عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2014, 04:17 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
۩ خطبتي الجمعة من المسجد النبوي بعنوان : التحذير من الغفلة‎

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

خُطَبّتي الجمعة من المسجد النبوى
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / صلاح البدير حفظه الله
خطبتي الجمعة من المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بعنوان :
التحذير من الغفلة
والتي تحدَّث فيها عن غفلة العبد عن طاعة الله، وانغِماسِه في الشهوات،
مُحذِّرًا من سُلوك سبيل الغافلين؛ لما في عاقبة ذلك من الخُسران في الدنيا والآخرة.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الـــحـــمــــد لله ذي الآلاء والـــنِّـــعَــــم
ومُـبـدِع الـسـمـعِ والأبـصـار والـكـلِــمِ
مـن يـحـمَـدِ اللهَ يـأتـيـه الـمـزيـدُ ومـن
يـكـفُــر فـكــم نــعــمٍ آلَـــت إلـــى نِــقَــمِ
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
شهادةً تُنجِي من الغفلَة والقَسْوَة والجَهَالَة ، والشَّكِّ والزَّيغ والضَّلالَة ،
و أشهد أن نبيَّنا و سيِّدنا محمدًا عبدُه و رسولُه ،
صلَّى الله و سلَّم عليه وعلى آله و صحبِهِ و سلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعـــد ...
فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[ آل عمران: 102 ].
أيها المسلمون:
ذوو الهِمَم العليَّة والنفوس الأبِيَّة والقلوب الزكيَّة،
الذين آتاهم الله حُسن السَّريرة وشِدَّة البصيرة يُحاذِرون مراتِع الغفلة
ويستعِيذُون بالله منها.
قال الراغِبُ الأصفهانيُّ:
[ والغفلةُ سهوٌ يعترِي الإنسانَ من قلَّة التحفُّظ والتيقُّظ ]
وقيل:
[ الغفلةُ مُتابعةُ النفس على ما تَشتَهيه ]
وقيل:
[ الغفلةُ تركُك المسجِد وطاعتُك المُفسِد ]
وقيل:
[ هي إبطالُ الوقت بالبَطَالَة ]
وقد ثبَت من حديث أنسٍ - رضي الله عنه :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعُو يقول:
( اللهم إني أعوذُ بك من العَجزِ والكسَلِ، والبُخل والهرَمِ،
والقَسوة والغفلَة، والذلَّة والمسكَنة )
أخرجه ابن حبان.
فخرابُ النفوس باستِيلاء الهوَى والشهوة، وخرابُ القلوبِ باستِيلاء الغفلة والقَسوة،
قال - جلَّ في عُلاه -:
{ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ
وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ }
[ الأعراف: 205 ].
قال عُميرُ بن حبيبٍ الخَطْميُّ - رضي الله عنه -:
[ الإيمانُ يزيدُ وينقُص
قيل: فما زيادتُه ونُقصانُه؟
قال: إذا ذكرنا ربَّنا وخشينَاه فذلك زيادتُه، وإذا غفَلنا ونسينَا وضيَّعنَا فذلك نُقصانُه ]
فإذا غُذِي القلبُ بالتذكُّر، وسُقِيَ بالتفكُّر، ونُقِّي من الدَّغَل،
وزُكِّيَ بالكتابِ والسنَّة، وعرفَ التوحيدَ الخالِصَ من شوائِب الشِّرك والبِدع والخُرافة
تيقَّظ من مراتِع الغفَلات، ونهَضَ من مساقِط العثَرَات.
ومن استحكمَت غفلتُه عظُمَت ندامتُه، ومن طالَت رقدتُه دامَت حسرتُه،
ومن ذهَلَ عما شأنُه أن يُذكَر أضاعَ المُكنةَ وفوَّتَ الفُرصةَ،
ومن آثرَ البطَالةَ في موسِم الأرباح، وتركَ الزرعَ وقتَ البَذار،
ومشَى الهُوينَى وقت السِّباق، وتقاصَرَ خطوُه في ميدان التنافُس كان عن الخير محرومًا،
وعلى تفريطِه ملُومًا.
والنفسُ بالشَّهَوات آمِرة، وعن الطاعات زاجِرة، تجُورُ إذلالاً، وتغُرُّ مكرًا.
ومن غفلَ عن تقويم عِوَجها، وإصلاحِ ميلِها وسَيرِها غلَبَ عليه جَورُها،
وتموَّه عليه غُرورُها،
{ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي }
[ يوسف: 53 ].
وأهلُ الغفلة ساهُون لاهُون، وعما يُرادُ بهم من الخير مُعرِضون،
لا يأتون الصلاة إلا وهم كُسالَى، يتثاقَلُون عن أدائِها، ويُؤخِّرُونها عن وقتِها،
ويتخلَّفُون عن جماعتِها.
هذا حالُهم مع الصلاةِ التي هي أشرفُ الأعمال وأفضلُها وخيرُها.
اتَّخَذوا القُرآنَ مهجورًا
{ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا }
[ النساء: 142 ]
يُعرِضون عن مجالِسِ الذِّكر والعلمِ والوعظِ والخيرِ،
ويُسارِعون إلى مجالِس اللغو واللهو، وأماكِن الطَّرَب والغناء،
والرقص والعُريِّ والفحشاء، ويتسابَقُون إلى مواطِن المُنكر والفتنةِ والغفلة.
ويلُوذون إلى الأماكِن التي تعرِضُ المُحرَّمات، وتُباعُ فيها الخُمورُ والمُسكِرات،
وتُروَّجُ فيها الحشيشة التي تُنتِنُ الفم، وتُحرقُ الدم، وتُفسِدُ الفِكرَ،
وتُنسِي الذكرَ، وتجلُ الصحيحَ عليلاً، والعزيزَ ذليلاً.
وأصــغرُ دائِها والداءُ جمٌّ
بغاءٌ أو جنونٌ أو نُشــافُ
يعبَثون ويلعَبون، الفواحِشَ يأتون، والحُدودَ ينتهِكون، والفُسوقَ يقصِدون.
يــــا غـافِــلــيــن أفــيــقُــوا قــبـــل مــوتِــكــمُ
وقـــبــــل يُـــؤخَــــذُ بــــالأقــــدامِ والـــلِّـــمَـــمِ
والـــنـــاسُ أجـــمـــعُ شــاخِــصُـــون غــــــدًا
لا يــنــطِــقــون بــــــلا بـــكــــمٍ ولا صَـــمَــــمِ
والـخـلـقُ قـد شُـغِـلُـوا والـحـشـرُ جـامِـعُـهـم
والله طــالِـــبُـــهـــم بـــالـــحــــلِّ والــــحـــــرَم
{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ }
[ الأنبياء: 1 ].
الـنــاسُ فــي غـفَـلاتــهــم
ورحَـى الـمـنـيَّـةِ تـطـحَـنُ
مـــا دُون دائـــرة الـــرَّدَى
حـصـنٌ لـمــن يـتـحـصَّــنُ
يـا سـاكِـنَ الـحُـجُـرات مـا
لـك غـيـرُ قـبـرِك مـسـكَـنُ
الـــيــــوم أنــــــت مُــــكــــا
ثِــرٌ ومُـفــاخِــرٌ مُـتــزيِّــنُ
وغـدًا تـصـيـرُ إلـى الـقـب
ورِ مُــحــنَّـــطٌ ومُــكــفَّـــنُ
أحــــدِث لــربِّـــك تـــوبـــةً
فـسـبـيـلُـهــا لــك مُـمـكِــنُ






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس