقه، ‏{‏آتيناه حكما وعلما‏}‏ يعني النبوة، حباه بها بين أولئك الأقوام، ‏{‏وكذلك نجزي المحسنين‏}‏ أي إنه كان محسناً في عمله عاملاً بطاعة اللّه تعالى، وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة‏:‏ ثلاث وثلاثون سنة، وعن ابن عباس‏:‏ بضع وثلاثون، وقال الضحاك‏:‏ عشرون، وقال الحسن‏:‏ أربعون سنة، وقيل غير ذلك قال عكرمة‏:‏ خمس وعشرون، وقال السدي‏:‏ ثلاثون سنة، وقال سعيد بن جبير‏:‏ ثماني عشرة سنة، ولعل ما ذهب إليه الحسن البصري هو الأرجح ، واللّه أعلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏23‏)‏
‏{‏ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ‏}‏

يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر، وقد أوصها زوجها بإكرامه، فراودته عن نفسه أي حاولته على نفسه ودعته إليها، وذلك أنها أحبته حباً شديداً لجماله وحسنه وبهائه، فحملها ذلك على أن تجملت له وغلَّقت عليه الأبواب ودعته إلى نفسها ‏{‏وقالت هيت لك‏}‏، فامتنع من ذلك أشد الامتناع و‏{‏قال معاذ اللّه إنه ربي أحسن مثواي‏}‏، وكانوا يطلقون الرب على السيد والكبير، أي إن بعلك ربي أحسن مثواي أي منزلي، وأحسن إليّ فلا أقابله بالفاحشة في أهله، ‏{‏إنه لا يفلح الظالمون‏}‏، وقد اختلف القرّاء في قوله‏:‏ ‏{‏هيت لك‏}‏ فقرأه كثيرون بفتح الهاء وإسكان الياء وفتح التاء، قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ معناه أنها تدعوه إلى نفسها، وقال البخاري، قال عكرمة‏:‏ ‏{‏هيت لك‏}‏، أي هلم لك بالحورانية، هكذا ذكره معلقاً، وكان الكسائي يحكي هذه القراءة يعني ‏{‏هَيْتَ لك‏}‏ ويقول‏:‏ هي لغة لأهل حوران، وقعت إلى أهل الحجاز، ومعناها‏:‏ تعال، وقال أبو عبيدة‏:‏ سألت شيخاً عالماً من أهل حوران، فذكر أنها لغتهم يعرفها، واستشهد الإمام ابن جرير على هذه القراءة بقول الشاعر قالها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه ‏:‏

أبلغ أمير المؤمنـ * ين أذى العراق إذا أتينا
إن العراق وأهله * عنق إليك فهيت هيتا

يقول‏:‏ فتعال واقترب، وقرأ آخرون‏:‏ ‏{‏هئتُ لك‏}‏ بكسر الهاء والهمزة وضم التاء، بمعنى تهيأت لك، من قول القائل‏:‏ هئت بالأمر بمعنى تهيأت لك‏.‏ قال ابن جرير‏:‏ وكان أبو عمرو والكسائي ينكران هذه القراءة، وقال آخرون‏:‏ ‏{‏هِيتُ لك‏}‏ بكسر الهاء وإسكان الياء وضم التاء‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس