عرض مشاركة واحدة
قديم 23-06-2014, 04:59 AM   رقم المشاركة : 7
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏61 ‏:‏ 62‏)‏
‏{‏ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ‏.‏ ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون ‏}‏

يخبر تعالى عن حلمه بخلقه مع ظلمهم، وأنه لو يؤاخذهم بما كسبوا ما ترك على ظهر الأرض من دابة، أي لأهلك دواب الأرض ومعهم بنو آدم، ولكن الرب جل جلاله يحلم ويستر، وينظر إلى أجل مسمى أي لا يعاجلهم بالعقوبة إذ لو فعل ذلك بهم لما أبقى أحداً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏(‏إن اللّه لا يؤخر شيئاً إذا جاء أجله، وإنما زيادة العمر بالذرية الصالحة يرزقها اللّه العبد فيدعون له من بعده، فليحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء مرفوعاً‏"‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ويجعلون للّه ما يكرهون‏}‏ أي من البنات ومن الشركاء الذين هم عبيده وهم يأنفون أن يكون عند أحدهم شريك له في ماله، وقوله‏:‏ ‏{‏وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى‏}‏ إنكاراً عليهم في دعواهم مع ذلك أن لهم الحسنى في الدنيا، كقوله‏:‏ ‏{‏ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا‏}‏ فجمع هؤلاء بين عمل السوء، وتمني الباطل بأن يجازوا على ذلك حسناً وهذا مستحيل، يعملون السيئات ويجزون الحسنات‏؟‏أيجتبى من الشوك العنب‏؟‏ ولهذا قال تعالى رداً عليهم في تمنيهم ذلك‏:‏ ‏{‏لا جرم‏}‏ أي حقاً لا بد منه، ‏{‏أن لهم النار‏}‏ أي يوم القيامة، ‏{‏وأنهم مفرطون‏}‏، قال مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم‏:‏ منسيون فيها مضيعون، وهذا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا‏}‏ وعن قتادة أيضاً ‏{‏مفرطون‏}‏‏:‏ أي معجلون إلى النار من الفرط وهو السابق إلى الورد، ولا منافاة لأنهم يعجل بهم يوم القيامة إلى النار وينسون فيها أي يخلدون‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏63 ‏:‏ 65‏)‏
{‏ تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم ‏.‏ وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ‏.‏ والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون ‏}‏

يذكر تعالى أنه أرسل إلى الأمم الخالية رسلاً فكذبت الرسل، فلك يا محمد في إخوتك من المرسلين أسوة فلا يهُمنَّك تكذيب قومك لك، وأما المشركون الذين كذبوا الرسل فإنما حملهم على ذلك تزيين الشيطان لهم ما فعلوه‏.‏ ‏{‏فهو وليهم اليوم‏}‏ أي هم تحت العقوبة والنكال، والشيطان وليهم ولا يملك لهم خلاصاً، ولا صريخ لهم ولهم عذاب أليم، ثم قال تعالى لرسوله إنه إنما أنزل عليه الكتاب ليبين للناس الذي يختلفون فيه، فالقرآن فاصل بين الناس في كل ما يتنازعون فيه، ‏{‏وهدى‏}‏ أي للقلوب، ‏{‏ورحمة‏}‏ أي لمن تمسك به، ‏{‏لقوم يؤمنون‏}‏، وكما جعل سبحانه القرآن حياة القلوب الميتة بكفرها كذلك يحيي الأرض بعد موتها بما أنزله عليها من السماء من ماء ‏{‏إن في ذلك لآية لقوم يسمعون‏}‏ أي يفهمون الكلام ومعناه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏66 ‏:‏ 67‏)‏
‏{‏ وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ‏.‏ ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وإن لكم‏}‏ أيها الناس ‏{‏في الأنعام‏}‏ وهي الإبل والبقر والغنم ‏{‏لعبرة‏}‏ أي لآية ودلالة على حكمه خالقها وقدرته ورحمته ولطفه، ‏{‏نسقيكم مما في بطونه‏}‏ الضمير عائد على الحيوان، فإن الأنعام حيوانات، أي نسقيكم مما في بطن هذا الحيوان، وفي الآية الأخرى ‏{‏مما في بطونها‏}‏ ويجوز هذا وهذا، كما في قوله‏:‏ ‏{‏كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏من بين فرث ودم لبنا خالصا‏}‏ أي يتخلص الدم بياضه وطعمه وحلاوته، من بين فرث ودم في باطن الحيوان، فيسري كل إلى موطنه إذا نضج الغذاء في معدته، فينصرف منه دم إلى العروق، ولبن إلى الضرع، وبول إلى المثانة، وروث إلى المخرج، وكل منها لا يشوب الآخر، ولا يمازجه بعد انفصاله عنه ولا يتغير به‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لبنا خالصا سائغا للشاربين‏}‏ أي لا يغص به أحد، ولما ذكر اللبن وأنه تعالى جعله شراباً للناس سائغاً ثنى بذكر ما يتخذه الناس من الأشربة من ثمرات النخيل والأعناب، وما كانوا يصنعون من النبيذ المسكر قبل تحريمه، ولهذا امتن به عليهم فقال‏:‏ ‏{‏ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا‏}‏، قال ابن عباس‏:
السكر ما حرم من ثمرتيهما، والرزق الحسن ما أحل من ثمرتيهما، وفي رواية‏:‏ السكر حرامه، والرزق الحسن حلاله، يعني ما يبس منهما من تمر وزبيب، وما عمل منهما من طلاء وهو الدبس وخل ونبيذ حلال يشرب قبل أن يشتد، كما وردت السنة بذلك ‏{‏إن في ذلك لآية لقوم يعقلون‏}‏ ناسب ذكر العقل ههنا فإنه أشرف ما في الإنسان، ولهذا حرمه اللّه على هذه الأمة الأشربة المسكرة صيانة لعقولها وقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون‏}‏‏؟‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏68 ‏:‏ 69‏)‏
‏{‏ وأوحى ربك إلى النحل
أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ‏.‏ ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ‏}‏

المراد بالوحي هنا الإلهام والهداية والإرشاد للنحل، أن تتخذ من الجبال بيوتاً تأوي إليها، ومن الشجر ومما يعرشون، ثم أذن لها تعالى إذناً قدرياً تسخيرياً أن تأكل من كل الثمرات، وأن تسلك الطرق التي جعلها اللّه تعالى مذللة لها أي مسهلة عليها حيث شاءت من هذا الجو العظيم والبراري الشاسعة والأودية والجبال الشاهقة، ثم تعود كل واحدة منها إلى بيتا وما لها فيه من فراخ وعسل، فتبني الشمع من أجنحتها، وتقيء العسل من فيها، ثم تصبح إلى مراعيها‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاسلكي سبل ربك ذللا‏}‏ أي فاسلكيها مذللة لك، نص عليه مجاهد، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس‏}‏ ما بين أبيض وأصفر وأحمر، وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها ومأكلها منها، وقوله‏:‏ ‏{‏فيه شفاء للناس‏}‏ أي في العسل شفاء للناس، أ من أدواء تعرض لهم‏.‏ قال بعض من تكلم على الطب النبوي‏:‏ لو قال فيه الشفاء للناس

لكان دواء لكل داء؛ ولكن قال‏:‏ فيه شفاء للناس روي عن مجاهد وابن جرير في قوله‏:‏ ‏{‏فيه شفاء للناس‏}‏ أن المراد به القرآن وهذا قول صحيح في نفسه، ولكن ليس هو الظاهر ههنا من سياق الآية، فإن الآية ذكر فيها العسل فالضمير يعود إليه واللّه أعلم ، أي يصلح لكل أحد من أدواء باردة، فإنه حار، والشيء يداوى بضده‏.‏ عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه أن رجلاً جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال إن أخي استطلق بطنه، فقال‏:‏ ‏(‏اسقه عسلاً‏)‏ فذهب فسقاه عسلاً، ثم جاء فقال‏:‏ يا رسول اللّه سقيته عسلاً فما زاده استطلاقاً‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏اذهب فاسقه عسلاً‏)‏، فذهب فسقاه عسلاً، ثم جاء فقال‏:‏ يا رسول اللّه ما زاده إلا استطلاقاً، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏صدق اللّه وكذب بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلاً‏)‏، فذهب فسقاه عسلاً فبرئ ‏"‏أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري‏"‏قال بعض العلماء بالطب‏:‏ كان هذا الرجل عنده فضلات، فلما سقاه عسلاً وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع، فزاده إسهالاً، فاعتقد الأعرابي أن هذا يضره وهو مصلحة لأخيه، ثم سقاه فازداد التحليل والدفع، ثم سقاه فكذلك، فلما اندفعت

الفضلات لفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه وصلح مزاجه واندفعت الأسقام والالآم ببركة إشارته عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام‏.‏ وفي الصحيحين عن عائشة رضي اللّه عنها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يعجبه الحلواء والعسل‏.‏ وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال،
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الشفاء في ثلاثة‏:‏ في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنهى أمتي عن الكي‏)‏

وقال البخاري، عن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏إن كان في شيء من أدويتكم خير‏:‏ ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي‏)‏ وفي الحديث‏:‏ ‏(‏عليكم بالشفاءين‏:‏ العسل والقرآن‏)‏ ‏"‏رواه ابن ماجه عن ابن مسعود مرفوعاً، قال ابن كثير‏:‏ وإسناده جيد‏"‏، وعن علي بن أبي طالب أنه قال‏:‏ إذا أراد أحدكم الشفاء فليكتب آية من كتاب اللّه في صحفة، وليغسلها بماء السماء، وليأخذ من امرأته درهماً عن طيب نفس منها، فليشتر به عسلاً فليشربه كذلك فإنه شفاء، أي من وجوه‏:‏ قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏وأنزلنا من السماء ماء مباركا‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا‏}‏، وقال في العسل‏:‏ ‏{‏فيه شفاء للناس‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون‏}‏ أي إن في إلهام اللّه لهذه الدواب الضعيفة الخلقة إلى السلوك في هذه المهامة والاجتناء من سائر الثمار، ثم جمعها للشمع والعسل وهو أطيب الأشياء لآية لقوم يتفكرون في عظمة خالقها ومقدرها ومسخرها وميسرها فيستدلون بذلك على أنه الفاعل القادر الحكيم العليم الكريم الرحيم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏70‏)‏
{‏ والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير ‏}‏

يخبر تعالى عن تصرفه في عباده، وأنه هو الذي أنشأهم من العدم، ثم بعد ذلك يتوفاهم، ومنهم من يتركه حتى يدركه الهرم‏.‏ وقد روي عن علي رضي اللّه عنه ‏{‏أرذل العمر‏}‏‏:‏ خمس وسبعون سنة‏.‏ وفي هذا السن يحصل له ضعف القوى والخرف وسوء الحفظ وقلة العلم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏لكي لا يعلم بعد علم شيئا‏}‏ أي بعد ما كان عالماً أصبح لا يدري شيئاً من الفند والخرف، ولهذا روى البخاري عند
تفسير هذه الآية عن أنَس بن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو‏:‏ ‏(‏أعوذ بك من البخل والكسل والهرم وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات‏)‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏71‏)‏
‏{‏ والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون ‏}‏

يبين تعالى للمشركين جهلهم وكفرهم فيما زعموه للّه من الشركاء، وهم يعترفون أنه عبيد له، كما كانوا يقولون في تلبيتهم في حجهم‏:‏ لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، فقال تعالى منكراً عليهم‏:‏ أنتم لا ترضون أن تساووا عبيدكم فيما رزقناكم فكيف يرضى هو تعالى بمساواة عبيد له في الإلهية والتعظيم‏؟‏ قال ابن عباس في هذه الآية‏:‏ لم يكونوا ليشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم، فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني‏؟‏ فذلك قوله‏:‏ ‏{‏أفبنعمة اللّه يجحدون‏}‏‏.‏ وقال في الرواية الأخرى عنه‏:‏ فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم‏؟‏ وقال مجاهد‏:‏ هذا مثل الآلهة الباطلة‏.‏ وقال قتادة‏:‏ هذا مثل ضربه اللّه فهل منكم من أحد يشاركه مملوكه في زوجته وفي فراشه فتعدلون باللّه خلقه وعباده‏؟‏ فإن لم ترض لنفسك هذا فاللّه أحق أن ينزه منك، وقوله‏:‏ ‏{‏أفبنعمة اللّه يجحدون‏}‏ أي كيف جحدوا نعمته وأشركوا معه غيره‏.‏ وعن الحسن البصري قال‏:‏ كتب عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إلى أبي موسى الأشعري‏:‏ واقنع برزقك من الدنيا فإن الرحمن فضل بعض عباده على بعض في الرزق، بلاء يبتلي به كلا، فيبتلي به من بسط له كيف شكره للّه وأداؤه الحق الذي افترض عليه فيما رزقه وخوله ‏"‏رواه ابن أبي حاتم‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏72‏)‏
‏{‏ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون ‏}‏

يذكر تعالى نعمه على عبيده بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً من جنسهم وشكلهم، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكوراً وإناثاً، وجعل الإناث أزواجاً للذكور، ثم ذكر تعالى بأنه جعل من الأزواج البنين والحفدة وهم أولاد البنين، عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏بنين وحفدة‏}‏ هم الولد وولد الولد، وقال مجاهد‏:‏ ‏{‏بنين وحفدة‏}‏ ابنه وخادمه، وقال طاووس وغير واحد‏:‏ الحفدة الخدم‏.‏ وعن عكرمة أنه قال‏:‏ الحفدة من خَدَمك من ولدك وولد ولدك، قال الضحّاك‏:‏ إنما كانت العرب تخدمها بنوها‏.‏ وقال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس‏:‏ هم الأصهار، قال ابن جرير‏:‏ وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى الحفدة وهو الخدمة، ومنه قوله في القنوت‏:‏ وإليك نسعى ونحفد ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والخدم والأصهار فالنعمة حاصلة بهذا كله، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة‏}‏، قلت‏:‏ فمن جعل ‏{‏وحفدة‏}‏ متعلقاً بأزواجكم فلا بد أن يكون المراد الأولاد وأولاد الأولاد أو الأصهار، لأنهم أزواج البنات أو أولاد الزوجة، فإنهم يكونون غالباً تحت كنف الرجل وفي حجره وفي خدمته، وأما من جعل الحفدة الخدم فعنده أنه معطوف على قوله‏:‏ ‏{‏واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا‏}‏ أي جعل لكم الأزواج والأولاد خدماء، وقوله‏:‏ ‏{‏ورزقكم من الطيبات‏}‏ أي من المطاعم والمشارب، ثم قال تعالى منكراً على من أشرك في عباده المنعم غيره‏:‏ ‏{‏أفبالباطل يؤمنون‏}‏‏؟‏ وهم الأنداد والأصنام ‏{‏وبنعمة اللّه هم يكفرون‏}‏‏؟‏ أي يسترون نعم اللّه عليهم ويضيفونها إلى غيره‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس