عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2014, 04:39 AM   رقم المشاركة : 1
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور
۩ خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : بناء الأسرة في الإسلام‎

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

خُطَبّتي الجمعة من المسجد الحرام
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن محمد آل طالب حفظه الله
خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان :
بناء الأسرة في الإسلام
والتي تحدَّث فيها عن الأسرة المسلمة وكيف يتم بناؤُها في ضوء الكتاب والسنة،
مُوجِّهًا نصائِحَه للشباب المُقبِلين على الزواج،
مُحذِّرًا من المخالفات والمُنكرات الشرعيَّة في مُقتبل الزواج.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستغفرُه،
ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عزَّ عن الشبيه وعن الندِّ
وعن المَثيل وعن النَّظير،
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
[ الشورى: 11 ]
وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه،
وعلى آلِه وصحبِه والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
فاتقوا الله تعالى - أيها الناس - وراقِبُوه، وأطيعُوا أمرَه ولا تعصُوه
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
[ النساء: 1 ].
أما بعـــــــــــد....
أيها المسلمون:
مفهوم الأُسرة في الإسلام يتميَّز عن بقيَّة المفاهيم الأخرى؛
فالأسرة وحدةٌ اجتماعيَّةٌ مُمتدَّةٌ، تتكوَّن منها لبِنَاتُ المُجتمع المُسلم،
وهي نواةٌ أُسِّسَت على بِرٍّ وإيمان، والتِزامٍ ووفاءٍ،
دلَّت عليه آيُ الكتاب وتوجيهاتُ الرسول.
إنها منظومةٌ عُنِي الإسلام بأصلِ تأسيسِها منذ أن حثَّ على الزواجِ ورغَّب في النِّكاح،
وحُسن الاختِيار بين الزوجين، وآداب الخِطبة والنِّكاح،
وحُسن العِشرة والقِوامة، والوفاء بالحقوق والواجِبات، وطِيب المُعاشَرة،
والتوجيه عند الاختِلاف، وأحكام الفُرقة وما بعدَها.
مما يدلُّ على عناية الإسلام بتكوين الأسرة وإحكام بِنائِها،
ورعايتِها لتحصيلِ مقصودِها؛ من حُصول الإعفافِ للزوجين،
والسَّكَن الفِطريِّ لبعضِهما والمودَّة والرحمة، وإقامة البيت المُسلم،
والتعاوُن على البرِّ والتقوى، وتربية الذرِّيَّة الصالِحة التي تعبُد اللهَ وتُطيعُه.
والأُسرة تمتدُّ لتشملَ وحداتٍ مُترابِطة تضمُّ الأقارِبَ والأرحامَ،
وتُراقِبُ ذاتَها في سُلوك أفرادِها، والتِزامِهم المبادِئ والقِيَم، في توريثٍ للخير،
ورعايةٍ لنَبتِ الصلاح في أرض الأسرة المُورِقة.
يُذكِي ذلك: التوجيهُ بصِلَة الأرحام، وإيجابُ التربية والرعاية رعايةٌ صحيَّة وجسديَّة،
غِذاءٌ وسَكَن، وتوفيرٌ للحبِّ والعَطف والرحمة، والراحة النفسيَّة لكل الأفراد،
مهما كان موقِعُهم من الأُسرة.
كما يلتزِمُ الوالِدان بتقديم العُلُوم الضروريَّة والخِبرات الكافية لمن تحت أيديهم،
عن دينِهم وتعاليمِه، وكل ما يُؤدِّي بهم لأَن يكونوا أفرادًا صالِحين،
وعبيدًا لربِّ العالمين، مع تهيِئَتهم لمعيشةٍ كريمةٍ في هذه الحياة.
وبقَدر ترابُط الأُسَر يقوَى تماسُك المُجتمع ويشتدُّ،
ومع أن الزواجَ وتكوينَ الأُسرة ضرورةُ حياة، وجِبِلَّةٌ وفِطرةٌ،
إلا أنه أيضًا رِباطٌ يمتدُّ إلى اليوم الآخر:
{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ }
[ الرعد: 23 ]
وهذا خِتامُ المفاهيم لرابِطة الأُسرة في الإسلام.
أيها المسلمون:
الحديثُ عن الزواج وتكوين الأُسَر مع إقبالِ موسمٍ تكثُرُ فيه مُناسباتُه
هو حديثٌ ذو شُجون، وأكثرُ ما يُشجِي فيه ويُؤلِم: كثرةُ الفشلِ فيه،
وتفشِّي المُشكِلات الزوجيَّة، وارتِفاعُ نِسَب مُعدَّلات الطلاقِ إلى ثُلُث الزِّيجات وأكثر.
مما يُكدِّرُ الفرحَ بكثرة الزواجات، ويستدعِي نظرَ أهل العلم والفِكر،
وتنبُّه أصحابِ الرأيِ والقرار.
كما أن على رِجالاتِ التربية والتعليم، والمسؤولين عن المناهِج وسِياساتِ التعليم
أن يبذُلُوا مزيدَ عنايةٍ في هذا الجانِبِ للبنين والبناتِ،
ويتحمَّلُ الإعلامُ واجِبًا كبيرًا ومسؤوليَّةً أخلاقيَّةً تِجاه المُجتمع،
بما يعرِضُه سلبًا أو إيجابًا، وليس لأحدٍ أن يدَّعِي العصمةَ أو السلامة من الخطأ؛
فالمُراجَعات من شِيَم النُّبَلاء.
ينبغِي أن يُعاد النظرُ في مدَى تحقيق التعليم والإعلام للأهداف النَّبيلة الراعِيَة
للأُسَر تكوينًا وإنشاءً، وتربيةً على القِيَم والمبادِئ والأخلاق الفاضِلَة،
وطِيبِ المعشَرِ وحُسن التعامُل، والوفاءِ بالحُقوق، والقِيَام بالواجِبات، وكيفية أدائِها.
لا بُدَّ أن تتكرَّر هذه الفضائلُ حتى تتقرَّر،
وتستقِرَّ في العقول والقلوبِ لتُصبِحَ سُلوكًا يُطبَّق، لا مُجرَّد نظريَّاتٍ مهجُورةٍ.
وإن على الأولياء مسؤوليَّةً عظيمةً تِجاه الخاطِب؛ فهي أمانةٌ يُسألُ عنها يوم القيامة.
أيها المسلمون:
الزواجُ أمرٌ إلهيٌّ، وحضٌّ نبويٌّ، وسُنَّةٌ للمُرسلين،
{ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }
[ النور: 32 ]
{ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }
[ النساء: 3 ].
وفي أمرِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
( يا معشرَ الشباب ! من استطاعَ منكم الباءَة فليتزوَّج ..)
الحديث
متفق عليه.
وميزانُ النجاح والسعادة في الاختِيار:
هو توجيهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولِه:
( تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحَسَبها، ولجمالِها، ولدِينِها،
فاظفَر بذاتِ الدينِ ترِبَت يداك )
رواه البخاري ومسلم.
وفي توجيهِ المرأة ووليِّها،
قال - صلى الله عليه وسلم -:
( إذا أتاكُم من ترضَون دينَه وخُلُقَه فزوِّجوه،
إلا تفعَلوا تكُن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير )
رواه الترمذي وابن ماجه.
وكثيرًا ما تحدُثُ المشاكلُ من جهةِ التفريطِ في تحقيق هذا التوجيه النبويِّ الكريم،
وكم من الناسِ لا يُدرِك المعنى العظيم لما سمَّاه الله مِيثاقًا غليظًا،
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( إن أحقَّ الشُّروط أن تُوفُوا به ما استحلَلتُم به الفُرُوج )
متفق عليه.
ومن هنا، كانت رِعايةُ هذه الميثاق والتعامُل بانضِباطٍ مُتقَنٍ بين الزوجَين،
وإشاعةُ أجواءِ الأمانِ والعاطِفة من علاماتِ الزواجِ الناجِح،
سِيَّما وقد توعَّد الشيطانُ بإغواءِ بني آدم والعمل على التفريقِ بين المرءِ وزوجِه.
ولكي تحصُلُ المودَّةُ والرحمةُ والسَّكَن، وليُحقِّقَ الزواجُ أهدافَه التي شُرِع من أجلِها
فلا بُدَّ من تكرار التوجيهاتِ لزواجٍ ناجِحٍ - بإذن الله -.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس