عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2014, 04:54 AM   رقم المشاركة : 8
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

مسلمهم طاعة للّه ولرسوله، وكافرهم حمية للعشيرة وأنفة وطاعة لأبي طالب عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ وأما بنو عبد شمس وبنو نوفل، وإن كانوا بني عمهم فلم يوافقوا على ذلك، بل حاربوهم ونابذوهم، ومالأوا بطون قريش على حرب الرسول‏.‏

وقال جبير بن مطعم‏:‏ مشيت أنا وعثمان بن عفان، إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلنا‏:‏ يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعطيت بني عبد المطلب من خمس خيبر وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد‏)‏ ‏"‏رواه البخاري في عدة أبواب‏"‏‏.‏ وفي بعض روايات هذا الحديث‏:‏ ‏)‏إنهم لم يفارقونا في جاهليه ولا إسلام‏)‏؛ وهذا قول جمهور العلماء أنهم بنو هاشم وبنو المطلب‏.‏ قال ابن جرير‏:‏ وقال آخرون‏:‏ هم بنو هاشم، ثم روى عن مجاهد قال‏:‏ علم اللّه أن في بني هاشم فقراء، فجعل لهم الخمس مكان الصدقة، وفي رواية عنه قال‏:‏ هم قرابة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذين لا تحل لهم الصدقة؛ عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏رغبت لكم عن غسالة الأيدي،
لأن لكم من خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم‏)‏ ‏
"‏رواه ابن أبي حاتم، قال ابن كثير‏:‏ حديث حسن الإسناد‏"‏،
وقوله‏:‏ ‏{‏واليتامى‏}‏ أي أيتام المسلمين، واختلف العلماء هل يختص بالأيتام الفقراء أو يعم الأغنياء والفقراء‏؟‏ على قولين، والمساكين هم المحاويج الذين لا يجدون ما يسد خلتهم ومسكنتهم ‏{‏وابن السبيل‏}‏ هو المسافر أو المريد للسفر إلى مسافة تقصر فيها الصلاة وليس له ما ينفقه في سفره ذلك، وسيأتي تفسير ذلك في آية الصدقات من سورة براءة إن شاء اللّه تعالى‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا‏}‏ أي امتثلوا ما شرعنا لكم من الخمس في الغنائم إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وما أنزل على رسوله، ولهذا جاء في الصحيحين من حديث عبد اللّه بن عباس في وفد عبد القيس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لهم‏:‏ ‏(‏وآمركم بأربع وأنهاكم عن أربع‏:‏ آمركم بالإيمان باللّه، ثم قال‏:‏ هل تدرون ما الإيمان باللّه‏؟‏ شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا الخمس من المغنم‏)‏ الحديث، فجعل أداء الخمس من جملة الإيمان، وقوله‏:‏ ‏{‏يوم الفرقان يوم التقى الجمعان‏}‏ ينبه تعالى على نعمته وإحسانه إلى خلقه بما فرق به بين الحق والباطل ببدر، ويسمى الفرقان، لأن اللّه أعلى فيه كلمة الإيمان على كلمة الباطل، وأظهر دينه ونصر نبيه وحزبه، قال ابن عباس‏:‏ يوم الفرقان يوم بدر، فرق اللّه فيه بين الحق والباطل ‏"‏أخرجه الحاكم‏"‏‏.‏ وقال عروة بن الزبير‏:‏ ‏{‏يوم الفرقان‏}‏ يوم فرق اللّه بين الحق والباطل، وهو يوم بدر، وهو أول مشهد شهده رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة فالتقوا يوم الجمعان لتسع عشرة أو سبع عشرة مضت من رمضان وأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يومئذ ثلثمائة وبضعة عشر رجلاً، والمشركون ما بين الألف والتسعمائة، فهزم اللّه المشركين،

وقتل منهم زيادة على السبعين وأسر منهم مثل ذلك‏.‏ وكانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان في صبحيتها ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان، وهو الصحيح عند أهل المغازي والسير‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏42‏)‏
‏{‏ إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن يوم الفرقان‏:‏ ‏{‏إذ أنتم بالعدوة الدنيا‏}‏ أي أنتم نزول بعدوة الوادي الدنيا القريبة إلى المدينة ‏{‏وهم‏}‏ أي المشركون نزول ‏{‏بالعدوة القصوى‏}‏ أي البعيدة من المدينة إلى ناحية مكة ‏{‏والركب‏}‏ أي العير الذي فيه أبو سفيان بما معه من التجارة، ‏{‏أسفل منكم‏}‏ أي مما يلي سيف البحر ‏{‏ولو تواعدتم‏}‏ أي أنتم والمشركون إلى مكان ‏{‏لاختلفتم في الميعاد‏}‏، قال محمد بن إسحاق في هذه الآية‏:‏ ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم، ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم ما لقيتموهم ‏{‏ولكن ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا‏}‏ أي ليقضي اللّه ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الشرك وأهله من غير ملأ منكم، ففعل ما أراد من ذلك بلطفه ‏"‏أخرجه محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه‏"‏، وإنما خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع اللّه بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، وقال ابن جرير‏:‏ أقبل أبو سفيام في الركب من الشام، وخرج أبو جهل ليمنعه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه، فالتقوا ببدر، ولا يشعر هؤلاء بهؤلاء ولا هؤلاء بهؤلاء، حتى التقى السقاة ونهد الناس بعضهم لبعض، وقال محمد بن إسحاق وبعث أبو سفيان إلى قريش فقال‏:‏ إن اللّه قد نجى عيركم وأموالكم ورجالكم فارجعوا، فقال أبو جهل‏:‏ واللّه لا نرجع حتى نأتي بدراً - وكانت بدر سوقاً من أسواق العرب - فنقيم بها ثلاثاً، فنطعم بها الطعام وننحر بها الجزر، ونسقي بها الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا، فلا يزالون يهابوننا بعدها أبداً‏.‏ وأقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الناس فقال‏:‏ ‏(‏هذه مكة قد القت إليكم أفلاذ كبدها‏)‏ قال محمد بن إسحاق وحدثني عبد اللّه بن أبي بكر بن حزم، أن سعد بن معاذ قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما التقى الناس يوم بدر‏:‏ يا رسول اللّه ألا نبني لك عريشاً تكون فيه وننيخ إليك ركائبك، ونلقى عدونا‏؟‏ فإن أظفرنا اللّه عليهم وأعزنا فذاك ما نحب، وإن تكن الأخرى فتجلس على ركائبك وتلحق بمن وراءنا من قومنا، فقد واللّه تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد لك حباً منهم، لو علموا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك ويوازرونك وينصرونك، فأثنى عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيراً، ودعا له، فبني له عريش فكان فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبو بكر ما معهما غيرهما‏.‏ قال ابن إسحاق‏:‏ وارتحلت قريش حين أصبحت، فلما أقبلت ورآها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏اللهم هذه قريش قد أقلبت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة‏}‏ أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآية والعبرة، ويؤمن من آمن على مثل ذلك، يقول تعالى‏:‏ إنما جمعكم من عدوكم في مكان واحد على غير ميعاد لينصركم عليهم، ويرفع كلمة الحق على الباطل، ليصير الأمر ظاهراً، والحجة قاطعة والبراهين ساطعة، ولا يبقى لأحد حجة ولا شبهة، فحينئذ يهلك من هلك، أي يستمر في الكفر من استمر فيه على بصيرة من أمره أنه مبطل لقيام الحجة عليه ‏{‏ويحيى من حي‏}‏ أي يؤمن من آمن ‏{‏عن بينة‏}‏ أي حجة وبصيرة، والإيمان هو حياة القلوب، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس‏}‏، وقالت عائشة في قصة الإفك‏:‏ فهلك فيّ من هلك، أي قال فيها ما قال من البهتان والإفك، وقوله ‏{‏وإن اللّه لسميع‏}‏ أي لدعائكم وتضرعكم واستغاثتكم به ‏{‏عليم‏}‏ أي بكم وأنكم تستحقون النصر على أعدائكم الكفرة المعاندين‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏43 ‏:‏ 44‏)‏
‏{‏ إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور ‏.‏ وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور‏}‏

قال مجاهد‏:‏ أراهم اللّه إياه في منامه قليلاً، وأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك فكان تثبيتاً لهم، وقوله‏:‏ ‏{‏ولو أراكهم كثيرا لفشلتم‏}‏ أي لجبنتم واختلفتم فيما بينكم ‏{‏ولكن اللّه سلم‏}‏ أي من ذلك بأن أراكهم قليلاً، ‏{‏إنه عليم بذات الصدور‏}‏ أي بما تجنه الضمائر وتنطوي عليه الأحشاء، ‏{‏يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا‏}‏ وهذا أيضاً من لطفه تعالى بهم إذ أراهم إياهم قليلاً في رأي العين فيجرؤهم عليهم ويطمعهم فيهم‏.‏ قال ابن مسعود رضي اللّه عنه‏:‏ لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي تراهم سبعين‏؟‏ قال‏:‏ لا، بل هم مائة، حتى أخذنا رجلاً منهم، فسألناه فقال‏:‏ كنا ألفاً ‏"‏رواه ابن أبي حاتم وابن جرير‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ويقللكم في أعينهم‏}‏، قال عكرمة‏:‏ حضض بعضهم على بعض، ‏{‏ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا‏}‏ أي ليلقي بينهم الحرب للنقمة من أراد الانتقام منه، والإنعام على من أراد تمام النعمة عليه من أهل ولايته، ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلاً من الفريقين بالآخر، وقلّله في عينه ليطمع فيه، وذلك عند المواجهة، فلما التحم القتال وأيد اللّه المؤمنين بألف من الملائكة مردفين، بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قد كان لكم آية في فئتين التقا فئة تقاتل في سبيل اللّه وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين‏}‏ وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين، فإن كلاً منها حق وصدق وللّه الحمد والمنة‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس