عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2014, 03:24 AM   رقم المشاركة : 9
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏15 ‏:‏ 16‏)‏
‏{‏ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ‏.‏ - يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ‏}‏
يقول تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة أنه قد أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق إلى جميع أهل الأرض، عربهم وعجمهم، أميهم وكتابيهم، وأنه بعثه بالبينات والفرق بين الحق والباطل، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير‏}‏ أي يبين ما بدلوه وحرفوه وأولوه وافتروا على اللّه فيه، ويسكت عن كثير مما غيروه ولا فائدة في بيانه‏.‏ وقد روى الحاكم في مستدركه عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال‏:‏ من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب‏}‏ فكان الرجم مما أخفوه ‏"‏أخرج ابن جرير‏:‏ أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الرجم، فقال‏:‏ ‏(‏أيكم أعلم‏؟‏‏)‏ فاشاروا إلى ابن صوريا، فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى والذي رفع الطور والمواثيق، فقال‏:‏ إنه لما كثر فينا، جلدنا مائة وحلقنا الرؤوس، فحكم عليهم بالرجم، فأنزل الله‏:‏ ‏{‏يا أهل الكتاب - إلى قوله - صراط مستقيم‏}‏‏"‏ثم أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على نبيه الكريم فقال‏:‏ ‏{‏قد جاءكم من اللّه نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام‏}‏ أي طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة ‏{‏ويخرجهم من لظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم‏}‏ أي ينجيهم من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك، فيصرف عنهم المحذور، ويحصل لهم أحب الأمور، وينفي عنهم الضلالة ويرشدهم إلى أقوم حالة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏17 ‏:‏ 18‏)‏
{‏ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير ‏.‏ وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ‏}‏
بقول تعالى مخبراً وحاكياً بكفر النصارى في ادعائهم في المسيح بن مريم وهو عبد من عباد اللّه، وخلق من خلقه أنه هو الله، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً ثم قال مخبراً عن قدرته على الأشياء وكونها تحت قهره وسلطانه{‏قل فمن يملك من اللّه شيئاً إن اراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً‏}‏ أي لو أراد ذلك فمن ذا الذي كان يمنعه منه‏؟‏ أو من ذا الذي يقدر على صرفه عن ذلك‏؟‏ ثم قال‏: ‏{‏وللّه ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء‏}‏ أي جميع الموجودات ملكه وخلقه وهو القادر على ما يشاء لا يسال عما يفعل بقدرته وسلطانه وعدله وعظمته، هذا رد على النصارى عليهم لعائن اللّه المتتابعة إلى يوم القيامة، ثم قال تعالى راداً على اليهود والنصارى في كذبهم وافترائهم‏:‏ ‏{‏وقال اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه‏}أي نحن منتسبون إلى أنبيائه وهم بنوه وله بهم عناية وهو يحبنا، ونقلوا عن كتابهم أن الله تعالى قال لعبده إسرائيل‏:‏ أنت ابني بكري، فحملوا هذا على غير تأويله وحرفوه، وقد رد عليهم غير واحد ممن أسلم من عقلائهم‏.‏ وقالوا‏:‏ هذا يطلق عندهم على التشريف والإكرام، كما نقل النصارى عن كتابهم أن عيسى قال لهم‏:‏ إني ذاهب إلى ابي وابيكم يعني ربي وربكم، ومعلوم أنهم لم يدعوا لأنفسهم من البنوة ما ادعوها في عيسى عليه السلام، وإنما أرادوا من ذلك معزتهم لديه وحظوتهم عنده، ولهذا قالوا‏:‏ نحن أبناء اللّه وأحباؤه‏.‏ قال اللّه تعالى راداً عليهم‏:‏{‏قل فلم يعذبكم بذنوبكم‏}أي لو كنم كما تدعون أبناءه وأحباءه فلم أعد لكم نار جهنم على كفركم وكذبكم وافترائكم‏؟‏ وقد قال بعض شيوخ الصوفية لبعض الفقهاء‏:‏ أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه‏؟‏ فلم يرد عليه، فتلا عليه الصوفي هذه الآية‏:‏ ‏{‏قل فلم يعذبكم بذنوبكم‏}وهذا الذي قال حسن‏.‏{‏بل أنتم بشر ممن خلق‏}‏ أي لكم أسوة أمثالكم من بني آدم وهو سبحانه الحاكم في جميع عباده{‏يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء‏}‏ أي هو فعَّال لما يريد لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، ‏{‏وللّه ملك السموات والأرض وما بينهما‏}أي الجميع ملكه وتحت قهره وسلطانه ‏{‏وإليه المصير‏}‏ أي المرجع والمآب إليه فيحكم في عباده بما يشاء وهو العادل الذي لا يجوز‏.‏ وروى محمد بن إسحاق عن ابن عباس قال‏:‏ أتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نعمانُ بن آصا، وبحري بن عمرو، وشاس بن عدي فكلموه وكلمهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى اللّه وحذرهم نقمته، فقالوا‏:‏ ما تخوفنا يا محمد‏!‏ نحن واللّه أبناء اللّه وأحباؤه؛ كقول النصارى، فأنزل اللّه فيهم‏:‏ ‏{‏وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه‏}‏ ‏"‏رواه ابن أبي حاتم وابن جرير‏"‏الآية‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏19‏)‏
‏{‏ يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ‏}‏
يقول تعالى مخاطباً أهل الكتاب من اليهود والنصارى بأنه أرسل إليهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين الذي لا نبي بعده ولا رسول بل هو المعقب لجميعهم، ولهذا قال‏:‏ على فترة من الرسل، أي بعد مدة متطاولة ما بين إرساله وعيسى بن مريم، وقد اختلفوا في مقدار هذه الفترة كم هي، فقال قتادة‏:‏ كانت ستمائة سنة، ورواه البخاري عن سلمان الفارسي وعن قتادة‏:‏ خمسمائة وستون سنة، وقال الضحاك‏:‏ أربعمائة وبضع وثلاثون سنة، وذكر ابن عساكر عن الشعبي أنه قال‏:‏ ومن رفع المسيح إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم تسعمائة وثلاث وثلاثون سنة‏.‏ والمشهور هو القول الأول وهو أنها ستمائة سنة‏.‏ وكانت الفترة بين عيسى بن مريم آخر أنبياء بني إسرائيل، وبين محمد خاتم النبيين من بني آدم على الإطلاق، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أنا أولى الناس بابن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبي‏)‏ وهذا فيه رد على من زعم أنه بعث بعد عيسى نبي يقال له خالد بن سنان، والمقصود أن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتغير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان والنيران والصلبان، فكانت النعمة به أتم النعم، والحاجة إليه أمر عمم، فإن الفساد كان قد عم جميع البلاد، والطغيان والجهل قد ظهر في سائر العباد إلا قليلاً من المتمسكين ببقايا من دين الأنبياء الأقدمين، من بعض أحبار اليهود والنصارى والصابئين، كما قال الإمام أحمد‏:‏ حدث يحيى بن سعيد عن عياض بن حماد المجاشعي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم فقال في خطبته‏:‏ ‏(‏وإن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني في يومي هذا‏:‏ كل مال نحلته عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإن الشياطين أتتهم فأضلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم‏.‏ وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً، ثم إن اللّه عزَّ وجلَّ نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من بني إسرائيل‏.‏ وقال‏:‏ إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء تقرأه نائماً ويقظان‏.‏ ثم إن اللّه أمرني أن أحرق قريشاً فقلت‏:‏ يا رب إذن يثلغوا أي يشدخوا رأسي فيدعوه خبزة، فقال‏:‏ استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نغزك، وأنفق عليهم فننفق عليك، وابعث جيشاً نبعث خمسة أمثاله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك‏.‏ وأهل الجنة ثلاثة‏:‏ ذو سلطان مقسط موفق متصدق، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم، ورجل عفيف فقير ذو عيال‏.‏ وأهل النار خمسة‏:‏ الضعيف الذي لا دين له، والذين هم فيكم تبع أو تبعاً - شك يحيى - لا يبتغون أهلاً ولا مالاً، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل أو الكذب، والشنظير‏:‏ الفاحش‏)‏

والمقصود من إيراد هذا الحدث قوله‏:‏ ‏(‏وإن اللّه نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عجمهم وعربهم إلا بقايا من بني إسرائيل‏)‏، وفي لفظ مسلم من أهل الكتاب، وكان الدين قد التبس على الأرض حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فهدى الخلائق وأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وتكرهم على المحجة البيضاء والشريعة الغراء، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذر‏}‏ أي لئلا تحتجوا وتقولوا‏:‏ ما جاءنا من رسول يبشر بالخير وينذر من الشر، ‏{‏فقد جاءكم بشير ونذير‏}‏ يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، ‏{‏واللّه على كل شيء قدير‏}‏ قال ابن جرير‏:‏ معناه إني قادر على عقاب من عصاني وثواب من أطاعني‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏20 ‏:‏ 26‏)‏
‏{‏ وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ‏.‏ يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ‏.‏ قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ‏.‏قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ‏.‏ قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ‏.‏ قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ‏.‏ قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ‏}‏
يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام، فيما ذكر به قومه من نعم الله عليه وآلائه لديهم في جمعه لهم خير الدنيا والآخرة لو استقاموا على طريقتهم المستقيمة، فقال تعالى‏:‏{‏وإذا قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء‏}‏، أي كلما هلك نبي قام فيكم نبي من لدن أبيكم إبراهيم إلى من بعده، وكذلك كانوا لا يزال فيهم الأنبياء يدعون إلى اللّه، ويحذرون نقمته حتى ختموا بعيسى بن مريم عليه السلام، ثم أوحى اللّه إلى خاتم الأنبياء والرسل على الإطلاق محمد بن عبد اللّه المنسوب إلى إسماعيل ابن إبراهيم عليه السلام وهو أشرف من كل من تقدمه منهم صلى الله عليه وسلم ‏.‏ وقوله‏:‏{‏وجعلكم ملوكاً‏} قال عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله ‏{‏وجعلكم ملوكاً‏}‏ قال‏:‏ الخادم والمرأة والبيت وعنه قال‏:‏ كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له الزوجة والخادم والدار سمي ملكاً‏.‏ وقال ابن جرير عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص وساله رجل فقال‏:‏ أسلنا من فقراء المهاجرين‏؟‏ فقال عبد اللّه‏:‏ ألك امرأة تأوي إليها‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ ألك مسكن تسكنه‏؟‏ قال‏:‏نعم، قال‏:‏ فأنت من الأغنياء‏.‏ فقال‏:‏ إن لي خادماً، قال‏:‏ فأنت من الملوك‏.‏ وقال الحسن البصري‏:‏ هل الملك إلا مركب وخادم ودار، ورواه ابن جرير‏.‏ وقال السدي قي قوله ‏{‏وجعلكم ملوكاً‏}‏ قال‏:‏ يملك الرجل منكم نفسه وماله وأهله، وقد ورد في الحديث‏:‏ ‏(‏من أصبح منكم معافى في جسده، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنهما حيزت له الدنيا بحذافيرها‏)‏ ‏"‏لفظ الحديث عند الترمذي وابن ماجة عن عبد اللّه بن محصن‏:‏ ‏(‏من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنهما حيزت له الدنيا بحذافيرها‏)‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس