عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-2014, 03:56 AM   رقم المشاركة : 18
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رقم الآية ‏(‏67‏)‏
وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم في خرق العادة لكم في شأن البقرة، وبيان القاتل من هو بسببها، وإحياء اللّه المقتول ونصه على من قتله منهم‏.‏
ذكر بسط القصة
عن عبيدة السلماني، قال‏:‏ كان رجل من بني إسرائيل عقيماً لا يولد له، وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه، فقتله ثم احتمله ليلاً فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض، فقال ذوو الرأي منهم والنُّهى‏:‏ علام يقتل بعضكم بعضاً وهذا رسول اللّه فيكم‏؟‏ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له، فقال‏:‏
{‏إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين‏}
قال‏:‏ فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ولكنهم شدَّدوا فشدَّد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال‏:‏ واللّه لا أنقصها من ملء جلدها ذهباً، فأخذوها بملء جلدها ذهباً فذبحوها فضربوه ببعضها فقام، فقالوا‏:‏ من قتلك‏؟‏ ‏"‏فقال‏؟‏‏؟‏‏]‏ هذا - لابن أخيه - ثم مال ميتاً، فلم يعط من ماله شيئاً فلم يورث قاتل بعد ‏"‏رواه ابن أبي حاتم وابن جرير عن عبيدة السلماني‏"‏
وقوله تعالى‏:
{‏إنها بقرة لا فارض‏}‏ يعني لا هرمه، ‏{‏ولا بكر‏}‏ يعني ولا صغيرة، ‏{‏عوان بين ذلك‏} أي نَصَفٌ بين البكر والهرمة‏.‏ ‏{‏قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها‏؟‏ قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها‏} أي صاف لونها، تسر الناظرين أي تعجب الناظرين، ‏{‏قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي‏؟‏ إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول‏} أي لم يذللها العمل،{‏تثير الأرض ولا تسقي الحرث‏} يعني وليست بذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث يعني ولا تعمل في الحرث ‏{‏مسلَّمة‏}‏ يعني مسلَّمة من العيوب{‏لا شية فيها‏} يقول لا بياض فيها{‏قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون‏}ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة، استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها لكانت إياها، ولكن شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد اللّه عليهم، ولولا أن القوم استثنوا فقالوا‏:{‏وإنا إن شاء الله لمهتدون‏}
لما هُدوا إليها أبداً‏.‏
وقال السُّدي
{‏وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة‏} قال‏:‏ كان رجل من بني إسرائيل مكثراً من المال فكانت له ابنة وكان له ابن أخ محتاج فخطب إليه ابن أخيه ابنته فأبى أن يزوجه، فغضب الفتى وقال واللّه لأقتلن عمي ولآخذن ماله، ولأنكحن ابنته ولآكلن ديّته، فأتاه الفتى - وقد قدم تجار ف‏؟‏‏؟‏ بعض أسباط بني إسرائيل - فقال‏:‏ يا عم انطلِق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم لعلّي أن أصيب منها فإنهم إذا رأوك معي أعطوني، فخرج العم مع الفتى ليلاً، فلما بلغ الشيخ ذلك السبط قتله الفتى ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح جاء كأنه يطلب عمّه كأنه لا يدري أين هو فلم يجده، فانطلق نحوه، فإذا هو بذلك السبط مجتمعين عليه فأخذهم، وقال‏:‏ قتلتم عمي فأدّوا إليَّ ديَته، فجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادي‏:‏ واعمّاه، فرفعهم إلى موسى فقضى عليهم بالدية‏.‏ فقالوا له‏:‏ يا رسول اللّه ادع لنا ربك حتى يبين لنا من صاحبه فيؤخذ صاحب القضية، فواللّه إن ديته علينا لهيِّنة، ولكن نستحيي أن نعيَّر به فذلك حين يقول تعالى‏:‏{‏وإذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون‏}، فقال لهم موسى‏:‏ ‏{‏إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة‏}‏، قالوا‏:‏ نسألك عن القتيل وعمن قتله وتقول اذبحوا بقرة أتهزأ بنا‏؟‏ {‏قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين‏}
قال ابن عباس‏:‏ فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكنْ شدَّدوا وتعنَّتوا على موسى فشدَّد الله عليهم‏.‏ والفارض الهرمة التي لا تولد، والبكر التي لم تلد إلى ولداً واحداً، والعَوَان النْصَفُ التي بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها{‏فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها‏} قال نقي لونها ‏{‏تسرّ الناظرين‏}‏ قال تعجب الناظرين‏{‏قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير في الارض ولا تسقي الحرث مسلَّمة لا شية فيها‏}‏ من بياض ولا سواد ولا حمرة{‏قالوا الآن جئت بالحق‏} فطلبوها - من صاحبها - وأعطوا وزنها ذهباً فأبى فأضعفوه له حتى أعطوه وزنها عشر مرات ذهباً فباعهم إيّاها وأخذ ثمنها فذبحوها، قال‏:‏ اضربوه ببعضها فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش فسألوه من قتلك فقال لهم ابن أخي قال‏:‏ أقتله فآخذ ماله وأنكح ابنته، فأخذوا الغلام فقتلوه ‏"‏قال ابن كثير‏:‏ وهذه الروايات عن ‏"‏عبيدة‏"‏و ‏"‏السدي‏"‏مأخوذة من كتب بني إسرائيل وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدَّق ولا تكذَّب‏"‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رقم الآية ‏(‏68 ‏:‏ 71‏)‏
{قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون ‏.‏ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ‏.‏ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون ‏.‏ قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون
‏}‏
أخبر تعالى عن تعنت بني إسرائيل وكثرة سؤالهم لرسولهم ولهذا لما ضيقوا على أنفسهم ضيق اللّه عليهم ولو أنهم ذبحوا أيَّ بقرة كانت لوقعت الموقع عنهم ولكنهم شدَّدوا فشدَّد عليهم فقالوا {‏ادع لنا ربك يبين لنا ما هي‏} أي ما هذه البقرة‏؟‏ وأي شي صفتها‏؟‏ قال ابن جرير عن ابن عباس‏:‏ ‏"‏لو أخذوا أدنى بقرة لاكتفوا بها ولكنهم شدَّدوا فشدَّد عليهم‏"‏قال‏:‏{‏إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر‏}أي لا كبيرة هرمة ولا صغيرة لم يلحقها الفحل‏.‏ وقال الضحّاك عن ابن عباس‏:{‏عوان بين ذلك‏} يقول نَصَفٌ بين الكبيرة والصغيرة، وهي أقوى ما يكون من الدواب والبقر وأحسن ما تكون‏.‏ وقال سعيد بن جبير‏:‏ ‏{‏فاقع لونها‏}‏ صافية اللون‏.‏ وقال العوفي عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏فاقع لونها‏}‏ شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيض، وقال السدي‏:‏ ‏{‏تسر الناظرين‏}‏ أي تعجب الناظرين‏.‏ وقوله تعالى‏:{‏إن البقر تشابه علينا‏}أي لكثرتها فميز لنا هذه البقرة وصفها وحلها لنا {‏وإنا إن شاء الله‏} إذا بينتها لنا‏{‏لمهتدون‏}‏ إليها عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لولا أن بني إسرائيل قالوا{‏وإنا إن شاء الله لمهتدون‏} لما أعطوا ولكن استثنوا‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم ورواه الحافظ ابن مردويه بنحوه‏"‏‏{‏قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث‏} أي إنها ليست مذللة بالحراثة، ولا معدة للسقي في السانية، بل هي مكرمة حسنة صبيحة مسلَّمة صحيحة لا عيب فيها ‏{‏لا شية فيها‏}‏ أي ليس فيها لون غير لونها وقال قتادة ‏{‏مسلَّمة‏}‏ يقول‏:‏ لا عيب فيها ‏{‏لا شية فيها‏} لونها واحد بهيم قاله عطاء ‏{‏قالوا الآن جئت بالحق‏} قال قتادة‏:‏ الآن بينت لنا، {‏فذبحوها وما كادوا يفعلون‏}
قال الضحاك عن ابن عباس‏:‏ كادوا أن لا يفعلوا - ولم يكن ذلك الذي أرادوا - لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها، يعني أنهم مع هذا البيان وهذه الأسئلة والإضاح ما ذبحوها إلا بعد الجهد، وفي هذا ذم لهم وذلك أنه لم يكن غرضهم إلا التعنت فلهذا ما كادوا يذبحونها‏.‏ قال ابن جرير‏:‏ لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة إن اطلع اللّه على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه ثم اختار أن الصواب في ذلك أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها وللفضيحة‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رقم الآية ‏(‏72 ‏:‏ 73‏)‏
وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ‏.‏ فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ‏}‏
قال البخاري‏:‏ ‏{‏فادارأتم فيها‏}‏ اختلفتم وهكذا قال مجاهد، ‏{‏والله مخرج ما كنتم تكتمون‏} قال مجاهد‏:‏ ما تغيبون‏.‏ عن المسيب بن رافع‏:‏ ‏(‏ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها اللّه وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها اللّه‏)‏ وتصديق ذلك في كلام اللّه‏:‏ {‏واللّه مخرج ما كنتم تكتمون‏}‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم عن المسيب بن رافع‏"‏‏
{‏فقلنا اضربوه ببعضها‏}
هذا البعض أي شيء كان من أعضاء هذه البقرة، فالمعجزة حاصلة به وخرق العادة به كائن، فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبيَّنه اللّه تعالى لنا، ولكنه أبهمه ولم يجيء من طريق صحيح عن معصوم بيانه فنحن نبهمه كما أبهمه اللّه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كذلك يحيي اللّه الموتى‏} أي فضربوه فحييَ، ونبّه تعالى على قدرته وإحيائه الموتى بما شاهدوه من أمر القتيل، جعل تبارك وتعالى ذلك الصنيع حجة لهم على المعاد، وفاصلاً ما كان بينهم من الخصومة والعناد، واللّه تعالى قد ذكر في هذه السورة مما خلقه من إحياء الموتى في خمسة مواضع‏:‏
{‏ثم بعثناكم من بعد موتكم‏}‏ وهذ القصة، وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، وقصة الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها، وقصة إبراهيم عليه السلام والطيور الأربعة، ونبّه تعالى بإحياء الارض بعد موتها على إعادة الأجسام بعد صيرورتها رميماً، كما قال أبو رزين العقيلي رضي اللّه عنه، قال‏:‏ قلت يا رسول اللّه‏:‏ كيف يحيي اللّه الموتى‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أما مررت بواد ممحل ثم مررت به خضراً‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ بلى، قال‏:‏ ‏(‏كذلك النشور‏)‏ أو قال‏:‏ ‏(‏كذلك يحيي اللّه الموتى‏) ‏"‏رواه الطيالسي عن أبي رزين العقيلي رضي اللّه عنه‏"‏وشاهد هذا قوله تعالى {‏وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رقم الآية ‏(‏74‏)‏
ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون
‏}‏
يقول تعالى توبيخاً لبني إسرائيل وتقريعاً لهم على ما شاهدوه من آيات اللّه تعالى وإحيائه الموتى‏:‏ ‏{‏ثم قست قلوبكم من بعد ذلك‏} كله فهي كالحجارة التي لا تلين أبداً، ولهذا نهى اللّه المؤمنين عن مثل حالهم، فقال‏:‏{‏ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللّه وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون‏} فصارت قلوب بني إسرائيل مع طول الأمد قاسية بعيدة عن الموعظة، بعد ما شاهدوه من الآيات والمعجزات، فهي في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها، أو أشدَّ قسوة من الحجارة، فإن من الحجارة ما يتفجر منها العيون بالأنهار الجارية، ومنها ما يشقَّق فيخرج منه الماء وإن لم يكن جارياً، ومنها ما يهبط من رأس الجبل من خشية اللّه وفيه إدراك لذلك بحسبه، كما قال تعالى‏:‏{‏وإن من شيء إلا يسبِّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا‏}
والمعنى‏:‏ وإن من الحجارة لألين من قلوبكم عما تُدْعون إليه من الحق‏.‏
وقد زعم بعضهم أن هذا من باب المجاز، وهو إسناد الخشوع إلى الحجارة كما أسندت الإرادة إلى الجدار في قوله‏:
{‏يريد أن ينقض‏} قال الرازي والقرطبي‏:‏ ولا حاجة إلى هذا، فإن اللّه تعالى يخلق فيها هذه الصفة كما في قوله تعالى‏:‏ {‏فابين أن يحملنها وأشفقن منها‏}وقال‏:‏ ‏{‏تسبّح له السموات السبع والأرض ومن فيهن‏}‏ الآية، وقال‏:‏ ‏{‏والنجم والشجر يسجدان‏}‏، وقال‏:‏ {‏قالتا أتينا طائعين‏} وفي الصحيح‏:‏ ‏(‏هذا جبل يحبنا ونحبه‏)‏، وكحنين الجذع المتواتر خبره،وفي صحيح مسلم‏:‏ ‏(‏إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلّم عليَّ قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن‏(‏، وفي صفة الحجر الأسود أنه يشهد لمن استلم بحق يوم القيامة وغير ذلك مما في معناه‏.‏
تنبيه اختلف علماء العربية في معنى قوله تعالى‏:‏
{‏فهي كالحجارة أو أشد قسوة‏} بعد الإجماع على استحالة كونها للشك، فقال بعضهم أوههنا بمعنى الواو تقديره‏:‏ فهي كالحجارة وأشد قسوة، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً‏} وقوله‏:‏ ‏{‏عذراً أو نذراً‏}
وكما قال جرير بن عطية‏:‏
نال الخلافة أو كانت له قدراً * كما أتى ربَّه موسى على قَدَرَ
قال ابن جرير‏:‏ يعني نال الخلافة وكانت له قدراً، وقال آخرون‏:‏ أوههنا بمعنى بل فتقديره‏:‏ فهي كالحجارة بل أشد قسوة، وكقوله‏:{‏إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية‏}‏ ‏{‏وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون‏}‏ ‏{‏فكان قاب قوسين أو أدنى‏}‏، وقال آخرون‏:‏ معنى ذلك‏:{‏فهي كالحجارة أو أشد قسوة‏} عندكم حكاه ابن جرير‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ معنى ذلك فقلوبكم لا تخرج عن أحد هذين المثلين‏:‏ إما أن تكون مثل الحجارة في القسوة، وإما أن تكون أشد منها في القسوة، قال ابن جرير ومعنى ذلك على هذا التأويل فبعضها كالحجارة قسوة، وبعضها أشد قسوة من الحجارة، وقد رجحه ابن جرير مع توجيه غيره، قلت وهذا القول الأخير يبقى شبيهاً بقوله تعالى‏:‏{‏مثلهم كمثل الذي استوقد نارا‏}مع قوله‏:‏{‏أو كصيب من السماء‏}‏، وكقوله‏:‏ {‏والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة‏}‏، مع قوله{‏أو كظلمات في بحر لجِّي‏}الآية أي‏:‏ إن منهم من هو هكذا ومنهم من هو هكذا، واللّه أعلم‏.عن ابن عمر‏:‏ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه، فإن كثرة الكلام بغير ذكر اللّه قسوة القلب، وإنَّ أبعد الناس من اللّه القلب القاسي‏)‏"‏رواه ابن مردويه والترمذي في كتاب الزهد، وقال الترمذي‏:‏ غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم‏"‏وروي مرفوعاً‏:‏ ‏(‏أربع من الشقاء‏:‏ جمود العين، وقساوة القلب، وطول الأمل والحرص على الدنيا‏)‏ ‏"‏رواه البزار عن أنَس بن مالك مرفوعاً‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس