عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-2014, 03:37 AM   رقم المشاركة : 4
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏24‏)‏
‏{‏ ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ‏}‏

اختلفت أقوال الناس وعباراتهم في هذا المقام، فقيل‏:‏ المراد بهمه بها خطرات حديث النفس، حكاه البغوي عن بعض أهل التحقيق؛ ثم أورد البغوي ههنا حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يقول اللّه تعالى‏:‏ إذا همَّ عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإن هم بسيئة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإنما تركها من جرائي، فإن عملها فاكتبوها بمثلها‏)‏ هذا الحديث مخرج في الصحيحين وله ألفاظ كثيرة منها هذا، قاله ابن كثير ، وقيل‏:‏ همَّ بضربها، وقيل‏:‏ تمناها زوجة؛ وقيل‏:‏ هم بها لولا أن رأى برهان ربه، أي فلم يهم بها حكاه ابن جرير وغيره فكأن في الآية تقديماً وتأخيراً‏:‏ أي لولا أن رأى
برهان ربه لهمّ بها، فلم يقع الهمُّ لوجود البرهان وهو عصمة اللّه عّز وجلّ له‏.‏ وانظر ما حققناه في [1]كتابنا النبوة والأنبياء صفحة 78 حول هذا البحث فإنه دقيق ونفيس فقد أوردنا عشرة وجوه على عصمته عليه السلام ، وأما البرهان الذي رآه ففيه أقوال أيضاً، قيل‏:‏ رأى صورة أبيه يعقوب عاضاً على إصبعه بفمه؛ وقيل‏:‏ رأى خيال الملك يعني سيده، وقال ابن جرير عن محمد ابن كعب القرظي قال‏:‏ رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت، فإذا كتاب في حائط البيت‏:‏ ‏{‏لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا‏}‏؛ وقيل‏:‏ ثلاث آيات من كتاب اللّه‏:‏ ‏{‏إن عليكم لحافظين‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏وما تكون في شأن‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت‏}‏، قال ابن جرير‏:‏ والصواب أن يقال‏:‏ إنه أي آية من آيات اللّه تزجره عما كان همَّ به، وجائز أن يكون صورة يعقوب، وجائز أن يكون صورة الملك، وجائز أن يكون ما رآه مكتوباً من الزجر عن ذلك، ولا حجة قاطعة على تعيين شيء من ذلك، فالصواب أن يطلق، كما قال اللّه تعالى، وقوله‏:‏ ‏{‏كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء‏}‏ أي كما أريناه برهاناً صرفه عما كان فيه كذلك نفيه السوء والفحشاء في جميع أموره، ‏{‏إنه من عبادنا المخلصين‏}‏ أي من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار، صلوات اللّه وسلامه عليه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏25 ‏:‏ 29‏)‏
‏{‏ واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم ‏.‏ قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ‏.‏ وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين ‏.‏ فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم ‏.‏ يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ‏}‏

يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب، يوسف هارب، والمرأة تطلبه ليرجع إلى البيت، فلحقته في أثناء ذلك، فأمسكت بقميصه من ورائه، فقدته قداً فظيعاً، يقال‏:‏ إنه سقط عنه، واستمر يوسف هارباً ذاهباً، وهي في إثره، فألفيا سيدها وهو زوجها عند الباب، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيدها، وقالت لزوجها متنصلة وقاذفة يوسف بدائها‏:‏ ‏{‏ما جزاء من أراد بأهلك سوءا‏}‏ أي فاحشة، ‏{‏إلا أن يسجن‏}‏ أي يحبس، ‏{‏أو عذاب أليم‏}‏ أي يضرب ضرباً شديداً موجعاً، فعند ذلك انتصر يوسف عليه السلام بالحق، وتبراً مما رمته به من الخيانة، و‏{‏قال‏}‏ باراً صادقاً‏:‏ ‏{‏هي راودتني عن نفسي‏}‏، وذكر انها اتبعته تجذبه إليها حتى قدت قميصه، ‏{‏وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل‏}‏ أي من قدامه ‏{‏فصدقت‏}‏ أي في قولها إنه راودها على نفسها، لأنه يكون لما دعاها وأبت عليه دفعته في صدره فقدت قميصه فيصح ما قالت، ‏{‏وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين‏}‏ وذلك يكون كما وقع لما هرب منها، وطلبته، أمسكت بقميصه من ورائه لترده إليها، فقدت قميصه من ورائه، وقد اختلفوا في هذا الشاهد‏:‏ هل هو صغير أو كبير‏؟‏ على قولين لعلماء السلف، فقال ابن عباس‏:‏ كان من خاصة الملك وكان رجلاً ذا لحية، وقال زيد بن أسلم والسدي‏:‏ كان ابن عمها، وقال العوفي عن ابن عباس‏:‏ كان صبياً في المهد، وكذا روي عن الحسن وسعيد بن جبير والضحاك‏:‏ أنه كان صبياً في الدار، واختاره ابن جرير‏.‏ وقد ورد فيه حديث مرفوع، رواه ابن جرير، عن ابن عباس، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏تكلم أربعة وهم صغار‏:‏ ابن ماشطة بنت فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وعيسى بن مريم‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فلما رأى قميصه قد من دبر‏}‏ أي لما تحقق زوجها صدق يوسف وكذبها فيما قذفته ورمته به ‏{‏قال إنه من كيدكن‏}‏ أي إن هذا البهت واللطخ الذي لطخت عرض هذا الشاب به من جملة كيدكن ‏{‏إن كيدكن عظيم‏}‏، ثم قال آمراً ليوسف عليه السلام بكتمان ما وقع‏:‏ ‏{‏يوسف أعرض عن هذا‏}‏ أي اضرب عن هذا صفحاً أي فلا تذكره لأحد، ‏{‏واستغفري لذنبك‏}‏ يقول لامرأته، وقد كان لين العريكة سهلاً، أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه، فقال لها‏:‏ استغفر لذنبك أي الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب ثم قذفه بما هو بريء منه
‏{‏إنك كنت من الخاطئين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏30 ‏:‏ 34‏)‏
‏{‏ وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين ‏.‏ فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ‏.‏ قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ‏.‏ قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ‏.‏ فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ‏}‏

يخبر تعالى أن خبر يوسف وامرأة العزيز شاع في المدينة وهي مصر حتى تحدث به الناس، ‏{‏وقال نسوة في المدينة‏}‏ نساء الكبراء والأمراء ينكرن على ‏{‏امرأة العزيز‏}‏ وهو الوزير ويعبن ذلك عليها، ‏{‏امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه‏}‏‏:‏ أي تدعوه إلى نفسها، ‏{‏قد شغفها حبا‏}‏ أي قد وصل حبه إلى شغاف قلبها وهو غلافه، قال الضحاك عن ابن عباس‏:‏ الشغف الحب القاتل، والشغف دون ذلك، والشغاف حجاب القلب، ‏{‏إنا لنراها في ضلال مبين‏}‏ أي في صنيعها هذا من حبها فتاها ومراودتها إياه عن نفسه، ‏{‏فلما سمعت بمكرهن‏}‏، قال بعضهم‏:‏ بقولهن ذهب الحب بها‏.‏ وقال محمد بن إسحاق‏:‏ بلغهن حسن يوسف فأحببن أن يرينه، فقلن ذلك ليتوصلن إلى رؤيته ومشاهدته، فعند ذلك ‏{‏أرسلت إليهن‏}‏ أي دعتهن إلى منزلها لتضيفهن ‏{‏وأعتدت لهن متكأ‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ هو المجلس المعد فيه مفارش ومخاد وطعام فيه ما يقطع بالسكاكين من أترج ونحوه؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وآتت كل واحدة منهن سكينا‏}‏، وكان هذا مكيدة منها ومقابلة لهن في احتيالهن على رؤيته، ‏{‏وقالت اخرج عليهن‏}‏ وذلك أنها كانت قد خبأته في مكان آخر، ‏{‏فلما‏}‏ خرج و‏{‏رأينه أكبرنه‏}‏ أي أعظمن شأنه وأجللن قدره، وجعلن يقطعن أيديهن دهشاً برؤيته، وهن يظنن أنهن يقطعن الأترج بالسكاكين، والمراد أنهن حززن أيديهن بها، قاله غير واحد؛ وقد ذكر غير واحد أنها قالت لهن بعدما أكلن وطابت أنفسهن ثم وضعت بين أيديهن أترجاً وآتت كل واحدة منهن سكيناً‏:‏ هل لكنَّ في النظر إلى يوسف‏؟‏ قلن‏:‏ نعم، فبعثت إليه تأمره أن اخرج إليهن، فلما رأينه جعلن يقطعن أيديهن، ثم أمرته أن يرجع ليرينه مقبلاً ومدبراً، فرجع وهن يحززن في أيديهن، فلما أحسسن بالألم، جعلن يولولن، فقالت‏:‏ أنتن من نظرةٍ واحدة فعلتن هذا، فكيف ألام أنا‏؟‏ ‏{‏وقلن حاش للّه ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم‏}‏، ثم قلن لها‏:‏ وما نرى عليك من لوم بعد هذا الذي رأينا، لأنهن لم يرين في البشر شبيهه ولا قريباً منه، فإنه عليه السلام كان قد أعطي شطر الحسن، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح في حديث الإسراء أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر بيوسف عليه السلام في السماء الثالثة قال‏:‏ ‏(‏فإذا هو قد أعطي شطر الحسن‏)‏ ‏{‏قالت فذلكن الذي لمتنني فيه‏}‏ تقول‏:‏ هذا معتذرة إليهن بأن هذا حقيق أن يحب لجماله وكماله ‏{‏ولقد راودته عن نفسه فاستعصم‏}‏ أي فامتنع، قال بعضهم‏:‏ لما رأين جماله الظاهر أخبرتهن بصفاته الحسنة التي تخفى عنهن وهي العفة مع هذا الجمال، ثم قالت تتوعده‏:‏ ‏{‏ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين‏}‏، فعند ذلك استعاذ يوسف عليه السلام من شرهن وكيدهن، و‏{‏قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه‏}‏ أي من الفاحشة، ‏{‏وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن‏}‏ أي إن وكلتني إلى نفسي فليس لي منها قدرة ولا أملك لها ضراً ولا نفعاً إلا بحولك وقوتك، أنت المستعان وعليك التكلان، فلا تكلني إلى نفسي ‏{‏أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه‏}‏ الآية، وذلك أن يوسف عليه السلام عصمه اللّه عصمة عظيمة وحماه، فامتنع منها أشد الامتناع، واختار السجن على ذلك، وهذا في غاية مقامات الكمال، أنه من شبابه وجماله وكماله تدعوه سيدته وهي امرأة عزيز مصر، وهي مع هذا في غاية الجمال والمال والرياسة، ويمتنع من ذلك، ويختار السجن على ذلك خوفاً من اللّه ورجاء ثوابه‏.‏ ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏سبعة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله‏)‏، وعدَّ منها ‏(‏ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف اللّه‏)‏، الحديث‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏35‏)‏
‏{‏ ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ثم ظهر لهم من المصلحة فيما رأوه أنهم يسجنونه إلى حين أي إلى مدة، وذلك بعد ما عرفوا براءته وظهرت الآيات، وهي الأدلة على صدقه في عفته ونزاهته وكأنهم - واللّه أعلم - إنما سجنوه لما شاع الحديث إيهاماً أنه راودها عن نفسها وأنهم سجنوه على ذلك، ولهذا لما طلبه الملك الكبير في آخر المدة امتنع من الخروج، حتى تبين براءته مما نسب إليه من الخيانة، فلما تقرر ذلك خرج وهو نقي العرض صلوات اللّه عليه وسلامه‏.‏ وذكر السدي أنهم إنما سجنوه لئلا يشيع ما كان منها في حقه ويبرأ عرضه فيفضحها‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏36‏)‏
{‏ ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ‏}‏

قال قتادة‏:‏ كان أحدهما ساقي الملك والآخر خبازه، قال السدي‏:‏ كان سبب حبس الملك إياهما أنه توهم أنهما تمالآ على سمه في طعامه وشرابه، وكان يوسف عليه السلام قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث، وكثرة العبادة، ومعرفة التعبير، والإحسان إلى أهل السجن، ولما دخل هذان الفتيان إلى السجن تآلفا به وأحباه حباً شديداً، وقالا له‏:‏ واللّه لقد أحببناك حباً زائداً، قال‏:‏ بارك اللّه فيكما، إنه ما أحبني أحد إلا دخل عليَّ من محبته ضرر، أحبتني عمتي فدخل عليَّ الضرر بسببها، وأحبني أبي فأوذيت بسببه، وأحبتني امرأة العزيز فكذلك، فقالا‏:‏ واللّه ما نستطيع إلا ذلك، ثم إنهما رأيا مناماً، فرأى الساقي أنه يعصر خمراً، يعني عنباً، قال الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏إني أراني أعصر خمرا‏}‏ يعني عنباً، قال‏:‏ وأهل عمان يسمون العنب خمراً، وقال عكرمة‏:‏ قال له إني رأيت فيما يرى النائم أني غرست حبة من عنب فنبتت، فخرج فيها عناقيد، فعصرتهن ثم سقيتهن الملك فقال‏:‏ تمكث في السجن ثلاثة أيام ثم تخرج فتسقيه خمراً، وقال الآخر وهو الخباز‏:‏ ‏{‏إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله‏}‏ الآية، والمشهور عند الأكثرين ما ذكرناه أنهما رأيا مناماً وطلبا تعبيره‏.‏ وقال ابن جرير عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ ما رأى صاحبا يوسف شيئاً إنما كانا تحالما ليجربا عليه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏37 ‏:‏ 38‏)‏
‏{‏ قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون ‏.‏ واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ‏}‏

يخبرهما يوسف عليه السلام أنهما مهما رأيا في منامهما من حلم، فإنه عارف بتفسيره، ويخبرهما بتأويله قبل وقوعه ولهذا قال‏:‏ ‏{‏لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله‏}‏، قال مجاهد، يقول‏:‏ ‏{‏لا يأتيكما طعام ترزقانه‏}‏ في يومكما ‏{‏إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما‏}‏، وكذا قال السدي، وهذا إنما هو من تعليم اللّه إياي، لأني اجتنبت ملة الكافرين باللّه واليوم الآخر، فلا يرجون ثواباً ولا عقاباً في المعاد، ‏{‏واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب‏}‏ الآية، ويقول‏:‏ هجرت طريق الكفر والشرك وسلكت طريق هؤلاء المرسلين صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، وهكذا يكون حال من سلك طريق الهدى واتبع طريق المرسلين وأعرض عن طريق الضالين، فإن اللّه يهدي قلبه ويعلمه ما لم يكن يعلم، ويجعله إماماً يقتدى به في الخير وداعياً إلى سبيل الرشاد، ‏{‏ما كان لنا أن نشرك باللّه من شيء ذلك من فضل اللّه علينا وعلى الناس‏}‏، هذا التوحيد وهو الإقرار بأنه لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، ‏{‏من فضل اللّه علينا‏}‏ أي أوحاه إلينا وأمرنا به، ‏{‏وعلى الناس‏}‏ إذ جعلنا دعاة لهم إلى ذلك، ‏{‏ولكن أكثر الناس لا يشكرون‏}‏ أي لا يعرفون نعمة اللّه عليهم بإرسال الرسل إليهم، بل
‏{‏بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار‏}‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس