عرض مشاركة واحدة
قديم 27-10-2013, 10:16 PM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
Icon10 ۩ قصـــة معاذة العنبرية -- للجاحظ


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

معاذة العنبرية -- للجاحظ
- قال شيخ من البخلاء :
"لم أر في وضع الأمور مواضعها ،وفي توفِيَتها غاية حقوقها ،كمعاذة العنبرية"

قالوا :وما شأن معاذة هذه ؟. قال : أهدى إليها -العام- ابن عمِّ لها :
أضحية فرأيتها كئيبة حزينة مفكِّرة

مطرقةً ، فقلت لها : " ما بك يا معاذة ؟"
قالت : " أنا امرأة أرملة وليس لي قيِّمٌ ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي ، وقد ذهب الذين كانوا يدبِّرونه

ويقومون بحقِّه ، وقد خفت أن يضيع بعض هذه الشَّاة ،
ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنا ، وقد

علمت أنَّ الله لم يخلق فيها ولا في غيرها شيئًا لا منفعة فيه ولكنَّ المرء يعجز لا محالة ، ولست أخاف من

تضييع القليل ، إلاَّ أنَّه يجرُّ تضييع الكثير .
أمَّا القرن فالوجه فيه معروف وهو أن يسمَّر في جذع من جذوع السّقف فيعلَّق
عليه الزُّبُلُ وكلُّ ما خيفَ

عليه من الأر والنمل والسّنانير وبنات وردان ،
وأمَّا المصران فإنَّه لأوتار المِندفة ، وبنا إلى ذلك أعظم الحاجة ، وأمَّا

قحفُ الرَّأس واللَّحيان وسائر العظام فسبيله أن يكسرَ بعد أن يعرق ،
ثمَّ يطبخ ، فما ارتفع من الدَّسم كان للمصباح

ثمَّ تؤخذُ تلك العظامُ فيوقد بها :فلم ير النَّاس وقودًا-قطُّ-
أصفى ولا أحسن لهبا منها ، فأمَّا الإهاب فالجلد نفسه جرابٌ

وللصُّوف وجوهٌ لا تُدفعُ ، وأمَّا الفرثُ والبعرُ فحطبٌ -إذا جفِّف - عجيبٌ .
" ثمَّ قالت : " بقي علينا علينا الإنتفاع بالدَّم ،

وقد علمتم أن الله عزَّ وجلَّ لم يحرِّم من الدّم المسفوح إلاّ أكله وشربه ،
وأنَّ له مواضع يجوز فيها ولا يمنع منها ،

وإن أنا لم أقع على عِلمِ ذلك حتّى يوضع موضع الانتفاع به صار كيَّةً في قلبي ،
وقذًى في عيني ، وهمًّا لا يزال يعودُني"

فلم ألبث أن رأيتها قد طلَّقت وتبسَّمت ، فقلت :
" ينبغي أن يكون قدِ انفتح لكِ بابُ الرأي في الدّم ".

قالت : " أجل ، ذكرتُ أنّ عندي قدورا شآميةً جددًا .
وقد زعموا أنَّه ليس شيء أدبغ ، ولا أزيد في قوَّتها ،

من التلطيخ بالدم الحارِّ الدَّسم ، وقد استرحت الآن ، إذ وقع كلُّ شيء موقعَه "
قال : " ثمَّ لقيتها بعد ستَّة أشهرٍ ، فقلتُ لها : كيف كان قديم تلك ؟ " قالت : " بأبي أنت ، لم يجىءْ وقتُ القديم بعدُ .

لنا في الشّحم واللية والجثنُوبِ والعظم المعرَّق
وغير ذلك مَعَاشٌ ، ولكلِّ شيئٍ إبَّانٌ ".



اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس