عرض مشاركة واحدة
قديم 23-06-2014, 04:44 AM   رقم المشاركة : 6
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏35 ‏:‏ 37‏)‏
‏{‏ وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ‏.‏ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ‏.‏ إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين ‏}‏

يخبر تعالى عن اغترار المشركين بما هم فيه من الإشراك واعتذارهم محتجين بالقدر بقولهم‏:‏ ‏{‏لو شاء اللّه ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء‏}‏ أي من البحائر والسوائب والوصائل وغير ذلك، ممّا كانوا ابتدعوه واخترعوه من تلقاء أنفسهم ما لم ينزل به سطاناً، ومضمون كلامهم أنه لو كان تعالى كارهاً لما فعلنا لأنكره علينا بالعقوبة ولما أمكننا منه، قال تعالى راداً عليهم شبهتهم‏:‏ ‏{‏فهل على الرسل إلا البلاغ المبين‏}‏ أي ليس الأمر كما تزعمون أنه لم ينكره عليكم، بل قد أنكره عليكم أشد الإنكار ونهاكم عنه آكد النهي، وبعث في كل أمة في كل قرن وطائفة من الناس رسولاً، فلم يزل تعالى يرسل إلى الناس الرسل بذلك منذ حدث الشرك في بني آدم في قوم نوح الذين أرسل إليهم نوح، وكان أول رسول بعثه اللّه إلى أهل الأرض، إلى أن ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي طبقت دعوته الإنس والجن في المشارق والمغارب‏.‏ ‏{‏ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت‏}‏ فكيف يسوغ لأحد من المشركين بعد هذا أن يقول‏:‏ ‏{‏لو شاء اللّه ما عبدنا من دونه من شيء‏}‏‏؟‏ فمشيئته تعالى الشرعية عنهم منفية لأنه نهاهم عن ذلك على ألسنة رسله؛ وأما مشيئته الكونية وهي تمكينهم من ذلك قدراً فلا حجة لهم فيها، لأنه تعالى خلق النار وأهلها من الشياطين والكفرة وهو لا يرضى لعباده الكفر، وله في ذلك حجة بالغة وحكمة قاطعة، ثم إنه تعالى قد أخبر أنه أنكر عليهم بالعقوبة في الدنيا بعد إنذار الرسل، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين‏}‏ أي اسألوا عما كان من أمر من خالف الرسل وكذب الحق، كيف ‏{‏دمر اللّه عليهم وللكافرين أمثالها‏}‏، فقال‏:‏ ‏{‏ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير‏}‏، ثم أخبر اللّه تعالى رسوله صلى اللّه عليه وسلم أن حرصه على هدايتهم لا ينفعهم، إذا كان اللّه قد أراد أضلالهم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يرد اللّه فتنته فلن تملك له من اللّه شيئاً‏}‏، وقال نوح لقومه‏:‏ ‏{‏ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم أن كان اللّه يريد أن يغويكم‏}‏، وقال في هذه الآية الكريمة‏:‏ ‏{‏إن تحرص على هداهم فإن اللّه لا يهدي من يضل‏}‏‏.‏ كما قال اللّه‏:‏ ‏{‏من يضلل اللّه فلا هادي له ويذرهم في طيغانهم يعمهون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فإن اللّه‏}‏ أي شأنه وأمره، ‏{‏لا يهدي من يضل‏}‏ أي من أضله، فمن ذا الذي يهديه من بعد اللّه‏؟‏ أي لا أحد ‏{‏وما لهم من ناصرين‏}‏ أي ينقذونه من عذابه ووثاقه ‏{‏ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه رب العالمين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏ 38 ‏:‏ 40‏)‏
‏{‏ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ‏.‏ ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين ‏.‏ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن المشركين أنهم خلفوا فأقسموا باللّه ‏{‏جهد أيمانهم‏}‏ أي اجتهدوا في الحلف وغلظوا الأيمان أنه لا يبعث اللّه من يموت، أي استبعدوا ذلك وكذبوا الرسل في إخبارهم لهم بذلك، وحلفوا على نقيضه‏.‏ فقال تعالى مكذباً لهم وراداً عليهم‏:‏ ‏{‏بلى‏}‏ أي بلى سيكون ذلك، ‏{‏وعدا عليه حقا‏}‏ أي لا بد منه، ‏{‏ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏}‏ أي فلجهلهم يخالفون الرسل ويقعون في الكفر‏.‏ ثم ذكر تعالى حكمته في المعاد وقيام الأجساد يوم التناد فقال‏:‏ ‏{‏ليبين لهم‏}‏ أي للناس، ‏{‏الذي يختلفون فيه‏}‏ أي من كل شيء، ‏{‏وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين‏}‏ أي في أيمانهم وأقسامهم

لا يبعث اللّه من يموت‏.‏ ثم أخبر تعالى عن قدرته على ما يشاء وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، والمعاد من ذلك إذا أراد كونه فإنما يأمر به مرة واحدة، فيكون كما يشاء كقوله ‏{‏وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة‏}‏، وقال في هذه الآية الكريمة‏:‏ ‏{‏إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون‏}‏ أي أنه تعالى لا يحتاج إلى تأكيد فيما يأمر به فإنه تعالى لا يمانع، ولا يخالف، لأنه الواحد القهار، العظيم الذي قهر سلطانه وجبروته وعزته كل شيء فلا إله إلا هو ولا رب سواه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏41 ‏:‏ 42‏)‏
‏{‏ والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ‏.‏ الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ‏}‏

يخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين في سبيله ابتغاء مرضاته، الذين فارقوا الدار والإخوان والخلان رجاء ثواب اللّه وجزائه، وقد وعدهم تعالى بالمجازاة الحسنة في الدنيا والآخرة فقال‏:‏ ‏{‏لنبوئنهم في الدنيا حسنة‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ المدينة، وقيل‏:‏ الرزق الطيب، قاله مجاهد، ولا منافاة بين القولين، فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم فعوضهم اللّه خيراً منها في الدنيا، فإن من ترك شيئاً للّه عوضه اللّه بما هو خير له منه، وكذلك وقع، فإن اللّه مكن لهم في البلاد، وحكمهم على رقاب العباد، وصاروا أمراء حكاماً وكل منهم للمتقين إماماً، وأخبر أن ثوابه للمهاجرين في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا فقال‏:‏ ‏{‏ولأجر الآخرة أكبر‏}‏ أي مما أعطيناهم في الدنيا ‏{‏لو كانوا يعلمون‏}‏ أي لو كان المتخلفون عن الهجرة معهم يعلمون ما ادخر اللّه لمن أطاعه واتبع رسوله، ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه يقول‏:‏ خذ بارك اللّه لك فيه، هذا ما وعدك اللّه في الدنيا، وما ادخر لك في الآخرة أفضل، ثم قرأ هذه الآية‏:‏ ‏{‏لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون‏}‏، ثم وصفهم تعالى فقال‏:‏ ‏{‏الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون‏}‏ أي صبروا على الأذى من قومهم متوكلين على اللّه الذي أحسن لهم العاقبة في الدنيا والآخرة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏ 43 ‏:‏ 44‏)‏
‏{‏ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ‏.‏ بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ‏}‏

قال ابن عباس‏:‏ لما بعث اللّه محمداً صلى اللّه عليه وسلم رسولاً أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم وقالوا‏:‏ اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشراً فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس‏}‏ الآية، وقال‏:‏ ‏{‏وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏}‏ يعني أهل الكتب الماضية أبشراً كانت الرسل إليهم أم ملائكة‏؟‏ فإن كانوا ملائكة أنكرتم، وإن كانوا بشراً فلا تنكروا أن يكون محمد صلى اللّه عليه وسلم رسولاً، والغرض أن هذه الآية الكريمة أخبرت بأن الرسل الماضيين قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم كانوا بشراً كما هو بشر، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏قل ما كنت بدعا من الرسل‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي‏}‏، ثم أرشد اللّه تعالى من شك في كون الرسل كانوا بشراً إلى سؤال أصحاب الكتب المتقدمة عن الأنبياء الذين سلفوا، هل كان أنبياؤهم بشراً أو ملائكة، ثم ذكر تعالى أنه أرسلهم ‏{‏بالبينات‏}‏ أي بالحجج والدلائل ‏{‏والزبر‏}‏ وهي الكتب، قاله ابن عباس ومجاهد؛ والزبر‏:‏ جمع زبور، تقول العرب‏:‏ زبرت الكتاب إذا كتبته‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وكل شيء فعلوه في الزبر‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأنزلنا إليك الذكر‏}‏ يعني القرآن ‏{‏لتبين للناس ما نزل إليهم‏}‏ أي من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل اللّه عليك، وحرصك عليه واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم فتفصل لهم ما أجمل وتبين لهم ما أشكل والمراد بأهل الذكر أهل الكتاب قاله ابن عباس ومجاهد والأعمش وعبد الرحمن بن زيد ، ‏{‏ولعلهم يتفكرون‏}‏ أي ينظرون لأنفسهم فيتهدون فيفوزون بالنجاة في الدارين‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏45 ‏:‏ 47‏)‏
{‏ أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون ‏.‏ أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين ‏.‏ أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم ‏}‏

يخبر تعالى عن حلمه وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها، ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض، أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، أي من حيث لا يعلمون مجئيه إليهم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أفأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏أو يأخذهم في تقلبهم‏}‏ أي تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسفار ونحوها من الأشغال الملهية، قال قتادة والسدي‏:‏ تقلبهم أي أسفارهم؛ وقال مجاهد والضحّاك‏:‏ ‏{‏في تقلبهم‏}‏ في الليل والنهار، كقوله‏:‏ ‏{‏أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهو نائمون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فما هم بمعجزين‏}‏ أي لا يعجزون على اللّه على أي حال كانوا عليه، وقوله‏:‏ ‏{‏أو يأخذهم على تخوف‏}‏ أي أو يأخذهم اللّه في حال خوفهم من أخذه لهم، فإنه يكون أبلغ وأشد، فإن حصول ما يتوقع مع الخوف الشديد، ولهذا قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏أو يأخذهم على تخوف‏}‏‏:‏ يقول‏:‏ إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتحوفه بذلك وكذا روي عن مجاهد وقتادة والضحّاك ‏.‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏فإن ربكم لرؤوف رحيم‏}‏ أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة، كما ثبت في الصحيحين ‏(‏لا أحد أصبر على أذى سمعه من اللّه، إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وكأي من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏48 ‏:‏ 50‏)‏
{‏- أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ‏.‏ ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ‏.‏ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ‏}‏

يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وكبريائه الذي خضع له كل شيء، ودانت له الأشياء والمخلوقات بأسرها، جماداتها وحيواناتها ومكلفوها من الإنس والجن والملائكة، فأخبر أن كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال، أي بكرة وعشياً فإنه ساجد بظله للّه تعالى‏.‏ قال مجاهد‏:‏ إذا زالت الشمس سجد كل شيء للّه عزَّ وجلَّ، وقوله‏:‏ ‏{‏وهم داخرون‏}‏ أي صاغرون‏.‏ وقال مجاهد أيضاً‏:‏ سجود كل شيء فيؤه، وأمواج البحر صلاته، ونزلهم منزلة من يعقل إذا أسند السجود إليهم، فقال‏:‏ ‏{‏وللّه يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة‏}‏، كما قال‏:‏ ‏{‏وللّه يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏والملائكة وهم لا يستكبرون‏}‏ أي تسجد للّه أي غير مستكبرين عن عبادته، ‏{‏يخافون ربهم من فوقهم‏}‏ أي يسجدون خائفين وجلين من الرب جل جلاله، ‏{‏ويفعلون ما يؤمرون‏}‏ أي مثابرين على طاعته تعالى وامتثال أوامره، وترك زواجره‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏51 ‏:‏ 55‏)‏
‏{‏ وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون ‏.‏ وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون ‏.‏ وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ‏.‏ ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ‏.‏ ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون ‏}‏

يخبر تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه لا ينبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، فإنه مالك كل شيء وخالقه وربه {‏وله الدين ‏واصبا‏}‏، قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ أي دائماً، وعن ابن عباس أيضاً‏:‏ أي واجباً، وقال مجاهد‏:‏ أي خالصاً له، أي له العبادة وحده ممن في السماوات والأرض، كقوله‏:‏ ‏{‏ألا لله الدين الخالص‏}‏، ثم أخبر أنه مالك النفع والضر، وأن ما بالعباد من رزق ونعمة وعافية ونصر فمن فضله عليهم، وإحسانه إليهم، ‏{‏ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون‏}‏ أي لعلمكم أنه لا يقدر على إزالته إلا هو، فإنكم عند الضرورات تلجأون إليه، وتسألونه وتلحون في الرغبة إليه مستغيثين به، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه‏}‏، وقال ههنا‏:‏ ‏{‏ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم‏}‏ قيل اللام ههنا لام العاقبة، وقيل‏:‏ لام التعليل‏.‏ بمعنى قضينا لهم ذلك ليكفروا أي يستروا ويجحدوا نعم اللّه عليهم، مع أنه المسدي إليهم النعم، الكاشف عنهم النقم، ثم توعدهم قائلاً‏:‏ ‏{‏فتمتعوا‏}‏ أي اعملوا ما شئتم بما أنتم فيه قليلاً ‏{‏فسوف تعلمون‏}‏ أي عاقبة ذلك‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏56 ‏:‏ 60‏)‏
‏{‏ ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون ‏.‏ ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ‏.‏ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ‏.‏ يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ‏.‏ للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ‏}‏

يخبر تعالى عن قبائح المشركين الذين عبدوا مع اللّه غيره من الأصنام والأوثان والأنداد بغير علم وجعلوا للأوثان نصيباً مما رزقهم اللّه، فقالوا‏:‏ ‏{‏هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا‏}‏ أي جعلوا لآلهتم نصيباً مع اللّه وفضلوها على جانبه، فأقسم اللّه تعالى بنفسه الكريمة ليسألنهم عن ذلك الذي افتروه ائتفكوه، وليقابلنهم عليه وليجازينهم أوفر الجزاء في نار جهنم فقال‏:‏ ‏{‏تاللّه لتسألن عما كنتم تفترون‏}‏، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم جعلوا الملائكة إناثاً وجعلوها بنات اللّه، فعبدوها معه، فنسبوا إليه تعالى الولد ولا ولد له، ثم أعطوه أخس القسمين من الأولاد وهو البنات وهم لا يرضونها لأنفسهم، كما قال‏:‏ ‏{‏ألكم الذكر وله الأنثى‏؟‏ تلك إذا قسمة ضيزى‏}‏، وقوله ههنا‏:‏ ‏{‏ويجعلون لله البنات سبحانه‏}‏ أي عن قولهم وإفكهم، ‏{‏ألا إنهم ليقولن ولد اللّه وإنهم لكاذبون‏.‏ أصطفى البنات على البنين‏؟‏ ما لكم كيف تحكمون‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ولهم ما يشتهون‏}‏ أي يختارون لأنفسهم الذكور ويأنفون لأنفسهم من البنات التي نسبوها إلى اللّه، تعالى اللّه عن قولهم علواً كبيراً‏.‏ فإنه ‏{‏وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا‏}‏ أي كئيباً من الهم ‏{‏وهو كظيم‏}‏ ساكت من شدة ما هو فيه من الحزن، ‏{‏يتوارى من القوم‏}‏ أي يكره أن يراه الناس، ‏{‏من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب‏}‏ أي إن أبقاها أبقاها مهانة لا يورثها ولا يعتني بها، ويفضل أولاده الذكور عليها، ‏{‏أم يدسه في التراب‏}‏ أي يئدها وهو أن يدفنها فيه حية كما كانوا يصنعون في الجاهلية، أفمن يكرهونه هذه الكراهة ويأنفون لأنفسهم عنه يجعلونه للّه‏؟‏ ‏{‏ألا ساء ما يحكمون‏}‏ أي بئس ما قالوا، وبئس ما قسموا، وبئس ما نسبوه إليه، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم‏}‏، وقوله ههنا‏:‏ ‏{‏للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء‏}‏ أي النقص إنما ينسب إليهم ‏{‏وللّه المثل الأعلى‏}‏ أي الكمال المطلق من كل وجه وهو منسوب إليه ‏{‏وهو العزيز الحكيم‏}‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس