عرض مشاركة واحدة
قديم 23-01-2009, 01:49 AM   رقم المشاركة : 10
أنا راحل
( ود جديد )
 





أنا راحل غير متصل










8

- السلام عليكم.

- وعليكم السلام.

- جاء سليمان؟

- لا... أخذ اليوم إجازة مرضية.

- طيب... تعال لي إذا تكرمت.

كان هذا ناصر، وكان هذا يعني أن الصباح فقد جماله البسيط.

عندما دخلت مكتبه، كان في ذات الفوضى التي تميزه، مخاضة من الأوراق على المكتب، والمقاعد، وعلى الأرض من خلفه، أوراق صفراء تتشبث بالكاد بشاشة كمبيوتره، هاتفه الجوال يرن، ويومض مدفونا ً تحت أحد الملفات فوق المكتب، فيما هو مشغول بمكالمة على هاتفه الثابت.

من دون حتى أن يشير لي، جلست على مقعد نجا من هجمة الأوراق، لأني أعرف أن انتظاري سيطول.

أنهى مكالمته، وبحث عن جواله، ومن ثم انصرف ليتم عملا ً ما كان قد بدأه على جهازه، هذا عندما عاد جواله للرنين، فتناوله وهو لا يزال يحدق في شاشته، وقال لمن يكلمه على الطرف الآخر ( هلا... عبد الرحمن، سأتصل بك بعد قليل)، تحركت أصابعه برشاقة على لوحة المفاتيح حالما تخلص من الجوال، وتناول ورقة يبدو أنه كان يحدق بها ليتأكد من شيء ما، ومن ثم عادت أصابعه إلى رقصتها الناعمة، لحظات ومن ثم دفع شاشته للأسفل كأنما يريد التأكد من وضوح أمر ما، قبل أن يلتفت إلي ويضع رجلا ً على رجل ليقول:

- لم يأتي سليمان؟

- أخذ اليوم إجازة مرضية.

- اها... طيب، آ... لدينا مشكلة صغيرة، بالأمس اتصل بي مدير المستودعات، بخصوص المشروع عندهم، أنتم الآن في أي مرحلة منه؟

- التحليل.

- طيب... كيف تكونون في مرحلة التحليل ولم تلتقوا حتى الآن بأي مستخدم هناك؟ لا مدير المستودعات نفسه، ولا أي من موظفيه !!! كيف ستحللون النظام؟

- حاليا ً... نحن نأخذ المعلومات من زيد وهو أحد الموظفين هناك، كما أنه عضو في الفريق.

- لا يمكنكم الاعتماد على معلومات شخص واحد من الإدارة، يمكن لمدير الإدارة بكل بساطة أن يرفض التحليل في النهاية، وتضطرون إلى دراسة النظام من جديد، ما الذي يمنعكم من زيارة الموقع نفسه، والاجتماع بمدير الإدارة؟

- نحن لا نعتمد على معلومات شخص واحد، نحن سنقوم بالتحليل بالاعتماد على معلومات زيد، ومن ثم سنرسل التحليل إلى مدير الإدارة للإطلاع عليه والتعديل عليه.

- لا... لابد من زيارة الإدارة والاجتماع بالمدير نفسه.

- ولكن عندي أعمال كثيرة تحتاج إلى متابعة، والذهاب إلى المستودعات لا داعي له ما دام زيد موجود ويمكنه القيام بجمع المعلومات من هناك وتزويدنا بها.

- زيد ليس من إدارتنا، زيد أحد المستخدمين في تلك الإدارة، لذا لابد أن يذهب أحدكما سليمان أو أنت للاجتماع بالمدير.

- حسنا ً... سأرى إن كان يمكن لسليمان أن يذهب إلى هناك غدا ً.

- لا... أذهب أنت اليوم، لا أريد تأجيل هذا إلى الغد.

- عندي اليوم أعمال تخص مشاريع أخرى.

- لا بأس... أجلها إلى الغد، وأذهب اليوم إلى المستودعات.

- خير إن شاء الله.

* * *

في المساء وجدت رسالة تنتظر في بريدي، كنت قد تناولت عشائي للتو، واصطحبت كوب الشاي إلى مكتبي، لأستكمل الخوض بين الأوراق، عندما وجدت رسالة من حسن على غير انتظار – لم يكن حسن من محبي التقنية الحديثة -.

فتحت الرسالة التي عنونها بـ " لا تنتظر".

* * *

(

السلام عليكم

آسف لأني لم انتظر موعدنا الأسبوعي لأضع هذه بين يديك، شعرت بأنك يجب أن تشاركني لحظة الخلق.

لا تنتظر

1

لا تنتظر
لا تنتظر أن يفهموك
أن يعرفوا في أي تيه صرت أنت
لا ريب أنهم ملوا وقوفك
ملوا انتظارك
ملوا البقاء في جوارك
ملوا صليل السيوف
وخطوات حصانك الذي لا يذهب إلى الأمام

2

وفي المعبد حطوا لك تمثال
أعطوه وجهك
كقناع من صلصال
ولكنه لم يكن أنت
فاليدان اللتان صنعتاه تجيدان تزوير القسمات
تجيدان تحويل البكاء إلى بسمات
وتأويل الحكايات وأنصاف الكلام

3

ماذا أردت؟
سوى أن تعيش كأي صبي
وتشقى قليلا
يصفعك الكبار ويشتمونك
فلا تبالي
لأنك إذا غاب النهار
ستأوي إلى فراشك وتنام طويلا
وستنسى في الصباح

4

وجاءوا
بورع عجيب
بحكايات المعجزات
وأقاصيص الملوك
وأخبروك
عن الأرواح التي ستلف روحك
عن الأيدي التي كانت تقطع الرؤوس
وستحمل اليوم رأسك وتابوتك !!!

حكاية لا تنسى

أحببتك ِ منذ البداية
بخفوت
بسكوت
وبامتنان...

وكنا اثنان
لا يعلمان
تكفيهما الكتابة والشكوى للورق
وكنت أصنع قصائد
يغيبها ليل أو يحييها أرق
وكنت أنت ِ القافية
منذ البداية...

فلم َ كان للحب ثمن؟
متى كان للحب ثمن؟
متى كان للحب دفاتر ومحاضر
وأسئلة منها لا نفيق
ولم َ كنا منذ البداية
نكتب النهاية
بأصابع لا ترى

ولم َ لم أكن مستعدا ً
عندما جاءت النهاية...
لم َ كنت
في نصف ثيابي
وكتابي
في نصف جملة
وبداية قصيدة
ونهاية عمر
ُكتِب أن يكون قصيرا ً...
منذ البداية

عفن

قالت...
عفن تسلل إلى روحي ذات ليلة
في ثياب الشتاء
كندفة الثلج أو قطرة المطر
وكنت صغيرة
براحتين وبهجة بلهاء

وكان عصيا ً لا يزول
يقصف الأصابع
ويغرق الروح في الوحول

عفن
صار يغرق روحي
عفن
صارت ثيابي
كل شيء صار عفنا ً عندما حل الربيع

ثم قالت...
سأتعلم الفرار من غواية الشتاء
من المطر
وزرقة السماء
سأتعلم الفرار من الضحكة البيضاء
فقط... أتمنى لهذا العفن أن يزول
وكان يوم الأمنيات
فزال

* * *

كان يوما ً طويلا ً، ولذا بدا لي النهر المدوم خيارا ً جاهزا ً، رغم توقعي لسخرية فهد من هذه الغابة التي صارت سجنا ً لا يتغير.

كان واقفا ً يتأمل ملامحه في بركة صغيرة تخلفت من مطر مر غزيرا ً وغسل الأشجار والأرض ومنحها رائحته ولكنه لم يمس فهد، لم يغرق ملابسه ولا أفسد ثورة خصلاته اللامعة.

- تبدو متعبا ً – قالها وهو يتراجع ليتكئ على شجرة -.

- كان يوما ً كئيبا ً.

- يمكنك أن تتخفف من كآبتك هنا.

- لا... سأشاهد فيلما ً أو برنامجا ً سخيفا ً، حتى أسقط في نوم بلا أفكار.

- إذن – وقد اعتدل في وقوفه – جئت لتخبرني بشيء.

- فكرت بما طلبته مني، ليس بعمق كما كنت آمل، ولكن بما يكفي لأقول، حسنا ً... لنجرب هذا من الغد.