عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2014, 05:31 AM   رقم المشاركة : 10
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏55 ‏:‏ 57‏)‏
{‏ إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون ‏.‏ الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون ‏.‏ فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ‏}‏

أخبر تعالى أن شر ما دب على وجه الأرض هم الذين كفروا فهم لا يؤمنون، الذين كلما عاهدوا عهداً نقضوه، وكلما أكدوه بالأيمان نكثوه، ‏{‏وهم لا يتقون‏}‏‏:‏ أي لا يخافون من اللّه في شيء ارتكبوه من الآثام، ‏{‏فإما تثقفنهم في الحرب‏}‏ أي تغلبهم وتظفر بهم في حرب ‏{‏فشرد بهم من خلفهم‏}‏ أي نكّل بهم قاله ابن عباس والحسن البصري والضحاك والسدي وعطاء الخراساني وابن عيينة ، ومعناه‏:‏ غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلاً ليخاف من سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم، ويصيروا لهم عبرة ‏{‏لعلهم يذكرون‏}‏ لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏58‏)‏
‏{‏ وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين‏}‏
يقول تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏وإما تخافن من قوم‏}‏ قد عاهدتهم ‏{‏خيانة‏}‏ أي نقضاً لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود ‏{‏فانبذ إليهم‏}‏ أي عهدهم على سواء‏:‏ أي أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم وحرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي تستوي أنت وهم في ذلك، قال الراجز‏:‏

فاضرب وجوه الغدر للأعداء * حتى يجيبوك إلى السواء

‏{‏إن اللّه لا يحب الخائنين‏}‏ ولو في حق الكفار لا يحبها أيضاً، عن سليم بن عامر قال‏:‏ كان معاوية يسير في أرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد فأراد أن يدنو منهم، فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول‏:‏ اللّه أكبر، اللّه أكبر، وفاء لا غدر، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ومن كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدها، حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء‏)‏، قال فبلغ ذلك معاوية، فرجع فإذا بالشيخ عمرو بن عنبسة رضي اللّه عنه ‏"‏رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏"‏‏.‏ وقال الإمام أحمد عن سلمان الفارسي رضي اللّه عنه أنه انتهى إلى حصن أو مدينة، فقال لأصحابه‏:‏ دعوني أدعوهم كما رأيتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعوهم، فقال إنما كنت رجلاً منكم فهداني اللّه عزَّ وجلَّ للإسلام، فإن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون، وإن أبيتم نابذناكم على سواء، ‏{‏إن اللّه لا يحب الخائنين‏}‏ يفعل ذلك بهم ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الرابع غدا الناس إليها ففتحوها بعون اللّه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏59 ‏:‏ 60‏)‏
‏{‏ ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون ‏.‏ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ‏}
يقول تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ولا تحسبن‏}‏ يا محمد ‏{‏الذين كفروا سبقوا‏}‏ أي فاتونا فلا نقدر عليهم، بل هم تحت قهر قدرتنا وفي قبضة مشيئتنا فلا يعجزوننا، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون‏}‏ أي يظنون، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد‏}‏‏.‏ ثم أمر تعالى بإعداد ألات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة فقال‏:‏ ‏{‏وأعدوا لهم ما استطعتم‏}‏ أي مهما أمكنكم ‏{‏من قوة ومن رباط الخيل‏}‏‏.‏ عن عقبة بن عامر قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول وهو على المنبر‏:‏ ‏(‏وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة‏}‏، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي‏)‏"‏أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجه وأبو داود‏"‏‏. وروى الإمام أحمد وأهل السنن عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ارموا واركبوا وأن ترموا خير من أن تركبوا‏)‏ وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏الخيل لثلاثة‏:‏ لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر‏.‏ فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل اللّه فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات،

ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفاً أو شرفين كانت آثارها وأورائها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقى به كان ذلك حسنات له، فهي لذلك الرجل أجر، ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ولم ينس حق اللّه في رقابها ولا في ظهورها فهي له ستر، ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء فهي على ذلك وزر‏)‏ وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الحمر‏؟‏ فقال‏(‏ ‏:‏ ما أنزل اللّه عليّ فيها شيئاً إلا هذه الآية الجامعة الفاذة‏:‏ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ ‏"‏أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم ومالك‏}‏‏.‏ وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الرمي أفضل من ركوب الخيل، وذهب الإمام مالك إلى أن الركوب أفضل من الرمي؛ وقوله الجمهور أقوى للحديث واللّه أعلم‏.‏

وفي الحديث‏:
‏(‏الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، ومن ربط فرساً في سبيل اللّه كانت النفقة عليه كالماد يده بالصدقة لا يقبضها‏)‏ ‏"‏أخرجه الطبراني عن سهل بن الحنظلية‏"‏‏.‏ وفي صحيح البخاري قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم‏)‏،

وقوله‏:‏ ‏{‏ترهبون‏}‏ أي تخوفون ‏{‏به عدو اللّه وعدوكم‏}‏ أي من الكفار ‏{‏وآخرين من دونهم‏}‏، قال مجاهد‏:‏ يعني بني قريظة، وقال السدي‏:‏ فارس، وقال سفيان الثوري‏:‏ هم الشياطين التي في الدور، وقال مقاتل‏:‏ هم المنافقون، وهذا أشبه الأقوال، ويشهد له قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وما تنفقوا من شيء في سبيل اللّه يوف إليكم وأنتم لا تظلمون‏}‏ أي مهما أنفقتم في الجهاد فإنه يوف إليكم على التمام والكمال، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل اللّه إلى سبعمائة ضعف كما تقدم في قوله تعالى‏:‏
‏{‏مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبه أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏61 ‏:‏ 63‏)‏
{‏ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم ‏.‏ وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك اللهو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ‏.‏ وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم عهدهم على سواء، فإن استمروا على حربك ومنابذتك فقاتلهم ‏{‏وإن جنحوا‏}‏ أي مالوا ‏{‏للسلم‏}‏ أي المسالمة والمصالحة والمهادنة ‏{‏فاجنح لها‏}‏ أي فمل إليها، واقبل منهم ذلك، ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تسع سنين، أجابهم إلى ذلك مع ما اشترطوا من الشروط الأخر‏.‏ قال ابن عباس ومجاهد‏:‏ إن هذه الآية منسوخة بآية السيف في براءة ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر‏}‏ الآية وهو قول عطاء وعكرمة والحسن وقتادة وزيد بن أسلم ، وفيه نظر، لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك، فأما إن كان العدو كثيفاً فإنه يجوز مهادنتهم، كما دلت هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الحديبية، فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص واللّه أعلم‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وتوكل على اللّه‏}‏ أي صالحهم وتوكل على اللّه، فإن اللّه كافيك وناصرك ولو كانوا يريدون بالصلح خديعة ليتقووا ويستعدوا ‏{‏فإن حسبك اللّه‏}‏ أي كافيك وحده، ثم ذكر نعمته عليه بما أيده من المؤمنين المهاجرين والأنصار، فقال‏:‏ ‏{‏هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم‏}‏ أي جمعها على الإيمان بك وعلى طاعتك ومناصرتك وموازرتك، ‏{‏لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم‏}‏ أي لما كان بينهم من العداوة والبغضاء، فإن الأنصار كانت بينهم حروب كثيرة في الجاهلية بين الأوس والخزرج، حتى قطع اللّه ذلك بنور الإيمان، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏واذكروا نعمة اللّه عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا‏}‏‏.‏

وفي الصحيحين
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما خطب الأنصار في شأن غنائم حنين قال لهم‏:‏ ‏(‏يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلاّلاً فهداكم اللّه بي، وعالة فأغناكم اللّه بي، وكنتم متفرقين فألفكم اللّه بي‏)‏ كلما قالوا شيئاً قالوا‏:‏ اللّه ورسوله أمنّ؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولكن اللّه ألف بينهم إنه عزيز حكيم‏}‏ أي عزيز الجناب فلا يخيب رجاء من توكل عليه ‏{‏حكيم‏}‏ في أفعاله وأحكامه، عن ابن عباس قال‏:‏ إن الرحم لتقطع، وإن النعمة لتكفر، وإن اللّه إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء، ثم قرأ‏:‏ ‏{‏لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم‏}‏، وعن مجاهد قال‏:‏ إذا التقى المتحابان في اللّه فأخذ أحدهما بيد صاحبه وضحك إليه، تحاتت خطاياهما كما تحات ورق الشجر، قال عبدة، فقلت له‏:‏ إن هذا ليسير فقال‏:‏ لا تقل ذلك، فإن اللّه يقول‏:‏ ‏{‏لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم‏}‏ قال عبدة‏:‏ فعرفت أنه أفقه مني‏.‏ عن سلمان الفارسي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف، وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحار‏)‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏64 ‏:‏ 66‏)‏
‏{‏ يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ‏.‏ يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ‏.‏ الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ‏}‏

يحرض تعالى نبيه صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين على القتال، ومناجزة الأعداء، ومبارزة الأقران، ويخبرهم أنه حسبهم‏:‏ أي كافيهم ومؤيدهم على عدوهم، وإن كثرت أعدادهم وترادفت أمدادهم، ولو قل عدد المؤمنين‏.‏ قال ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي حسبك اللّه ومن اتبعك من المؤمنين‏}‏ قال‏:‏ حسبك اللّه وحسب من شهد معك، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال‏}‏ أي حثهم وذمرهم عليه، ولهذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحرض على القتال عند صفهم ومواجهة العدو، كما قال لأصحابه يوم بدر حين أقبل المشركون في عدَدَهم وعُدَدهم‏:‏ ‏(‏قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض‏)‏ فقال عمير بن الحمام عرضها السموات والأرض‏؟‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏(‏نعم‏)‏، فقال‏:‏ بخ بخ، فقال‏:‏ ‏(‏ما يحملك على قولك بخ بخ‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ رجاء أن أكون من أهلها، قال‏:‏ ‏(‏فإنك من أهلها‏)‏، فتقدم الرجل فكسر جفن سيفه، وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن، ثم ألقى بقيتهن من يده، وقال‏:‏ لئن أنا حييت حتى آكلهن إنها لحياة طويلة، ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضي اللّه عنه‏.‏

ثم قال تعالى مبشراً للمؤمنين وآمراً‏:‏ ‏{‏إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا‏}‏ كل واحد بعشرة، ثم نسخ هذا الأمر وبقيت البشارة، قال عبد اللّه بن المبارك عن ابن عباس لما نزلت ‏{‏إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين‏}‏ شق ذلك على المسلمين حين فرض اللّه عليهم ألا يفر واحد من عشرة، ثم جاء التخفيف، فقال‏:‏ ‏{‏الآن خفف اللّه عنكم‏}‏ إلى قوله ‏{‏يغلبوا مائتين‏}‏ قال‏:‏ خفف اللّه عنهم من العدة ونقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم‏.‏ وروى البخاري نحوه، وعن ابن عباس قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ثقل على المسلمين وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين، ومائةٌ ألفاً، فخفف اللّه عنهم فنسخها بالآية الأخرى فقال‏:‏ ‏{‏الآن خفف اللّه عنكم وعلم أن فيكم ضعفا‏}‏ الآية، فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم يسغ لهم أن يفروا من عدوهم، وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم وجاز لهم أن يتحرزوا عنهم وروي عن مجاهد وعطاء وعكرمة والحسن وزيد ين أسلم وغيرهم ونحو ذلك ‏.‏ وروى الحافظ ابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين‏}‏ قال‏:‏ نزلت فينا أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏67 ‏:‏ 69‏)‏
‏{‏ ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ‏.‏ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ‏.‏ فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم ‏}‏

لما كان يوم بدر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما تقولون في هؤلاء الأسارى‏؟‏‏)‏ فقال أبو بكر‏:‏ يا رسول اللّه قومك وأهلك، استبقهم واستتبهم لعل اللّه أن يتوب عليهم، وقال عمر‏:‏ يا رسول اللّه كذبوك وأخرجوك فقدمهم فاضرب أعناقهم، وقال عبد اللّه بن رواحة‏:‏ يا رسول اللّه أنت في واد كثير الحطب فاضرم الوادي عليهم ناراً ثم ألقهم فيه، قال‏:‏ فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئاً، ثم قال فدخل، فقال ناس‏:‏ يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس‏:‏ يأخذ بقول عمر، وقال ناس‏:‏ يأخذ بقول عبد اللّه بن رواحة؛ ثم خرج عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏إن اللّه ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن اللّه ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام قال‏:‏ ‏{‏من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم‏}‏، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى عليه السلام قال‏:‏ ‏{‏إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم‏}‏، وإن مثلك يا عمر كمثل موسى عليه السلام قال‏:‏ ‏{‏ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم‏}‏، وإن مثلك يا عبد اللّه كمثل نوح عليه السلام قال‏:‏ ‏{‏رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا‏}‏ أنتم عالة فلا ينفكن أحد منهم إلا بفداء أو ضربة عنق‏)‏، قال ابن مسعود‏:‏ قلت يا رسول اللّه إلا سهيل بن بيضاء فإنه يذكر الإسلام، فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع عليّ حجارة من السماء مني في ذلك اليوم حتى قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إلا سهيل بن بيضاء‏)‏، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏ما كان لنبي أن يكون له أسرى‏}إلى آخر الآية ‏"‏رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم في المستدرك وقال‏:‏ صحيح الإسناد ولم يخرجاه‏"‏‏.‏ عن ابن عمر قال‏:‏ لما أسر الأسارى يوم بدر أسر العباس فيمن أسر، أسره رجل من الأنصار، قال‏:‏ وقد أوعدته الأنصار أن يقتلوه، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم،






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس