عرض مشاركة واحدة
قديم 30-04-2014, 03:52 AM   رقم المشاركة : 36
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏144‏)‏
{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ‏}‏
قال ابن عباس‏:‏ كان أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود فأمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بضعة عشر شهراً، وكان يحب قبله إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السماء، فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏قد نرى تقلب وجهك في السماء‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏فولوا وجوهكم شطره‏}‏ فارتابت من ذلك اليهود، وقالوا‏:‏ ‏{‏ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها‏؟‏ قل لله المشرق والمغرب‏}‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏فأينما تولوا فثم وجه الله‏}‏، وقال اللّه تعالى‏:‏{‏وما جعلنا القبلة لتي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه‏}وروى ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء، فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام‏}‏ إلى الكعبة، إلى الميزاب يؤم به جبريل عليه السلام"‏أخرجه الحافظ ابن مردويه عن ابن عباس‏"‏وعن علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه‏:‏ ‏{‏فول وجهك شطر المسجد الحرام‏}‏ قال‏:‏ شطره قِبَله ‏"‏أخرجه الحاكم عن علي بن أبي طالب وقال‏:‏ صحيح الإسناد‏"‏، ثم قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه‏.‏ وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما‏:‏ إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلةٌ لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي‏)‏‏.‏ وعن البراء‏:‏ أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلَّى قبل بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه قبلته قبل البيت، وأنه صلى صلاة العصر وصلى معه قوم، فخرج رجل ممَّن كان يصلي معه مر على أهل المسجد وهم راكعون فقال‏:‏ أشهد باللّه لقد صليت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قِبَل مكة فداروا كما هم قِبَل البيت
‏"‏أخرجه أبو نعيم عن البراء بن عازب‏"‏‏.‏
وقال عبد الرزاق عن البراء قال‏:‏ لما قدم رسول الله صلى اللّه عليه وسلم المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحب أن يحول نحو الكعبة فنزلت‏:‏ ‏{‏قد نرى تقلب وجهك في السماء‏}‏ فصرف إلى الكعبة‏.‏ وعن أبي سعيد بن المعلى قال‏:‏ ‏(‏كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنصلي فيه، فمررنا يوماً ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قاعد على المنبر، فقلت لقد حدث أمر فجلست، فقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية‏:‏ ‏{‏قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها‏}‏ حتى فرغ من الآية، فقلت لصاحبي تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنكون أول من صلى فتوارينا فصليناهما، ثم نزل النبي صلى اللّه عليه وسلم وصلى للناس الظهر يومئذ ‏"‏رواه النسائي عن أبي سعيد بن المعلّى‏"‏‏)‏ وكذا روى ابن مردويه عن ابن عمر‏:‏ أن أول صلاة صلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الكعبة صلاة الظهر وأنها الصلاة الوسطى، والمشهور أن أول صلاة صلاها إلى الكعبة صلاة العصر، ولهذا تأخر الخبر عن أهل قباء إلى صلاة الفجر، وقال الحافظ ابن مردويه عن نويلة بنت مسلم قالت‏:‏ صلينا الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة، فاستقبلنا مسجد إيلياء فصلينا ركعتين، ثم جاء من يحدثنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء فصلينا السجدتين الباقيتين ونحن مستقبلون البيت الحرام، فحدثني رجل من بني حارثة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أولئك رجال يؤمنون بالغيب‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره‏} أمر تعالى باستقبال الكعبة من جميع جهات الأرض، شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً، ولا يستثنى من هذا شيء سوى النافلة في حال السفر، فإنه يصليها حيثما توجه قالبه وقلبه نحو الكعبة، وكذا في حال المسايفة في القتال يصلي على كل حال، وكذا من جهل جهة القبلة يصلي باجتهاده وإن كان مخطئاً في نفس الأمر لأن اللّه تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها‏.‏
مسألة
وقد استدل المالكية بهذه الآية على أن المصلي ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده كما ذهب إليه الشافعي وأحمد وأبو حنيفة، قال المالكية بقوله‏:‏ ‏{‏فول وجهك شطر المسجد الحرام‏}‏ فلو نظر إلى موضع سجوده لاحتاج أن يتكلف ذلك بنوع من الإنحناء وهو ينافي كمال القيام، وقال بعضهم‏:‏ ينظر المصلي في قيامه إلى صدره، وقال شريك القاضي‏:‏ ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده كما قال جمهور الجماعة، لأنه أبلغ في الخضوع وآكد في الخشوع، وقد ورد به الحديث، وأما في حال ركوعه فإلى موضع قدميه، وفي حال سجوده إلى موضع أنفه، وفي حال قعوده إلى حِجْره‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم‏}‏ أي واليهود الذين أنكروا استقبالكم الكعبة وانصرافكم عن بيت المقدس، يعلمون أن اللّه تعالى سيوجهك إليها بما في كتبهم عن أنبيائهم من النعت والصفة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأمته، وما خصه اللّه تعالى به وشرَّفه من الشريعة الكاملة العظيمة، ولكنَّ أهل الكتاب يتكاتمون ذلك بينهم حسداً وكفراً وعناداً ولهذا تهددهم تعالى بقوله‏:‏ ‏{‏وما الّله بغافل عما يعملون‏}‏‏.

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رقم الآية ‏(‏145‏)‏

{ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ‏}‏
يخبر تعالى عن كفر اليهود وعنادهم، ومخالفتهم ما يعرفونه من شأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأنه لو أقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به لما اتبعوه وتركوا أهواءهم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون* ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم‏}‏، ولهذا قال ههنا‏:‏ ‏{‏ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وما أنت بتابع قبلتهم‏}‏ إخبار عن شدة متابعة الرسول صلى اللّه عليه وسلم لما أمره اللّه تعالى به، وأنه كما هم مستمسكون بأرائهم وأهوائهم، فهو أيضاً مستمسك بأمر اللّه وطاعته واتباع مرضاته، وأنه لا يتبع أهواءهم في جميع أحواله، ولا كونه متوجهاً إلى بيت المقدس لكونها قبلة اليهود، وإنما ذلك عن أمر اللّه تعالى، ثم حذَّر تعالى عن مخالفة الحق الذي يعلمه العالم إلى الهوى، فإن العالم الحجة عليه أقوم من غيره‏.‏ ولهذا قال مخاطباً للرسول والمراد به الأمة‏:‏ ‏{‏ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏146 ‏:‏ 147‏)‏
‏{‏الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ‏.‏ الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ‏}‏
يخبر تعالى أن علماء أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم به الرسول صلى اللّه عليه وسلم كما يعرف أحدهم ولده، والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء بهذا كما جاء في الحديث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لرجل معه صغير‏:‏ ‏(‏ابنك هذا‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ نعم يا رسول اللّه أشهد به، قال‏:‏ ‏(‏أما أنه لا يخفى عليك ولا تخفى عليه‏) ويروى عن عمر أنه قال لعبد اللّه بن سلام‏:‏ أتعرف محمداً كما تعرف ولدك‏؟‏ قال‏:‏ نعم وأكثر، نظل الأمين من السماء على الأمين في الأرض بنعته فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه قلت ‏:‏ وقد يكون المراد‏: ‏{‏يعرفونه كما يعرفون أبناءهم‏}‏ من بين أبناء الناس كلهم، لا يشك أحد ولا يمتري في معرفة ابنه إذا رآه من أبناء الناس كلهم، ثم أخبر تعالى أنهم مع هذا التحقق والإتقان العلمي، ‏{‏ليكتمون الحق‏}‏ أي ليكتمون الناس ما في كتبهم من صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏وهم يعلمون‏}‏، ثم ثبَّت تعالى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين وأخبرهم بأن ما جاء به الرسول صلى اللّه عليه وسلم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فقال‏: ‏{‏الحق من ربك فلا تكونن من الممترين‏}‏‏.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رقم الآية ‏(‏148‏)‏

‏{‏ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير ‏}‏
عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏ولكل وجهة هو مولياها‏} يعني بذلك أهل الأديان، يقول لكل قبيلة قبلةٌ يرضونها، ووجهه اللّه حيث توجه المؤمنون، وقال أبو العالية‏:‏ لليهود وجهة هو موليها، وللنصارى وجهة هو موليها، وهداكم - أنتم أيتها الأمة - إلى القبلة التي هي القبلة‏.‏ وقال الحسن‏:‏ أمر كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة، وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا‏}‏، وقال ههنا‏:‏ ‏{‏أينما تكونوا يأتب بكم اللّه جميعاً إن اللّه على كل شيء قدير‏}‏ أي هو قادر على جمعكم من الأرض وإن تفرقت أجسادكم وأبدانكم‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس