عرض مشاركة واحدة
قديم 24-06-2014, 03:17 AM   رقم المشاركة : 10
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏114 ‏:‏ 117‏)‏
‏{‏ فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون ‏.‏ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ‏.‏ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ‏.‏ متاع قليل ولهم عذاب أليم ‏}‏

يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بأكل رزقه الحلال الطيب وبشكره على ذلك، فإنه المنعم المتفضل به ابتداء، ثم ذكر تعالى ما حرمه عليهم مما فيه مضرة لهم في دينهم وديناهم من الميتة والدم ولحم الخنزير ‏{‏وما أهل لغير اللّه به‏}‏ أي ذبح على غير اسم اللّه ومع هذا، ‏{‏فمن اضطر إليه‏}‏ أي احتاج من غير بغي ولا عدوان، ‏{‏فإن اللّه غفور رحيم‏}‏‏.‏ وقد تقدم الكلام على مثل هذه الآية في
سورة البقرة بما فيه كفاية عن إعادته وللّه الحمد‏.‏ ثم نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الذين حللوا وحرموا، بمجرد ما وصفوه واصطلحوا عليه وابتدعوه في جاهليتهم، فقال‏:‏ ‏{‏ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللّه الكذب‏}‏ ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس فيها مستند شرعي، أو حلل شيئاً مما حرم اللّه أو حرم شيئاً مما أباح اللّه بمجرد رأيه وتشهيه، ثم توعد على ذلك فقال‏:‏ ‏{‏إن الذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون‏}‏ أي في الدنيا ولا في الآخرة؛ أما في الدنيا فمتاع قليل، وأما في الآخرة فلهم عذاب أليم، كما قال‏:‏ ‏{‏نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏إن الذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون‏}‏‏.
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏118 ‏:‏ 119‏)‏
{‏ وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ‏.‏ ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ‏}‏

لما ذكر تعالى أنه إنما حرم علينا الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير اللّه به، ذكر سبحانه وتعالى ما كان حرمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها، وما كانوا فيه من الآصار والتضيق والأغلال والحرج فقال‏:‏ ‏{‏وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل‏}‏ أي في
سورة الأنعام، ‏{‏وما ظلمناهم‏}‏ أي فيما ضيقنا عليهم، ‏{‏ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‏}‏ أي فاستحقوا ذلك، كقوله‏:‏ ‏{‏فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل اللّه كثيرا‏}‏، ثم أخبر تعالى تكرماً وامتناناً في حق العصاة المؤمنين أن من تاب منهم إليه تاب عليه فقال‏:‏ ‏{‏ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة‏}‏ قال بعض السلف‏:‏ كل من عصى اللّه فهو جاهل ‏{‏ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا‏}‏، أي أقلعوا كما كانوا فيه من المعاصي وأقبلوا على فعل الطاعات، ‏{‏إن ربك من بعدها‏}‏ أي تلك الفعلة والزلة ‏{‏لغفور رحيم‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏120 ‏:‏ 123‏)‏
‏{‏ إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ‏.‏ شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ‏.‏ وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ‏.‏ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ‏}

يمدح تعالى عبده ورسوله وخليله إبراهيم، إمام الحنفاء ووالد الأنبياء، ويبرئه من المشركين ومن اليهوديه والنصرانية فقال‏:‏ ‏{‏إن إبراهيم كان أمة قانتا للّه حنيفا‏}‏، فأما الأمة‏:‏ فهو الإمام الذي يقتدى به، والقانت‏:‏ هو الخاشع المطيع، والحنيف المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏ولم يك من المشركين‏}‏، قال عبد اللّه بن مسعود‏:‏ الأمة معلم الخير، والقانت المطيع للّه ورسوله‏.‏ وقال ابن عمر‏:‏ الأمة الذي يعلم الناس دينهم‏.‏ وقال مجاهد ‏{‏أمة‏}‏ أي أمة وحده، والقانت‏:‏ المطيع‏.‏ وعنه كان مؤمناً وحده والناس كلهم إذ ذاك كفار، وقال قتادة‏:‏ كان إمام هدى، والقانت‏:‏ المطيع للّه، وقوله‏:‏ ‏{‏شاكرا لأنعمه‏}‏ أي قائماً بشكر نعم اللّه عليه، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإبراهيم الذي وفّى‏}‏ أي قام بجميع ما أمره اللّه تعالى به‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏اجتباه‏}‏ أي اختاره واصطفاه كقوله‏:‏ ‏{‏ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين‏}‏، ثم قال‏:‏ ‏{‏وهداه إلى صراط مستقيم‏}‏ وهو عبادة اللّه وحده لا شريك له على شرع مرضي‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وآتيناه في الدنيا حسنة‏}‏ أي جمعنا له خير الدنيا من جميع ما يحتاج المؤمن إليه في إكمال حياته الطيبة، ‏{‏وإنه في الآخرة لمن الصالحين‏}‏‏.‏ وقال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وآتيناه في الدنيا حسنة‏}‏ أي لسان صدق، وقوله‏:‏ ‏{‏ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا‏}‏ أي ومن كماله وعظمته وصحة توحيده وطريقه أنا أوحينا إليك يا خاتم الرسل وسيد الأنبياء ‏{‏أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين‏}‏، كقوله في الأنعام‏:‏ ‏{‏قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم * دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين‏}‏، ثم قال تعالى منكراً على اليهود‏:‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏124‏)‏
‏{‏ إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ‏}‏

لا شك أن اللّه تعالى شرع في كل ملة يوماً من الأسبوع يجتمع الناس فيه للعبادة، فشرع تعالى لهذه الأمة يوم الجمعة لأنه اليوم السادس الذي أكمل اللّه فيه الخليقة واجتمعت فيه وتمت النعمة على عباده، ويقال إن اللّه تعالى شرع ذلك لبني إسرائيل على لسان موسى، فعدلوا عنه، واختاروا السبت لأنه اليوم الذي لم يخلق فيه الرب شيئاً من المخلوقات الذي كمل خلقها يوم الجمعة، فألزمهم تعالى به في شريعة التوراة، ووصاهم أن يتمسكوا به، وأن يحافظوا عليه مع أمره إياهم بمتابعة محمد صلى اللّه عليه وسلم إذا بعثه وأخذ مواثيقهم وعهودهم على ذلك، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه‏}‏، قال مجاهد‏:‏ اتبعوه وتركوا الجمعة، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض اللّه عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا اللّه له، فالناس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد‏)‏ ‏"‏هذا لفظ البخاري‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏125‏)‏
‏{‏ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ‏}‏

يقول تعالى آمراً رسوله محمداً صلى اللّه عليه وسلم أن يدعو الخلق إلى اللّه بالحكمة‏.‏ قال ابن جرير‏:‏ وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنّة والموعظة الحسنة، أي بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس ذكرهم بها ليحذروا بأس اللّه تعالى، وقوله‏:‏ ‏{‏وجادلهم بالتي هي أحسن‏}‏، أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم‏}‏ الآية، فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله‏:‏ ‏{‏فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله‏}‏ الآية، أي قد علم الشقي منهم والسعيد، وكتب ذلك عنده وفرغ منه فادعهم إلى اللّه، ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات، فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير، عليك البلاغ وعلينا الحساب، ‏{‏إنك لا تهدي من أحببت‏}‏،
‏{‏ليس عليك هداهم ولكن اللّه يهدي من يشاء‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏126 ‏:‏ 128‏)‏
‏{‏ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ‏.‏ واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ‏.‏ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ‏}‏

يأمر تعالى بالعدل في القصاص والمماثلة في استيفاء الحق، قال ابن سيرين‏:‏ إن أخذ منكم رجل شيئاً فخذوا مثله، وكذا قال مجاهد والحسن البصري واختاره ابن جرير، وقال ابن زيد‏:‏ كانوا قد امروا بالصفح عن المشركين فأسلم رجال ذوو منعة، فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه، لو اذن اللّه لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب، فنزلت هذه الآية ثم نسخ ذلك بالجهاد، قال عطاء بن يسار‏:‏ نزلت
سورة النحل كلها بمكة، وهي مكية إلا ثلاث آيات من آخرها، نزلت بالمدينة، بعد أحد حين قتل حمزة رضي اللّه عنه ومثل به، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لئن أظهرني اللّه عليهم لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم، فلما سمع المسلمون ذلك قالوا‏:‏ واللّه لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط فأنزل اللّه‏:‏{‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏}‏ إلى آخر السورة، وقال الحافظ أبو بكر البزار، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقف على حمزة بن عبد المطلب رضي اللّه عنه حين استشهد، فنظر إلى منظر لم ينظر إلى منظر أوجع للقلب منه، أو قال لقلبه، فنظر إليه وقد مُثّل به، فقال‏:‏ ‏(‏رحمة اللّه عليك، إن كنت ما علمتك إلى وصولاً للرحم، فعولاً للخيرات، واللّه لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك اللّه من بطون السباع - أو كلمة نحوها - أما واللّه لأمثلن بسبعين كمثلتك‏)‏، فنزل جبريل على محمد صلى اللّه عليه وسلم بهذه السورة وقرأ‏:‏{‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏} إلى آخر الآية، فكفر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعني عن يمينه وأمسك عن ذلك ‏"‏قال ابن كثير في إسناده ضعف‏"‏‏.‏ وهذه الآية الكريمة لها أمثال في القرآن، فإنها مشتملة على مشروعية العدل والندب إلى الفضل، كما في قوله‏:‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}‏، ثم قال‏:‏ ‏{‏فمن عفا وأصلح فأجره على اللّه‏}‏، الآية‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏والجروح قصاص‏}‏، ثم قال‏:‏ ‏{‏فمن تصدق به فهو كفارة له‏}‏، وقال في هذه الآية‏:‏ ‏{‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏}‏، ثم قال‏:‏ ‏{‏ولئن صبرتم لهو خير للصابرين‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏واصبر وما صبرك إلا باللّه‏}‏ تأكيد للأمر بالصبر، وإخبار بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة اللّه وإعانته، وحوله وقوته، ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تحزن عليهم‏}‏، أي على من خالفك فإن اللّه قدر ذلك، ‏{‏ولا تك في ضيق‏}‏ أي غم، ‏{‏مما يمكرون‏}‏ أي مما يجهدون أنفسهم في عداوتك وإيصال الشر إليك، فإن اللّه كافيك وناصرك ومؤيدك ومظهرك ومظفرك بهم، وقوله‏:‏ ‏{‏إن اللّه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون‏}‏، أي معهم بتأييده ونصره ومعونته وهديه وسعيه‏.‏
... والْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ...






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس