عرض مشاركة واحدة
قديم 15-06-2014, 04:27 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
۩ خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : وقفات مع الإصلاح والمصلحين‎

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
خُطَبّتي الجمعة من المسجد الحرام

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله
خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمةبعنوان :
وقفات مع الإصلاح والمصلحين
والتي تحدَّث فيها عن الإصلاح وأنه لا يكون إلا بصحة المعتقد،
وسلامة المنهج، مع نصائِح وتوجيهات للقائمين بالإصلاح والتوجيه.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الحمد لله، الحمد لله قدَّر المقاديرَ فأحاطَ بها علمًا، وخلقَ الخلائقَ فأحكمَها خلقًا
{ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا }
[ غافر: 13 ]
لا إله إلا هو أماتَ وأحيَا، وأضحكَ وأبكَى، وأسعدَ وأشقَى،
أشكرُه على نعمائِه لا أُحصِي لها عدًّا، وأحمدُه على آلائِه لا أقضِي له بالحمد حقًّا،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ حقٍّ ويقينٍ تعبُّدًا ورِقًّا،
وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه هو الأخشَى لربِّه وأتقَى،
صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله الطيبين الأطهار،
وأصحابِه الغُرِّ الميامين الأخيار، حازُوا المكارِم شرفًا، ونالُوا العُلَا سبقًا،
والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما بلغَ هذا الدينُ مبلغَ الليل والنهار،
وما رفرفَت أعلامُه غربًا وشرقًا، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعــــــــــــــــــد ..
فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله - رحمكم الله -؛
فالتقوى تقِي هوى النفوس. وتُوبوا إلى الله واستغفِروه؛ فكثرةُ الاستغفار تجلِبُ الرزقَ،
وسلامةُ المرء بين فكَّيه، ومن أراد كسبَ القلوبِ فليُلِن العبارة،
وليبذُل الابتسامة، وليغُضَّ الطرفَ عن الزلاَّت.
وأحوال الدنيا لا تستحقُّ هذه الهموم؛ فالرزقُ مقسومٌ، والقدرُ محتومٌ،
والرجاءُ في رحمةِ الحي القيوم. ومن ابتغَى العافية عافاه الله،
ومن أوَى إلى الله آواه الله
{ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ
وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }
[ العنكبوت: 64 ].
أيها المسلمون:
وظيفةُ الإنسان في هذه الحياة هي : العبوديةُ لله - عز وجل - في توحيده وذِكره
وشُكرِه وحُسن عبادتِه، ثم عِمارةُ الأرض بما تقتضِيه هذه العبودية مما يظهرُ به الدين،
ويقومُ به الشرع.
العبوديةُ لله هي الغايةُ الكُبرى، أما العلومُ والمعارِف، والأعمال والولايات،
والحِرَف والصناعات فهي وسائلُ إليها، وتابِعةٌ لها.
التنوُّر الحقيقي هو الاستِنارةُ بنور الوحي، وعلومِ الكتابِ والسنةِ،
والظلاميَّةُ والظُّلُمات بالحِرمان من أنوارِ الوحي،
وأشرفُ مراتِب العِمارة العِمارةُ الإيمانية، وجوهرُ وظيفة الاستِخلافِ التمكينُ لدينِ الله،
{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }
[ الحج: 41 ].
وفي عبارةٍ جامِعةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، يقول:
[ فالمقصودُ والواجبُ بالولايات إصلاحُ دين الخلق
الذي متى فاتَهم خسِروا خُسرانًا مُبينًا، ولم ينفعهم ما نعِمُوا به في الدنيا ]
والمقصودُ أيضًا: إصلاحُ ما لا يقومُ الدينُ إلا به من أمر الدنيا
ويقول الإمام الغزاليُّ - رحمه الله -:
[ أحكامُ الخلافة والقضاء والسياسات،
بل أكثرُ أحكام الفقه مقصودُها حفظُ مصالِح الدنيا ليتمَّ بها مصالِحُ الدين ]
ومن هنا - معاشِر الإخوة - كان أعلى شُعب الإيمان قول:
" لا إله إلا الله "
وأدناها: إماطةُ الأذَى عن الطريق، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمان.
أقوالٌ وأعمالٌ كُبرى وصُغرى، من فروض الأعيان وفروض الكِفايات،
ومن الواجِبات المُستحبَّات مما يصلُح به الدين، وتعمُرُ به الدنيا.
البشرُ - عباد الله - مفطورون على التديُّن والتعبُّد لله،
وليس طريقٌ لإصلاح البشرية وإعمار الأرض إلا طريقَ الدين،
وسُلوك سبيل المُؤمنين
{ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ }
[ الأعراف: 170 ].
والمؤمنُ عامِرُ الأرض ومُصلِحُها قويٌّ في دينِه، ثابتٌ في عقيدتِه،
لا يتحرَّجُ من حقائِق الدين مُجاملةً لوسائل الإعلام، أو مُسايرةً لرغَبَات الجماهِير،
ولا يكونُ ربُّه أهونَ الناظِرين إليه، وهو يقرأ:
{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[ النساء: 65 ]
وهو يقرأ:
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا
أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }
[ الأحزاب: 36 ]
ويقرأ:
{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }
[ فصلت: 33 ].
مِسكينٌ بعضُ ضِعافِ الإيمان حين يظنُّ الغيرةَ تشدُّدًا،
أو يرَى التواصِي بالحق وِصايةً على الخلق،
أو يحسَبُ أن الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المُنكَر إقصاءٌ أو تدخُّل،
والإقدام على المُنكرات حريةٌ شخصيةٌ !
المؤمنُ المُصلِح يُميِّزُ الدَّخيلَ من الأفكار، والسيِّئَ من المفاهِيم مما دخلَ على مُجتمعات
أهل الإسلام في تعليمِهم وثقافتِهم وإعلامِهم. والعلوم والمعارِف،
والولايات والسياسات، والأعمال والتجارات كلها وأمثالُها وسائلُ
بقدر ما تُرسِّخُ من الدين، وما تُلِي من القِيَم، وما تُزكِّي في النفوس.
ينبغي الحَذَرُ من فلسَفَاتٍ أو أُطروحاتٍ لا تبنِي فِكرًا صحيحًا،
ولا تُؤسِّسُ لسُلوكٍ مُستقيم. حَذارِ من الغلوِّ في تمجيد العلوم والمعارِف
والثقافات المُجرَّدة من القِيَم؛ فالغلُوُّ ينبُوعُ الانحِراف.
وينبغي التفريق بين الانتِفاع بالجديد وبين الانبِهار المُضِلّ.
الصالِحُ المُصلِحُ لا ينحرِفُ عن الشرع انتِقامًا من أخطاء بعض المُنتسِبين إليه.
العاملُ المُصلِح يقبل النصيحة، ويستغفِرُ لمن أخطأ، وينظرُ في علاقتِه بربِّه،
فما كان صوابًا مضَى فيه واستكثَرَ منه، وما كان خطأً تابَ منه وأنابَ.
ولا يلزمُ من الخِلافِ في الرأي الخِلافُ في الولاء.
كم هو ضروريٌّ أن يعلمَ المُصلِحون والمُتحدِّثون عن التجديد
أن في الإسلام أُصولاً وثوابِت غيرَ قابِلةٍ للتغيير والتبديل من العقائِد،
ومُحكَمات الدين، وما عُلِم من الدين بالضَّرورة.
وحسنٌ أن يعلَموا أن الإسلام ذاتَه ليس موضوعًا لإصلاح،
وإنما يكونُ به الصلاحُ والإصلاح؛ فالإسلامُ هو المُصلِح وهو مِعيارُ الصلاح
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }
[ المائدة: 3 ]
{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }
[ النحل: 89 ].






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس