عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2014, 05:04 AM   رقم المشاركة : 9
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏45 ‏:‏ 46‏)‏
‏{‏ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ‏.‏ وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ‏}‏

هذا تعليم من اللّه تعالى لعباده المؤمنين آداب اللقاء وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء فقال‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا‏}‏‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ ‏(‏يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا اللّه العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف‏)‏، ثم قام النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال‏:‏ ‏(‏اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم‏)‏ ‏"‏أخرجه الشيخان عن عبد اللّه بن أبي أوفى مرفوعاً‏"‏‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏(‏إن اللّه يحب الصمت عند ثلاث‏:‏ عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة‏)‏
‏"‏أخرجه الطبراني عن زيد بن أرقم مرفوعاً‏"‏‏.‏

وفي الحديث الآخر المرفوع يقول اللّه تعالى‏:‏
(‏إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجزٌ قرنه ‏:‏ أي لا يشغله ذلك الحال عن ذكري ودعائي واستعانتي‏.‏ وقال قتادة‏:‏ افترض اللّه ذكره عند أشغل ما يكون، عند الضرب بالسيوف‏.‏

وعن كعب الأحبار قال‏:‏ ما من شيء أحب إلى اللّه تعالى من قراءة القرآن والذكر، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال فقال‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا اللّه كثيرا لعلكم تفلحون‏}‏‏.‏ فأمر تعالى باثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم، فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا، وأن يذكروا اللّه في تلك الحال ولا ينسوه، بل يستعينوا به، ويتوكلوا عليه، ويسألوه النصر على أعدائهم، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضاً فيختلفوا، فيكون سبباً لتخاذلهم وفشلهم، ‏{‏وتذهب ريحكم‏}‏ أي قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال ‏{‏واصبروا إن اللّه مع الصابرين‏}‏ وقد كان للصحابة رضي اللّه عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم اللّه ورسوله به، وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم، ولا يكون لأحد ممن بعدهم، فإنهم ببركة الرسول صلى اللّه عليه وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقاً وغرباً في المدة اليسيرة، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم، وقهروا الجميع حتى علت كلمة اللّه وظهر دينه على سائر الأديان، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة، فرضي اللّه عنهم وأرضاهم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏47 ‏:‏ 49‏)‏
‏{‏ ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط ‏.‏ وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ‏.‏ إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم‏}
يقول تعالى بعد أمره المؤمنين بالإخلاص في القتال في سبيله وكثرة ذكره، ناهياً لهم عن التشبه بالمشركين في خروجهم من ديارهم بطراً، أي دفعاً للحق، ‏{‏ورئاء الناس‏}‏ وهو المفاخرة والتكبر عليهم، كما قال أبو جهل‏:‏ لا واللّه، لا نرجع حتى نرد ماء بدر وننحر الجزر، ونشرب الخمر وتعزف علينا القيان، فانعكس ذلك عليه أجمع، لأنهم وردوا به الحِمام، وركموا في أطواء بدر مهانين أذلاء، في عذاب سرمدي أبدي، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏والله بما يعملون محيط‏}‏ أي عالم بما جاءوا به، ولهذا جازاهم عليه شر الجزاء لهم‏.‏ قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ هم المشركون الذين قاتلوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم بدر وهو قول قتادة والضحاك والسدي وغيرهم ، وقال محمد بن كعب، لما خرجت قريش من مكة إلى بدر خرجوا بالقيان والدفوف، فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم‏}‏ الآية؛ حسَّن لهم لعنه اللّه ما جاءوا له وما هموا به، وأطمعهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس، ونفى عنهم الخشية من أن يؤتوا في ديارهم، كما قال تعالى عنه‏:‏ ‏{‏يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً‏}‏، قال ابن عباس في هذه الآية‏:‏ لما كان يوم بدر سار إبليس برايته وجنوده مع المشركين، وألقى في قلوب المشركين أن أحداً لن يغلبكم، وإني جار لكم، فلما التقوا ونظر الشيطان إلى إمداد الملائكة ‏{‏نكص على عقبيه‏}‏ قال‏:‏ رجع مدبراً، وقال‏:‏ ‏{‏إني أرى ما لا ترون‏}‏ الآية‏.‏ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ جاء إبليس يوم بدر في جندٍ من الشياطين معه رايته، في صورة رجل من بني مدلج في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان للمشركين‏:‏ لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فلما اصطف الناس أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين، فولوا مدبرين، وأقبل جبريل عليه السلام إلى إبليس، فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين، انتزع يده ثم ولى مدبراً وشيعته، فقال الرجل يا سراقة أتزعم أنك لنا جار‏؟‏ فقال‏:‏ إني أرى ما لا ترون إني أخاف اللّه واللّه شديد العقاب؛ وذلك حين رأى الملائكة‏.‏ وقال قتادة‏:‏ وذكر لنا أنه رأى جبريل عليه السلام تنزل معه الملائكة، فعلم عدو اللّه أنه لا يدان له بالملائكة فقال‏:‏ إني أرى ما لا ترون إني أخاف اللّه، وكذب عدو اللّه، واللّه ما به مخافة اللّه، ولكن علم أنه لا قوة له ولا منعة، وتلك عادة عدو اللّه لمن أطاعه واستقاد له، حتى إذا التقى الحق والباطل أسلمهم شر مسلم وتبرأ منهم عند ذلك‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف اللّه رب العالمين‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقال الشيطان لما قضي الأمر إن اللّه وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم‏}‏ الآية‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ لما دنا القوم بعضهم من بعض قلل اللّه المسلمين في أعين المشركينن وقلل المشركين في أعين المسلمين، فقال المشركون‏:‏ غرَّ هؤلاء دينهم، وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم،

فظنوا أنهم سيهزمونهم لا يشكون في ذلك، فقال اللّه‏:‏ ‏{‏ومن يتوكل على اللّه فإن اللّه عزيز حكيم‏}‏، قال قتادة‏:‏ وذكر لنا أن أبا جهل عدو اللّه لما أشرف على محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه قال‏:‏ واللّه لا يعبد اللّه بعد اليوم قسوة وعتواً، وقال ابن جريج‏:‏ هم قوم كانوا مع المنافقين بمكة قالوه يوم بدر، وقال الشعبي‏:‏ كان ناس من أهل مكة قد تكلموا بالإسلام فخرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا‏:‏ غرَّ هؤلاء دينهم‏.‏

وقال مجاهد‏:‏ هم فئة من قريش خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب فحسبهم ارتيابهم، فلما رأوا قلة أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا‏:‏ غرَّ هؤلاء دينهم، حتى قدموا على قدموا عليه مع قلة عددهم وكثرة عدوهم‏.‏ وهكذا قال محمد بن إسحاق بن يسار سواء‏.‏

وقال ابن جرير عن الحسن في هذه الآية قال‏:‏ هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر فسموا منافقين، وقوله‏:‏ ‏{‏ومن يتوكل على الله‏}‏ أي يعتمد على جنابه ‏{‏فإن اللّه عزيز‏}‏ أي لا يضام من التجأ إليه،

فإن اللّه عزيز منيع الجناب عظيم السلطان ‏{‏حكيم‏}‏ في أفعاله لا يضعها إلا في مواضعها، فينصر من يستحق النصر، ويخذل من هو أهل لذلك‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏50 ‏:‏ 51‏)‏
‏{‏ لو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ‏.‏ ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ولو عاينت يا محمد حال توفي الملائكة أرواح الكفار، لرأيت أمراً عظيماً هائلاً فظيعاً منكراً، إذ ‏{‏يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق‏}‏‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيوف، وإذا ولوا أدركتهم الملائكة يضربون أدبارهم، وقال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏يضربون وجوههم وأدبارهم‏}‏ يوم بدر، وقال سعيد بن جبير ‏{‏يضربون وجوههم وأدبارهم‏}‏ قال‏:‏ وأستاههم، ولكنَّ اللّه يكني؛ والسياق وإن كان سببه وقعة بدر، ولكنه عام في حق كل كافر، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم‏}‏ وفي سورة القتال مثلها، وتقدم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو ترى إذ المجرمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم‏}‏ أي باسطو أيديهم بالضرب فيهم بأمر ربهم إذا استصعبت أنفسهم، وامتنعت من الخروج من الأجساد أن تخرج قهراً، وذلك إذا بشروهم بالعذاب والغضب من اللّه، كما جاء في حديث البراء‏:‏ ‏(‏أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصورة المنكرة يقول‏:‏ اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم وظل من يحموم، فتتفرق في بدنه، فيستخرجونها من جسده كما يخرج السفود من الصفوف المبلول، فتخرج معها العروق والعصب‏)‏، ولهذا أخبر تعالى أن الملائكة تقول لهم‏:‏ ذوقوا عذاب الحريق، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك بما قدمت أيديكم‏}‏ أي هذا الجزاء بسبب ما عملتم من الأعمال السيئة في حياتكم الدنيا،

جازاكم اللّه بها هذا الجزاء، ‏{‏وأن اللّه ليس بظلام للعبيد‏}‏‏:‏ أي لا يظلم أحداً من خلقه، بل هو الحكم العدل الذي لا يجور، تبارك وتقدس الغني الحميد، ولهذا جاء في الحديث القدسي الصحيح‏:‏
‏(‏يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، فمن وجد خيراً فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه‏)‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏52‏)‏
‏{‏كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ فعل هؤلاء من المشركين المكذبين بما أرسلت به يا محمد، كما فعل الأمم المكذبة قبلهم، ففعلنا بهم ما هو دأبنا، أي عادتنا وسنتنا في أمثالهم من المكذبين من آل فرعون، ومن قبلهم من الأمم المكذبة بالرسل، الكافرين بآيات اللّه ‏{‏فأخذهم اللّه بذنوبهم‏}‏ أي بسبب ذنوبهم أهلكهم، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر ‏{‏إن اللّه قوي شديد العقاب‏}‏ أي لا يغلبه غالب ولا يفوته هارب‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏53 ‏:‏ 54‏)‏
‏{‏ ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم ‏.‏ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين ‏}‏

يخبر تعالى عن تمام عدله وقسطه في حكمه بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحدٍ إلا بسبب ذنب ارتكبه، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏كدأب آل فرعون‏}‏ أي كصنعه بآل فرعون وأمثالهم حين كذبوا بآياته، لكهم بسبب ذنوبهم وسلبهم تلك النعمة التي أسداها إليهم من جنات وعيون، ونعمة كانوا فاكهينن وما ظلمهم اللّه في ذلك بل كانوا هم الظالمين‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس