خطبتي الجمعة من المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بعنوان :
الإكثار من الأعمال الصالحة
والتي تحدَّث فيها عن التقرب إلى الله تعالى بالطاعات،
ومُجانبة المُحرَّمات،
وحثَّ من خلال إيراد الكثير من الآيات والأحاديث على شتَّى العبادات
النوافل منها والفرائض.
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، ذي المُلك الذي لا يُرام، والعِزَّة التي لا تُضام،
أحمدُ ربي وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القدوسُ السلام،
وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالهُدى ودين الحقِّ
فمحَى الله به الشركَ والظلامَ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ،
وعلى آلهِ وصحبِه الكرام.
أمابعد
فاتقوا الله تعالى بالتقرُّب إليه بما شرَع، ومُجانبَة المُحرَّمات والبِدَع؛
فقد أفلحَ من استقام على الصراط المُستقيم، وفازَ بجنات النعيم.
أيها الناس :
حاسِبُوا أنفسَكم قبل الحِساب؛ لتكثُر حسناتُكم وتقِلَّ سيئاتُكم،
وأنتم في فُسحةٍ من الأجل، وتمكُّنٍ من العمل،
ولن يضُرَّ عبدًا دخل عليه النقصُ في دُنياه وسلِمَ له دينُه، وعظُم أجرُه في أُخراه؛
إذ الدنيا متاع، وما قدَّره الله للإنسان من الرزقِ مع العمل الصالح فهو رزقٌ مُبارَك،
ولا خيرَ في رزقٍ ودُنيا لا دينَ معها يُرضِي العبدُ به ربَّه.
وقد تكفَّل الله - تبارك وتعالى - بالرزقِ لعِظَم شأن العبادة؛
إذ عليها مدارُ السعادة،
قال الله تعالى:
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)}
[ الذاريات: 56- 58 ].
وفعلُ الأسباب المُباحة لاكتِساب الرزقِ الحلالِ مما شرَعَه الإسلام،
ولكنَّ ربَّنا الرحمنَ الرحيمَ الحكيمَ العليمَ، ذا المجد والكرَم،
وهَّابَ النعم أرشدَنا إلى أن يكون همُّ المُسلم الأعظم هو الأعمالَ الصالحات
التي يرحمُه الله بها ويُدخِله الجنة، ويُنجِّيه من النار،
قال الله تعالى:
{ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
[ يونس: 25 ]
وقال تعالى:
{ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ }
[ البقرة: 221 ]
وقال تعالى:
{ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
[ آل عمران: 185 ].
وكان من دُعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -
فيما روى ابنُ عمر -:
( اللهم لا تجعَل مُصيبَتَنا في ديننا، ولا تجعَل الدنيا أكبرَ همِّنا، ولا مبلغَ علمِنا )
رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ".