عرض مشاركة واحدة
قديم 14-04-2013, 10:55 AM   رقم المشاركة : 31
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس

* الحياة رحلة لطيفه *



مرة أخرى هذه الكلمات موجهة الى شخص بعينه يهمني أمره ..

والقارئ الذي اقتنى كتابي يهمني أمره كذلك بل إني أشعر بالمسؤوليه تجاهه رغم عدم اللقاء ..

فهذا القارئ نادر الوجود .. ومتميز لإختياره هذا الكتاب ..

وقد مررت ببعض التجارب التي كنت أقرأ فيها الكتاب وأطبق ما جاء به .. ولهذا سأطرح على القارئ تصورات ذات أهمية قصوى وكتبتها لكي أتأكد أنها وصلت إليه ..

إلى من أحب ممن يقرأ تلك الكلمات قد أكون فيها على قيد الحياة أو انتقلت بعدها الى حياة أخرى اسأل الله أن تكون خيراا من هذه التي عشتها بأحلى أيامها .. فقد أعطاني ربي الكثير .. وعشت فيها أياما طيبه ..

حفظني ربي بفضله ورزقني من نعمه الكثير .. وأعطاني مالم يعط الكثير من خلقه .. فحمدا لله على ذلك ..


ولدي يسأل.. كنت يوما أجلس مع ولدي نشاهد التلفاز..

وقد كان البرنامج عبارة عن مقابلة للدكتور الفاضل محمد العوضي مع أحد المطربين القدامى من أهل المغرب الذين تابوا عن الطرب ,, وكان معاصرا وصديقا للمطرب عبد الحليم حافظ وقد اتجه إلى الدعوة ..

وقد طرح عليه الدكتور محمد العوضي سؤالا ..

مالذي دعاك الى ترك الشهرة والجماهير والاتجاه الى الدعوه الى الله ؟
فقال .. كنت أبحث عن السعاده ..
وأضاف .. قرأت كتب كثيره .. واتصلت بكثير من العلماء والمفكرين وأبحث عن معنى السعاده ولم اجده إلا في الدعوه الى الله .. فالتفت الي ولدي وسألني ..

هل وجدت السعاده ياأبي في حياتك ؟

وكان جوابي واضحا :

إني أعيش السعاده في حياتي .. فالسعاده ليست شيئا تجده .. وإنما معنى تعيشه ورحيق تتذوقه ونسيم تستنشقه ..
وإني ياولدي أشعر بكل ما سبق من معان .. فالسعاده معنى أحمله في حياتي فهو عبارة عن أهداف تسعى إليها وإمكانيات تستثمرها لتحقيق أهدافك وفلسفة تمارس فيها حياتك .. فكل أمر كما قال ( خير فإن أصابني ضراء صبرت .. وإن أصابني سراء شكرت .. وما ذلك إلا للمؤمن ) .
وماأظن ياولدي أني بحمد الله وفضله من المؤمنين ..
سألني ولدي سؤالا آخر أثناء الحديث قائلا :

ألم تواجه مشاكل في حياتك ؟
ابتسمت له .. وحدقت به ..
نظرت الى ملامح وجهه الصبوح فقلت له ..

لاأعرف إنسانا في الوجود ليس لديه مشاكل ..

ولكنني أعرف أن الناس يختلفون في نظرتهم الى المشاكل ..

فبعض الناس ينظر الى المشاكل أنها أحداث في الحياة الجاريه ..

والتحدي ليس في مصادقة تلك الأحداث .. أو تجنب حدوثها ..ولكن التحدي في كيفية التعامل مع تلك الأحداث وتخفيف آثارها واستثمار دروسها.. ومعرفة مهارات التعامل مع احداث الحياة ..

واضرب لذلك مثلا .. الفشل في أي مشروع حدث يحدث كل يوم .. ولكن عندما يفشل الإنسان في تجاربه .. فإن هذا الحديث اليومي يسمى مصيبة لأن الأنفعال قد خلط مع الحدث فأنتج ما يسمى بالمصيبة .. ولكن الفشل يبقى حدثا يوميا يتعاطاه الناس ويتعايشون معه يوميا .

فإذن بعض الناس يصنف تلك الاحداث أنها مصائب .. اختارته من بين الناس .. فأصابته بكارثة ماليه .. أو نفسية أو اجتماعيه أو غير ذلك ..

أوقفني ولدي قائلا :

بصراحه لم أفهم من حديثك شيئا .. كيف تكون المشاكل احداثا ؟؟

أدركت أن فارق العمر بيننا جعل الاتصال مسؤوليتي ..

فحاولت أن أبسط له الحديث قائلا :

خذ على سبيل المثال .. الفقدان .. والذي نسميه الموت إنه حقيقه في هذه الحياة .. حدث من أحداث الحياة المستمرة .. لم يتوقف منذ الخلق الاول . ولن يتوقف حتى ينتهي آخر إنسان على وجه الأرض.

فإذن الموت حق .. وحقيقة وحدث متكرر بالدقيقه .. ولكن الإنسان عندما يفقد عزيزا يغشاه الحزن .. والتوتر والضيق .. ويتعامل مع هذا الحدث وكأنه مصيبه قد حلت عليه ..

ولو تفكرت في موضوع الموت .. لوجدت أنه حدث متكرر لابد أن يحتاط له الإنسان ويتعلم كيفية التعامل معه .. ويفصل بين مواجهة آثار الموت .. وبين مشاعره الداخليه .

فالمحافظه على ذاته من انفعالاته واجب لابد أن يمارسه الإنسان والفصل بين المشكله الخارجيه والانفعالات الداخليه .. ممارسة لابد من يتعلمها الإنسان لكي يحافظ على ذاته ..

فإذا وصل الانسان الى هذا المستوى من ضبط انفعالاته والتعامل مع احداث الحياة والتي يسميها البعض مصائب الحياة أو مشاكلها أصبح الانسان في حياة طيبه رغم الأحداث الخارجيه ..

*ذكرت أن الفقدان حدث يومي ولكن ما يحوله الى مصيبه هو اختلاطه بانفعال الانسان عندما يحدث ذلك الحدث في القريبين منه وما تدعو له في هذه الرساله البسيطه هو المحافظه على الأحياء من أحداث الحياة .. وذلك بضبط الانفعالات لحماية الذات .

ونسوق مثلا آخر على الأحداث اليوميه التي يسميها الناس مصائب أو مشاكل ليس لها حل وهي الخسارة الماليه الكبيرة .. وخاصة في مجال التجارة أو الصفقات التجاريه ..
فالأمر في موضوع الخسارة قضية متكررة في كل يوم ولكن الذي يحولها الى مصيبه كبرى هو ارتباط الإنسان بتلك الأحداث ارتباطا انفعاليا .. مما يجعل الانسان الذي يتعرض للخسارة الماليه ويخلطها بالانفعالات الذاتيه عرضة للدمار في صحته وحياته .. ولو تفكر الانسان في موضوع الخسارة الماليه على انها حدث يومي متكرر.. واحتاط لتلك الأحداث وتوقعها لأنها واقعه أصلا فإن حماية ذاته تنطلق من ضبط انفعالاته .. فتكون الخسارة الماليه قضية حياتيه متكررة يعرف كيفية مواجهتها والتعامل معها وليست أداة تدمير لذاته بواسطة انفعالاته ..
فإذن المشاكل هي أدوات الانسان إلا في حالة خلط الانفعال بالحدث الخارجي ..
وحاولت في تلك الجلسه الحميميه مع ولدي أن أبين له الفرق بين الاحداث الحياتيه ومتى يطلق عليها مسمى المشاكل بأنواعها ..
وكانت النقطه الاساسيه أن احداث الحياة مستمرة ولكن الانسان يخلطها بانفعالاته فيسميها مصائب أو كوارث أو مشاكل ..

ولو تحرر الانسان من تلك الانفعالات أو ضبطها فإنه سيتعامل مع أحداث الحياة على أساس الدرايه وفن التعامل معها ..

وبذلك يستثمر حدوثها في التعلم وليس التألم وبذلك يكون خبيرا في أحداث الحياة .. وتكون تلك الأحداث مصدرا للتعلم الدائم .. وينقل خبرته الى اجياله الأخرى لكي يتعلموا من أحداث الحياة .. والمشكله تكمن في تسمية الأحداث بمشاكل وهي ليست كذلك وإنما أحداث .

وأردت أن أبين لولدي أهمية المشاكل للإنسان أو أحداث الحياة .. لأنها مصدر الخبرات الانسانيه ..

ومن ليس لديه مشاكل أو لا يواجه أحداث الحياة فإنه لن يتعلم كيفية التعامل معها .

فالأمر المطلوب أن يواجه الإنسان أحداث الحياة .. ويتعلم كيفية التعامل معها على أسس واضحه تجعله يستمتع بالحياة .. ويحول الأحداث ويضيف الى رصيده قائمة من المهارات الحياتيه .

دعنا نترك تلك الجلسه ونعود الى القارئ الكريم .







رد مع اقتباس