عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 01:35 AM   رقم المشاركة : 45
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏197‏)‏
‏{‏الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ‏}‏
اختلف أهل العربية في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الحج أشهر معلومات‏} فقال بعضهم‏:‏ تقديره الحج حج أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام فيما عداها، وإن كان ذاك صحيحاً، والقول بصحة الإحرام بالحج في جميع السنة مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد واحتج لهم بقوله تعالى‏:‏ {‏يسالونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج‏}‏ وبأنه أحد النسكين فصحَّ الإحرام به في جميع السنة كالعمرة، وذهب الشافعي إلى أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره، فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به، وهل ينعقد عمرة‏؟‏ فيه قولان عنه، والقول بأنه لا يصح الإحرام بالحج إلى في أشهره مروي عن ابن عباس وجابر ومجاهد رحمهم اللّه، والدليل عليه قوله‏:‏ ‏{‏الحج أشهر معلومات‏} وظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة، وهو أن وقت الحج أشهر معلومات، فخصصه بها من بين سائر شهور السنة، فدل على أنه لا يصح قبلها كميقات الصلاة‏.‏
عن ابن عباس أنه قال‏:‏ لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في شهور الحج، من أجل قول الله تعالى‏:‏
‏{‏الحج أشهر معلومات‏}
‏، وعنه أنه قال‏:‏ من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، وقول الصحابي من السنة كذا في حكم المرفوع عند الأكثرين، ولا سيما قول ابن عباس تفسيراً للقرآن وهو ترجمانه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏
{‏أشهر معلومات‏}
‏، قل البخاري‏:‏ قال ابن عمر‏:‏ هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد، واختار هذا القول ابن جرير، قال‏:‏ وصح إطلاق الجمع على شهرين وبعض الثالث للتغليب، كما تقول العرب رأيته العام ورأيته اليوم وإنما وقع ذلك في بعض العام واليوم، وقال الإمام مالك والشافعي في القديم‏:‏ هي شوّال وذو القعدة وذو الحجة بكماله، وهو رواية عن ابن عمر أيضاً‏.‏ وفائدة مذهب مالك أنه إلى آخر ذي الحجة بمعنى أنه مختص بالحج، فيكره الاعتمار في بقية ذي الحجة، لا أنه يصح الحج بعد ليلة النحر، وقد ثبت عن عمر وعثمان رضي اللّه عنهما أنهما كانا يحبان الاعتمار في غير أشهر الحج وينهيان عن ذلك في أشهر الحج، واللّه أعلم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فمن فرض فيهن الحج‏}‏ أي وأجب بإحرامه حجاً، قال ابن جرير‏:‏ أجمعوا على أن المراد من الفرض ههنا الإيجاب والإلزام، وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏فمن فرض فيهن الحج‏}‏ من أحرم بحج أو عمرة، وقال عطاء‏:‏ الفرض الإحرام، وقوله‏:‏ ‏{‏فلا رفث‏}‏ أي من أحرم بالحج أو العمرة، فليجتنب الرفث وهو الجماع كما قال تعالى‏:
‏{‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم‏}‏
وكذلك يحرم تعاطي دواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك، وكذلك التكلم به بحضرة النساء‏.‏ قال عبد اللّه بن عمر‏:‏ الرفث إتيان النساء والتكلم بذلك للرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم‏.‏
وقال ابن عباس‏:‏ إنما الرفث ما قيل عند النساء، وقال طاووس‏:‏ سألت ابن عباس عن قول اللّه عزّ وجلّ‏:
‏ ‏{‏فلا رفث ولا فسوق‏}
‏ قال‏:‏ الرفث التعريض بذكر الجماع وهي العرابة في كلام العرب وهو أدنى الرفث، وقال عطاء‏:‏ الرفث الجماع وما دونه من قول الفحش، وقال أبو العالية عن ابن عباس‏:‏ الرفث غشيان النساء والقبلة والغمز، وأن تعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏
{‏ولا فسوق‏}‏ عن ابن عباس‏:‏ هي المعاصي، وعن ابن عمر قال‏:‏ الفسوق ما أصيب من معاصي اللّه صيداً أو غيره، وقال آخرون‏:‏ الفسوق ههنا السباب قاله ابن عباس ومجاهد والحسن، وقد يتمسك لهؤلاء بما ثبت في الصحيح‏:
‏(‏سباب المسلم فسوق وقتاله كفر‏)‏، وقال الضحّاك‏:‏ الفسوق التنابز بالألقاب‏.‏ والذين قالوا‏:‏ هو جميع المعاصي الصواب معهم، كما نهى تعالى عن الظلم في الأشهر الحرم، وإن كان في جميع السنة منهياً عنه، إلا أنه في الأشهر الحرم آكد - ولهذا قال‏:‏ ‏{‏منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم‏}‏ - وقال في الحرم‏:‏{‏ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم‏}‏، واختار ابن جرير أن الفسوق ههنا هو ارتكاب ما نهي عنه في الإحرام من قتل الصيد، وحلق الشعر، وقلم الأظفار، ونحو ذلك كما تقدم عن ابن عمر، وما ذكرناه أولى، وقد ثبت عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه‏)‏ ‏"‏رواية الصحيحين ‏(‏رجع كيوم ولدته أمه‏)‏ وليس فيها خرج من ذنوبه‏.‏ ولفظ مسلم في أوله ‏(‏ من أتى هذا البيت‏)‏، وفي رواية للبخاري ‏(‏من حج للّه‏)‏‏"

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا جدال في الحج‏}‏ فيه قولان‏:‏ أحدهما ‏:‏ ولا مجادلة في وقت الحج في مناسكه، وقد بيّنه اللّه أتم بيان ووضحه أكمل إيضاح والقول الثاني ‏:‏ أن المراد بالجدال ههنا المخاصمة‏.‏ قال ابن جرير عن عبد اللّه بن مسعود في قوله‏:‏ ‏{‏ولا جدال في الحج‏}‏ قال‏:‏ أن تماري صاحبك حتى تغضبه‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏ولا جدال في الحج‏}‏ المراء والملاحاة حتى تُغْضب أخاك وصاحبك‏.‏ وعن نافع أن ابن عمر كان يقول‏:‏ الجدال في الحج‏:‏ السباب والمراء والخصومات‏.
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده غفر له ما تقدم من ذنبه‏)
‏"‏أخرجه عبد بن حميد في مسنده عن جابر‏"‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما تفعلوا من خير يعلمه الله‏}‏‏:‏ لما نهاهم عن إيتان القبيح قولاً وفعلاً، حثهم على فعل الجميل وأخبرهم أنه عالم به وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}‏، عن عكرمة أن أناساً كانوا يحجون بغير زاد فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}
‏، وعن ابن عباس قال‏:‏ كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏}‏
"‏رواه البخاري وأبو داود‏"‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خير الزاد التقوى‏}‏ لما أمرهم بالزاد للسفر في الدنيا، فأرشدهم إلى زاد الآخرة وهواستصحاب التقوى إليها، كما قال‏:‏ ‏{‏وريشاً ولباس التقوى ذلك خير‏}‏، لما ذكر اللباس الحسي، نبه مرشداً إلى اللباس المعنوي، وهو الخشوع والطاعة والتقوى، وذكر أنه خير من هذا وأنفع‏.‏ قال عطاء‏:‏ يعني زاد الآخرة،
وقال مقاتل بن حيان‏:‏ لما نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏وتزودوا‏}‏ قام رجل من فقراء المسليمن فقال‏:‏ يا رسول الله ما نجد ما نتزوده، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏تزودْ ما تكفّ به وجهك عن الناس وخير ما تزودتم التقوى‏)
‏"‏رواه ابن أبي حاتم‏"‏وقوله‏:‏ ‏{‏واتقون يا أولي الألباب‏}‏، يقول‏:‏ واتقوا عقابي ونكالي وعذابي، لمن خالفني ولم يأتمر بأمري، يا ذوي العقول والأفهام‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏198‏)‏
‏{‏ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله
عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ‏}‏
روى البخاري عن ابن عباس قال‏:‏ كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في الموسم، فنزلت‏:‏ ‏{‏ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم‏}‏ ‏"‏رواه البخاري عن ابن عباس‏"‏في مواسم الحج، ولبعضهم‏:‏ فلما جاء الإسلام تأثموا أن يتجروا فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله هذه الآية‏.‏ وروى أبو داود عن ابن عباس قال‏:‏ كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج يقولون أيام ذكر فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم‏}‏‏.‏ وقال ابن جرير‏:‏ سمعت ابن عمر سئل عن الرجل يحج ومعه تجارة فقرأ ابن عمر‏:‏ ‏{‏ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم‏}‏ وهذا موقوف وهو قوي جيد، وقد روي مرفوعاً‏.عن أبي أمامة التيمي قال، قلت لابن عمر‏:‏ إنا نكري فهل لنا من حج‏؟‏ قال‏:‏ أليس تطوفون بالبيت، وتأتون المعروف‏، وترمون الجمار، وتحلقون رؤوسكم‏؟‏ قال، قلنا‏:‏ بلى، فقال ابن عمر‏:‏ جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية‏:‏ ‏{‏ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم‏}‏ فدعاه النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏أنتم حجاج‏)‏
"‏رواه أحمد عن أبي أمامة التيمي‏(‏ وعن أبي صالح مولى عمر قال، قلت‏:‏ يا أمير المؤمنين كنتم تتجرون في الحج‏؟‏ قال‏:‏ وهل كانت معايشهم إلا في الحج‏؟‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام‏}‏ إنما صرف عرفات - وإن كان علماً على مؤنث - لأنه في الأصل جمع كمسلمات ومؤمنات، سُمِّيَ به بقعةٌ معينة فروعي فيه الأصل فصرف، اختاره ابن جرير، وعرفة موضع الوقوف في الحج، وهي عمدة أفعال الحج، ولهذا
روي عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏الحج عرفات - ثلاثاً - فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك، وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه‏)‏‏"‏رواه أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح‏"‏ووقت الوقوف من الزوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقف في حجة الوداع بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس وقال‏:‏ ‏(‏لتأخذوا عني مناسككم‏)‏، وقال في هذا الحديث‏:‏ ‏(‏فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك‏)‏، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي رحمهم اللّه، وذهب الإمام أحمد إلى أن وقت الوقوف من أول يوم عرفة واحتج بحديث الشعبي عن عروة بن مضرس الطائي قال‏:‏ أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت‏:‏ يا رسول اللّه‏:‏ إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، واللّه ما تركت من جبل إلى وقفت عليه فهل لي من حج‏؟‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من شهد صلاتنا هذه فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه‏)‏
‏"‏رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي‏"‏‏.‏
وتسمى عرفات المشعر الحرام والمشعر الأقصى و إلال على وزن هلال ويقال للجبل في وسطها جبل الرحمة، قال أبو طالب في قصيدته المشهورة‏:‏
وبالمشعر الأقصى إذا قصدوا له * إلال إلى تلك الشراج القوابل
عن ابن عباس قال‏:‏ كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال دفعوا، فأخر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الدفعة من عرفة حتى غربت الشمس‏.
وفي حديث ‏"‏جابر بن عبد اللّه‏"‏الطويل الذي في صحيح مسلم قال فيه‏:‏ فلم يزل واقفاً يعني بعرفة، حتى غربت الشمس وبدت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى‏:‏ ‏(‏أيها الناس السكينة السكينة‏)‏ كلما أتى جبلاً من الجبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبّح بينهما ولم يسبّح بينهما‏:‏ المراد به لم يتنقل أثناء الجمع بين الفريقين شيئاً ثم اضطجع، حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا اللّه وكبَّره وهلَّله ووحّده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس‏)‏‏.‏ وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد أنه سئل كيف كان يسير رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين دفع‏؟‏ قال‏:‏ كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص، والعنق هو انبساط السير، والنص فوقه‏.‏ قال ابن عمر‏:‏ المشعر الحرام المزدلفة كلها، وعنه أنه سئل عن قوله‏:‏ ‏{‏فاذكروا الله عند المشعر الحرام‏}‏ فقال‏:‏ هذا الجبل وما حوله‏.‏ وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة أنه قالوا‏:‏ هو ما بين الجبلين، وقال ابن جرير‏:‏ قلت لعطاء‏:‏ أين المزدلفة‏؟‏ قال‏:‏ إذا أفضت من مأزمي عرفة فذلك إلى محسر، قال‏:‏ وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة ولكن مفضاهما، قال‏:‏ فقف بينهما إن شئت، قال‏:‏ وأحب أن تقف دون قزح هلم إلينا من أجل طريق الناس‏.‏ قلت ‏:‏ والمشاعر هي المعالم الظاهرة، وإنما سميت المزدلفة المشعر الحرام لأنها داخل الحرم، وعن زيد بن أسلم‏:‏ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏عرفة كلها موقف وارفعوا عن عرفة، وجمعٌ كلها موقف إلا محسراً‏)‏ هذا حديث مرسل، وقد قال الإمام أحمد عن جبير بن مطعم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏كل عرفات موقف وارفعوا عن عرفات، وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر، وكل فجاج مكة منحر، وكل أيام التشريق ذبح‏)
‏ ‏"‏الحديث رواه أحمد وإسناده منقطع‏"‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏واذكروه كما هداكم‏}‏ تنبيه لهم على ما أنعم اللّه به عليهم من الهداية والبيان، والإرشاد إلى مشاعر الحج، على ما كان عليه من الهداية لإبراهيم الخليل عليه السلام ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وإن كنتم من قبله لمن الضالين‏}‏ قيل‏:‏ من قبل هذا الهدى، وقيل‏:‏ القرآن، وقيل‏:‏ الرسول، والكل متقارب ومتلازم وصحيح‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏199‏)‏
‏{‏ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ‏}‏
قال البخاري‏:‏ عن عائشة قالت‏:‏ كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحُمْس وسائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله‏:‏ ‏{‏من حيث أفاض الناس‏}‏، والمراد بالإفاضة ههنا هي الإفاضة من المزدلفة إلى منى لرمي الجمار‏
.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏واستغفروا الله إن الله غفور رحيم‏}‏ كثيراً ما يأمر اللّه بذكره بعد قضاء العبادات ولهذا
ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة يستغفر اللّه ثلاثاً، وفي الصحيحين أنه ندب إلى التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين، وقد روى ابن جرير استغفاره صلى اللّه عليه وسلم لأُمته عشية عرفة‏.‏ وعن شداد بن أوس قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏سيِّد الاستغفار أن يقول العبد ‏:‏ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما اتسطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها في ليلة فمات في ليلته دخل الجنة، ومن قالها في يومه فمات دخل الجنة‏)‏ ‏"‏أخرجه البخاري وابن مردويه‏"‏وفي الصحيحين عن عبد اللّه بن عمر أن أبا بكر قال‏:‏ يا رسول اللّه علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال‏:‏ ‏(‏قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم‏)‏، والأحاديث في الاستغفار كثيرة‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس