عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2014, 04:23 AM   رقم المشاركة : 19
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الأية رقم ‏(‏131 ‏:‏ 132‏)‏
‏{‏ ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ‏.‏ ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون‏}‏ أي إنما أعذرنا إلى الثقلين بإرسال الرسل وإنزال الكتب لئلا يؤاخذ أحد بظلمه وهو لم تبلغه دعوة، ولكن أعذرنا إلى الأمم وما عذبنا أحد إلا بعد إرسال الرسل إليهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإن من قرية إلا خلا فيها نذير‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير‏؟‏ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا‏}‏ والآيات في هذا كثيرة‏.‏ قال ابن جرير‏:‏ ويحتمل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏بظلم‏}‏ وجهين أحدهما ‏:‏ أي بظلم أهلها بالشرك ونحوه وهم غافلون، يقول‏:‏ لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث إليهم رسولاً ينبههم على حجج اللّه عليهم وينذرهم عذاب اللّه يوم معادهم، ولم يكن بالذي يؤاخذهم غفلة، فيقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير‏.‏ والوجه الثاني ‏:‏ لم يكن ربك ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرسل والآيات والعبر فيظلمهم بذلك، واللّه غير ظلام لعبيده، ثم شرع يرجح الوجه الأول ولا شك أنه أقوى واللّه أعلم، قال‏:‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولكل درجات مما عملوا‏}‏ أي ولكل عامل من طاعة اللّه أو معصيته مراتب ومنازل من عمله يبلغه إياها ويثيبه بها إن خيراً فخير وإن شراً فشر‏.‏ قلت ‏:‏ ويحتمل أن يعود قوله‏:‏ ‏{‏ولكل درجات مما عملوا‏}‏ أي من كافري الجن والإنس، أي لكل درجة في النار بحسبه، كقوله‏:‏ ‏{‏قال لكل ضعف‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون‏}‏، ‏{‏وما ربك بغافل عما يعملون‏}‏ قال ابن جرير‏:‏ أي وكل ذلك من عملهم يا محمد بعلم من ربك يحصيها ويثبتها لهم عنده ليجازيهم عند لقائهم إياه ومعادهم إليه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏133 ‏:‏ 135‏)‏
‏{‏ وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ‏.‏ إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين ‏.‏ قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏
{‏وربك‏}‏ يا محمد ‏{‏الغني‏}‏ أي عن جميع خلقه من جميع الوجوه، وهم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، ‏{‏ذو الرحمة‏}‏ أي وهو مع ذلك رحيم بهم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه بالناس لرؤوف رحيم‏}‏ ‏{‏إن يشأ يذهبكم‏}‏ أي إذا خالفتم أمره، ‏{‏ويستخلف من بعدكم ما يشاء‏}‏ أي قوماً آخرين أي يعملون بطاعته، ‏{‏كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين‏}‏ أي هو قادر على ذلك سهل عليه يسير لديه كما أذهب القرون الأولى وأتى بالذي بعدها، كذلك هو قادر على إذهاب هؤلاء والإتيان بآخرين كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديراً‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على اللّه بعزيز‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين‏}‏ أي أخبرهم يا محمد أن الذي يوعدون به من أمر المعاد كائن لا محالة، ‏{‏وما أنتم بمعجزين‏}‏ أي ولا تعجزون اللّه، بل هو قادر على إعادتكم وإن صرتم تراباً رفاتاً وعظاماً هو قادر لا يعجزه شيء، وقال ابن أبي حاتم في تفسيرها عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين‏)‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون‏}‏
هذا تهديد شديد ووعيد أكيد، أي استمروا على طريقتكم وناحيتكم إن كنتم تظنون أنكم على هدى فأنا مستمر على طريقتي ومنهجي، كقوله‏:‏ ‏{‏وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏على مكانتكم‏}‏ ناحيتكم، ‏{‏فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون‏}‏ أي أتكون لي أو لكم‏؟‏ وقد أنجز اللّه موعده لرسوله صلوات اللّه عليه، فإنه تعالى مكنه في البلاد، وحكّمه في نواصي مخالفيه من العباد، وفتح له مكة، وأظهره على من كذبه من قومه وعاده وناوأه، واستقر أمره على سائر جزيرة العرب، وكل ذلك في حياته، ثم فتحت الأمصار والأقاليم بعد وفاته في أيام خلفائه رضي اللّه عنهم أجمعين كما قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏كتب اللّه لأغلبن أنا ورسلي إن اللّه قوي عزيز‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة وسوء الدار‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون‏}‏، وقال تعالى إخباراً عن رسله‏:‏ ‏{‏فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم‏}‏ الآية، وقد فعل اللّه ذلك بهذه الأمة المحمدية وله الحمد والمنة أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏136‏)‏
‏{‏ وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون ‏}‏
هذا ذم وتوبيخ من اللّه للمشركين الذين ابتدعوا بدعاً وكفراً وشركاً، وجعلوا للّه شركاء، وهو خالق كل شيء سبحانه وتعالى، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وجعلوا للّه مما ذرأ‏}‏ أي مما خلق وبرأ ‏{‏من الحرث‏}‏ أي من الزرع والثمار، ‏{‏والأنعام نصيباً‏}‏ أي جزءاً وقسماً، ‏{‏فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فما كان لشركائهم فلا يصل إلى اللّه وما كان للّه فهو يصل إلى شركائهم‏}‏‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ إن أعداء اللّه كانوا إذا حرثوا حرثاً أو كانت لهم ثمرة جعلوا للّه منه جزءاً وللوثن جزءاً، فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه، وإن سقط منه شيء فيما سمي للصمد ردوه إلى ما جعلوه للوثن، وإن سقط شيء من الحرث والثمرة الذي جعلوه للّه فاختلط بالذي جعلوه للوثن قالوا‏:‏ هذا فقير ولم يردوه إلى ما جعلوه للّه، وكانوا يحرمون من أموالهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحام فيجعلونه للأوثان، ويزعمون أنهم يحرمونه قربة للّه، فقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وجعلوا للّه مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً‏}‏ الآية كان لحي من خولان صنم يقال له‏:‏ عم أنس، وكانوا يجعلون له نصيباً، ويجعلون للّه تعالى نصيباً، فإذا وقع في النصيب الذي للّه فيه شيء ردوه إلى الصنم، وقالوا‏:‏ هو إله ضعيف، كما ذكره السهيلي عن ابن إسحاق‏.‏ وخولان هؤلاء هم بنو عمرو بن الحارث بن قضاعة ، وقال ابن أسلم في الآية‏:‏ كل شيء يجعلونه للّه من ذبح يذبحونه لا يأكلونه أبداً، حتى يذكروا معه أسماء الآلهة، وما كان للآلهة لم يذكروا اسم اللّه معه، وقرأ الآية حتى بلغ ‏{‏ساء ما يحكمون‏}‏ أي ما يقسمون فإنهم أخطأوا أولاً في القسم، لأن اللّه تعالى هو رب كل شيء ومليكه وخالقه وله الملك، وكل شيء له وفي تصرفه وتحت قدرته ومشيئته لا إله غيره ولا رب سواه، ثم لما قسموا فيما زعموا القسمة الفاسدة لم يحفظوها، بل جاروا فيها كقوله جلَّ وعلا‏:‏ ‏{‏ويجعلون للّه البنات سبحانه ولهم ما يشتهون‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وجعلوا له من عباده جزءاً إن الإنسان لكفور مبين‏}‏، وقال تعالى‏:‏
‏{‏ألكم الذكر وله الأنثى، تلك إذاً قسمة ضيزى‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏137‏)‏
‏{‏ وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ كما زينت الشياطين لهؤلاء أن يجعلوا للّه مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً، كذلك زينوا لهم قتل أولادهم خشية الإملاق ووأد البنات خشية العار، قال ابن عباس‏:‏ وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم، زينوا لهم قتل أولادهم‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ شركاؤهم شياطينهم، يأمرونهم أن يئدوا أولادهم خشية العيلة‏.‏ وقال السدي‏:‏ أمرتهم الشياطين أن يقتلوا البنات إما ليردوهم فيهلكوهم، وإما ليلبسوا عليهم دينهم، أي فيخلطوا عليهم دينهم، ونحو ذلك، قال ابن أسلم وقتادة‏:‏ وهذا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم‏}‏، وكقوله‏:‏ ‏{‏وإذا الموءدة سئلت بأي ذنب قتلت‏}‏، وقد كانوا أيضاً يقتلون الأولاد من الإملاق وهو الفقر أو خشية الإملاق أن يحصل لهم في تلف المال، وقد نهاهم عن قتل أولادهم لذلك، وإنما كان هذا كله من تزيين الشياطين وشرعهم لذلك، قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولو شاء اللّه ما فعلوه‏}‏ أي كل هذا واقع بمشيئته تعالى وإرادته واختياره لذلك كوناً وله الحكمة التامة في ذلك فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون،{‏فذرهم وما يفترون‏}‏ أي
فدعهم واجتنبهم وما هم فيه فسيحكم اللّه بينك وبينهم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏138‏)‏
‏{‏ وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون ‏}‏
قال ابن عباس الحِجْر‏:‏ الحرام مما حرموا من الوصيلة وتحريم ما حرموا وهو قول مجاهد والضحّاك والسُّدي وقتادة وابن زيد وغيرهم ، وقال قتادة‏:‏ تحريمٌ كان عليهم من الشياطين في أموالهم وتغليظ وتشديد، ولم يكن من اللّه تعالى، وقال ابن أسلم‏:‏ ‏{‏حجر‏}‏ إنما احتجروها لآلهتهم، وقال السدي‏:‏ ‏{‏لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم‏}‏ يقولون‏:‏ حرام أن يطعم إلا من شئنا، وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل أرأيتم ما أنزل اللّه لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آللّه أذن لكم أم على اللّه تفترون‏}‏، وكقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ما جعل اللّه من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام‏}‏، وقال السدي‏:‏ أما الأنعام التي حرمت ظهورها فهي البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وقال مجاهد‏:‏ كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم اللّه عليها ولا في شيء من شأنها لا إن ركبوا ولا إن حلبوا ولا إن حملوا ولا إن نتجوا ولا إن عملت شيئاً، ‏{‏افتراء عليه‏}‏ أي على اللّه وكذباً منهم في إسنادهم ذلك إلى دين اللّه وشرعه، فإنه لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم، ‏{‏سيجزيهم بما كانوا يفترون‏}أي عليه ويسندون إليه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏139‏)‏
‏{‏ وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم ‏}‏
قال ابن عباس
{‏وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا‏}‏ الآية، قال‏:‏ اللبن كانو يحرمونه على إناثهم ويشربه ذكرانهم، وكانت الشاة إذا ولدت ذكراً ذبحوه، وكان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء، فنهى اللّه عن ذلك، وقال الشعبي‏:‏ البحيرة لا يأكل من لبنها إلا الرجال، وإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء، وقال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا‏}‏ قال‏:‏ هي السائبة والبحيرة، ‏{‏سيجزيهم وصفهم‏}‏ أي قولهم الكذب في ذلك، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللّه الكذب‏}‏ الآية، ‏{‏إنه حكيم‏}‏ أي في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، ‏{‏عليم‏}‏ بأعمال عباده من خير وشر وسيجزيهم عليها أتم الجزاء‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس