عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2014, 04:51 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

فيا أيها الزوجان !
صِلا ما بينَكما وبين الله يصِلُ الله بينَكما. فكم من معصيةٍ شتَّتَت أُسرًا سعيدةً،
وكم ذنبٍ أحالَها حياةً مريرةً،
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }
[ الشورى: 30 ].
ومن أراد الحياةَ الهانِئة فليقرأ قولَ الحقِّ - سبحانه -:
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }
[ النحل: 97 ].
فتأليفُ القلوبِ ليس - والله - بالأثاثِ والملبُوسَات، ومُجرَّد الكلِمات والعِباراتِ،
وإن كانت أسبابًا مطلوبةً مرغوبةً، ولكنَّ الأُلفةَ من الله، والحبُّ عطاءٌ منه،
كما قال - سبحانه -:
{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
[ الأنفال: 63 ].
الهديةُ مِفتاحُ القلوب، بها تُستجلَبُ المحبَّة، وتُعزَّزُ المودَّة،
وتُدرأُ بها الضَّغِينة، ولقد أوصانَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
( تهادَوا تحابُّوا )
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد".
أيها الزوجان !
تجنَّبا المِراءَ والجِدال، وأحسِنا في الأقوال بينَكما والأفعال،
وتحاوَرا بلُطفٍ ولا تتجَادَلا؛ فإن المُخالفةَ تُوغِرُ الصُّدورَ،
وكثرةَ المُجادلَة تقتلُ الحبَّ والسعادةَ. وقديمًا قِيل:
" طُولُ المُرافَقة من كثرةِ المُوافقَة ".
إن الحياةَ الزوجيَّة ليست مُسلسلاً من المواقِف العاطِفيَّة والأحلام الورديَّة،
وإن الكمالَ عزيزٌ.
وقد يختلِفُ الزوجان، وهذه سُنَّةُ الحياة وطبيعةُ البشر،
إلا أن البيت الصالِحَ المُؤسَّس على التقوى،
والذي عرَفَ فيه الزوجان ما لهُما وما عليهِما، لا يتأثَّرُ سلبًا بالخِلافِ؛
بل يَزِيدُه ذلك تماسُكًا، ويُكسِبُه إدراكًا ووعيًا، فيُصلِحُ الخطأَ، وتُسدُّ أبوابُ الشرِّ.
عباد الله:
الاحتِرامُ المُتبادَلُ من أقوَى علامات الاستِقرار الأُسريِّ، ومن دعائِم تثبِيتِه؛
يجبُ أن تعرِفَ المرأةُ قدرَ زوجِها وفضلَه، ومكانتَه في البيت،
كما يُقدِّرُ الرجلُ وضعَ المرأة، ويُعامِلُها كشريكِ حياةٍ لا كشريكِ تِجارةٍ.
وكلُّ إحسانٍ يُقدِّمُه أحدُ الزوجَين فإنه يصنَعُ به السعادةَ لنفسِه قبلَ شريكِه،
وقد قالت الناصِحةُ لابنتِها:
" كونِي له أمةً يكُن لكِ عبدًا ".
التغافُلُ وغضُّ الطرفِ عن بعض الهَفَوَات مطلبٌ أساسٌ في استِقرار الأُسرة؛
فالحياةُ الزوجيَّةُ مبنيَّةٌ على التلقَائيَّةِ وعدمِ التكلُّف،
والمرءُ يعترِضُه من هُموم الحياة ما يجعلُه يتصرَّفُ في بيتِه بتلقائيَّةٍ وصراحةٍ.
فلا بُدَّ من التفهُّم والتقبُّل.
وإن من كَيد الشيطان: ما علِقَ بالناس من لَوثاتِ الأفلام والمُسلسلات،
ووسائل التواصُل والقنَوات، والتي أورَثَت رُكامًا هائِلاً من التصوُّرات الخاطِئة
عن الحياةِ الزوجيَّة، وأفسَدت أخلاقَ الناس، وقرَّرَت في نفوسِ مُتلقِّيها مبادِئَ مغلُوطة،
وقلَبَت المفاهِيم أبوابَ شرٍّ عظيمٍ، فضلاً عن بابِ المُقارَنات والانشِغال بالآخرين.
أما حُطام الدُّنيا؛ فكم من أُسرةٍ تمزَّقَت بسبب المال، وكم من محبَّةٍ قُتِلَت بسبب المال!!
أيها الزوج !
إن عليك النفقة والسُّكنَى، وألا تُضيِّع من تعُول،
واستحضِر قولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( دِينارٌ أنفقتَه في سبيلِ الله، ودِينارٌ أنفقتَه في رقبةٍ،
ودِينارٌ تصدَّقتَ به على مِسكين، ودِينارٌ أنفقتَه على أهلِك.
أعظمُها أجرًا: الذي أنفقتَه على أهلِك )
رواه مسلم.
وقال - صلى الله عليه وسلم -:
( إن المُسلمَ إذا أنفقَ على أهلِه نفقةً وهو يحتسِبُها كانت له صدقةً )
واقتصِد في إنفاقِك يُبارِك لك الله في رِزقِك،
{ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا }
[ الإسراء: 26 ]
{ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا }
[ الإسراء: 29 ].
ويا أيتها الزوجة !
الرِّفقَ الرِّفقَ، وإياكِ وكثرةَ الطلَبَات والرَّغَبات؛ فإنها جالِبةُ المشاكِل والمُنازَعات.
إياكِ أن تنظُرِي إلى من هم فوقَكِ في المادِّيَّات، فتسوءَ بكِ الحياةُ،
ويقِلَّ شُكرُكِ لزوجِكِ ولربِّكِ،
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( انظُروا إلى من أسفلَ منكم، ولا تنظُروا إلى من هو فوقَكم؛
فهو أجدرُ ألا تزدَروا نعمةَ الله عليكُم )
رواه مسلم.
وما أهلكَ الناسَ كالتقليد والمُباهاة.
إن الجميعَ بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى التربية قبل الزواجِ وبعدَه،
على التِزامِ حُدودِ الله في النِّكاح، والتعبُّد لله بالعِشرة بالمعروف، والخُلُق الحسَن،
والتعاوُن على البرِّ والتقوى، والبُعد عن الأنانيَّة والتفريطِ،
وإدراكِ مفهومِ القِوامَة الشرعيِّ، وأنه حفظٌ وصِيانةٌ، وضبطٌ وتربيةٌ،
وحُسنُ إدارةٍ، ومسؤوليَّةٌ يُسألُ عنها يوم القيامة،
( كلُّكُم راعٍ وكلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّته، فالرجلُ راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّته،
والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها ومسؤولةٌ عن رعيَّتها )
متفق عليه.
وإذا صلَحَت النيَّات، وأُدِّيَت الواجِبات رفرَفَت السعادةُ وعمَّ التوفيق،
ومن لزِمَ الدعاءَ، وأخلصَ لله الرجاء، فلن يُخيِّبُ الله أملَه، ولن يُضيِّعَ عملَه.
بارَك الله لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعنا بما فيهما من الآياتِ والحكمةِ،
أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ الله تعالى لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ،
فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه هو الغفورُ الرحيم.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الحمد لله، خلقَ فسوَّى، وقدَّر فهدَى
{ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى }
[ النجم: 45، 46 ]






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس