بسم الله الرحمن الرحيم ..
إن ما يميز المجتمع الإسلامي عن بقية المجتمعات هو الأسرة المترابطة المتحدة التي تقوم على أساس سليم من الدين والاخلاق .. التي يربطها الاسلام قبل أن يربطها الدم والرحم ..
فالأسر في معظم المجتمعات مشتتة الأفراد متقطعة الأواصر مفككة الروابط .. بينما اهتم الإسلام بالأسرة وحث على تماسكها واتحادها وحذر من هدمها وكل ما يدعو لتفكك عراها .. عن طريق حقوق فرضها وواجبات طالب بها وحدود لا يسمح بتخطيها .. وكل ذلك لينعم الفرد المسلم بأهنأ عيش وأطيب حياة .. فالأسرة هي نواة المجتمع ... وصلاح المجتمع يبدأ من صلاح هذه الأسرة .. وللأسف فقد تناسى الكثير منا دور الأسرة في الرقي بمجتمعه وتجاهل معظمنا كثيرا من الواجبات التي تقع عليه تجاه أفراد أسرته..
وقد قال عليه السلام : ((كفى بالمرء إثما إن يضيع من يقوت ))
ففي غياب دور الأم والأب والأخ والأخت .. ينشأ أفراد الأسرة مشتتين ينقصهم الكثير من الوعي دينيا وثقافيا وخلقيا .. ويكثر في المجتمع أشباه الرجال .. وتظهر المسترجلات من النساء .. وتتفشى الأمراض الأخلاقية في المجتمع .. وتبرز الفئات التي تجاهر بالمعاصي والتي تفتخر بخروجها عن الطاعة .. ويزداد التعدي على حدود الله .. وها نحن الان نلحظ اختلاف مجتمعنا عما كان عليه من سنوات من أمن وأمان ومودة وترابط بين الناس ..
ولعل ذلك يرجع لأسباب عديدة منها :-
1- إهمال الجانب الديني في التربية حيث نرى معظم الأسر تتجه لتعليم أبنائها اللغة الإنجليزية وأساسيات الحاسب الآلي منذ نعومة أظافرهم وتهتم بتعليمهم كيفية الكلام وكيفية المشي والأكل والأناقة والنظافة وطريقة التحدث للآخرين وغير ذلك .. وتتناسى الأهم مما انعكس سلبا على شخصية الطفل ..
2- عدم تنشأة الطفل على حب الله ورسوله والتمسك بدينه منذ الصغر .. وإن كان معظم الأطفال حين تسأله من تحب؟ يردد :: أحب الله ورسوله ثم أمي ثم أبى وهكذا .. لكن للأسف فإن هذا الحب لا يقترن بالعلم والمعرفة وإهمال تعويدهم على اداء العبادات (( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ))
3- ترك الطفل لساعات وساعات أمام شاشة التلفاز وجهاز الفيديو وبعضنا يصل به الإهمال لدرجة منح الطفل حرية تقليب القنوات واختيار ما يعجبه دون رقابة أو قيد ولا يخفى أثر ذلك على ثقافة الطفل وشخصيته ودينه وسلوكه مع الآخرين
4- تجاهل الأخوات والإخوة الأكبر سنا لمن هم دونهم .. فلا يعيرونهم أي انتباه ولا يعطونهم أي اهتمام
5- غياب الوعي الديني وعدم توفر القدوة من الأهل فينشأ الطفل دون أساس قوي من الدين .. ويكبر فيصلي ويصوم وربما يحج لكنه لا يفقه عن الدين سوى ما يراه أمامه .. وتنقلب العبادة لديه إلى عادة ..
6- تجاهل أهمية الكتاب والشريط الإسلامي والقصص الدينية للأبناء ويكفينا أن نلقي نظرة على مكتبة الابن أو الابنة .. سنراها تعج بأشرطة الكرتون ؟ وقصص سندريلا والجميلة النائمة وغيرها واشرطة الأغاني ليست العربية فقط بل حتى الأجنبية .. وفي بعض الأسر قد نرى روايات عبير وأمثالها معروضة في المكتبة دون أدنى حياء حيث اصبح من حرية الابن أن يقتني ما يشاء وما يهوى دون أي مانع
7- اهتمام المعلم والمعلمة بانتهاء المنهج اكثر من اهتمامهم بوعي الطلاب والطالبات له واقتناعهم به واتباع ما جاء فيه ..
8- غياب دور الأسرة في تربية أبنائها والاعتماد على الخادمات والمربيات فالأب منصرف لعمله مشغول بأصدقائه وربما أسفاره .. والأم مهتمة بمظهرها ولباسها وبالمناسبات والحفلات وبالصديقات والجارات .. او عاملة تقضي معظم وقتها مهتمة بوظيفتها .. ونسوا أبنائهم في زحمة الحياة ومشاغلها .. عن جابر بن سمرة مرفوعا (( لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع على المساكين ))
9- إهمال علاقة الأسرة بالمدرسة فالام قد تتخلف كثيرا عن مجالس الأمهات وكذلك الاب ولا يهتمون بمتابعة أحوال أبنائهم وبناتهم في مدارسهم التي يقضون فيها نصف يومهم
10- الثقة العمياء بالأبناء و انعدام الرقابة ..
11- عدم شغل أوقات الفراغ لدى الأبناء بما ينفعهم ويفيدهم
12- التفكك الأسري المشاهد من خلال منح كل ابن وابنة غرفة منعزلة في المنزل وقد لا تجتمع الأسرة الواحدة كاملة إلا على سفرة الطعام وربما على الغداء فقط .. وفي الإجازة قد لا يجتمعون أصلا .. فهذا ينام وقتما يشاء وذاك يأكل متى شاء وذاك يقضي معظم وقته خارج المنزل وهكذا ..
13- عدم الاهتمام بتخير الرفقاء والأصدقاء والتحري عنهم
14- عدم الإرشاد والتوجيه في حال كان الشاب أو الشابة على خطأ بزعم انهم (( خلاص كبروا ويعرفوا مصلحتهم ))
وغير ذلك كثير وكثير من الأسباب التي تستحق منا الاهتمام بها وعدم تجاهلها .. فالأخطاء الصغيرة قد ينتج عنها كوارث كبيرة .. وكما قيل: معظم النار من مستصغر الشرر .. والحديث عن الأخطاء التي ترتكبها كثير من الأسر دون وعي حديث طويل يحتاج لكثير من الوقت والتفصيل .. ولعلنا نهتم بتلك الأشياء التي لا نعيرها بالا في كثير من الاحيان .. ونراجع حساباتنا فلكل منا دور في حياة أسرته وعليه أن يهتم بهذا الدور .. اتمنى للجميع أن ينعم بدفء الأسرة وجوها الرائع الذي لا تعوضه كنوز الدنيا ..
تحياتي
حلم