عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2014, 06:41 PM   رقم المشاركة : 34
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏172 ‏:‏ 173‏)‏
‏{‏ لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ‏.‏ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ‏}‏

قال عطاء عن ابن عباس قوله‏:‏ ‏{‏لن يستنكف‏}‏ لن يستكبر، وقال قتادة‏:‏ لن يحتشم ‏{‏المسيح أن يكون عبداً للّه ولا الملائكة المقربون‏}‏ وقد استدل بعض من ذهب إلى تفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية حيث قال‏:‏ ‏{‏ولا الملائكة المقربون‏}‏ وليس له في ذلك دلالة، لأنه إنما عطف الملائكة على المسيح، لأن الاستنكاف هو الإمتناع، والملائكة أقدر على ذلك من المسيح، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏ولا الملائكة المقربون‏}‏، ولا يلزم من كونهم أقوى وأقدر على الإمتناع أن يكونوا أفضل، وقيل‏:‏ إنما ذكروا لأنهم اتخذوا آلهة مع اللّه كما اتخذ المسيح، فأخبر تعالى أنهم عبيد من عباده وخلق من خلقه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون‏}‏ الآيات، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشهرم إليه جميعاً‏}‏ أي فيجمعهم إليه يوم القيامة ويفصل بينهم بحكمه العدل، الذي لا يجور فيه ولا يحيف، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله‏}‏، أي فيعطيهم من الثواب على قد أعمالهم الصالحة ويزيدهم على ذلك من فضله وإحسانه وسعة رحمته وامتنانه‏.‏

وقد روى ابن مردويه عن عبد اللّه مرفوعاً قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله‏}‏، أجورهم، قال‏:‏ ‏(‏أدخلهم الجنة‏)‏ ‏{‏ويزيدهم من فضله‏}‏ قال‏:‏ ‏(‏الشفاعة فيمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في دنياهم‏)‏، وهذا إسناد لا يثبت، وإذا روي عن ابن مسعود موقوفاً فهو جيد، ‏{‏وأما الذين استنكفوا واستكبروا‏}‏ أي امتنعوا عن طاعة اللّه وعبادته واستكبروا عن ذلك{‏فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون اللّه ولياً لا نصيراً‏}‏ كقوله‏:‏ ‏{‏إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين‏}‏ أي صاغرين حقيرين ذليلين، كما كانوا ممتنعين مستكبرين‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏174 ‏:‏ 175‏)‏
‏{‏ يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ‏.‏ فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما ‏}‏
يقول تعالى مخاطباً جميع الناس ومخبراً بأنه قد جاءهم منه برهان عظيم، وهو الدليل القاطع للعذر والحجة المزيلة للشبه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً‏}‏ أي ضياء واضحاً على الحق، قال ابن جريج وغيره‏:‏ وهو القرآن ‏{‏فأما الذين آمنوا باللّه واعتصموا به‏}‏ أي جمعوا بين مقامي العبادة والتوكل على اللّه في جميع أمورهم، وقال ابن جريج‏:‏ آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن ‏{‏فسيدخلهم في رحمة منه وفضل‏}‏ أي يرحمهم فيدخلهم الجنة، ويزيدهم ثواباً مضاعفة ورفعاً في درجاتهم من فضله عليهم وإحسانه إليهم، ‏{‏ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً‏}‏ أي طريقاً واضحاً قصداً قواماً لا اعوجاج فيه ولا انحراف، وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة، فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات العمليات وفي الآخرة على صراط اللّه المستقيم المفضي إلى روضات الجنات، وفي حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏القرآن صراط اللّه المستقيم، وحبل اللّه المتين‏)‏، وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير، وللّه الحمد والمنة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏176‏)‏
‏{‏ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم ‏}‏
قال البخاري عن أبي إسحاق قال‏:‏ سمعت البراء، قال آخر سورة نزلت براءة، وآخر آية نزلت يستفتونك وقال الإمام أحمد عن محمد بن المنكدر، قال سمعت جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ دخل عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل، قال فتوضأ ثم صب عليّ - أو قال صبوا عليه - فعقلت فقلت‏:‏ إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث‏؟‏ فأنزل اللّه آية الفرائض‏.‏ وفي بعض الألفاظ فنزلت آية الميراث ‏{‏يستفتونك قل اللّه يفتيكم في الكلالة‏}‏ الآية ‏"‏أخرجه الشيخان‏"‏وكأن معنى الكلام واللّه أعلم‏:‏ يستفتونك عن الكلالة ‏{‏قل اللّه يفتيكم‏}‏ فيها، فدل المذكور على المتروك وقد تقدم الكلام على الكلالة واشتقاقها، وأنها مأخوذة من الإكليل الذي يحدي بالرأس من جوانبه، ولهذا فسرها أكثر العلماء‏:‏ بمن يموت وليس له ولد ولا والد‏.‏ ومن الناس من يقول‏:‏ الكلالة من لا ولد له كما دلت عليه هذه الآية‏:‏ ‏{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد‏}‏، وقد أشكل حكم الكلالة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال‏:‏ ثلاث وددت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه‏:‏ الجد، والكلالة، وباب من أبواب الربا يعني ما نزل آخر سورة البقرة من آيات الربا وقد نزلت بعد آية آل عمران ‏{‏لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة‏}‏ فهل الربا فيهما واحد على القاعدة، أم هو في الأخيرة أعم‏؟‏ استشكل عمر رضي اللّه عنه والجمهور على الثاني واستشكاله في إرث الجد والكلالة أشهر وأظهر عن عمر قال سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الكلالة فقال‏:‏ ‏(‏يكفيك آية الصيف‏)‏ فقال‏:‏ لأن أكون سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنها أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم ‏"‏قال ابن كثير‏:‏ وهذا إسناد جيد إلا أن فيه انقطاعاً‏"‏وكأن المراد بآية الصيف أنها نزلت في فصل الصيف والله أعلم، ولما أرشده النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى تفهمها فإن فيها كفاية، نسي أن يسال النبي صلى اللّه عليه وسلم عن معناها، ولهذا قال‏:‏ فلأن أكون سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنها أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم‏.‏
وقال ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ سأل عمر بن الخطاب النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الكلالة، فقال‏:‏ ‏(‏أليس قد بين اللّه ذلك‏)‏ فنزلت‏:‏ ‏{‏يستفتونك‏}‏ الآية‏.‏ قال قتادة‏:‏ وذكر لنا أن أبا بكر الصديق قال في خطبته‏:‏ ألا إن الآية التي نزلت في أول سورة النساء في شأن الفرائض أنزلها اللّه في الولد والوالد، والآية الثانية أنزلها في الزوج والزوجة والأخوة من الأم، والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الإخوة والأخوات من الأب والأم، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه مما جرت الرحم من العصبة‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس